احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 11:48
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لا يمكن لأبناء جيلي ومن يكبرني سنًا ان ينسى او تمحى من ذاكرته شخصية بائع العنبر "الكعكبان" المجدلاوي ابن مجد الكروم المرحوم ابو رتيب. فقبل اكثر من اربعة عقود كان ابو رتيب البائع المداوم في تسويق عنبره يوميا في قريتنا. كانت له سياسة مميزة في الترويج لبضاعته وفي اغراء الاطفال بشراء حلوياته. كان نداؤه بصوته الرخيم "العنبر يا حلاوة، بالدور يا حبيبي بالدور" مع انه لا احد يقف بالدور ولا أحد يدافش احدًا لشراء قطعة العنبر، اذا صادف طفلا في الحارة او في الطريق، ولاحظ من خبرته ان نفس الطفل تشتهي العنبر، نادى عليه "تعال يا حبيبي" ابن من انت، خذ ذق عنبر اليوم ممزوج بماء الورد"، يعطيه قطعة صغيرة ويقول له "هات من اهلك عشرة قروش وخذ قطعة كبيرة"!
وبهذه الطريقة كان ينفق بضاعته قبل ساعات الظهيرة.
تذكرت العم ابو رتيب المجدلاوي وانا اقرأ نص المقابلة التي اجرتها مراسلة صحيفة "يديعوت احرونوت" مع الرئيس الامريكي، جورج دبليو بوش، في اثناء احتفال عيد الميلاد المجيد في "البيت الابيض" الامريكي. وشتان – ما بين عنبر ابو رتيب المجبول من السكر وبين "خطة السلام" الامريكية – الاسرائيلية المجبولة من العلقم. جورج دبليو بوش وحليفه أرئيل شارون يعتقدان انه "خربت الديار بعد رحيل ابو عمار"، وانه اصبح من الممكن اغراء الشعب الفلسطيني، التواق الى الراحة والامن والاستقرار واستنشاق هواء الحرية والتخلص من براثن القتل والمعاناة والجوع، بقطعة صغيرة من ارضه المحتلة. كحل للقضية يرقص لها طربا ومهللا لصانعي السلام بوش وشارون!!. وبوش في هذه المقابلة يقول للرئيس السوري بشار الاسد، الآن اقعد ساكت على جنب، لا مفاوضات سلام الآن معك، الآن الدور للفلسطينيين، بالدور يا حبيبي بالدور"، صفينا الحساب مع افغانستان ولم نخلص بعد من تصفية الحساب مع الشعب العراقي، دجنا غالبية الانظمة العربية في حظيرتنا، اذا نجحنا في تدجين القيادة الفلسطينية واثبتّ يا بشار حسن سلوكك وولاءك لنا ندخلك حلبة الرقص حنجلي!!
اطفال قريتنا يا شارون ويا بوش احبوا ابو رتيب واغراءاته وقطع حلواه لانها ادخلت البهجة الى قلوبهم، اما اغراءاتكم بتقطيع اوصال الوطن الشرعي لشعبنا "والتكرم" عليه بعظمة فلن يكون مصيرها سوى مزبلة التاريخ. فشعبنا وقيادته الوطنية ومختلف اطيافه السياسية على العهد ابدا حتى بزوغ شمس صباح الحرية والدولة والقدس والعودة.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟