|
الحوار المتمدن متراس للديمقراطية
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:51
المحور:
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
السؤال الاول : هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات مؤثرة في هذه الثورات ، وإلى أي مدى ؟
لم تستفد قوى اليسار العربي من الحركات الجماهيرية والنقابات العمالية ، فقد نظرت إليها كحركات ألحقتها الأنظمة بها ، سواء عبر المخابرات ، أو تنصيب قيادات شكلية ، في مصر مثلاً كان الامين العام لاتحاد النقابات ، يصبح وزيراً للقوى العمالية وهو تقليد أرساه عبد الناصر ، كان يبدو ثورياً الا انه في الواقع كان إجراء يجعل نقابات العمال تحت إشراف مباشر من الدولة ، وفي تونس كان يطلق على الامين العام ( ولد الريس ) وفي الادرن كان الامين العام لعدة سنوات سائق الملك الخاص ، وفي فلسطين كان يجب ان يكون من حركة فتح والا تنشق النقابات وتوقف مساعداتها ، والغريب ان اليسار ، قبل بذلك واعتبر تواجده فيها حضوراُ داخل مؤسسات رجعية ، فانحصر دوره نخبويا ورغم ضيق مساحة ما اتيح له من قيادة نقابية فقد ظلت محكومة بالتبعية التنظيمية ولم تكن تملك قرارا متميزا عن الحزب ، ومع انطلاق الثورات العربية ، وتبيان النصر القادم ، التحقت النقابات في بعض الأماكن مثل تونس الا أنها في الأردن ظلت بعيدة والدور للنقابات المهنية المرتبطة من سنوات بالتيار الإسلامي ، والتحق اليسار وان بدى في بعضها متردداُ وعليه كان الدور باهتاً ، وظل كمن يشرح الاحداث ولا يصنعها .
السؤال الثاني : هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في اضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية ؟ بالطبع كان تأثير القمع مزرياً ، رافقه إطلاق المجال فسيحاً للحركات الموالية والرجعية وبالأساس للحركات الاسلامية ، فكان ان انكفأت قوى اليسار ،وأصبحت تيارات نخبوية ،و ضعفت حركتها الشعبية ، حيث فرض عليها الاستبداد العمل بسرية وعزلة، في الأردن مثلا كان هناك قانون مكافحة الشيوعية !!سيء الصيت ويحكم على من تثبت علية العضوية عشر سنوات سجن !وفي مصر مذابح الشيوعيون معروفة ، وفي العراق كان الحزب يطلق علي في الحركة الشيوعية العربية حزب الشهداء !!والأمثلة طويلة ، ومع ذلك كان من أسباب الضعف غياب وحدة اليسار العربي بل تناقضاته النرجسية .
السؤال الثالث : هل اعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة القوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها وابتكار سبل انجع لنضالها على مختلف الاصعدة ؟؟
اعتقد ان الزلزال العربي ، ايقظ وحفز وانهض قوى اليسار والديمقراطية لان غيابها سيوفر ارضية لاستبداد ( ديمقراطي ) اشد قمعاً ورجعية، وارجو ان لا تكون قد دفعت وربما تدفع الى يسار مغامر ، وهذا ما سيتضح لاحقاً ، انه عموماً اكد ضررورة ابتكار اساليب جديدة في العمل ، دون البقاء في محراب المقولات الجاهزة ، وان شكل النضال يجب ان يخضع للمرحلة التاريخية ، وان العمل فقط مع الجماهير أمر مطلق ، والفقراء منهم والمسحوقين الذين لا يملكون قوت يومهم ، حيث ان اليسار العربي حيب رأيي اصبح نخبوياً بفعل التحاق اعداد كبيرة من المثقفين الثورين ، والحرفين والمهنين ، والذين هم لهم حساباتهم الشخصية مما ساعد على التقوقع ، والابتعاد عن الطبقة العملة وجمهرة الكادحين .
السؤال الرابع : كيف يمكن للاحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلى سقوط الانظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذه المشاركة ؟ القاعدة الذهبية وحدة الموقف ، فقد ادت سنوات الانكفاء ، الى تحول اليسار الى تيارات متباينة وضعفية ، والظرف الراهن يحتاج الى توحيد كافة الاطر ، والعمل مع الجماهير وفي مقدمتهم ، واعادة احياء المؤسسات الجماهير وفي الاصل النقابات والتخلص من العقلية الابوية ، واعطاء المجال لتبادل الاجيال ، فاليسار ظلت قياداته عقوداً ، ومعصومة ، ولا يمكن الاستمرار في ذلك ، ( فكل الحقيقة للجماهير ) ، وطرح برنامج واقعي ممكن التحقيق عبر الديمقراطية ، ومجتمع متجانس بعيداً عن عرض ( يوتوبيا ) سياسية ، والمطالبة بتحالفات واسعة دون عرض شعارات لا تستطيع الجماهير تلمسها المباشر ، كان بقول لينين انه من الأهمية المشاركة في البرلمانات الرجعية وان لا نغيب عن حركة الحياة والجماهير .
السؤال الخامس : القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت ، هل تعتقدون ان تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي ، مع الابقاء على تعددية المنابر ، يمكن ان يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري ؟
كانت الاحزاب الشيوعية ، نظرياً تسمى أسرة ، وفي الواقع كانت متصارعة ، اعرف من تجربتي عن العلاقة السيئة مع الاحزاب اللبناني والسوري ، ولذلك لا جد فيما يمكن ان يجمعهم سوى إعلان هذه الأحزاب حل نفسها ، وإعادة بنائها على قاعدة تنظيمية جديدة ،وهنا لا اخص الأحزاب التي تحمل مسميات شيوعية فقط، بل كافة إطارات اليسار والديمقراطية التي لبعضها إبعادا قومية او محلية ، ولتقيم كل منها في بلدها جبهة عريضة وطنية ، فعلى سبيل المثال لم تستطع القومية العربية باحزابها المختلفة ان تقيم وحدة فكرية عربية ، وتجربة أحزاب البعث لا تزال قائمة ، يعود ذلك خصوصيات تلك الانظمة وتقديمها جميعاً الخاص على العام ،بما يؤكد قبولها اتفاقات سايكس بيكو في الواقع ، يمكن فقط ان يكون بعد اعادة البناء بينها هيئة تنسيق ، ولنرى اين ستصل . السؤال السادس: هل تستطيع الاحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذه الاحزاب بما يتيح تحركاً اوسع بين الجماهير وآفاقاً أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
هذا هوالسؤال هو جوهر الموضوع، وحتى يكون ممكناً ذلك ، يجب التخلص من النظام ( البطريركي ) في الاحزاب اليسارية ، فالهالة المقدسة على رأس الامين العام واعطاء قيادته تشكل ازمة ثقة ، وتبعد الحركات الشبابية والنسوية التي لا تعتقد ان لها فرصة في ظل مثل هكذا أطر ، فاليسار دائماً قلق ، على الاقل في التجربة العربية ، ولذلك يبنى للشبيبة اطارها الخاص ، وحتى ينجح اليسار ويعود له دور عربياً عليه الانتهاء من كل هذا ، وان لا يخشى الاخطاء لانه يقع في سياق التجربة ، وقد ارتكب خطايا ولم يقدم مراجعات نقدية ابدا ، فعليه إطلاق حركات شبابية كاملاً ، ولنرى حركات الاحتجاج العالمي شبابية شجاعة واقعية ، ( احتلوا وول ستريت ) فهي حركات شبابية شجاعة واقعية ، ومثل هذه الحركات تواجه اليوم الرأسمالية وليست أحزاب اليسار بأطرها التقليدية.
السؤال السابع : قوى اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها دورها الفعال ، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل احزابها وعلى صعيد المجتمع ؟
هذا السؤال يذكر بمقولة ( ماوتسي تونغ ) ( دع مائة زهرة تتفتح في بستاني ) اليسار مع حقوق المرأة والشباب وغيرها، لكن تحت اشراف قياداته ؟!! ان الانتقال الى حالة الفعل والتطور تكون فقط بوجود المرأة والشباب في قيادة تلك التنظيمات ، ولا توجد وصفات سحرية ، لا ينطلق اليسار بالشعارات ، وحتى الاخوان المسلمون طوروا شعاراتهم ، واحلوا شبان ونساء في مواقع انتخابية متقدمة ، ونظموا أحزاب وأطرا جديدة شبابية ، وبعد إن يستوعب ما حدث في العالم ، وانتهاء نظريات ( الكومتترن )التي لم تنتهي عمليا، والوصايا ، فان الطبقة العاملة دائما شابة ولترك الحصان بالساحة دون عربة .
السؤال الثامن : هل تتمكن الاحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتعمات العربة من الحد من تأثير الاسلام السياسي السلبي على الحريات العامة وحقوق الانسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
هنا يجب الانتباه الى ان الحركات الاسلامية اصبحت تدرك ضرورة تلائمها مع الحياة المعاصرة ، لكن هذا لا يجب ان يغفلنا عن انها ( تعمل حتى تتمكن ) عموماً تجربة حركة حماس لاقامة امارة اسلامية لم تفلح لاسباب عديدة منها ان العالم اليوم سوق واحد ولا يستطيع احد ان يضع لنفسه نظاماً خارج المعادلات المعاصرة ، وهذه قرأة التجربة التركية ، والضمان الوحيد هو تنامي دور اليسار والديمقراطية و العلمانية ، لتجعل فرصهم الاستبدادية مستحيلة ، ولتغير المسار ، فهي فرصة اليسار حيث لن تستطيع القوة الاسلامية عند تسلمها السلطة قيادة الدفة حسب ما تقول شعاراتها في المعارضة لان الواقع شيئا اخر، وستفشل ويكون وبحق (ا لديمقراطية هي البديل ) .
السؤال التاسع : ثورات العالم اثيتت دور واهمية تقنية الملعومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتوتير ....... الخ ، الا يتطلب ذلك ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الاحزاب اليسارية وفق التطور العلمي والمعرفي الكبير ؟
بالتأكيد فان البشرية تدخل عصراً جديداً ، في التخاطب والفكر واسلوب الحياة أيضا ، فالتقنية الحديثة ، بغض النظر عن جوانب مختلفة للدول المتنفذة فيها ، الا أنها شكلت قفزة في الوعي ، ولا يمكن ان يبقى الشكل السابق والعتيق في القيادة والادارة على حالة ، كان اي مناضل اعتقل مثلا يحظى بوضع تنظيمي متقدم (ترقية )، هذه عفى عنها الزمن ، والقيادة اليوم جمعية ، والشفافية اساس الاداء الناجح ، سواء في العمل او القيادة او حتى في صحة القرارت والرؤى ، هذه محطة تاريخية لليسار وهو مؤهل لها بفعل قيامه على قاعدة الديمقراطية ، هذه من اسباب الوهن الذي بدأ يتسرب لليمين سواء الديني او الفكري السياسي ، من حيث هو محافظ وثورة المعلومات غير محافظة وتحت الشمس .
السؤال العاشر : بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن ، كيف تقيمون مكانته الاعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر ؟
لقد احدث هذا الموقع ( الحوار المتمدن ) انقلاباً جديداً حين اتاح تبادل فكري عربي فتح الافاق لفهم مباشر، وواضح بين كافة الاطياف وقدم لقوى اليسار محظة لقفزة حضارية غير مسبوقة ، في وقت هي بحاجة له ، وفي اعتقادي ان هذه المبادرة ستكون حالة مذكورة في تاريخ الوعي الفكري العربي ، تستند اليها حركة الصعود القادم للديمقراطية ، ومع الأسف لا زال هذا المنبر وحيدا في انفتاحه وشفافيته ، لم تستطع ان تؤثر فيه قوى البترودولار ، والى إرهاب الأنظمة ومن في عدادها ، ان التحية للقائمين على هذا المنبر ساذجة ، من حيث هم يصنعون متراسا كفاحيا لقوى التقدم في العالم العربي ، فلهم كل الفخر ومعا إلى الإمام . جورج حزبون
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول الوحدة الفلسطينية
-
عن الحاضر والمستقبل للراسمالية
-
الاسطورة الدينية والواقع التاريخي
-
الثورة العربية لماذا لا تنتصر !.؟
-
عن الثورات العربية والتحديات
-
لماذا يفوز الاسلاميون ؟!
-
حوادث لها مؤشرات
-
اجابات مختصرة لاسئلة معمقة
-
لا للفتنه نعم للوحدة الوطنية
-
مواقف شيوعية قلقة
-
خطبة اوباما
-
ايلول تصويب مسار ام استحقاق
-
حول الحزب الشيوعي في فلسطين
-
حول الدولة والثورة
-
قد تنفع الذكرى
-
اسرائيل تتحجب
-
حتى تنتصر الثورة
-
عن ايلول الفلسطيني
-
الوضع الاقليمي والدولي والثورة
-
قبلنا من الغنبمة بالاياب
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
|