|
مغرب غد أفضل...
ليلى المصلوحي
الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 09:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أما آن الأوان لننهض بالمجتمع المغربي معا نحو صيرورة التقدم التي يشهدها العالم في المجتمعات المتمدنة أو الحداثية؟ فالمجتمع المغربي يعيش حالة طوارئ وهو بحاجة إلى المساعدة الفعلية و الفورية في جميع مناحي الحياة. يجب إشراك المجتمع المغربي في الوعي الإنساني العالمي، مثلما مطلوب منه الخوض في تنافسية الارتقاء البشري والتدرج الإنساني الحضاري كي يساهم في رقي مجتمعه و الانفتاح على الآخر و لا يمكن تحصيل هذا إلا عن طريق تخطي و تجاوز قرون من التخلف البشري. فالمجتمع المغربي بالنسبة لي هو في وضعية "pause" ، أي في توقف دام أزيد من خمسة قرون . إن المغرب بمختلف شرائحه و طبقاته في معتقده أنه مواكب للتقدم الحاصل في العالم عن طريق العولمة و سياسة الانفتاح، بيد أن ذلك على الأرجح هو ظاهري فقط، أي أنه في العمق مجتمع غارق في التناقضات و متوقف عن الصيرورة المطلوبة عالميا، كما أنه يفتقر إلى الشروط المطلوبة نحو الازدهار و الرقي. من منظوري الخاص، إن محور تقدم المجتمعات هو التخلص من سيطرة المعتقد و الدين و تجنب دمجه مع الحياة السياسية و المدنية بصفة عامة، فسر خلاص المجتمعات هو تشجيع مبدأ الفر دانية، و الحياة الخاصة و المبادرات الشخصية و اعتبار الحياة الدينية مندرجة في إطار الحياة الخاصة، و أن لكل فرد الحق في تبني فكر أو معتقد معين و لكن بمنأى عن الحياة العامة. فالاختلاف في المعتقدات هو شيء أساسي لأي مجتمع كان، سواء كان بدائيا أو متمدنا. إن القول ببناء الدولة الحديثة أو بمعنى آخر "الدولة العلمانية" هي مسالة حيوية من أجل تحرير المجتمعات و تقويمها، فلا يمكن للدين أن يكون الحاكم في مجتمع منفتح على العالم أو يطمح إلى الانفتاح على العالم بأي شكل من الأشكال. ظهر مفهوم العلمانية في أوروبا منذ القرن السابع عشر، و انتقل إلى الشرق في القرن التاسع عشر، و ربما كان ممارسة هذا النوع من الفكر التحرري راجع إلى عوامل كثيرة ما قبل الثورة الفرنسية سنة 1789 م إذ مارس رجال الدين آنذاك ما يعرف بحق الوصاية و تم استغلال السياسة باسم الدين، و أصبح الدين هو قناع تستتر من ورائه نوايا و أهواء القادة السياسيين، يستميلون به عقول المستضعفين من الشعوب. كما أن الكنيسة و قفت في وجه العلم و الاختراعات و الأفكار النيرة و الخارجة عن المفاهيم التقليدية المحدودة آنذاك ، فجاءت العلمانية تعبيرا واضحا عن الحرية و المساواة و الإخاء و نقد التمييز بين بني البشر على أساس الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو الحالة الاجتماعية، الخ. وللحديث عن واقع المغرب الراهن مرة أخرى، أرى أن المغرب لم يبتعد كثيرا عما كان عليه العالم قبل الثورة الفرنسية مع ذكر الخصوصية الدينية و الثقافية. فالدين الرسمي للمغرب كان و لا زال هو "الإسلام"، رغم تعدد الفكر و الأيديولوجيات و المعتقدات في الوقت الحالي؛ فهناك المغربي- المسيحي و اليهودي و اللاديني و الإنساني الخ. كما أن لقب ملك المغرب كان و مازال هو "أمير المؤمنين" و "حامي حمى الوطن و الدين". فكيف للدين أن ينفصل عن الدولة و هو الحاكم و الوصي الأول بامتياز؟ فالصلة إذا بين الدين و السياسة هي جد وثيقة في المغرب. إن الدين و الثقافة أصبحا وجهان لعملة واحدة، فأصبحت ثقافة المجتمع المغربي هي الإسلام و الإسلام عندها هو الثقافة، و هذا الخلط هو كفيل بإضعاف وعي المجتمع سواء المغربي أو باقي المجتمعات العربية و الإسلامية. و أما المغرب و هو الغني بتعدده الثقافي و المقر بذلك في أكثر من مناسبة و في أكثر من منبر و طني و دولي، فهل إقراره بحرية المعتقد سيقلل من شأنه كبلد له تاريخ في المجال الديني؟ أم أن ذلك من شأنه أن يضعف السياسة الداخلية و الخارجية للبلاد ؟ أم أنه فعلا وقع في شراك الخلط بين ما هو ديني و ما هو ثقافي؟ شخصيا لا أنكر أن الدين و العرف هو جزئ من ثقافة المجتمع و لكن هل هذا يعني بأن تحكم الدولة باسم الدين؟ هناك أكثر من تساءل حول وضعية المغرب السياسية- الدينية. فمن بين التساؤلات التي تطرح نفسها باستمرار هي: ألم يتضح بعد أن المغرب بلد يطمح إلى العلمانية و لكنه غارق في شبكة "الدين-السياسي" أو "السياسة الدينية"؟ لماذا لم يستفد من نجاح المنهج العلماني في العالم و يمتعض من فشل السياسات الإسلامية ؟ ألم يحن الوقت بعد للتغيير الحقيقي و الجذري؟ ألم يحن الوقت لتغيير العقليات حول المفاهيم المتداولة المتعلقة بالدين و الجنس و الهوية و اعتبار هذه العناصر داخل نطاق الحريات الفردية للشخص و التخلص من وصاية الدين و محدودية التفكير و إظهار المفاهيم في شموليتها و كونيتها ؟
#ليلى_المصلوحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|