أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - عراق أميركا... وعراق العرب الحقيقي















المزيد.....

عراق أميركا... وعراق العرب الحقيقي


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 240 - 2002 / 9 / 8 - 01:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ربما يكون العراق الذي تتهيأ الولايات المتحدة للإجهاز عليه هو غير العراق الحقيقي المعيش من قبل أهله والباقي في التاريخ وفي أعماق مواطنيه، والاغلب ان <<عراقا مصنوعا>> من مادة تؤخذ من وهم عراق قائم هو الهدف المفضل في مثل الحالة التي نعيشها اليوم قبل بدء الهجوم.. العراق المصنوع يبدو أقرب الى:
بلد هش قابل للتمزيق.
بلد على حافة الموت منهار لكنه مرشح للاشتعال متى أرادت الولايات المتحدة ان تشعل في أعماقه حمى الاحتراب الداخلي.
بلد <<معارضوه>> يستجدون من الاجنبي رحمة قتل بلادهم والاجهاز على ما تبقى فيها بعد عدوان مهوّل وحصار هما الاقسى في التاريخ.
وهو بلد يصلح مع ذلك ولتلك الاسباب لان يُستعمل مثل مفتاح منه تصاب المنطقة برمتها بالاختلال وتعمها الحروب الاهلية وتبدأ ساعة تقطيع الدول العربية القطرية ودول المحيط الى ما دونها من كيانات طائفية ومناطقية وعشائرية حسب الحالة والمكان والظرف.
لا فائدة من محاولة الادعاء أن هذا ليس هو العراق الذي يعرفه اهله ما دام الخطاب السائد يقول ما يقوله الاميركيون. إعلاميون وكتّاب ومعلقون عرب معظمهم لا بل غالبيتهم الساحقة في الموقع المعاكس للمخططات الاميركية.. كلهم يصرون على ان <<عراقهم>> هو العراق ولا عراق غيره، انهم الأعلم بشعاب مكه، الاقدر على معرفة نبض الناس وتاريخهم ومستقبلهم هناك، الاقرب الى ما هو العراق بالفعل لا في الخيال او الوهم كما يتجلى عادة في عيون بعض العراقيين وتصوراتهم.
من شروط قتل هذا البلد المنكوب، ان يصادَر ويُختلَق. فلكي يدمَّر العراق ينبغي ان يصاغ عراق آخر اليه توجَّه السهام، وذلك بلا شك أفظع أشكال القهر مرارة. يقر معلق معروف جعلته صدفة استثنائية مطّلعا قبل احدى عشرة سنة على حيثيات تخص جانبا من واقع المعارضة العراقية ندر ان تعرّف إليها أحد سواه، بأن تعبير <<المعارضة العراقية>> الذي يستعمله لوصف ستة ممن ذهبوا مؤخرا للقاء المسؤولين الاميركيين خاطئ. اعترف بذلك على اثر عتاب، وانتقل من فوره ليستعمل تعبير <<المعارضة الجلبية>>. لا بد من انه قد اجتهد ليعثر على مصطلح أقل سوءا لكنه بلا معنى ولا يحل الاشكال الذي من أجله يعاتب هو وسواه لان المنتظر عينة اخرى من التصرف تليق بأناس هم بموقع المعنيين بخلاف وبالضد من الاميركيين وجوقتهم بالترويج ل<<معارضة اخرى>> لا يصابون بعسر الهضم وهم يكدّون الذهن باحثين لها عن <<اسم>> ومكان.
لو كان هذا المعلق وسواه ما زالوا كما يقولون على خط القتال ضد الاميركيين وعدوانهم لجاهدوا حتى يتخلصوا من <<عراق اميركا>> كما يتجلى عبر صورة <<المعارضة>> المرتبطة بها المصنوعة بالمال وقوة نفوذ أميركا وإعلامها، ضد المعارضة وضد الحركة الوطنية العراقية ولتشويه تاريخها من مواد لا صلة لها بالعمل العام ولم يسبق لمن يتصدرونها اليوم ان كانوا من منتسبيها، ولسعوا هم، كما يجدر بهم، الى احتضان أشباههم وقرائنهم من العراقيين باسم مأثرة حية وحاضرة وجديدة تذكّر الآن وفي لحظة الانحسار، بأيام الولادات ضد التيار.
حين لا يفعل المعنيون ما يتوجب عليهم بهذا الخصوص فإنهم يفصحون عن مزيج من الوعي التعس والادعاء المنافق وتناقضات يصعب حصرها، يقولون: يا ليت تكون للعراقيين اليوم حركة وطنية قوية وقادرة على تجسيد طموحات الوحدة الوطنية والتغيير الوطني بعيدا عن تدخلات قوى الهيمنة والعدوان، ويتغاضون بلا تردد عن المتوافر منها. فإذا قيل لهم ها هو البريق هناك قلبوا شفاههم وتهامسوا مرددين: ضعيف وغير مؤثر..؟ ثم مالوا من ساعتهم ليضعفوه مبادرين بكل حماسة الى تبني مصنوع لا جذور له ولا أساس، مفبرك، ولم يكن ليوجد الا بوجود من يدعمونه بالمال والسياسة والاعلام، ويطلقون كما تريد الولايات المتحدة الاميركية على هذا العار اسم <<المعارضة العراقية>> مختارين <<عراق أميركا>> بينما هم يدعون معارضتها، ويرفضون عراق العراقيين والعرب بتعال يليق بمهزومين فقدوا حتى القدرة على تحاشي تناقضات صارخة ترفضها سلامة المبادئ والمنهج.
يقول المنطق البسيط ان هؤلاء هم من يجب ان يدعموا هذه الظاهرة <<الوطنية>> ولو لم تكن موجودة لابتدعوها، لانهم كما هو الواقع وكما يدعون، ليسوا من أنصار عراق أميركا ولهم عراقهم الذي يهمهم. ولأن هذه الظاهرة تستحق الدعم باعتبارها قادمة من مواطن الأمل في الزمن المرير، وبما انها واجهت إجماع الآخرين، وقوة انتصار الاميركيين الهائلة، وانعدام النصير والبعد عن الوطن، وقسوة الظروف منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة، بلا تردد ولا خوف، لانها لا تقل حيوية عن اية ظاهرة تاريخية اصيلة وحية بدلالة ما استطاعت ان تكرسه من استخلاصات وشعارات ومواقف، منها تجاوز الحرم بالتجرؤ على إسقاط شعار <<إسقاط السلطة>> واعتباره وسيلة صارت تخدم منذ عام 1990 قوى العدوان، منها اعتماد مبادئ الحوار الوطني والتغيير الشامل، منها اعتماد نهج التغيير السلمي، منها ابتداع مفهوم <<الديومقراطية المقاتلة>>، منها بالطبع البحث عن صيغ الوحدة الوطنية في سياق التعددية والديموقراطية، منها اعتماد وسائل وأساليب في العمل جديدة تتعدى صيغ التنظيم المحكم والحزبي الضيق.. ومنها تحمل كل صنوف الرفض وما يصعب تخيله من أشكال الضغط والهجوم الظالم ومحاولات العزل.
فهل هذا قليل وفقا لقياس النسبة الى الظروف التي ظهر فيها تيار <<المعارضة الوطنية>> معارضة عراق العراقيين. أليس مما يستحق الانتباه لا التنويه، ان تكون موضوعات هذا التيار قد انتشرت اليوم داخل قوى المعارضة العراقية الاساسية الاسلامية واليسارية والقومية، على الاقل لناحية رفض العدوان والمطالبة غير المشروطة برفع الحصار. أوَلا يبدو ثمة شيء هنا له صلة ما بالحلم وبالمستقبل؟
تتصادم فكرة عراق العراقيين مع بنية شاملة يفترض انها في الموقع المضاد للمخططات الاميركية بحيث ترى قوى كثيرة انها هي التي تملك الصورة الاصلية عن العراق الحي والحر. لقد حدث قبل فترة ما يشير الى مثل هذه المصادرة التعيسة. وفي ندوة عقدها مركز للدراسات تابع لمؤسسة عسكرية تطلق على نفسها اسم <<حزب>>، اعتبر مدير الندوة ان من يقول بأن العراق غير قابل للقسمة انما <<يوحي بتسويغ العدوان العسكري على العراق>>. لا شك في ان ذلك المدير لا يعرف عدد محافظات العراق وهو قد استمع وقتها مع الحاضرين لبحث مفصل في تاريخ العراق وتركيبه الاجتماعي وآليات تاريخه من شخص كان من بين العراقيين القلائل ممن وقفوا وهم في موقع المعارضة، ضد العدوان الاميركي على العراق والمنطقة منذ عام 1990 ونادوا غير آبهين بالضغوط، بالحوار الوطني، وبضرورة قيام صيغة من صيغ الوحدة الوطنية ترسي أسس مقاومة عدوان اعتقدوا انه مديد وشامل، وهذه مواقف تحفظها سجلات معلومة ومنشورة. وهي لا تنمّ عن اي انحدار يصل الى مستوى افتراضات العقل القروي والحرتقات البدائية، عدا طبعا عن الاعتقاد المعروف لدى العصب والجماعات المغلقة التي تظن ان الكون مرهون بما تراه وما تعتقده، حتى وان كانت بالامس تطالب بالعدوان على العراق وتحارب ضد من يقولون العكس. الامر هنا يثير مرة اخرى سطوة العراق الاميركي حين يقع على عجز وعلى بنية هزيمة تفضل في هذه الساعة ان يكون العراق كما تقول الولايات المتحدة معروضا على المشرحة ميتا وقابلا للتقسيم متى شاء السيد الاميركي.
ليس هذا، على كل حال، عراق العراقيين، مهما تكن التصورات التي تريد استعمال هذا النمط من التهويل الكاذب بكل وجوهه ومنها تلك التي ترى العراق على شفا حفرة ينتظر حربا بين الطوائف والجماعات وكأن ذلك من قبيل القدر الذي لا يُرَد، او كأنه حقيقة العراق. لقد حاول إعلامي معروف قبل فترة قصيرة عرض هذه المصيبة المستمدة من ترسانة ومفهوم العراق الاميركي على انها واقعة لا ريب فيها، وذهل لانه جوبه بمحاولة تحليل لا تنفي وجود ازمة عامة في مسار العملية الوطنية العراقية، لكنها تأخذ بالاعتبار ما هو غالب وأساسي وجوهري، ما هو ثابت ضمن هذه العملية لتقول بأن كل هذه الظواهر عارضة وعابرة وان الاساسي والغالب في التاريخ العراقي هو الوحدة لا القسمة، الاتحاد وليس الاحتراب.
العراقيون والعرب يواجهون معركة تاريخية ومصيرية واضح ان محورها العراق وهم سيقتربون فيها من النصر اذا خلعوا عن كواهلهم <<عراق أميركا>> وبادروا لاكتشاف عراقهم وابتدعوه واستمعوا اليه ورعوه... اذا ارادوا ذلك العراق بالفعل وعقدوا العزم على <<اكتشافه>> فسيعثرون عليه بيسر... انه موجود.
() كاتب عراقي مقيم في باري
جريدة السفير


#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور للمعارضة "غير الأميركية" في العراق ؟
- كل شيء تغيّر.. لا شيء تغيّر
- في ((حسنات)) الغزو والعدوان
- صدام حسين والسلطة؟
- المعارضة العراقية والمدخل العربي لإنقاذ العراق
- عراق صدام حسين في حقبته الروائيه
- العراق: قضية ملتهبة فوق صفيح بارد


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - عراق أميركا... وعراق العرب الحقيقي