الولايات المتحده الامريكيه وقانون مناهظة الشيوعيه

تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)

الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 11:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

000صرح الحزب الشيوعي الامريكي في احدى وثائقه ( ان الولايات المتحده الامريكيه التي كانت فيما مضى مصدر امل للشعوب المناضله في سبيل الاستقلال الوطني قد تحولت الى مصدر خوف00!0فيما مضى اعلنت امريكا انها نصير العالم الجديد اما الان فقد صارت رمز ودركي العالم القديم0 كانت امريكا ملجاء لاولئك الهاربين من الجنديه العسكريه اما الان فأنها تتحول هي نفسها الى بلد عسكري من الدرجه الاولى000وفيما مضى كان الاميركيون يسخرون من التصريحات المتباهيه بأن الشمس لا تغيب عن املاك الامبراطوريه البريطانيه 00اما اليوم ففي وسع الاخرين ان يقولوا بسخريه ان الشمس لا تغيب ابدا عن شبكة القواعد العسكريه الاميركيه الموزعه في شتى انحاء العالم)
000ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحده الامريكيه تعتبر نفسها نصيرة الديمقراطيه وحامية حقوق الشعوب المضطهده وتمنح حق اللجوء السياسي لمواطني مختلف دول العالم بحجة حماية الفرد وسلامته كانت بالوقت نفسه تعد الدراسات وتنظم الكشوفات واللوائح وتلفق التهم الجاهزه بأسماء من اعتبرتهم خطرا على امن واستقرار الولايات المتحده الامريكيه وهذه المره ليس بحق بلدان او تنظيمات او احزاب سياسيه خارجيه00! بل بحق مواطنيها انفسهم00!
000ففي الثلاثينات من القرن الماضي دخلت الشيوعيه امريكا بعد انتصار ثورة 17 اكتوبر العظمى واستلام الشيوعيون السلطه في الاتحاد السوفييني سابقا وما رافق ذلك من رواج الافكار الماركسيه ومعاداة الرأسماليه ومكافحتها والنضال من اجل اسقاطها في جميع انحاء العالم وعلى رأسهم الولايات المتحده الامريكيه0 وكاي بلد متحضر لديه الجامعات ومنابر العلم والمثقفين والمفكرين فقد لاقت هذه الافكار اهتماما وقبولا لدى نخبه من المجتمع الامريكي . واول ما ظهرت مثل هذه الافكار ظهرت في الوسط السينمائي في هوليود فقد اقبل الكتاب والمخرجين والمنتجين على ابراز دور هذه الثقافه الجديده في المجتمع الامريكي عن طريق الافلام السينمائيه التي تعالج قضايا المجتمع آنذاك سواء محليا او خارجيا0
00ولم تكتف هذه النخبه بصناعة السينما لخدمة الفكر الجديد يل ابدى هؤلاء اهتماما بالمباديء والمثل العليا الماركسيه عن طريق عقد اجتماعات بيتيه في منازلهم للمناقشه والدراسه00وسرعان ما خرجوا للشوارع بتنظيم المسيرات السلميه والهتاف ضد صنع اسلحة الدمار الشامل ومنها القتبله الذريه التي كانت امريكا تتسابق فيها مع المانيا وروسيا0 ولم يكتفوا بذلك بل نظموا حملات تبرع للشعب السوفييتي اثناء وبعد الحرب العالميه الثانيه فجمعوا الاغذيه المعلبه والملابس لمساعدة من تصدى للغزو النازي ووقفوا بوجه الزحف الهتلري في الوقت الذي كانت فيه امريكا تقف موقف المتفرج لترى من سينتصر لتكون الى جانبه ولا يهما من الجانب المنتصر بقدر ما يهما ماذا ستحقق من مكاسب00هذه هي امريكا0!!!!
000في عام 1947ظهرت في الولايات المتحده الامريكيه لجنـــة متابعة النشاطات الشيوعيه ضد امريكا بأمر من السناتور جوزيف مكارثي0 وقد اثارت هذه اللجنه ضجة كبيره بأستدعائها الكثير من المشاهير في صناعة السينما في هوليود امثال( والت ديزني وغاري كوبر) واستدعت اللجنه في البدايه 7 كتاب سيناريو 2 مخرجين ومنتج واحد ) عرفوا فيما بعد بالمتهمين العشره00 وقد نظمت اللجنه للمتهمين جلستين واحده سريه لتوجيه تهمة الشيوعيه ومحاولة هدم المجتمع الامريكي واجبار المتهم للاعتراف بأنه حضر اجتماعات سريه وبالتالي عليه الاعتراف باسماء من حضر الاجتماع معه من اصدقاءه ليدفع عن نفسه التهمه00ومن كان ينكر التهمه يكون ملزما بالانتقال الى الجلسه الثانيه وهي علنيه للتشهير به وارهابه ومطالبته بنفس المطالب التي عرضت عليه في الجلسه الاولى 0 وقد تزامنت هذه الاجراءات مع ظهور الكساد الاقتصادي في امريكا وتفشي البطاله والعجز الاداري في مواجهة آثار انهيار بورصة نييورك في العشرينات وتردي الوضع الاقتصادي في كافة نواحي المجتمع الامريكي وهنا لم يجد الساسه الامريكان الا هذه الذريعه للتغطيع على فشلهم في حل المشكلات الاقتصاديه وما رافقها من تدهور في كل مرافق البلاد لتوجيه الاتهام وتحميل المسؤليه لجهه محدده في المجتمع الامريكي فكانت هذه الجهه هي صناعة السينما في هوليود00 وهنا شعرت هذه المؤسسه السينمائيه بالخطر الذي يهدد مصيرها بعدما صدور قانون فدرالي يدعم اعمال لجنة التحقيق فأجتمع على اثر ذلك مديرو الاستوديوهات السينمائيه اجتماعا سريا لمدة يومين وخرجوا بقرار مشترك وهو طرد المتهمين العشره من عائلة هوليود وحرمانهم من العمل في السينما وتضييق الخناق على مناصريهم او من ادرج اسمه في القائمه 0 فلم يكن امام هؤلاء المتهمين فكريا سوى ثلاث خيارات
01 القسم زورا بعدم علاقتهم بالحزب الشيوعي
02الاعتراف بعضويتهم والوشايه بأصدقائهم
03التمسك بحقهم الدستوري في عدم الاجابه عن أي سوءال
وفي النهايه اختار معظم المتهمين عدم الاجابه مما عرضهم لصدور قرار السجن بحقهم لمده تتراوح بين 6 اشهر وسنه00فعاش هؤلاء في ظل ظروف قاسيه بعد ان تركو اعمالهم في السينما واتجهو الى اعمال حرفيه او مدرسين وباعه في المتاجر لتوفير سبل معيشتهم وفي بعض الاحيان كانت اللجنه تلاحق افراد عائلة المتهم وتضييق الخناق عليه واحيانا فصله من عمله كوسيله للضغط على هذا او ذاك ممن ورد اسمه في القائمه المشبوهه000فكان نتيجة هذا كله ان حدث بينهم حالات انتحار بعد انهيارهم نفسيا لعدم تحملهم الظروف المعيشيه الجديده بالاضافه الى حالات الطلاق بين المتزوجين بينهم والتسبب بموت حوالي 15 شخص سلبت منهم حقوقهم وتحطم مستقبلهم المهني 000
وبقيت الازمه تستعر وتشتد لغاية عقد السبعينات وذلك بعد ان نفثت امريكا سمومها في العالم كله ونفست عن الحقد والكراهيه للشعوب في العالم الثالث فكانت الحرب الكوريه بدعم كوريا الجنوبيه ضد كوريا الشماليه الشيوعيه/ وحرب فيتنام التي خلفت حماما من الدم لا زالت البلاد تعاني من ويلات تلك الحقبه/ غزو غرينادا _ واسمها الوطني ملفيناس وتثبيت حكم موالي لامريكا ضد الشيوعيين/ ولا ننسى المجازر التي ارتكبتها في تشيلي ضد الحكم الشيوعي هناك بقيادة المناضل سلفادور اللندي الذي صفته امريكا جسديا بعد ان ارتكبت مذبحه بحق انصاره وحق الشعب التشيلي
في مصر كانت لامريكا اليد الطولى في ابعادها عن الفلك السوفييتي لدرجة دفع عبد الناصر لطرد خبراء وعلماء سوفييت من اراضي مصر/ في العراق يقال ان الامريكان سلمو قوائم الشيوعيين العراقيين لقادة الانقلاب العراقي في الستينات/ وفي معظم البلدان العربيه كان للامريكان الدور الاكبر في صدور قوانين لمحاربة الشيوعيه وانزال العقوبه بحقهم والتضييق عليهم0
000وفي الختام لا يسعنا الا ان نقول بأن الماضي الاسود يبقى بقعة سوداء مظلمه في حياة من صنع هذا الماضي وان الموقف الواعي والفكر الناضج لا ينتهيان ابدا00ففي مارس عام 1999 عندما منحت الاكاديميه الامريكيه للسينما_ الاوسكار جائزة افضل مخرج جائزة الاوسكار للمخرج اليوناني الاصل امريكي الجنسيه ( ايليا كازان) رفض نسف الحضور الوقوف او التصفيق له عند تسلمه الجائزه لانه كان من بين الذين حققت معهم اللجنه المذكوره واعترف على اصدقاءه وزملائه 00فاعتبروه واشيا وخائنا لقضيتهم0

#تيسير_خروب (هاشتاغ)       Taiseer_Khroob#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات