أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - رعد سليم - يجب على عمال وشيوعيي المنطقة، ان يفصلوا صفهم وحركاتهم عن حركات الطبقات الاخرى للمجتمع!!















المزيد.....


يجب على عمال وشيوعيي المنطقة، ان يفصلوا صفهم وحركاتهم عن حركات الطبقات الاخرى للمجتمع!!


رعد سليم

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:27
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


1ــ هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
نعم، لقد كان للعمال والمنظمات العمالية واليسارية الدور الابرز في اغلب البلدان التي اندلعت بها الثورات، ماعدا ليبيا. اذ كانت بوادر الانتفاضة قد انطلقت من بين صفوفها، و لم تكن الشعارات والمطاليب الاسلامية ولا القومية وراء انطلاقة هذه الثورات؟ عندما شرع محمد بوعزيزی بحرق نفسه، کان ردا علی الاوضاع المعيشية و الفقر، واثرها بدات انتفاضة الجياع بتونس. في البداية لم تکن الشعارات تتعلق باسقاط النظام، وهو تكتيك تعرفه البشرية بغريزتها الحياتية، بل لم تكن في البداية حول شعارات الحرية او المطالب ""الديموقراطية" حتى . تحركت جماهير تونس ضد البطالة و من اجل تحسين الظروف المعيشية للملايين من العمال و العاطلين عن العمل ، وفي خضم ذلك تحركت قوی اليسار التونسي و النقابات العمالية التونسية وبالاخص القواعد والكوادر الوسطية للاتحاد العام للشغل مثلا، لتنظيم التظاهرات والاحتجاجات اليومية الکبيرة. وفي البداية ليس ثمة حديث عن حركة النهضة ولا الاخوان المسلمين والتي كانت هامشية الى ابعد الحدود.
اود ان اؤكد ان ركنين اساسيين وفئتين اجتماعيتين اساسيتين للثورات في المنطقة الا وهما العمال والاغلبية الكادحة والمحرومة والشباب، اي الساخطين على الجوع والفقر وعلى الاستبداد وغياب الحريات. انها صاحبة المصلحة الاساسية في التغيير. ان الت الثورة والتحركات الثورية في بلدان ما، على سبيل المثال ليبيا، صوب جهة اخرى، فان هذا امرا واردا وذلك لغياب افق اليسار والشيوعية والعامل، مثل العديد من الثورات في تاريخ البشرية ، اي اشتراك العمال و دعاة التحرر واليسار بصفتهم ذخيرة حية وقوة فاعلة في تلك الثورات، لکن ثمرة نضالهم لم تکن سوی تسليم السلطة بين اقسام الطبقة الراسمالية المختلفة. اي بمعنی اخر ان الکثير من تلك الثورات قد شارك فيها العمال وکانوا قوی فاعلة ومؤثرة، قوی محرکة في الثورات، ولكن في ظل غياب افقها السياسي، يصب الامر في جيب احد اطراف او جمع من اطراف الطبقة الحاكمة التي هي اساساً طبقة حاكمة. بعد تلك الثورات بقی العمال في مکانتهم المضطهدة وبدون اي تغيير جدي في حياتهم اليومية ، بل وفي اغلب الاحيان، کان اول اؤلئك الذين غدوا هدف هجمة الاقسام التي استلمت السلطة حديثا من الطبقة الحاکمة هم العمال انفسهم و غدت الثورة حجة جديدة لقمع الحرکة العمالية.
في مصر مثلا الاوضاع تختلف كثيرا وذلك لوجود طبقة عاملة قوية وحية ومقاتلة وهي التي نبض المجتمع بيدها، اي اقتصاده، ولازالت الثورة متواصلة في جانب منه بسبب وجودها وضغطها المستمر من اسفل، ودور يسار المجتمع عموماً. اما الى اي مدى فان الامر مرهون بتحلي هذه الطبقة، يسار المجتمع وشيوعييه بافق الثورة، ليست اي ثورة، وانما ثورة التحرر النهائي للمجتمع، ثورة اشتراكية. انه مرهون بمدى قدرة اليسار والطبقة العاملة والشيوعيين عن فصل انفسهم والمجتمع عن اوهام الطبقة الحاكمة وتياراتها وسياساتها ومشاريعها.

2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
ان ضرورة الاستبداد وسحق الحرية، وحق التنظيم والتجمع والاضراب والتعبير عن الراي وغيرها تنبع من سعي البرجوازية لفرض التراجع على الاخرين، وهم الطبقة العاملة وتحرري المجتمع. ولهذا تضيق الخناق على اليسار و الشيوعين وعلى عملهم في الشارع و داخل الطبقة العاملة ، وبالتالي توفر فرصة وارضية محدودة جدا لعمل جدي ومؤثر على صعيد اجتماعي واسع..
عندما تنظر لتاريخ البشرية المعاصرة ، ان القوى الوحيدة الاکثر تضررا وتضحية خلال الحکم الاستبدادي و الديکتاتوري هي القوى و الحرکات الشيوعية والعمالية و اليسارية، لانه جميع الاتجاهات البرجوازية ، الليبرالية، القومية، و الاسلامية، بالاضافة الى اشتراكها في هدف واحد اساسي الا وهو بقاء النظام الراسمالي والوقوف بوجه خطر الاشتراکية والشيوعية والتحرر والمساواة الحقيقية، فانها يربطها خيط رجعة مع النظام القائم بالمطاف الاخير. عندما تنظر الى اي بقعة في العالم، تجد ان مکان القادة الشيوعيين واليسار، العمال هو السجون و القمع والملاحقات ان لم تكن بصورة مستمرة، فانها بصورة دورية، تجد هذا حتی في دول الديموقراطية الغربية، حيث اسماء القادة الشيوعيين والعمال والنقابيين تحت مراقبة الاجهزة المخابراتية ، واتصالاتهم وتحرکاتهم تحت مراقبة يومية جادة. ان انهاء الاستبداد يفتح الطريق في جانب مهم امام الشيوعيين واليسار والعمال للتنفس بعض الشيء و فتح المجال امامهم لتبيان ونشر افکارهم، وتنظيم انفسهم وتشکيل الاتحادات والنقابات.
لكن يجب ان اوضح اشكال من سوء فهم جدي بهذا الصدد يمكن ان يؤدي الى نتائج خطيرة من الناحية السياسية. اولاً، ماهو جواب الاشتراكيين واليسار والقوى الديمقراطية لكسر وانهاء الاستبداد؟! كيف يكسرون هذه الحربة؟ لانه ان لم يفرضوا عليه التراجع، من يقوم بذلك بدلا عنهم؟! والا فان النتيجة هي انتظار "مهدي منتظر ديمقراطي"، وهذا يعني السلبية السياسية والانتظار، انتظار المجهول، علما ان الانتظار هو سمة سائدة لدى اليسار، ليس لديه دوما برنامج واقعي ومؤثر لتغيير الاوضاع. ان احلال الحريات هو نتاج لا انهيار الكتلة الشرقية مثلما وعد الغرب ومفكرية وساسته، ولا مجيء السوق الحر، ولا نتاج الاطاحة بصدام والحروب، بل نتاج الحركات الاجتماعية الواقعية، الحركات التي لها مصلحة في ارساء حرية الراي والتعبير والتنظيم وحق التجمع والاضراب، الا وهي الطبقة العاملة، وتحشد قواها لهذا الهدف.
برايي ان للاستبداد دور كبير في فرض التراجع على اليسار والحركة اليسارية والعمالية، بيد انه ليس العامل الوحيد. ان جانب اخر موجود في نفس الطبقة العاملة واليسار، يجب ان يتغلبا عليه، والا لماذا يستجيب مبارك وصدام وامثالهم لانهاء الاستبداد، انه مثل منطق الالماني الذي يقول: "اي ثورة؟! الا ترى الشرطة لاتقبل؟!". منطق وسايكالوجيا المجتمع الفرنسي تقول غير ذلك: اريد التغيير، اريد الثورة، فانا محتج وليضرب الرئيس راسه بالحائط". انه موضوع جدي طويل بوسع المرء ان يحيله الى وقت اخر ومناسبة اخرى.

3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
من زاوية انسان شيوعي، برايي، اندلعت الثورات في المنطقة والطبقة العاملة وشيوعييها وتحرريها ويسار المجتمع في اقل درجات الاعداد السياسي والفكري والعملي والتنظيمي. دخلت بدون تنظيماتها، بدون احزابها، بدون شعاراتها وخطها السياسي المستقل. ان هذه هي نقطة الضعف الجدية. وعلى الشيوعيين وقادة العمال ان يعوا هذا الدرس. لاورد لك مثلاً من الايام الاولى لثورة مصر، استسخفنا اطروحة "الجيش والشعب يد واحدة او في خندق واحد" وقلنا ان ماجرى هو انقلاب بشكل اخر. انقلاب لا ان يحتل ضباط من الجيش القصر والاذاعة وغيرها بالضد من ارادة الرئيس او الملك، بل ان يسلم رئيس حكومة عاجز ويائس السلطة لهم وليس لنائبه لانه يعلم انه لايستطيع المقاومة اكثر. احتاج الامر 10 اشهر ليتضح للجميع وفي مقدمتهم اليسار ان الجيش هو جهاز قمعي للدولة، دولة طبقة، وانه اجرامي ولايتورع عن ارتكاب اي شيء، وهو ضد الثورة.
برايي ليس ثمة درس بقدر ان على عمال وشيوعيي المنطقة، حملة رسالة مجتمع جديد مفعم بالكرامة والحرية والانسانية والمساواة، ان يفصلوا صفهم وحركاتهم عن حركات الطبقات الاخرى للمجتمع، الطبقة الحاكمة للمجتمع، اي البرجوازية. برايي هذا هو اهم درس لثورات المنطقة. وها انت ترى بام عينك تصب الثورة في تونس بجيب الاسلام السياسي والنهضة، وفي مصر بجيب الاخوان اذا لم نطبع افقنا على الحركة الجماهيرية العارمة.
من جهة اخرى، لدي توجه مختلف. اذ حين اتکلم، فانا اتکلم عن افق طبقة يرتبط بها وحدها خير المجتمع، اي الطبقة العاملة. ولهذا فحين احلل واعمل ، فان تحليلي وعملي هو باتجاه ازالة العقبات امام الثورة العمالية و تحقيق الاشتراکية ، لذلك لااستطيع ان اتکلم باسم الحرکات الديمقراطية البرجوازية الاخری،وليست مهمتي ان احلل مشاکل الحرکات الاخری، لکن کلامي موجه للشيوعيين و القادة العماليين ويسار المجتمع اجمالا. لا اعرف ما هو قصدکم بتجديد القوى اليسارية والديمقراطية نفسها ونشاطها؟ انها هذه هي، ان هذا هو نطاق حركتها، اي هذا هو مدار وفلك حركتها، ولاياتي على ايديها اكثر من هذا. انتم تتکلمون عن قوی اليسار و الديموقراطية ، لکني اتحدث عن شيء اخر، الحركة الشيوعية والعمالية.

4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
اي فرصة بامکاننا ان نستفاد منها للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة و تنظيمها ، حقوق المراة والاطفال و الشباب ، الدفاع عن العلمانية والتمدن ، الدفاع عن الحرية التعبير و الحرية السياسية بدون قيد اوشرط ، الدفاع عن حق التنظيم، الغاء عقوبة الاعدام ، يجب جمع القوى من اجل تحقيقها وفرضها على الطبقات الحاكمة.
في الوقت الحالي وفي الساحة السياسية للمنطقة ، الطبقة العاملة ليس لها حزبها الشيوعي العمالي الحامي لمصالحها الطبقية، اي المٶمن بالاشتراکية وممارسة مارکس النضالية، ويسعى لانجاز الثورة العمالية واسقاط النظام البرجوازي والغاء نظام العمل الماجور. وعليه، فانها لضرورة مابعدها ضرورة ان يفضحوا المصالح الحقيقية للحرکات البرجوازية القومية والاسلامية والليبرالية الاخری ويبينوا معاداتها لمصالح الجماهير في مصر، وفي الوقت ذاته، السعي لتنظيم انفسهم في نقابات ومجالس العمالية وتاسيس احزاب راديكالية وثورية عمالية، احزاب اشتراكية. كما يجب على الشباب التحرريين ان ينظموا انفسهم بشتى الاشكال الممكنة للدفاع عن حقوق المراة و الشباب ، العلمانية و الحرية والمدنية وللضغط الان علی اي نظام سياسي من اجل الاقرار بحقوقهم.
ان تسيير حركة مجالسية واسعة بهذا الصدد تتمتع باهمية حاسمة لتدخل الجماهير وفرض نفسها من اسفل كقوة واقعية حقيقية، بدلاً من هذه الخرقة البالية المسماة البرلمان والتي تلهث القوى البرجوازية المختلفة خلفها بهدف تضليل الجماهير بكذبة انهم قد تم تمثيلهم، وفي الحقيقة سرقوا صوتهم من اجل التحدث والحكم باسم الجماهير وبالضد من ارادتها وسن القوانين المعادية لها.
اود ان اذكر ان هذه المرحلة هي مرحلة الثورة الحقيقية بالنسبة للعمال و المحرومين من اجل الدفاع عن المطالب الاساسية في تلك الثورات. لکن هذه المرحلة ليست سهلة واهدافها لن تتحقق بسهولة . لان هذه الاهداف ترتبط بالنضال الطبقي و الصراع بين الطبقة الحاکمة البرجوازية و الطبقة العاملة . وليست بهذه السهولة يتنازل الحکم الراسمالي و الطبقه الحاکمة امام کل هذه المطاليب. ان تحقيق هذه المطالب علی ارض الواقع يعني التغير الحقيقي في النظام کله و هذا ليس بالامکان تحقيقه في ظل وجود الطبقة البرجوازية علی قمة هرم الحکم. اي بمعنی اخر، ان الطبقة البرجوازية ليست مستعدة للاستجابة لهذه المطالب. نرى في العصر الحالي اکثر من اي زمن اخر الانعدام الواقعي لحقوق الجماهير و شکل تدخلها في شٶون الحکم في الديموقراطيات البرلمانية . ان المجتمع الذي يريد ضمان تدخل الجماهير الغفيرة في امور الدولة و في سن و تنفيذ القوانين و السياسات، لايمکنه الاستناد علی البرلمان و النظام الديموقراطي النيابي. ينبغي تولی مهام الحکم في کافة مستوياته سواء المحلية منها او علی صعيد البلاد من قبل مجالس الجماهير ذاتها التي تعمل بوصفها المشرعة و المنفذة للقانون في ان واحد. يکون المۆتمر العام لمندوبي مجالس العمال و الجماهير اعلی الهيئات الحکومية في البلاد. و کل انسان تجاوز سن ١٦ عاما يعتبر عضوا يحق له تصويت في مجلسه المحلي و يحق له الترشيح لکافة المناصب في المجالس الاعلی . لذلك ان النضال من اجل الحکومة المجالسية يقربنا من تحقيق مطالبنا المشروعة باتجاه اجراء تغيير جدي في حياة الملايين من كادحي ومحرومي المجتمع.
ولهذا برايي يجب لا الحديث عن المشاركة، بل انتزاع الطبقة العاملة والتحررين للسلطة، وختم السلطة بطابعهم. تشارك من؟ الاخوان والنور والتجمع والوفد والكثير من الخرق البالية المتلهفة للسلطة والحكم والثروة؟ عليك ان تفكر بالسلطة. ان مامطروح اليوم في مصر مثلا او مسالة السلطة مابعد مبارك، والكل ينشد حسمها لصالحه، عليك ان تفكر بحسمها لصالح الطبقة العاملة ويسار المجتمع. المجالس العمالية ومجالس المحلات هو الاسلوب الامثل لسلطة الجماهير، حيث يؤمن التدخل الواقعي والقاعدي للجماهير نفسها.

5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
شخصياً ليس امري ولامقولتي تشتت اليسار ولاتشكيل جبهته، علما ان وجود اليسار واقتداره هو امر ايجابي على صعيد المجتمع. ما اقولة ليس متناقضاً. اذ ليس انهماكي هو اليسار والجواب على تشتت اليسار واقامة الجبهات عديمة الفائدة والقيمة بصراحة. ان هدفي هو تنظيم صفي الطبقي وتنظيم ثورتي وحركتي في خضم هذه الاوضاع، ولهذا فان تشتت صفوف الطبقة العمالة وحرکتها الثورية هو مشغلتي اليومية ، واسعى باسناني واظفاري من اجل تقدم الطبقة العاملة وترسيخ صفها و تنظيم نفسها في منظمات جماهيرية وفي حزبها. اذ ان هذا هو السبيل الوحيد لتنامي الحركة الثورية وتعاظم زخمها وتحقيق امالها وامانيها وبالتالي امال واماني كل المجتمع.
لکن اذا کان الحديث عن جبهة مشترکة مع الاحزاب اليسارية او الديموقراطية او الشيوعية ، فان هذا ليس منطلقي ولاتوجهي الاساسي. ولكن بامکان الاتفاق والنضال المشترك في ميادين معينة مثل الدفاع عن دولة غير قومية او دينية ، المساواة التامة بين المراة والرجل، الحرية السياسية بدون قيد او شرط ، ضمان البطالة للعاطلين عن العمل، حرية التنظيم و تاسيس الاحزاب ، حقوق الشباب ، الحرية غير المشروطة للراي والتعبير..... الخ.
ولكن طرح هذا السؤال هو في غير محله اليوم وبالاخص حين ياتي الامر على اوضاع بلد مثل مصر مثلا. ان اليوم هو يوم الاستقطاب الطبقي، الاستقطاب السياسي، الشعارات المستقطبة، الاهداف المستقطبة والتطلعات المستقطبة. ولهذا فان الحديث عن جبهة يسارية ديمقراطية برايي عبرته اوضاع بلد مثل مصر.
وكلمة اخيرة، اليسار لايتوحد، بصراحة لانه اغلبه يسار مثقف، يسار افكار، يسار نضال على الورق، نضال في عالم الافكار والذهن، ذا جذور متنوعة الى ابعد الحدود، ليس له اي صلة باي حركة اجتماعية واقعية اساسية في المجتمع، ولهذا لايستطيع ان يتوحد اطلاقاً او يقوم باعمال مشتركة جدية. انظر الى التاريخ المعاصر واعطني نموذجا مؤثراً. للاسف، لايوجد. رغم اني اسعى بكل قواي من اجل ان يميل المجتمع لليسار وافكار اليسار. لكن لن يتحقق هذا باليسار الديمقراطي نفسه، انه يتحقق بالطبقات الاساسية في المجتمع ذات المصلحة في ذلك التحول لليسار، الطبقة العاملة بالدرجة الاساس.

6ــ هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
هل تستطيع الاحزاب اليسارية ذلك؟ ليس واضح لدي نطاق اليسار والاحزاب اليسارية التي تتحدث عنها. اي تتالف مِن مَنْ ومَنْ، ومن يشمله ومن لايشمله. ولكن اذا اتحدث عن الحزب الذي انا عضو فيه، اقول ان حقوق الاعضاء هي حقوق اعضاء ولاتتوقف على شاب او امراة، ولاتتوقف على "سنوات الخدمة" في الحزب ولاعلى جنس المرء او مواليده. ومن ناحية التقاليد السياسية هناك اوسع ارضية لتدخل الاعضاء وتبوأهم المناصب الحزبية. في اي انتخابات قد يقدم الحزب في المجتمع على المشاركة بها، المعيار الوحيد الذي لدى الحزب هو الحضور الاجتماعي والسياسي للشخص-العضو المرشح، اي بلغة الارقام، من يجلب الاصوات اكثر للحزب، لان الانتخابات بالمطاف الاخير هي عدد اصوات.
ان تبوأ الشباب للمناصب القيادية هو ضرورة ملحة، وذلك للاطمئنان الى ديمومة اي حزب سياسي، لان في حياة الحزب، وبحكم سنة الحياة، تقل طاقة الانسان على العمل كلما تقدم به العمر، ولهذا فان ديمومة العمل القيادي، طبعا بالاضافة الى الضرورة الاجتماعية لميدان الشباب، يستلزم قيادات شابة دوما والارتقاء بها على الصعيد القيادي وتحمل المسؤوليات السياسية والحزبية.
من جهة اخرى، ان طرح مسالة افساح المجال تحوي طابعا قد يكون غير منصف بعض الاحيان. لانه كشيوعيين، نحن ضد التمييز بكل اشكاله، وان تناول المسالة بهذا الشكل يحمل تمييز ضمني. وهو امر غير مقبول اطلاقاً بالنسبة لنا. الكفاءه والاعتبار والقدرة الاجتماعية والسياسية هي المعيار الاساسي، وليس السن او الجنس او غيره.

7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
إن التمييز بحق المرأة هو أحد السمات المميزة للعالم المعاصر. ففي القسم الأكبر من دول العالم، تحرم المرأة بشكل رسمي وقانوني حتى من نفس تلك الحقوق والحريات المحدودة والتافهة التي يتمتع بها الرجل. وفي البلدان ذات الاقتصاد الأكثر تخلفا والمجتمعات التي يكون فيها نفوذ الدين والتقاليد البالية على النظام السياسي والإداري والثقافي للمجتمع اكثر عمقا، يتجلى اضطهاد المرأة وحرمانها من الحقوق ومكانتها الدنيا بأوضح الأشكال وأكثرها فظاظة. وفي البلدان الأكثر تقدماً وتحضراً، وحتى في المجتمعات التي تم فيها ظاهرياً، إلغاء التمييز وفقاً للجنس من الجزء الأكبر من القوانين بفضل الحركات المدافعة عن حقوق المرأة وهجمات الاشتراكية العمالية، فان المرأة في خضم آليات الاقتصاد الرأسمالي والتقاليد والمعتقدات البطريركية الجارية في المجتمع، ما تزال تتعرض عمليا من نواحٍ عديدة للتمييز والاضطهاد.
لذلك يجب علی کافة الحرکات الشيوعية و اليسارية المدافعة عن حقوق المراة ان تناضل من أجل المساواة التامة وبدون قيد أو شرط بين المرأة والرجل في جميع الأمور. ينبغي السعي لشن النضال من اجل المساواة التامة للمراة والرجل في جميع الاصعدة، وسن القوانين لذلك، كما يحتاج الامر لتنظيم النساء لانفسهن في منظماتهم المستقلة والمشاركة الجدية والفاعلة في مجمل جوانب الحياة الاجتماعية.
فيما يخص حزبنا، فان نضاله على الصعيد الاجتماعي بهذا الخصوص وهذا الميدان المهم هو امر معروف للجميع. ومارسنا لسياسة التمييز الايجابي للعنصر النسوي في الحزب، اي نعطي فرص اوسع للمراة في العمل الحزبي وتبوأ المناصب الحزبية وغيرها، وان هذا اقل مايمكن عمله رداً على التراجع الذي فرضته السلطة القائمة على المراة وحقوقها وحرياتها ومكتسباتها.

8ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر؟
نعم ولا في ان واحد. نعم بوسعها ان تكون طرف جدي في الصراع والنضال من اجل الحريات العامة وحقوق الانسان. ولا في حالة انها تتحول الى جماعة ضغط محدودة ودعائية فقط وانترنيتية فقط، بهذه الطريقة لن يكون بوسعها. ينبغي الاستناد الى الحركات الاجتماعية التي لها مصلحة في ارساء الحريات العامة وحقوق الانسان وقضايا المراة. محاربة القوى الاجتماعية بقوى اجتماعية، وعلى الارض وفي الواقع. الاسلاميون يقسرون ويغيرون واقع المجتمع بشتى الاساليب ومن ضمنها العنف ويتركون حضورهم المقزز في المجتمع، ينبغي علينا ايضا ان نفرض التراجع عليهم على الارض، في المجتمع وليس في الانترنيت. كلامي ليس بخس قيمة الانترنيت، اذ انه احد اهم منجزات البشرية للعقود الاخيرة، ودفع البشريات خطوات عملاقة للامام، ولكنني اتحدث عن صراع مادي وواقعي ويومي.
ان ‌هذه هي من واجباتنا المهمة، اي مجابهة الاسلام السياسي بکافة اشکاله، من السلفية والقاعدة وصولاً للنموذج "المتحضر" النهضوي او الاخوان المسلمي، انها كلها خطر علی المجتمع ، انها عائق امام تطور وازدهار ومدنية المجتمعات ، خطر علی الحرية و المساواة ، خطر امام تطور جيل الشباب وتفتح طاقاته في المجتمع، انه کارثة بالنسبة للنساء ، لذلك من واجبنا ان نصد هذه الهجمة ونجمع قوی کل التحررين لابعاد هذا الخطر. ان هذا الخطر هو خطر واقعي ويومي في حياتنا . وان هٶلاء لديهم امکانية لتحقيق اهدافهم ، لديهم الدعم المالي والسياسي للدول الرجعية العالمية والمحلية وبالاخص دول الخليج، وان ماحدث في الانتخابات التونسية برهن على ان هٶلاء يقف من خلفهم قطر و السعودية و اردوگان ، و الجزيرة كي يؤثروا علی الراي العام . بيد انها هذه كلها لاتاتي شيئا امام وحدة الجماهير ورص صفها المليوني وتسلحها بافق سياسي وراديكالي وتحرري ثوري. وللاسف، لحد الان لم نستطع جر هذه القوى نحو هذا الافق، والا لكان للبشرية كلام اخر مع تلك القوى.

9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
التکنولوجيا احد الادوات المهمة لبلوغ و تحقيق الاهداف، وهذا يشمل کافة الحرکات الاجتماعية ولسنا نحن فقط . اذ لاتستطيع بالسيف مجابهة دبابة، ولابجريدة مجابهة الاقطاب الاعلامية الضخمة مثل سي ان ان وبي بي سي وغيرها. ولهذا الاحزاب والحركات، وحتى الانسان العادي لايستطيع فصل نفسه عن هذه التطورات، فكيف باحزاب سياسية جدية؟!! القيادة التي ليس لها ربط باساليب التطور العلمي والتقني، ليس لها ربط بالمجتمع ناهيك عن قيادة طبقة او مجتمع لتحقيق اهداف او نصر ما.
ولكن ارجو ان اوضح نقطة فيما يخص الثورات والانترنيت، او الفيسبوك وتويتر وغيرها، رغم كل اهميتهم الاعلامية ونقل الاخبار وغيرها لحظة بلحظة، مما يسجل مرحلة جديدة في تاريخ تغطية الاحداث، فانها اداة، وفقط اداة، نستخدمها نحن ويستخدمها الاسلام السياسي والبنتاغون، اي يمين ويسار العالم كله. ولهذا فان تصوير الثورة في مصر على انها ثورة فيسبوك برايي وهم قاتل. لو كان هناك رفاه، وحرية ومساواة، ليس بوسع مليون فيسبوك ان يعمل ثورة. وحتى اننا لانشهد ثورات في 97% من البلدان التي فيها فيسبوك وتويتر؟ لماذا. الثورة ظاهرة معقدة. الثورة نتاج الحركة الاجتماعية الواقعية للبشر، ولحسن حظنا ان الثورات في المنطقة قد جرت في عصر الفيسبوك والتويتر. اذ اعطيا ابعاد مهمة وعالمية على الاحداث، نفخوا روح النضال والثورة والمقاومة "في كل بيت"!

10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
للحوار المتمدن دور مهم في صحافة اليوم وبالاخص للافكار اليسارية والتحررية المختلفة في المنطقة الناطقة بالعربية. الحوار المتمدن منبر مهم و مٶثر وسط المثقفين اليساريين والکتاب التحرريين . اتمنی ان يتواصل نشاطه ويتقدم ويتقدم لما فيه خدمة يسار المجتمع . وبمناسبة الذکری العاشرة لتاسيس موقعکم اود ان ارسل تحياتي الحارة لمٶسس الموقع الرفيق المبدع رزگار عقراوی و کافة الرفيقات و الرفاق العاملين في هذا الموقع.
تحياتي لکم
رعد سليم



#رعد_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة شاليط-سجناء فلسطين، تلاقي مصالح واهداف!
- تغيير وحذف اسم الشيوعية ام العودة السافرة لحضن البرجوازية!
- حدث بعيد.. ورسالة تنضح بانسانية ماركس!!
- اية ثورة ينبغي ان ينشدها العمال؟!
- ديموقراطية ام حکم جلادين!
- مشروع -الحزب الشيوعي الکردستاني ، مشروع لتثبيت الحکم الاستبد ...
- الخبز، العمل، الحرية ، ضمانها الحکومة المجالسية!!
- ثورة الشارع ، ام صناديق الاقتراع ؟!!
- الاهداف الواقعية لنداء مقتدی الصدر لاتباعه بالتظاهر!
- حول ثورة اکتوبر ومفهوم اليسار التقليدي العربي!!
- مذکرة القاء قبض بحق الحکومة او بحق المواطنين؟
- رسالة مواساة بمناسبة رحيل الرفيقة المناضلة ليلی محمد
- التعليم في مستنقع الطائفية في العراق !!
- السطو على البنوك العراقية و ماوراءها من الکواليس السرية!!
- في ذكرى رحيل القائد العمالي العراقي حكمت کوتاني !!
- لماذا فشل الشيوعيون العرب؟!
- مجتمع -بخشيش- او مجتمع مقلوب!!
- محاولة تسليم معارضين ايرانيين الي طهران، جريمة اخرى تسجل على ...
- العمال في مصر و الرهبان بورما و الموقف الانتهازي للديموقراطي ...
- وزارة الصحة ، ومهمة ليست من اختصاصها!!


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - رعد سليم - يجب على عمال وشيوعيي المنطقة، ان يفصلوا صفهم وحركاتهم عن حركات الطبقات الاخرى للمجتمع!!