الاشتراكيون الجدريون ومقاطعة الانتخابات

محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 14:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المغرب ، لحظة ميلاد الأمل في التغيير، واجب كل المناضلين من أجل التغيير الجذري ، وواجب الاشتراكيين الحقيقيين الأصلاء أن يخلقوا جسرا بينهم وبين الجماهير ومطالب الجماهير. بالنزول إلى ساحة المعركة والنضال من أجل التغيير الشامل ، أما البرلمان ، في الوقت الراهن ، فهو ليس سوى أداة من ضمن أدوات المخزن التمويهية والتوهيمية ، بينما الطريق الواضح هو نضال الجماهير من أسفل .. والهدف هو مغرب حر ديموقراطي يوفر لكادحيه الكرامة والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية ويقيهم من كل أنواع الظلم و الاضطهاد و الاستغلال .
إن موقف القوى السياسية الجدرية الاشتراكية الحقيقية الأصيلة هو مساندة الحركة الجماهيرية في أن يكون لها مكان على الخريطة السياسية المغربية وألا تبقى مقتصرة على ممثلي القوى السياسية المتخادلين يتحاورون لشهور وسنوات حول واقعية الدعوة للإضراب وجدوى التظاهر و طبيعة شعار المرحلة .. اليوم أخذت الجماهير زمام المبادرة وأصبح المغرب يشتعل بالتظاهرات والمسيرات والانتفاضات التي اتسعت لتشمل كافة قطاعات الكادحين من عمال وفلاحين وطلاب وتلاميد وموظفين.. اليوم أصبح التظاهر هو لغة الجماهير في مخاطبة نظام الحكم ، يواجهون بكل حزم وثبات كل أنواع العنف والقمع والتزوير والتآمر والمكائد السياسية بما اكتسبت من ثقة في النفس بعد المعارك البطولية التي خاضتها لمدة عشرة شهور متتالية وهو ما ستفعله اتجاه ما سيقوم به الحكام وأعوانهم السياسيين والطبقيين في استخدامه لضمان أن يأتي البرلمان القادم كما يريدون : برلمان إجهاض انتفاضة الشعب .

الاختيار المطروح أمامنا الآن هو معركة مقاطعة مهزلة الانتخابات البرلمانية من أجل تحويلها من مسرحية تلخص الديمقراطية في صوت وصندوق إلى فصل جديد من فصول الانتفاضة تشتبك فيه الجماهير مع تحالف السلطة ورأس المال . إننا لسنا واهمين بشأن البرلمان ، فنحن نؤمن بأن التغيير يأتي من الشارع ، من النضال الجماهيري المستقل ، من المظاهرة والإضراب والاعتصام والعصيان المدني والإضراب العام .... والديمقراطية التي نناضل من أجلها هي الديمقراطية الشعبية المباشرة ، ديمقراطية لجان المصانع والأحياء والجامعات تتحقق بنضال الكادحين والعمال أنفسهم . و لا ينبغي أبدا أن نغيب عن ساحة معركة سوف تكون الجماهير أحد أطرافها في مواجهة جبروت السلطة .. فنرقب المشهد من بعيد وكأننا حكم في مباراة بين الحاكم والمحكوم . لكي تكون المقاطعة مجدية يجب أن تشمل مقاطعة قوى سياسية لها جذور وقواعد وقادرة على خوض معركة المقاطعة التي تتضمن بالأساس مقاطعة صناديق الانتخاب وليس مجرد مقاطعة الترشح أو دعم مرشحين.

نحن لا نختار الظروف التي تجري في ظلها الانتخابات فهي تعبير عن موازين قوى بين أطراف متعددة ، ونحن طرف في هذه المعركة وشريك أساسي في فريق المناضلين والكادحين ... والكادحون أعلنوا مقاطعة هذه الانتخابات في مسيرات حركة 20 فبراير ومختلف التظاهرات الشعبية . ومن بين هؤلاء عمال ومناضلون سوف يخوضون المعركة في مواجهة من يدعون إلى تأجيل النضال والانتفاضة إلى حين رؤية ما ستسفر عنه هده المحطة من إيجابيات ومطامح بتحقيق مطالب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، كما لو كان ذلك ممكنا ، كما لو لم يكن العالم كله ينتفض اليوم ، حتى فيما عرفت بأقدم الديمقراطيات وأعرقها ، بعد أن انكشف زيف الديمقراطية الليبرالية التي فشلت، وكان لابد أن تفشل ، في توفير الحدود الدنيا من العيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لشعوبها .

لسنا ضيوفا ولا متفرجين ولا حكاما في المعارك الجماهيرية ... بل نحن طرف فيها يناضل بين صفوف الكادحين . لذلك فإننا سوف نشارك في هذه المعركة بمقاطعتها سعيا نحو استكمال انتفاضة الشعب ومزيد من الفضح لسياسات النظام ومزيد من الاندماج في أوساط الكادحين فنصبح جزءا منهم ويصبحون جزءا من حركتنا. معركة البرلمان هي واحدة من المعارك التي يجب أن نخوضها مع القواعد العمالية من اجل استمرار بناء المرتكزات التنظيمية والجماهيرية لحركة الشعب ، ودفع النضال الاجتماعي والسياسي إلى الأمام .

في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المغرب ، لحظة ميلاد الأمل في انتصار حركة الشارع ، واجب الاشتراكيين، وواجب كل الثوار والمناضلين أن يبنوا الجسور بينهم وبين الجماهير ومطالب الجماهير. فلننزل إلى ساحة المعركة. ولنناضل من أجل التغيير الشامل في مسار طويل لازلنا في بدايته.

مسارنا واضح : نضال الجماهير من أسفل .. وإلى الأمام يا شعبنا الهمام

#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات