ربيعة العربي
الحوار المتمدن-العدد: 3548 - 2011 / 11 / 16 - 14:48
المحور:
الادب والفن
الحقيقة و الشبح قصة قصيرة جدا
ليس هناك مطر و لا حجر ...اليوم لا بداية لأول الغيث و لا منتهاه، و شجرتي ما زالت صامدة هنا تصل الأرض بالسحاب و تغمرني بالعشق... تملأني... توحد بين ذاتي و هذا الكون. يقترب مصطفى باسما...ينتشلني من حلمي.
- أمازلت مدمنة على زيارة هذه الشجرة؟
- و أنت أما زلت مدمنا على هذه الابتسامة العريضة؟
يقف مصطفى بعيدا على غير عادته، تبرق عيناه و تعلو وجهه مسحة من الجد.
- أعرف ما تعنيه لك هذه الشجرة، لكن أود أن أسألك هل هي آخر ما تبقى لديك؟
لم يفاجأني سؤال مصطفى فقد تعود أن يجول في دواخلي و أن يلتقط القنبلة التي أخفيها و يفجرها في وجهي بكل حذق، و كنت أجيبه بكل صراحة عن أسئلته المشاغبة. لكن هذه المرة ألجمني صمتي، فأعاد السؤال. قلت أحاول أن أغير الموضوع:
- ما زلت شابا كما عهدتك. هل كنت تخفي وجهك عن دقات الزمن؟
اقترب مني قليلا و قال:
- و أنت ألم تفلحي في ذلك؟ أرى أن قلم الزمن الأبيض قد عبث كثيرا في شعرك، أما قلمه الأسود فقد فعل ما يحلو له بوجهك و .. و هذا الذي أرى بيدك أهو عكاز؟
قلت و أنا أشيح بوجهي عنه:
- لا شيء يبقى على حاله كما ترى. وحدها هذه الشجرة هي الباقية على حالها. إنها الحقيقة الوحيدة في حياتي، لذلك أزورها كلما سنح لي الوقت بذلك.
و استطردت مازحة:
- إنها تذكرني بك.
علت وجه مصطفى سحابة حزن، و نظر إلى الشجرة و قال:
- نعم لقد التقينا أول مرة قرب هذه الشجرة، لكن هي التي حالت بيننا.
نظرت إلى الشجرة طويلا أحسست بأن جذورها تمتد في داخلي و أغصانها تعانق سمائي و قلت:
- أنت جزء منها، غصن من أغصانها.
لم يجبني مصطفى فالتفت حيث هو فلم أجده. رجعت إلى نفسي لأدرك أنني كنت أخاطب شبحا. رحل مصطفى عن حيي لكن طيفه يأبى الرحيل.
#ربيعة_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟