أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي شايع - ما كان الحوت ذئب يونس ..يا أيها السفير














المزيد.....

ما كان الحوت ذئب يونس ..يا أيها السفير


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 1052 - 2004 / 12 / 19 - 10:36
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


البارحة قُدر لي أن أرى لأول مرة في حياتي هيكلا عظمياً لحوت هائل..
وبعدها بدقائق معدودات رزقت رؤية أول سفير عراقي في هولندا قادم من العراق الجديد!.
كيف اجتمع لي هذا الأمر وتلك الأمنية؟ لا ادري. كنت دعيت مصادفة لحضور حفل مَقدم السفير الجديد.دخلت القاعة منشغلا بهيكل الحوت وبعض حيتان أخرى كانت تسير بين الجمهور.. أكثر الوجوه التي شاهدتها،غريبا، بينها،وجدت نفسي.
اقتربت حيث أضخم عظم أشاهده في حياتي..قلت: اهو قدر ام مصادفة أيضا،ان يكون هذا الحدث اليوم؛ الخامس عشر من كانون الأول. فاللوحة أسفل الهيكل العظمي كانت تشير الى ذات التأريخ حيث اكتشف خفر سواحل مدينة لاهاي موت حوت يزن 1400 طن وبطول 15 مترا..هذا هيكله العظمي إذن وتلك ذكراه.
كان الحفل في المتحف وامتدت أعظم الكائن المهيب لتأخذ جانبا كبيرا من القاعة،حيث رصفت طاولات كثيرة لم تكف المحتشدين،مرّ السفير على بعض طاولات تزاحم عليها الحضور. وأخذني موج الواقفين مثلي دونما كرسي لأجدني في جمهرة شعراء وكتاب ورسام وحيد ارتكنوا قرب ذكرى الحوت.
سألتهم فيم وقوفكم؟. وقبل أن يجيب احد منهم، تهت عميقاً في نفسي الى بيت الشاعر:
وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد
ربما عيون بعيدة لأمرأة أحبها قالت تلك المواساة أيضا..
قلت كيف خيّر لكم جميعا الوقوف في زمن الكراسي والحيتان؟..
التفتُ الى بياض هيكله وما بناه أهل الخبرة، لاحت بعض كسوره مجبسة ببياض أكثر إعلانا وغير مكتوم..وقبل ان يجيب احد منهم عن سؤالي تذكرت المتنبي..
لا تكتُمن داءك الطبيب ولا الصديق سرَّك المحجوبا
لم يجبني من احد، فالفوضى كانت تجيب عن سرّ جلوس البعض وبقاء الأخر واقفا في نسيانه..
القادم أولا،هو من ينال المكان، شعار ديكتاتوري لا حكمة في البوح به الساعة..
ضحكت من قلبي وأسررتها في نفسي وأنا اقرأ على لوحة التعريف ان سنة وصول الهيكل الذي أكاد ألامسه كانت ذاتها سنة الديكتاتور.."على ساحل مدينة لاهاي من عام 1979 وجد هذا الحوت ميتا"..
هل انتحر الحوت؟.. ليقام له نصبا؛هذا المبنى الهائل، قرب مبنى محكمة العدل الدولية..
لتهنأ قرب دار المظالم أيها الحوت..
القاعة تضج،وانا لا اسمع إلا موبي ديك،حوت هنري ميلفل..آه من الروح لك ياهنري ميلفل ..قيل ان روايتك باعها ضمن ما باعه أخ جائع أيام الحصار.. كانت صفراء كأن مسها قمح حقول الدغارة يوم كنت أجوب بها،مسترشدا صوب سنواتك العشر وأنت تكتبها..
فاجأني انتحار الحوت هنا أيها الكاتب الفذ..
وفاجأني السفير..
عشتَ فقيرا معدم المأوى وخلدتك المكتبات الفارهة..حالك هذا حال حوت ألقى حياته على الساحل لتبقى عظامه في المتحف الأنيق.. تدور عليه النادلات بصحون وأباريق لمتعة الرائي..
أيها الحوت..سخرية تلك اشد منها أن الساخر الكبير برناردشو اكتشف ذلك الكتاب المهمل بعد عشرين عاما من موت ميلفل ليطبعه على نفقته الخاصة..
أيها الحوت.. هل أسمعك كل ما كتبه ميلفل في رسالة انتحاره: "موبي ديك..أنت لم تقتل الكابتن آيهام وحده،ها أنت تقتلني أيضا"..
كلاكما انتحر أذن..
ايها الحوت ..ها عظامك قرب الزجاج وهاهو الدميري يعيد عليّ بداية خلقك،وخلقي.. كنتَ وحيدا وها انا وحيد بين حيتان أخرى لا تشبهك.. اسمعه يقول في كتابه "حياة الحيوان" : روينا بالسند الصحيح عن سعيد بن جبير أنه قال: لما أَهبطَ الله آدمَ إلى الأرض ما كان غير النسر في البر والحوت في البحر، وكان النسر يأوي إلى الحوت فيبيت عنده، فلما رأى النسر آدمَ عليه السلام أتى الحوت وقال: يا حوت لقد أُهبطَ اليوم إلى الأرض من يمشي على رجليه ويبطش بيديه، فقال الحوت: لئن كنت صادقاً فما لي منه منجى في البحر، ومالك مخلص منه في البر.
وهذا أنا آتيك بخبر مقدم السفير..
سنرفع بين يديه مظالمنا جميعا..
لم طاردك ذلك البحّار طويلا ؟..هل ظنّك ذئب يونس؟.
ماذا يظنّك السفير الآن؟.
كدت أقول..
ولكن من لي أسأله فيجيبني:
بمن نحتفل الآن.. بحضور سفيرنا العراقي ام بمرور25 سنة على عام الحوت؟..
قلت أهي مصادفة ما ألقى وما أجد؟..ام ستلجئني الوقائع نحو جدوى تصديق العرّافين في بعض ما قالوه عن دخول العقرب في برج الحوت.
وحيدا كيونس في عراء الأعين ووحشة الناظرين" فنبذناه في العراء وهو سقيم"..لم يكن ثمة يقطين فأحتمي به لأن خرجتُ عارياً من الحشد الرسمي..المدينة كلّها خلف ندمي،قلت فلأحرق السفن الآن..العن الحفل ومن فيه..
لكني خفت أيها الحوت المنتحر..
ثمة حيتان غيرك أخشاها..
أوجعتُ أن أراكَ وحيدا وانتصر لصمتي..
أوجعتُ أن أرى النادلات في طوافهن،بالصحون على الموائد..والهدر القادم في قوائم المحاسب بعد حين.. أوجعتُ ان نحتفل ونفرح ولما يكتمل فرح أهلنا هناك..
أوجعت أن لي أشقاء بعدد أخوة يوسف ،لم يعد في دارهم من مكتبة ليبيعها عاطل منهم عن العمل..وليس من يوسف يباع او تلتقطه السيارة..
أيها الحوت.. سيقول شيخ حضر المأدبة تلك، عن حديث صحيح :إن أول طعام أهل الجنة زباد كبد الحوت..فأقول أول طعام عراقي لسلطة حضرنا مجلسها كان رؤية عظامك..
فلأخرج إذن..



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستحق محمود درويش تلك الجائزة؟
- قبل أن يبطشوا بسيد القمني
- الأكراد..والندم الماركسي!
- حين يـُقرأ ُُالشعر من على شجرة
- الى الصحفيين العرب.. بوح عراقي بما يشبه رسالة
- الاستقلال.. بالقدم العراقية
- !اختطاف التاريخ
- المتكرر في النجف بعد ثمانين عام
- استبداد الطبائع
- قمر العرب وشمس 14 تموز
- لعبة التحرير
- ادرأوا الحدود بالشبهات
- -القاسم- في التواد المشترك مع أمريكا
- قالها عكاشة ولم يسمعه من احد؟
- عرب العراق،أم عراق العرب؟!
- بئر سومري
- صحيفة مضيئة
- الانتفاضة الموسيقية !
- بيضة الديك تاتور !
- مقترح لمتحف جديد


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي شايع - ما كان الحوت ذئب يونس ..يا أيها السفير