أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - متحضرين بلا حضارة














المزيد.....

متحضرين بلا حضارة


داود ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 09:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما سالت نفسي...وسال العديد من أبناء هذا الجيل هذه الأسئلة :
أين هي مكامن الضعف في جسد الأمة.....؟؟؟
أين هي مفاصل الوهن في فكرها ؟

لماذا تحتل هذه الأمة المراكز المتأخرة من مضمار التطور والحضارة البشرية...؟؟؟
عندما كنت صغيرا كنت ابحث عن الجواب في عمائم رجال الدين (قبل أن ادخل الجامعة)....وكانوا يقولون:
إن هذه الأمة تركت دين الله فعاقبها بهذا العقاب....ولن تنجوا امتنا إلا إذا عادت إلى دين الله الذي ارتضى..؟؟؟
كانت تنطلي علي في فترة المراهقة هذه الأحاديث مثل المراهقين اليوم من أبناء هذا الجيل...وكنت اصدق بهذا الكلام، حتى دخلت الجامعة ...وفي أروقة المستنصرية..تعلمت أولى حروف الفلسفة والمنطق العقلاني...واقتنعت بأقلام المستشرقين والمغتربين بان علة الأمة هي الدين...وان الدين سبب تخلف الأمة...؟؟؟
ودارت الأيام والسنين...وها أنا اليوم أعود لأصحح كل ما اعتقدت به سابقا
بعد أن أيقنت...أن الليبراليين العرب هم الآخرين عبارة عن انعكاس للأصولية السلفية القديمة لكنها جاءت متوشحة بـ( التمدن) واحترام الرأي والرأي الآخر....لكن على الطريقة الشرقية.
وما نشاهده اليوم مؤسف حقا في الصحافة الالكترونية العربية التي كان الواجب أن تكون مرآة النخبة المثقفة في الأمة ( وهي كذلك بالفعل) إلا إنها لم تتعدى في طولها وعرضها التقليد ومحاولة استنساخ مستوى الحوار الموجود في الغرب....؟؟؟
لست ضد الغرب على الإطلاق...بل أتمنى أن تصل امتنا إلى معشار ما وصلت إليه الحضارة الغربية....لكن هل من المعقول أن يكون محور مناقشات ومواضيع الحوار لهذه الأمة المصابة بالسل الفكري الذي ينخر عقول أجيالها هي ذات مواضيع أوربا التي تعاني من زكام ( أنفلونزا) الحوار وتعدد الآراء......!!!!!!!
أوربا متحضرة....هل من المعقول أن تناقش السياسة فيها مثلما تناقش السياسة في العالم العربي الذي يعاني أفراده قلة الوعي مثلا..؟؟
أيمكن إعطاء مريضين احدهما مصاب بالسل ( الأمة الإسلامية) والآخر مصاب بالأنفلونزا(أوربا) نفس العلاج والوصفة الطبية ؟

لو نظرت إلى الحوار العربي العصري...ستجد إن غالبية الأحاديث تناقش قضايا السياسة بما أوتيت من قوة....وكأن الفكر العربي فكر صحيح ولم يتبق له إلا السياسة كي يناقشها.....؟؟؟
هناك العديد من الأمراض في الفكر العربي ترسبت خلال أكثر من ألفي عام...ومن غير المعقول ولا المنطقي أن يحاول المثقف العربي عبثا أن يثبت وجوده وشخصيته على ارض فكرية خربة لا ينبت فيها أي زرع ما لم يتم استصلاح هذه الأرض...ولذلك فان النخبة من مثقفي الأمة...تعاني للأسف الشديد ( هذا رأيي الشخصي) من أمراض هي الأخرى..فانا لله وإنا إليه راجعون.

يمكن إيجاز ما يأتي كرؤية موضوعية ناتجة من مشاهدة( علمية) تمتد لدراسة عمرها سنوات :


أولا:
إن الأمراض الفكرية في الأمة متسللة إلى النخبة الواعية..ويتمثل ذلك في إخفاق هذه النخبة في رؤية العلل الحقيقية في الأمة...إذ أن النخبة تعتقد إن الحكام العرب على سبيل المثال يتحملون المسؤولية الأكبر في تخلف الأمة ....( كحال المفكرين والمثقفين في أوربا).
والحقيقة إن الثقافة العربية هي التي أنتجت هؤلاء الحكام...ومن المستحيل أن يجدي تغيير هؤلاء الحكام أي نفع للأجيال القادمة...لذلك فان شتم..ونقد أي حاكم من قبل أي مثقف أو ( يســــــــاري) لا يصب إلا في مصلحته الشخصية ولا يمت لخدمة آمال وتطلعات الأمة بأي صلة...وعليه أن يراجع نفسه في ذلك..!!

ثانيا:
تعاني هذه النخبة من كسل عجيب ...و ( جبن ) غير مسبوق إلا من رحم ربي في مواجهة الأمة بمرآة الحقيقة..، هناك خوف في اللاشعور الجمعي لازال مترسبا في عقول هذه النخبة على الرغم من تحضرها...إلا أن هذا التحضر جاء مسخا مهجنا بين الحضارة والصحراء، لذلك يصبون جام غضبهم على الحكام.. وتنتهي الكثير من مناقشاتهم بالسب والشتم على رؤوس الأشهاد !!!
وكأن الناقد الفلاني سيكون أفضل من ذلك الحاكم إذا جلس على الكرسي مكانه...؟؟
إذا كانت النخبة المثقفة الواعية...في الدف ناقرة..فشيمة الباقين الرقص والطرب....وما أفعال هذا الجيل وانقياده وراء الشعارات إلا بسبب بسيط وهو :
إن النخبة المثقفة العربية...مريضة حتى النخاع...ومديونة للحضارة والفكر والتاريخ حتى بالأنفاس التي تتنفس...ومفلسةٌ في نظر هذا الجيل، لأنها لا تعرف الوقوع على علته..وبالتالي تحقيق آماله وتطلعاته.

على المثقفين..والليبراليين أن يدركوا إن النفاذ إلى أعماق فكر الجيل العربي لتوفير البديل عن فكر السلف أولى من نقد سياسات الحكام..ولا اقصد ترك الحكام على حل شعرهم، لكن من المفروض تركيز تسعة أعشار طاقة التوعية على جذور الفكر العربي والإسلامي ...وترك ما تكتب الصحف الأوربية ومنتدياتها ومؤتمراتها جانبا ومحاولة النظر بموضوعية وجدية شاملة إلى أن امتنا تعاني من داء عضال لن تشفى منه بالحوار أبدا..... لان الحوار من افرازات الحضارة...ومن غير الممكن إجراء الحوار بلا حضارة، والدليل ما يجري في غالبية الفضائيات العربية التي تحاول إجراء الحوارات فتنتهي بالشتائم....لان النخبة وان تحضرت فإنها تعيش أجواء اللاحضارة !!!
على النخبة أن تنظر للمسالة بجدية مطلقة...وتفكر كيف تبني للأمة حضارة جديدة...هذه الأمة العنيدة التي يصعب عليها تقبل استيراد الحضارة..!!
لن يقوم للأمة بنيان على أسس قديمة....يجب بناء أسس جديدة، تذهل العالم الذي لازال الغرب والشرق فيه يخشع كلما ذكرت ألف ليلة وليلة....وذكرت مصر و بابل والأندلس وبغداد...وعمق الأمة الفكري في أغوار التاريخ يؤهلها لتكون رائدة لعهد جديد من الحضارة.
امتنا بحاجة إلى تحرك مؤسساتي...وعمل ثوري بما في الكلمات من جهد وخطورة..والا فأنها حتى لو تحررت على أيدي الغرب وتنفست هواء الديمقراطية فإنها ديمقراطيةٌ مجنونةٌ بلهاء وما يجري في العراق اليوم عن كل الأمة ببعيد.



#داود_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع العربي الإسلامي _ الحل ...
- هذه الارض تدعى كربلاء
- نبيةٌ تدعى الصحراء...رسالة إلى الرسول محمد
- هل ان القران كتاب نافع لادارة حياة البشر؟؟ في سبيل مناقشة مو ...
- البحث عن الشيطان- الجزء الثاني
- البحث عن الشيطان...قصة مفقودة من كتاب الف ليلة وليلة
- احتمالات في مستقبل الشرق الاوسط السياسي والاجتماعي والاقتصاد ...
- امبراطورية الكذب وحكومة الظلام الامريكية
- الله يعبد الحقيقة..!!
- الدين والسعادة في العالم الإسلامي في ميزان علمي سلوكي
- دين في زمن العولمة
- دولة امير المؤمنين الاسلامية ونهاية الولايات المتحدة الامريك ...
- ثورة المستقبل
- محمد بن عبد الله المصلوب في تاريخ الاسلام
- فلسطين في معادلة القدر
- الخطيئة الكبرى والخطيئة الصغرى


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - متحضرين بلا حضارة