|
هل يمكن تعايش الثقافتين العلمانية والاسلامية؟
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 23:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل يمكن تعايش الثقافة العلمانية مع الثقافة الإسلامية، وإذا كانت الثقافة العلمانية ترتبط بملكوت الإنسان وتعبر عنه فما نوع العلاقة التي يمكن أن تنشأ مع تلك التي تدعي التعبير عن ملكوت اله لم يرى الإنسان وجهه ولم يلمس رحمته ولم يعرفه إلا من خلال غلاظة وقسوة وتعنت رجال دينه وتزمت ثقافة كهنوته؟ الدين لا ينتج إلا ثقافة صنع الأغلال والأصفاد، فمقولات الحلال والحرام والمسموح والممنوع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسياسة التكفير وإقامة الحدود هي أغلال تكبل العقل وتحجر على حرية التفكير! فان كانت الدين وما يعرف بثقافته هما القيود والأغلال فان مهمة الثقافة العلمانية يجب أن تكون المطرقة التي تحطم القيود ولأغلال الكهنوتية وأي انصراف عن القيام بهذه المهمة يعني الخضوع والرضوخ والموافقة والرضا بالإبقاء على القيود تحيط بالرقبة قبل إن تكون محيطة باليدين والرجلين. إن غاية ما تهدف إليه العلمانية من خلال إبعاد الدين عن السياسة هو تحرير الإنسان من وهم الإله ومن تسلط رجال الدين ولا يمكن لها انجاز هذه المهمة إن لم تخرج منتصرة من صراعها ضد الثقافة الدينية التي لا يمكن إن تتلاءم ولو بالحدود الدنيا مع الثقافة العلمانية، فلا يمكن جمع النقائض إلا في وحدة الصراع وليس في وحدة البقاء. إن هذا ما يفعله الإسلاميون الذين يحاولون بكل الطرق والوسائل نشر ثقافتهم الظلامية وشن هجوما، ليس على الثقافة العلمانية كنتاج إنساني، بل على الإنسان نفسه المنتج لهذه الثقافة، هذا هو الإرهاب الكامن في التفكير الديني وفي ثقافته العنفية. بينما من الجانب الآخر نجد بعض العلمانيين يبحثون عن حالة من المهادنة والتعايش راضين بالصفعات التي يوجهها الإسلاميون لهم مناشدينهم التخفيف من لطمتها ومن شدتها وقعها. هل يمكن للثقافة العلمانية إن تكون مهادنة مع أراء الاسلاميين وإحكامهم المتخلفة من شؤون الحياة وأوجهها المختلفة دون محاولة تفنيد هذه الآراء والأعراف واستبدالها بالجديد المنسجم مع التطور الحضاري ؟ فأي دور ستطلع به الثقافة العلمانية إذا ما تنصل مبدعوها من مهمة التغيير؟ أنهم سينتجون ثقافة مهادنة منافقة تشبه تلك التي ينتجها انصاف الإسلاميين انصاف العلمانيين الذين يدعون تبني العلمانية إلا انهم يقصرونها على فصل الدين عن الدولة لكنهم يجردونها من مهمة تغيير التصورات القديمة عن العلاقات الاجتماعية ا ضرورة التخلي عن ثقافة الدور القائد للدين في الحياة وفي المجتمع او في الحقوق. أليس الحجاب والنقاب هو نتاجا للثقافة الإسلامية؟ أليس الحجر على الحريات الشخصية هي نتاج للثقافة الإسلامية؟ أليس التشكك والريبة هما نتاج الثقافة الإسلامية؟ أليس خلط العلم بالخرافة هو نتاج الثقافة الإسلامية؟ أليس عزل النساء عن الرجال والصبيان عن البنات نتاج للثقافة الإسلامية؟ أليس الحكم باسم الله هو أساسا التفكير الإسلامي؟ أليس التضييق على الفنون الجميلة إن لم يكن تحريمها مثل الموسيقى، الغناء ، التمثيل، المسرح والسينما هو نتاج للثقافة الإسلامية؟ أليس الإرهاب هو نتاج الثقافة الإسلامية أليس الظلم هو نتاج الثقافة الإسلامية أليس الطائفية هي نتاج الثقافة الإسلامية أليس اضمحلال الشعور بروح المواطنة هو نتاج للثقافة الإسلامية؟ أليس التقليل من شأن المرأة واعتبارها ناقصة عقل هو موقفا إسلاميا من المرأة؟ إن الفشل المتكرر الذي يحصده العلمانيون في الانتخابات من بين أسبابه الكثيرة هو فشلهم في فضح الثقافة الإسلامية الظلامية لأحزاب الإسلام السياسي والبحث عن نقاط لتوافق سياسي وقتي معهم سرعان ما يتنكر له الإسلاميون ويورون للأحزاب العلمانية ظهر المجن. الأحزاب الإسلامية تحاول خلق مبررات استحواذها على السلطة ثم السيطرة والتحكم بالثروات وبحياة الناس بوسائل إنتاج ثقافة تحميل الذنوب، وهي ثقافة تبحث عن ضحية تضع عليه كل النقائص وتحمله كل رزايا الواقع المكفهر وغالبا ما تكون الضحية هي الثقافة العلمانية. إن ثقافة تحميل الذنوب الإسلامية هي ثقافة نقيضة وعدائية لنشاطات الإنسان التحريرية تغلق كافة السبل التي تقود إلى تحرر الإنسان من أوهام الإله والخلاص من رتق أللاستبداد والتسلط الديني والحكومي. لقد درجت الأحزاب الإسلامية على تعليق جرائم وموبقات الحكام العرب على شمعدان العلمانية، فالإسلام السياسي درج على تصنيف الحكام العرب المستبدين والشموليين على أنهم حكام علمانيين، وان العلمانية لا تخلق إلا الاستبداد والقمع ، فهي، أي ثقافة تحميل الذنوب الإسلامية، تخلق تصورا يوحي بأنه لا يمكن الخلاص من الاستبداد ومن ظلم الواقع إلا بالخلاص من الثقافة العلمانية فالإسلام هو الحل. والحقيقة هي عكس ذلك تماما. الاستبداد هو نتاج للمكون الديني من ذهنية الحاكم العربي، وهو الموروث الذي استوطن عقله وفكره وقلبه ونقش في ذاكرته من خلال تربيته الاجتماعية والمدرسية المبنية على تمجيد التاريخ الدموي للدين الإسلامي وتعظيم خلفائه وأبطاله وقتلته والاشاده بغزواتهم ومجازرهم واعتبار ظلمهم عدلا إلهيا. الحاكم العربي لا يزال يحتفظ بصورة الخليفة الإسلامي وهو يجلس على عرشه تحيط به الجواري والغلمان ويقف السيافون بين يديه منتظرين إشارته لقطع رقاب خصومه. الحاكم العربي المستبد هو الصورة النمطية لأي خليفة إسلامي بغض النظر عن انتمائه القومي، فلا عجب إن رأيت الخلفاء الإسلاميون أكانوا عرب أو أتراك أو أفغان أو طلبان أو عجم لهم نفس الطبائع فهم نتاج تربية استبدادية إسلامية واحدة كذلك هم الحكام في الدول الإسلامية، في الوقت الحاضر، عرب ام غير عرب متشابهون وان اختلفت انتماءاتهم القومية لأنهم أيضا نتاج ثقافة دينية واحدة. على الثوار العرب إن يكونوا أكثر جرأة بالمطالبة بإبعاد الدين عن أي نشاط من نشاطات الدولة وفعاليتها القانونية والحقوقية والسياسية والاجتماعية والتربوية وجعل الدين اختيارا فرديا يمنع استخدامه كنواة لأي نشاط سياسي او اجتماعي. فتغيير الحاكم لا يعني إلا تغييرا شكليا، فالخراب يكمن في الأسس الأيدلوجية التي يستند عليها الحاكم والتي هي نتاج تربية قرون من الحكم باسم الإله، فليس اعتباطا ان تهتف الناس الله والوطن والحاكم وبس. الوطن يجب إن يكون وطنا للإنسان وليس وطنا للإله وليس وطنا للاستبداد الحاكم، المهمة الرئيسية هي في تخليص الوطن من هذين الطوطمين الإله والحاكم.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتجاج جسد عاري
-
الديمقراطية الإسلامية العجيبة في العراق
-
الاسلام والقذافي وصدام
-
الصخب الإعلامي والإسلامي
-
القوميات بين الواقع والطموحات.
-
هل تخلع الشعوب الاله كما خلعت الحكام ؟
-
من الديمقراطية إلى الإسلام در.!!
-
دولة الدين القائد
-
هل سكب بشارالأسد الماء على لحيته؟
-
هل يمكن للشيوعي ان يكون مسلما؟
-
الدولة السنية والشيعة والتاريخ.
-
الاخلاق والاسلاميون
-
رئيس الجمهورية وأحكام الإعدام
-
قمع واساليب دكتاتورية لحكومة تدعي الديمقراطية
-
الاحزاب الاسلامية والثورة المصرية
-
العالم يقف احتراما لشعب مصر.
-
تجربة الفساد العراقية الرائدة
-
شكرا شعب تونس
-
الإرهاب كفكرة إسلامية مقدسة
-
قائمة مختلفة للمبشرين بالجنة
المزيد.....
-
قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|