أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التونسية















المزيد.....

حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التونسية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 00:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



د. عبدالخالق حسين

استبشر الديمقراطيون في العالم وبالأخص في العالم العربي خيراً عند اندلاع ثورات الربيع العربي، والتي بدأت شرارتها في تونس، ثم انتشرت كالنار في الهشيم في عدد من البلدان العربية وأسقطت عدداً من الأنظمة المستبدة. وكلنا تمنينا أن يكون ربيعاً دائماً وبداية خيرة لولادة الديمقراطية ونهاية للأنظمة الاستبدادية الأبوية الفاسدة التي تسببت في كل هذه الكوارث لشعوبها. ولكن مع الأسف الشديد، يبدو أن الطريق إلى الديمقراطية لم يكن معبداً وسلساً كما تصور كثيرون. وقد نبهت لهذه الصعاب في مقال لي بعنوان (معوقات الديمقراطية في العالم العربي)، ومع الأسف الشديد يبدو أن الكثير مما توقعته قد حصل، وأخطرها الدور الذي يلعبه الإسلاميون لسرقة ثورات الشباب في هذه البلدان.

فبعد عشرات السنين من تأسيس أحزاب الإسلام السياسي، اكتسب قادة هذه الأحزاب، والمتحدثون باسمها وكتابها خبرة فائقة في التضليل والتبشير برسالتهم، والتلون باللون الذي يناسب الزمان والمكان، والجمهور الذي يتحدثون إليه. لذلك تعلموا الحديث بلسانين، وحسب الجهة التي يوجهون لها خطابهم. فعندما يتحدثون إلى الجمهور الغربي، والإعلاميين والسياسيين في الدول الديمقراطية، يطرحون أنفسهم على أنهم ديمقراطيون حتى النخاع، وأنهم من أحرص الناس على الديمقراطية، والتعددية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الأقليات، وغيرها من الحقوق المألوفة التي أصبحت من ألف باء متطلبات حياة الإنسان في الغرب، وأكدوا على أنهم سيتبعون الديمقراطية الغربية في حكم شعوبهم إذا ما استلموا السلطة، وكثيراً ما استشهدوا بالنموذج التركي (حزب العدالة والتنمية) بقيادة رجب طيب أردوغان الذي قام بدوره أحسن قيام، حيث زار مؤخراً عواصم بعض البلدان العربية، وخاصة تلك المرشحة منها لحكم الإسلاميين بعد ثورات الربيع العربي، للترويج للإسلام السياسي والاستفادة من خبرته.

ووفق هذا النهج، أكد زعيم حركة النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي الذي أقام في لندن نحو 20 سنة، أنه إسلامي معتدل، ومتأثر بالديمقراطية الغربية، وأن حركته لا تنوي تطبيق الشريعة الإسلامية إذا ما استلمت السلطة، بل وسيحافظ على العلمانية، وعلى قانون الأحوال الشخصية الذي صدر في عهد المصلح الكبير، الرئيس الراحل لحبيب بورقيبة، وأنه ضد فرض الزي الإسلامي والحجاب على المرأة، ولا يريد غلق البارات والحانات، بل وسيسمح حتى بلبس البكيني على البلاجات، خاصة وأن السياحة تشكل أهم مصدر للاقتصاد التونسي.

ولكي يطمئن العلمانيين وبالأخص في الغرب، رشحت حركت النهضة في الانتخابات الأخيرة عدداً من النساء السافرات في إشارة لتسامحها مع، وتقبلها لمتطلبات العصر. ونتيجة لتلك الوعود والتطمينات، ولما عاناه الشعب التونسي من فساد على أيدي الحكام العلمانيين، نالت حركة النهضة التونسية ثقة نسبة كبيرة من المصوتين، ففازت بأعلى نسبة من الأصوات والمقاعد البرلمانية، وبذلك صار من حقها تشكيل الحكومة الإئتلافية برئاسة مرشحها. ولنفس السبب (أي فساد الحكام العلمانيين)، فاز الإسلاميون في غزة، والمغرب، ومن المحتمل أن يفوزوا في مصر، وفي اليمن، وفي كل بلد عربي يمكن أن تجرى فيه انتخابات حرة ونزيهة، ولسان حال الناخب العربي يقول، لنجرب الإسلاميين هذه المرة ولنرى ما سيفعلون.

ولكن ما أن فازت حركة النهضة في الانتخابات، وتم تكليفها بتشكيل الحكومة حتى وبدأت بعض بوادر الشؤم تلوح في الأفق، ومن هذه البوادر ظهور عصابات من أصحاب اللحى الطويلة والثياب القصيرة، يقومون بترويع النساء، وفرض الحجاب عليهن بالقوة، ومنعهن من الدخول إلى أماكن أعمالهن ما لم يلبسن الزي الإسلامي والحجاب.

فقبل أيام استلمت رسالة من الدكتورة آمال قرامي، أستاذة تاريخ الأديان المقارن في جامعة تونس، جاء فيها ما يلي: "بحضور منجي الخضراوي من نقابة الصحافيين، و هشام السنوسي من الهيئة العليا للاعلام، و عماد الخصخوصي، منعت الدكتورة إقبال الغربي من الدخول إلى مقر عملها في إذاعة الزيتونة من طرف "هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التونسية" التي يترأسها عادل العليمي كما عرف نفسه والتي لها من اليوم حق النظر في جميع القرارات الحكومية.."

وتأكيداً لهذا الخبر، نشرت صحيفة (المغرب) التونسية في عددها الصادر يوم 25 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري، تقريراً عن نفس الموضوع جاء فيه: [علمت جريدة المغرب أن الجهة التي تقف وراء منع الدكتورة إقبال الغربي من الدخول إلى مكتبها بإذاعة الزيتونة وتمنعها من مزاولة عملها كمديرة على رأس هذه الإذاعة، هي هيئة في طور التأسيس، وتحمل اسم "هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" بحجة أنها لا تفقه وظيفتها] (كذا). وذكرت الصحيفة أنها تمكنت من الاتصال بالشخص المسؤول عن الهيئة، الشيخ عادل العليمي الذي أفاد أن هذه الهيئة جاهزة منذ غداة الثورة وتنتظر فقط الأمور الإجرائية لتنظيم مؤتمر وطني تدعو له جميع الأطراف بما في ذلك الإعلام.

والجدير بالذكر، أن الدكتورة إقبال الغربي هي أستاذة جامعية، حاصلة على الدكتوراه في الشريعة وأصول الدين والأستاذية في علم النفس الديني، والأنثروبولوجيا بجامعة الزيتونة، ورئيسة تحرير مجلة التنوير، وعضوة وحدة بحث "علوم القرآن"، وعضوة في المجلس العلمي لجامعة الزيتونة، وعضوة لجنة الإصلاح الديني، وعضوة وحدة بحث بجامعة "شمبري بفرنسا...الخ. (نفس المصدر).
فهل يا ترى من العدالة أن تعامل هذه العالمة الجليلة بهذه المعاملة الفضة بدعوى أنها لا تفقه في وظيفتها؟

وقد كتبت الدكتورة آمال قرامي مقالاً قيماً في هذا الخصوص أشارت فيه إلى ما تتعرض له النساء التونسيات من مضايقات وتحرشات لفظية واعتداءات جسدية، لفرض الحجاب عليهن. كما وحصلت عمليات اختطاف بنات صغيرات وبالغات إلى درجة أن صار الناس لا يأمنون على بنتاهم من مغادرة بيوتهم خوفاً على سلامتهن من الاختطاف.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الجهة التي تقف وراء هذه الجماعات التي تنشر الرعب بين الناس؟ وبالتأكيد تحمل هذه الجهات بصمات الإسلام السياسي، وخاصة في فرض الحجاب، بل وباسم "هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر".

ذكرنا أعلاه أن الأحزاب الإسلامية كسبت عبر عشرات السنين خبرة فائقة في التضليل، إذ تقول شيئاً وتعمل شيئاً آخر على النقيض تماما من الأقوال. كما واتبع قادة حركة النهضة أسلوباً ابتزازياً يبتزون به أي كاتب يتعرض لهم بالنقد. وفي هذا الخصوص، أشارت المستشرقة الإيطالية المتميزة، الأستاذة الدكتورة فالانتينا كولومبو، في مقال قيم لها قبل فترة، ذكرت فيه أنه إذا ما نشر كاتب مقالاً ينتقد فيه حركة النهضة، أو زعيمها فسرعان ما تصله رسالة تهديد من مكتب محاماة، يطالبونه بدفع كذا مبلغ وإلا سيقاضونه أمام المحاكم البريطانية بتهمة القذف وتشويه السمعة. وذكرت الأستاذة كولومبو عدة أمثلة، وبذلك فقد نجح زعيم الحركة تحصين نفسه من أي نقد عن طريق الترهيب.

على أي حال، وفي ظل التطورات الأخيرة في تونس، فمن حقنا أن نعتقد أنه ليس مستبعداً أن تكون الجهات التي تفرض أوامرها القرقوشية على النساء في تونس باسم الدين لها علاقة بحركة النهضة، وربما تحاول الحركة أن تنأى بنفسها عن هذه الجماعات لتتخلص من المسؤولية أمام الشعب والعالم. لذلك فإذا كانت هذه التصرفات المشينة التي تقوم بها هذه العصابات التي تنشر الرعب بين الناس بغطاء ديني هي حقاً ليست تابعة لحركة النهضة ولا علاقة لها بها، فعلى زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي تبرئة حركته منها وذلك بالظهور في وسائل الإعلام، وإدانة هذه العصابات تصرفاتها وتجريمها. وإذا لم تقم قادة حركة النهضة بإدانة هذه التصرفات فهذا يعني أن هذه العصابات هي تابعة لها وتنفذ أوامرها. كما ونطالب رجال الدين بإصدار فتاوى تمنع هذه الاعتداءات والتجاوزات على حرية النساء وتجريمها ومعاقبة القائمين بها. كذلك على منظمات المجتمع المدني، وكافة وسائل الإعلام الحر في تونس وخارجها، إدانة هذه الأعمال ومنع قيام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الظهور، فهي شرطة دينية فاشية على غرار ما هو موجود في السعودية وإيران.
وعلى الحكومة التونسية أخذ أشد الإجراءات القانونية لحماية أمن المواطنين، وبالأخص النساء من هذه التجاوزات، والاعتداءات الجسدية والنفسية ومعاقبة الجناة.

عنوان المراسلة: [email protected]
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال ذو علاقة بالموضوع
1- د. آمال قرامي: النساء والثورات والعنف
http://www.akhbaar.org/home/2011/11/119407.html

2- د.عبدالخالق حسين: معوقات الديمقراطية في العالم العربي
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=472



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيدرالية المحافظات وكوارثها المرتقبة
- مخاطر حقيقية تهدد وجود الشعب العراقي
- لماذا المطالبة بفدرالية المحافظات الآن؟
- أيتام صدام يبكون على القذافي
- قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فرحان باقر
- من المسؤول عن المحاصصة (رد على حميد الخاقاني)
- هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
- هل النظام العراقي ديمقراطي؟
- هل حقاً العراق دولة فاشلة؟
- الديمقراطية والفساد ثانية!
- حول حكومة المحاصصة مرة أخرى
- من المسؤول عن الاقتتال الطائفي في العراق؟
- لماذا تم حل الجيش العراقي القديم؟
- لماذا انهارت الدولة العراقية؟
- ليبيا والعراق، والمقارنة غير المنصفة!
- محاولة لفهم الأزمة العراقية
- أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي!
- الاتفاق على تدمير العراق
- تلامذة غوبلز يتفوَّقون على أستاذهم
- الكهرباء وتوقيع العقود مع شركات وهمية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التونسية