نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب
(Nezar Hammoud)
الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 03:58
المحور:
المجتمع المدني
أرسلت لصديق ٍ مناضل ٍشيوعي سابق أمضى من عمره نحو عشرة أعوام في سجون الحكم السوري التقدمي الوحدوي التحرري الاشتراكي الحالي. أرسلت له أطلب منه أن يفكر جديا ً بالهجرة لكندا حرصا ً على سلامته وسلامة أسرته الصغيرة وعرضت عليه المسكن وكل متطلبات العيش الكريم حتى يقف على قدميه في بلاد "الغربة". وكان أن أتاني منه الجواب التالي:
عزيزي... أنا مشتاق لك جدا ً وكنت أتمنى أن أكون معك لكني أريدك أن تفهم شيئا ً مهما ً جدا ً بالنسبة لي على الأقل: لقد فكرت مرارا ً وتكرارا ً بعرضك السخي وكنت في كل مرة أخلص إلى نتيجة أننا لا نستطيع أن نهرب من مشاكلنا والمخاطر التي تعترضنا وأن ندعها ببساطة للآخرين. من واجبك أن تعطي إذا كنت َ قادرا ً على العطاء. تستطيع أن تتنحى جانبا ً فقط في حال عدم قدرتك على أن تكون مفيدا ً لأهلك وأولاد بلدك! الناس في سوريا تموت ولكن الكثير منهم يسقط جريحا ً أو معاقا ً. هؤلاء الجرحى والمعاقون قد يموتوا إذا لم تتوافر لهم الرعاية والإمكانيات الطبية اللازمة، وهذا جزء مما أقوم به حاليا ً. إضافة لذلك... عندما بدأت الأمور تتأزم... حاول البعض دعم الأسر المتضررة بالخبز أو المال. هؤلاء الناس اعتقلوا أو قتلوا أو أجبروا على العمل بالخفاء أو للهرب خارج البلاد. لقد بقيت أســـر هؤلاء الأبطال، من بعدهم، في حالة من العوز لكل شيء بدء ً من الوقود حتى الخبز وهم بحاجة لمن يقف معهم. لقد بلغت من العمر عتيا ً ولم يعد بمقدوري أن أقدم أكثر من ذلك! إلا أني وكما ترى... مازال بإمكاني القيام بشيء مفيد. هذه سوريا وهؤلاء أهلنا وهذا مستقبلنا. أسألك يا صديقي أن تشاركني ماأفعل وأن تجمع مايتيسر لك من أموال وترسلها كي نساهم سوية ً في هذا المجهود الوطني. إن الأدوات الطبية خاضعة للرقابة الشديدة في هذه الأيام العصيبة والناس لاتستطيع الذهاب للمستشفيات خوفا ً من الاعتقال أو القتل مما يدفع لتهريب هذه المعدات عبر الحدود بأسعار باهظة. كل هذا بحاجة للمال... للكثير من المال. أرجو أن تأخذ كل ذلك بعين الاعتبار قبل دعوتي إلى كندا وأنا بانتظار أخبارك الطيبة.
لم أرسل لصديقي الجواب على رسالته فورا ً... فقد غلبني الدمع والخجل وأنا أقرأ كلماته. لكني قدرت أن نشرها، مغفلة الاسم، قد يكون مفيدا ً لنا جميعا ً ...ولسوريانا.
#نزار_حمود (هاشتاغ)
Nezar_Hammoud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟