|
مزقوا شهادة الجنسية العراقية
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1053 - 2004 / 12 / 20 - 09:01
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لطالما بقيت البدعة القانونية والاكذوبة التي اخترعها دعاة الشوقينية المقيتة في العراق المتجسدة في شهادة الجنسية العراقية ، الى درجة انه ربط الوطنية والوطني بحيازته لهذه الشهادة وفق حروفها المقيتة وقانونها الأحول . وأذا كانت الجنسية بحد ذاتها عقد قانوني بين المواطن والدولة ، وأذا كانت الجنسية العراقية تمنح للعراقي وفق القانون الخاص بالأحوال المدنية وفق الأعتبارات والفقرات الخاصة بهذا المنح ، فأن شهادة الجنسية العراقية كانت على الدوام الخنجر الذي يمكن أن يطعن خاصرة شريحة معينة من شرائح المجتمع العراقي . من أين جاءوا بمشروعية التبعية العثماني ؟ ومن أين جاءوا بعدم مشروعية التبعية الآيراني ؟ وكيف يمكن التمايز بين أحتلالين بغيضين للعراق ؟ وفقاً لشهادة وسند صادر من السلطات العراقية التي تعاقبت وهي تحرص على التمسك بهذه الشهادة المقيتة التي ليس لها ادنى قيمة قانونية . والجنسية هي احدى الخصائص التي تميز المواطن عن غيره من المواطنين ، وهي بموجب القوانين عنصر من عناصر الشخصية ، ولم تظهر أهمية الجنسية العراقية الا بعد قيام النظام الملكي في العراق حين أصدرت السلطة الملكية قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924 ، ومن غرابة هذا القانون انه جاء قبل اعداد الدستور العراقي ( القانون الأساس ) الذي صدر في العام 1925 . وبصدور شهادات الجنسية تم وضع اول الشروخ المتعمدة بين المواطنين العراقيين بتقسيمهم تقسيماً لايمت للمنطق ولاللعدالة بشيء ، حين صاروا من التبعية العثمانية ( التركية ) او من التبعية الآيرانية ، وصار ت العشائر العربية المسجلة وفقاً لأحتلالها من التابعية الفارسية مشكوكاً بولائها ومواطنين من الدرجة الثانية ومصنفين في التمايز بدرجة اقل من درجة المواطنين من تابعية الأستعمار التركي ( العثماني ) . وصارت شهادة الجنسية وتابعية المواطن سيفاً مسلطاً على الرقاب تستخدمه السلطات كيفما تشاء ووفق سياستها ازاء كل حالة ، فمن رفض الجنسية العثمانية تخلصاً من الجندية والسوق الى الحروب وبقي على جنسيته الآيرانية صار آيرانياً بالتبعية رغم أنتماءه العربي أو الكردي الواضح وخصوصاً ماصار اليه حال الأكراد الفيلية ، وجلهم من الأكراد العراقيين الأصلاء . ومن المحزن ان يتم أعتبار عرب واكراد الجنوب والفرات الأوسط بما فيهم الأكراد الفيلية من التابعية الآيرانية ومشكوكاً بولائهم للسلطات التي تعاقبت على حكم العراق ، في حين يتم اعتباركل المهاجرين من هنود وباكستانيين وأرمن وأتراك وكذلك العرب الذين صاروا تحت لواء الجنسية العثمانية مواطنين لايشك في ولائهم ولايتم تهديدهم تحت حد السيف الذي تشهره السلطات . وأذا كانت الجنسية حق من حقوق المواطن العراقي يكتسبها ويحصل عليها دون النظر الى قوميته او عشيرته او دينه او مذهبة او جنسه او عرقه او لونه او اتجاهه السياسي ، فأن شهادة الجنسية العراقية جائت لتلغي كل هذه المعايير وتضع معياراً شاذاً لم يسبق للدول الحديثة التي تحترم نفسها أن اخذت به في تصنيف مواطنيها . واستخدمت السلطات الشوفينية ( شهادة الجنسية ) كذريعة ووسيلة للتنكيل بالمواطنين العراقيين من معارضيها ، فأقدمت على التسفيرات والتشريد والابعاد بحجة التبعية بما يتعارض مع النظرة القانونية والأنسانية وخلافاً لكل المعايير القانونية الدولية . وأذا كان تاريخ السادس من شهر آب عام 1924 يوم صدور قانون الجنسية الذي اسقط الجنسية العثمانية عن العراقيين وحلت الجنسية العراقية بديلاً عنها ، فأن هذا الاحلال لم يلغ الشروخ التي كرستها شهادة هذه الشهادة ، ولم يسبق لدولة من الدول أن اصدرت جنسية للمواطن ثم اصدرت له مايشهد له بهذه الجنسية سوى القوانين الشوفينية التي تكرس العنصرية وتؤشر بشكل غير مباشر الى الانتماء الطائفي المقيت في العراق ، ونعتقد ان الدافع الحقيقي في أيجاد صيغة قانونية لشهادة الجنسية العراقية تكمن في خلق تمايز قانوني ووطني بين العراقيين ، اذ لايعقل أن يكون المواطن من الأصول التركية أكثر وطنية من المواطن من الأصول الفارسية او الهندية الا بسبب الأنتماء الطائفي ، وفي تكريس هذا الامر كل هذه المدة دون أن نستجيب لدواعي العقل والمنطق ومسايرة القوانين الدولي اكثر من حالة سلبية مستهجنة وتكرس الطائفية . فالجنسية تمنح لكل من ولد بالعراق ولكل من ولد من ابوين عراقيين ولكل من كان ابويه عراقيين وولد خارج العراق ، الا أن اعتبار العراقيين فئتين ( أ ) و ( ب ) وفقاً لشهادة الجنسية يتعارض مع نص اكتساب الجنسية العراقية في كل حالاتها . وليس اكثر تأكيداً على الطائفية المفرطة من التفات سلطة البعث عام 1963 لأصدار قانون جديد للجنسية تم ادخال قيود اخرى على منح الجنسية وسحبها مع التأكيد على شهادة الجنسية العراقية وأعتبارها الفيصل في مدى وطنية ومواطنة العراقي ، بل صارت شهادة الجنسية شرطاً اساسياً من شروط التعيين والعمل والدراسة والسفر والعديد من الحقوق والمعاملات التي تهم المواطن العراقي ، ولحق القانون المذكور تعديلات عديدة تؤكد حرص السلطات التي تعاقبت على حكم العراق والمتسمة بالشمولية والشوفينية على تكريس مبدأ استعمال شهادة الجنسية على العراقي ، حتى صارت شهادة الجنسية العراقية في العديد من الأحوال أهم واكثر أهمية من الجنسية العراقية . ويقيناً ان استعمال وسيلة التسفيرات بحق شريحة كبيرة من شرائح الشعب العراقي لأسباب طائفية وسياسية وقومية ، فقد استعملت وسيلة التسفير ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة بذريعة الأصول الأجنبية وبحجة عدم استحصال شهادة الجنسية ( ا ) ، والحقيقة ان هذه التسفيرات التي شملت ايضاً الأكراد الفيلية كانت بسبب قومية الفيلية الكردية الأصيلة ، وبسبب انتماء جميع المسفرين الى المذهب الجعفري من الشيعة الأمامية ، وكذلك بسبب معارض هذه الشريحة للسلطات القمعية والطائفية والشوفينية على الدوام . وبلغت حدة التسفيرات لتشمل عوائل تمتلك شهادة الجنسية العراقية ومن النوع ( أ ) ، كما تم تسفير العديد ممن انهوا الخدمة العسكرية الالزامية وتم تسفير طاقات ثقافية وعلمية كبيرة ومهمة ، ولكن هذا لم يتشفع لها بسبب قرار النظام الصدامي الانتقام من الشيعة بسبب شنه الحرب العدوانية على آيران ، وتوسعت حملات التسفير التي سكت عنها العالم بشكل مخزي وداعر حين تم تسفير مئات الالاف من العراقيين في العراء وتحت ضغط الأجواء المناخية القاسية ودون اية احتياجات انسانية اساسية ودون اية مستمسكات او اموال ، وابقاء حالتهم دون حل مدة طويلة . وسحبت الجنسية عن هذه المجاميع بالرغم من كون قرار السحب يخالف ابسط حقوق الانسان ويتعارض مع القرارات الدولية ، وتصرفاً ينتهك انسانية البشر وقائماً على الأرهاب والتمييز الاجتماعي والطائفي والسياسي ، بل ومخالفاً لنصوص الدستور المؤقت والدساتير التي شرعت في العراق ، وفي اليوم الذي يتم اسقاط الجنسية العراقية عن عراقيين مناضلين واصلاء يتم منح الجنسية العراقية لمواطنين عرب ليس لهم أية اهمية للعراق ولايعملون في أي مجال سوى مجالات التجسس والمخابرات والأمن والقمع . ومهما يكن الأمر فأن نظام صدام البائد حين سقط وأستبشر الناس خيراً لم تسقط قوانينه الجائرة بالرغم من التفات السلطة المؤقتة الى ألأغاء العديد من القوانين والقرارات الجائرة ، حيث بقيت القيم والمفاهيم التي أشاعها في عقول العراقيين سائدة وتظهر للعيان بين فترة وأخرى . وليس أكثر حزناً من وجود مسؤولين وموظفين في الدولة العراقية الجديدة يستندون ويطلبون شهادة الجنسية العراقية من المواطن في أية معاملة أو طلب أو ترشيح . وأذا كنا نرسم أن العراق هو وطن الجميع دون تمايز أو تفرقة ، واذا كنا نعتقد حقاً بأن الأنسان أغلى من أي شيء ، واذا كنا حقاً نريد حياة جديدة تليق بالمواطن العراقي ، وجب علينا أن نحترم مواطنينا واهلنا واخوتنا ، وان لانزيد في نكأ جراحاتهم ، وان نجعل خسة السلطات الشوفينية وقيم صدام البائدة تعمل بيننا . مزقوا شهادات الجنسية ودوسوها بأقدامكم فليس هي المعيار لتحديد مساحة المواطنة لدى المواطن العراقي ، سأضع شهادة الجنسية العراقية التي منحتني اياها الدولة العراقية وفقاً للفقرة ( أ ) بأعتباري عربياً من بني حجيم ( الفرات الأوسط ) ، أضعها تحت أقدام أي اخت أو أم من الاكراد الفيلية تدوس عليها فليس لها أية قيمة أو معنى ، فالعراق لنا جميعاً دون أي فرق في القومية أو المذهب أو الدين أو الفكر أو الجنس . العراقي الذي بقي يتمسك بجنسيته وانتماءه للعراق بالرغم من كل جنسيات العالم التي اكتسبها وفقاً للقانون ، جدير بأن يكون له مايليق بهذه المواقف . والعراقي الذي بقي يلتصق بالعراق رغم كل مامر عليه من محن التهجير والمصادرة وبقاءه دون سندات وهويات وجوازات سفر ، جدير بأن نقول له انت العراقي الحقيقي . والجنسية حق طبيعي للمواطن ينبغي ان تعاد لكل من سحبت عنه الجنسية وأن نلغي من عقولنا قبل القانون تمسك بعضنا بشهادة الجنسية العثمانية التركية أو الفارسية المعيبة ، وان نجعل التمايز بين العراقيين جريمة جنائية يعاقب من يمارسها وفق نصوص القوانين ، وأن نضمن اعادة جميع الحقوق المصادرة للمسفرين وأن نعيد كل الأموال المحجوزة لأصحاب العلاقة ، وبالسرعة التي يمكن ان ترفع جزء من محنتهم وانسانيتهم ، وبما يليق بتحملهم كل هذا الضيم وجبال الحزن والمرارة من اجل العراق ، وأن نضمن تطبيقات حقيقية لحقوق ال،سان والمجتمع المدني . وأن نراعي الوضع الأنساني والنفسي الذي صارت فيه الاف العوائل العراقية جراء سياسة صدام ، وان تلغي سفاراتنا وبيوتنا العراقية في الخارج الطلب من أي مواطن عراقي شهادة الجنسية فهي كانت على الدوام الرمز الطائفي والشوفيني البغيض للعراقيين . مزقوها فما عادت لنا بها حاجة .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان تأسيس التجمع العر بي لنصرة القضية الكردية
-
ستبقى المسيحية خالدة خلود العراق
-
الأيزيدية تحت مطرقة الأرهاب
-
مأساة حلبجة الانسانية المغيبة
-
الأمة العربية الى الوراء در
-
حوار شفاف عن القضاء العراقي
-
حق الكرد في الأختيار السياسي
-
الكرد الفيلية مرة اخرى
-
تأجيل الأنتخابات
-
الطائفية المقيتة
-
الأغلبية والأقلية
-
القائمة الأنتخابية الموحدة
-
أغتيال الأيزيدية
-
مفارقات الزمن الأغبر
-
غلق التحقيق لمجهولية الفاعل
-
حرامية العراق
-
خراب الروح وتزوير التاريخ
-
أنهم يستهدفون الأنسان في العراق
-
الحقوق - تعقيب على مقالة الصديق محمد عنوز
-
حقائق مخفية عن علاقة البعث - القسم الثالث
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|