أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميشيل نجيب - عورة الرجل وعورة المرأة















المزيد.....

عورة الرجل وعورة المرأة


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 11:53
المحور: حقوق الانسان
    


عندما تنتفض شعوب بأكملها مثقفين وجهلة ضد صور عارية لفتاة منشورة على الأنترنت، يدل ذلك على ما تعانيه تلك الشعوب والمجتمعات من دونية التعليم والتربية التى يتلقاها الأفراد، والتى خلقت بدورها أمراضاً مزمنة فى العقل والضمير الجمعى أو الجماعى لهذه الشعوب التى ترتضى الفقر والفساد والدكتاتورية والعنصرية ولا تنتفض ضدها، لكنها تنتفض من أجل صور الكل يراها فى نفسه رجلاً كان أو أمرأة.
إذن أين المشكلة؟
المشكلة الكبرى أن تلك الشعوب أنتفضت من أجل صورة الفتاة العارية لكنها لم تنتفض من أجل صورة الرجل العارية فى نفس صفحة الفتاة " مذكرات ثائرة"، مما يعنى أن عورة الرجل ليست بعورة أما عورة المرأة هى المشكلة التى هزت العقول المغيبة المريضة بالهوس الجنسى، وهنا أسأل: لماذا يتأذى البعض من صورة أمرأة عارية لكنه لا يتأذى من صورة رجل عارى؟
الإجابة بكل بساطة أنها التربية الدينية الذكورية التى تبيح للرجال أن تعتدى وتتلصص على صورة فتاة عارية وتعتبرها عورة كبرى لكن صورة رجل عارى لا تلفت أنظارهم ولا يعتبرونها عورة، وهذه هى قمة الأزدواجية المرضية التى يعيشها أفراد المجتمعات العربية المتدينة برجالها المثقفين أو الجهلة المغيبة أذهانهم فى الهوس الدينى الذى طغى على كل منطق وتعقل إنسانى.
الصور العارية لم تعتدى على حرية أى فرد من هذه الملايين التى دخلت إلى الموقع بحريتها وإرادتها الشخصية، بل بالعكس أن هذه الملايين هم من يعتدون على هذه الفتاة وعلى حريتها، لأنه إذا كنت دخلت بإرادتك إلى موقع الفتاة لتدينها على عملها فهذا شأنك، وإذا دخلت إلى الموقع بإرادتك لأنك متضامن ومتفق مع فكرها فهذا شأنك أيضاً، إذن أين المشكلة؟

المشكلة أن المجتمعات الدينية تقوم بتحقير جسد المرأة بأعتباره عورة فى نظر الآلهة لكن جسد الرجل ليس بعورة لأن الآلهة بطبيعتها ذكورية، عندما يحاول كل رجل فى مجتمعاتنا أكتشاف جسده أمام المرآة وأكتشاف عقله أمام المنطق الإنسانى لعصرنا الحاضر، ساعتها سيكتشف أن الآلهة الدكورية التى خلقت الأديان هى نفسها التى خلقت الهوس الجنسى تجاه جسد المرأة الذين يحلمون ليل نهار بلقاءه وجهاً لوجه عراة بدون ملابس!!!

إذن أين المشكلة؟
المشكلة فى الرجال الذين يعتبرون جسد المرأة مفسدة لأخلاقهم الهشة، بينما جسد الرجل فى نظر الرجال مدعاة للأخلاق ولا يمثل عورة فى نظر آلهتهم، وإلا لوجدنا نصوصاً دينية تحض الرجال على الأحتشام مثلما فعلت النصوص مع المرأة، والسبب فى ذلك بكل تأكيد يرجع إلى أن كاتبى تلك النصوص هم من الذكور وهم الذين لهم الحق فى تفسيرها وتأويلها حسب المزاج الذكورى بغض النظر عن منطقية أن الجسد العارى سواء للرجل أو المرأة هو عورة، لكن المأساة الكبرى أن المجتمع الذى يقوده الرجال هو الذى يثور على صورة المرأة العارية لكنه لا يثور على صورته العارية أيضاً، وكل ذلك يحدث لأن ميزان العدل فى الأديان كفته ترجح الذكور الذين يكيلون بمكيالين لإرضاء غرائزهم وشهواتهم.
إذن أين المشكلة؟
المشكلة أن الرجال تعلموا من آلهة الأديان أن الرجال يقعون فى الخطيئة بسبب جسد المرأة لكن الأديان تصمت عن جسد الرجل وكأنها تقول أن المرأة لا تقع فى الخطيئة بسبب جسد الرجل والسبب؟ لأن جسد الرجل ليس عورة مثل جسد المرأة، إنه التلاعب بعقول من نشأوا على التعاليم الغيبية للأديان وأعطتهم هذه الاديان الحرية فى النيل من حقوق وكرامة هذا الجسد العورة المسمى أمرأة.

إذن أين المشكلة؟
يبدو أنها ليست مشكلة واحدة بل مشاكل كثيرة تعيشها المجتمعات العربية التى تأتمر بكلمة الأديان، ويرتكب أفرادها أبشع الجرائم بأسم الأديان لأن الآلهة تبرر كل أفعال الذكور وهى التى قالت لهم ذلك فى نصوصها المقدسة ومن يعترض ناله نصيب التشهير والتكفير، إذن هل من حق المرأة أن تفكر بعقلها دون عقول الرجال؟ هل من حق المرأة أن تندد بمن ينتقص من حريتها وحقوقها ويجبرها على أفعال لا ترتضيها؟ ألم تصل رسالتها الإنسانية إلى عقول الرجال بعد؟ ولماذا وصلت رسالة العرى لكن رسالتها فى الدفاع عن حقوقها الإنسانية لم تصل؟ لماذا تفتحت عيون الرجال على آخرها لمشاهدة صورها العارية، لكنه أغلقوا عقولهم عن تلقى رسالتها الذكية الصادمة للعقول الغيبية؟ هل شاهدوا فقط صورها العارية دون أن يتعبوا أنفسهم فى قراءة كلماتها البسيطة لفتاة صغيرة فى العشرين من عمرها؟
أين عقولكم أيها السادة الذين جعلتم من أنفسهم قضاة وحكماء زمانكم؟ لماذا تتمسكون بتلك الصور العارية لفتاة وتركتم ملايين الصور العارية لمجتمعاتكم ولشعوبكم التى تتسول لقمة عيشها اليومى؟ هل تلك الصور هى العقبة الكبرى والوحيدة أمام تقدمكم وإبداعاتكم؟ أم أن إصراركم على عدم محاولة فهم ما تريد أن تقوله الفتاة وصورها هو أكبر صورة للتخلف الذى تعيشه تلك المجتمعات؟

كلام الفتاة فى مذكراتها الثائرة واضحة جداً ولا تحتاج إلى تحليل خبراء وأساتذة وشيوخ وكهنة، لكنها تحتاج بشر أمناء يجيبون على تساؤلاتها بكل صراحة وواقعية دون أنحياز، حتى يتاح لهم تطوير مجتمعاتهم دون الوقوع فى بحار الشعارات الخبيثة التى تتلاعب بمستقبل الشعوب دون الأهتمام بمصالحم وحقوقهم المسلوبة بتفسيرات دينية يقع فيها الجميع.

المشكلة التى أوقعت فيها علياء نفسها هى أنها تحاول مواجهة مجتمعات متوحشة لا تتوانى عن أن تأكل وتسحق أبناءها، لأنها مجتمعات تغيب عنها القيم والمبادئ الإنسانية التى تهتم بمصالح الإنسان وأحتياجاته، مجتمعات تهتم بالأديان وبمصالح الآلهة التى تخور قواها أمام صورة عارية بينما الملايين العرب يدخلون لمئات المواقع الإباحية ليل نهار، لكنهم لابد أن يظهروا بمظهر التقوى والصلاح أمام آلهتهم وأنهم يدافعون عن تلك الآلهة الضعيفة.
فى أثناء كتابة مقالى هذا دخل إلى صفحات موقعها أكثر من ثلاثة مليون إنسان عربى وغير عربى وأباحوا لأنفسهم الأعتداء على خصوصيات فتاة تبلغ من العمر العشرين عاماً، بالرغم من التحذير بأن موقع الفتاة يحتوى على محتويات مناسبة للبالغين فقط، أكثر من ثلاثة مليون إنسان والعدد فى تزايد أنتهكوا حياتها الشخصية الخاصة وأعطوا لأنفسهم كل الحرية فى نقدها وتقبيحها بما لهم من موروث ثقافى مريض.

مذكرات ثائرة يجب أن نقبلها أو نرفضها بغض النظر عن صوابها أو خطأها فى طريقة التعبير عن أفكارها ومخاوفها، مما يحدث فى مجتمعها الذى يصادر أبسط الحقوق ويفرض الوصاية على البشر مما يخلق مجتمعات تستبد بشعوبها وتسحق مشاعره وأحلامه وأفكاره، بل علينا أن ننظر بجدية إلى القضية التى تريد توصيلها إلى عقولنا النائمة فى عسل الأديان، علياء ذات العشرين ربيعاً أمتلكت الشجاعة لتتحرر مما يسميه المجتمع الذكورى العار العورة عندما يرى أمرأة عارية، هذه الشجاعة النادرة من نوعها نشأت من إيمانها بعدالة قضيتها التى تدافع عنها، والآن أتى الدور على بقية بنى جنسها ليساندونها ويكتسبوا شجاعة منها ليدافعوا عن حرياتهم وحقوقهم، فهل سيفعلون ويدافعوا عنها وعن أنفسهم؟



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام العسكرى المصرى
- الإعلام والقانون فى مصر
- مصرع الطغاة
- ماسبيرو وأسوان أين مصر
- شكراً ستيف جوبز
- فوز إسرائيل على مصر تسعة صفر
- الفرعون الحبيس
- سقوط المليونية فى مصيدة الدينية
- موسيقى الثورة الصاخبة
- النرويج وأيديولوجية الإرهاب
- الشياطين بين الجنة والسلطان
- الشرطة المصرية ومنهجية التعذيب
- الحكومة المصرية وخروجها على الثورة
- سقوط الشرعية للضمير العربى
- التعديلات الدستورية والجهل العام
- حمى الدكتاتورية وليس الديموقراطية
- هذا وقت الأمم المتحدة
- ملك ملوك أفريقيا
- الحكام العرب لماذا يفهمون متأخرين
- إنتصار ثورة الشباب المصرية


المزيد.....




- ما هو نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؟
- كيف ستؤثر مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت على حرب غزة ول ...
- إسرائيل تقصر الاعتقال الإداري على الفلسطينيين دون المستوطنين ...
- بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن ...
- 2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و ...
- خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا ...
- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميشيل نجيب - عورة الرجل وعورة المرأة