ياسر سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 09:20
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لإن الاعلام يشكل جزء كبيرا وحيزا لا يستهان فيه في الحرب الدائرة رحاها على ارض العراق, فإن الحصول على المعلومة الدقيقة يصبح أمرا عسيرا وشأنا صعبا في غالب الاحيان. وبين ما يظن انه مبالغات لما ينشر في مواقع متعددة متعاطفة مع المقاومة على الشبكة العنكبوتية والتي تصف وتعدد الخسائر الجسيمة التي تنزل بقوات الاحتلال الامريكية في العراق وبين خسائر محدودة للغاية تعلنها القوات الامريكية يبقى المتابع للشأن العراقي في حيرة من امره في تتبع المعلومات وتمحيصها في عصر الانترنت والاتصالات السريعة والفضائيات المتنافسة. ومع ميلي الى أن الخسائر الامريكية اكبر من المصرح بها خصوصا بعد اعتراف الجيش الامريكي مؤخرا بالتعتيم على خسائره في المواجهات الاخيرة حتى لا يستفيد العدو من المعلومات المعلنة حسب المصدر العسكري الامريكي. غير ان تقريرا نشرته الاوبزرفر منذ ايام وخبر أذاعته هئية الاذاعة البريطانية اثناء احتدام المعارك في الفلوجة يعزز ما يشير اليه بعض المراقبين من عدم الاعلان عن الخسائر الامريكية الحقيقية بدقة كافية. أما صحيفة الاوبزرفر فقد نشرت تقريرا جاء فيه ان ما يقرب من 3000 جندي بريطاني قد تم إخلاؤهم من العراق لاسباب طبية, فإذا تذكرنا ان حجم القوات البريطانية اقل من 10% من عدد القوات الامريكية وانها منتشرة في مناطق هادئة نسبيا ادركنا حجم الخسائر الامريكية وفداحتها. من جهة اخرى قال مراسل هئية الاذاعة البريطانية في تقريراذاعي له في الايام الاولى لاجتياح الفلوجة ان 18 من اصل 35 جندي من الوحدة العسكرية الامريكية التي كان يرافقها أُصيبوا بجراح خلال المعارك التي دارت رحاها هناك مكملا تقريره بالعبارة الشهيرة ان مادته الاخبارية تعرض على المراقب العسكري الامريكي قبل بثها.
اشارات كثيرة ومتعددة وتصريحات امريكية متضاربة وتقارير اخبارية تتسرب بين الحين والاخر تظهر ان القوات الامريكية تواجه اوقات عصيبة عراقيا وان الحالة المعنوية العامة للجيش ليست على ما يرام, ولعل اشارات واضحة يمكن رصدها في العديد من التقارير الاخبارية التي وردت عن وحول الجيش الامريكي في الايام الاخيرة تشير الى ذلك منها على سبيل المثال:
جيرمي هينزمان 26 عاما جندي أمريكي هارب من الخدمة وقف امام هئية اللجوء الكندية للنظر في طلبه المقدم للجوء الى كندا فرارا من الخدمة العسكرية والتي ينتج عنها قتل الكثير من الابرياء حسب قوله وقد روى بشهادته ان وحدته قتلت اكثر من ثلاثين مدنيا خلال يومين في العراق المحتل.
- اكدت شبكة سي بي سي الاخبارية يوم الخميس التاسع من ديسمبر الجاري أن وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون اعترفت بأنه منذ ان بدأت حرب العراق حتى الان بلغت اعداد الجنود الامريكيين الذين هربوا من الخدمة 5500 جندي بعضهم يسعى للحصول على اللجوء فى كندا.
– نقلت وكالة الانباء الفرنسية عن الكولونيل باميلا هارت المتحدثة باسم البنتاغون ان سلاح البر ارسل اوامر تعبوية في 20 نوفمبر 2004 الى 4024 جندي احتياط, الا ان 1855 منهم طلبوا إعفاءهم او تأجيل التحاقهم بالجيش. وأضحت ان القيادة وافقت على 1044 طلبا وما زالت تدرس 750 طلبا.
- رفع ثمانية من الجنود الامريكيين دعوى قضائية على البنتاغون لتمديده خدماتهم العسكرية في العراق بعد انتهائها. وفي وقت سابق رفضت وحدة امريكية تعدادها 17 مجندا الاوامر العسكرية بالخروج في مهمة نقل نظرا لضعف اجراءات السلامة في مواجهة عمليات المقاومة وكمائنها المتزايدة كما وكيفا.
- الموقف المحرج والاسئلة الملتهبة التي واجهها رامسفيلد من جنوده المتمركزين في الكويت حول نقص المعدات وحول البرامج التي تمنع المجندين من مغادرة مواقعهم بعد انتهاء فترة تكليفهم, تلك الاسئلة التي قوبلت من طرف جموع من المجندين بعبارت الاستحسان والثناء والتي توحي ان تلك التطلعات والمشاعر ليست فردية او محدودة. وفي رده على سؤال الجندي حول عدم توفر العربات المصفحة قال رامسفيلد " إن المسألة لا تتعلق بالاعتمادات المالية " والمسألة برمتها هي أن هذه المركبات يتم استقدامها الى العراق من مناطق ليست فيها معارك". واردف رامسفيلد " انه يتفهم ان 400 مركبة يتم تجهيزها بالاسلحة كل شهر". قراءة بسيطة لعدم قدرة الجيش الامريكي على تزويد الجنود باحتياجاتهم من المركبات على الرغم من استقدامها من اماكن اخرى وتجهيز ما يصل الى 400 مركبة حسب وزير الدفاع الامريكي , يعطي دلالة واضحة عن حجم الخسائر الامريكية والتي قد تكون واحدة من الاسباب التي أدت الى تراجع الروح القتالية والمعنوية لدى قطاع من الجنود الامريكيين في العراق.
- عدم قدرة الجيش الامريكي على حسم معركة الفلوجة بعد اسابيع من اندلاعها على الرغم من القصف العنيف واستخدام القوة المفرطة والتي استهلكت وما تزال الكثير من الرصيد السياسي والاخلاقي للسياسة الامريكية والحديث من قبل عسكريين امريكيين كبارعن احتمالية عودة المسلحين للمدينة من جديد مع عودة سكانها المهجرين اليها وجه ضربة عنيفة للاستراتيجية الامريكية في العراق تجلت بتسريبات وتصريحات لمسؤولين عراقيين كبار عن احتمالية تأجيل الانتخابات العراقية, كما سمعنا من واشنطن احاديث وتصريحات وعلى مستويات عالية عن تدخل ايراني في عملية الانتخابات العراقية بحجم يصل الى مليون صوت مما ينسف أي مصداقية لتلك الانتخابات وربما يمهد الطريق للاعلان عن تأجيلها.
- الايام القادمة ستكون حاسمة وفاصلة فيما يخص الشأن العراقي ولا استبعد في حال استمرت مظاهر التأفف وربما التمرد في صفوف القوات المسلحة الامريكية الى ان تعمد الولايات المتحدة الى فتح قنوات للحوار مع المقاومة العراقية عبر وسطاء من عرب الجوار العراقي.
كندا
#ياسر_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟