|
سياسة لا تنتج الا المسوخ
ميرا جميل
الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 00:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يجدد بشار الأسد شيئا في تشريع الاستبداد. يذكر التاريخ العربي سابقة ،حين خطب عبد الملك بن مروان في المدينة، قال:"الا وأني لا اداوي هذه الأمة الا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا الا ضربت عنقه". ولكن الشعب السوري يشد خطاه على درب الحرية ولسان حاله يقول مع جعفر الصادق:"لا دين لمن دان بولاية إمام جائر"واليوم صار إمامنا رئيسا للجمهورية السورية!! قال عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي المعاصر إدغار موران والذي يعد أحد رموز الفكر الغربي المعاصر: "الفنون أنتجت مبدعين والسياسة أنتجت مسوخاً". وحين أنظر الى السياسة اليوم،أكاد أنكرها. هذه ليست جامعتنا. اراها خلواً من أي عنصر أخلاقي أيضاً. فهل ستظل السياسة تنتج مسوخاً؟! من المستهجن ان أحزابا عتيقة، كانت يوما ما صاحبة تقاليد ثورية، وفكر طلائعي ، وقادة طلائعيون في فكرهم وثقافتهم وتثقيفهم للجمهور، لا تخجل ان تصير أحزاب جواري ومخاصي، ومروجين لشعارات ملها الشارع: "الاستعمار والصهيونية" ظنا ان زج هاتين الكلمتين قادر على قلب الحقائق، او خلق ردود فعل تسانومية لدعم نظام سفاح ضد شعبه، قتل آلاف المواطنين. ثوريو آخر زمن، ولا أعني فئة محددة بمساحة جغرافية، لا يسمعون ولا يرون. وقديما قالوا "أسد في الشام فأر في الجولان". ووزير الخارجية السوري وليد المعلم أضحكني بتهديد العالم كله بمعداته العسكرية:"التي من الأفضل ان لا يخرجها جيش سوريا الباسل للاستعمال" ولهم عبرة بما يجري في شوارع سوريا من قتل يومي للمستعمرين والصهاينة، حتى اليوم 4000 قتيل استعماري وصهيوني و100 الف أسير من المستعمرين والصهاينة.. وهناك سلاح سوريا ليوم الدين،: سلاح الشبيحة الرهيب، ولمزيد من التفاصيل توجهوا لمستشارة بشار الأسد، السيدة بثينة شعب واحد وتعرف في وثيقة الميلاد ب "بثينة بشعبان". ليتعلموا درسا من "ورطة" إسرائيل بعد قصفها الفرن الذري السوري، كيف قامت طائرات سلاح الجو السوري والمضادات الأرضية، بإسقاط كل طائرات المعتدين، بل وقصفت قلب تل أبيب بصواريخ عابرة للقارات. لذا تعلم الصهاينة والمستعمرين الدرس، وعمليات المقاومة على حدود الجولان المحتل لا تتوقف، والصهاينة هناك يسقطون بأعداد كبيرة كل يوم تقريبا، لدرجة بدأ الصهاينة يستنجدون بالاستعمار الأمريكي ، ليعقد لها راية الصلح مع أسد الشام، وتعلن اسرائيل استعداداها الى الانسحاب الكامل حتى شواطئ بحيرة طبريا...على ان تتعهد سوريا بوقف عملياتها العسكرية في العمق الصهيوني. لم يغب عن بالي ردود فعل المسوخ المصفقين لبشار. والمسوخ أنتجت من هم دونهم في المسوخية.. أناس غير قابلين للحوار. غير قادرين على سماع موقف مغاير. عقولهم في إجازة لا تبدو نهايتها.انتقلنا من ثقافة مبنية على العقل والفلسفة والمنطق الى ضحالة المسوخية. واجهت تجربة سياسية وثقافية مثيرة وغنية في حياتي. وتثقفت بأن لا أتردد في تغيير ما كان يبدو ثوابت وقناعات لا بديل لها، اذا أرشدني تفكيري الفلسفي الى رؤية جديدة . لست ممن يؤمنون بثوابت غير قابلة للتغيير. كل شيء في عالمنا متحرك. كل شيء في حياتنا متغير. ما هو صحيح اليوم قد يكون خطأ غداً. والإنسان بدون تجربة يبقى مثل المادة الخام.. جاهزاً لاستعمال الآخرين له. لا أتردد في طرح رأيي ولو أثار غضب ألمسوخ السياسيين والشبيحة الإعلاميين والمدعين للمعرفة. على الأقل عقلي ليس في إجازة. إذا أخطأت أستطيع ان اعرف خطأي وأصوب تفكيري. يرى موران أيضا أننا مازلنا نعيش في العصر البربري للأفكار، إذ عادة ما تكون أخطاؤنا نتاجاً لصيغة مشوهة لتنظيم المعرفة. ولذلك يبدو الفكر المركّب وحده هو الذي سيمكّننا من جعل معرفتنا حضارية. والفكر المركب، حسب رؤيته... يتأرجح بين التطلّع إلى معرفة غير مختزلة والاعتراف بنقصان وعدم اكتمال كلّ معرفة. ليت الجالسين في مراكز القرار السياسي، يفكرون بهذا المنطق. الويل لمن يظن أن المعرفة هي قسمته والآخرين مجرد كومبارس في جوقتهم. المعرفة نسبية، فلماذا يدّعي رجال السياسة انهم يعرفون كل شيء، ويعرفون اتجاهات التطور؟ ولماذا نرى ان المثقفين غير الناضجين، يقعون بنفس الهيكلية التافهة للمعرفة الكاملة؟ كان الطلائعيون من القادة السياسيين، مثقفون متنورون، واسعي الإلمام والمعرفة، مجتهدون متابعون لكل التطورات التاريخية والثقافية والاجتماعية في عالمنا، وهم ابرز ممثلي الفكر والرؤية التنويرية في مجتمعاتهم. انتهى دورهم دون ان يعدوا جيلا جديدا. هنا كانت زلتهم الكبيرة. وحدث الفصل بين السياسي والثقافي مع وصول من ملأوا الفراغ. وهذا الفصل بين الثقافي والسياسي أنتج مسوخا ، تصلح للتصفيق. والمسوخ لم ينتجوا الا سياسة مشوهة.. وكل مدع لاكتمال المعرفة، يتيه في أول أسطر يخطها. وكل الأحداث التي نعيشها تؤكد مرة بعد أخرى ان السياسة لا تحتاج الى سياسيين محترفين، يمارسون الدجل، انما الى أدباء وشعراء وأصحاب فكر وفلاسفة ورجال علم. رجاءً لا تصدقوا الدجالين.. لا فرق بين زعيم فلقة حزبية، او تيار طائفي، أو رئيس دولة. احذروا: اذا لم تصيروا مسوخا للنظام السوري ستتهموا بالعمالة للاستعمار والصهيونية!!
تورنتو - كندا [email protected]
#ميرا_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موضوع خطير..؟!
-
نزيف الدم القبطي - سيكون بداية لسقوط الثورة المصرية !!
-
الهم الكبير
-
كي ننشئ جيلا منتصب القامة
-
قصة : سر الخروج من مصر
-
هل صارت اسرائيل دولة ملالي ؟
-
قصة : اليقين والايمان ...
-
حوار مع المفكر الفلسطيني الدكتور أفنان القاسم حول خطته لإقام
...
-
الحوار حول خطة د. افنان القاسم
-
خطة الدكتور أفنان القاسم لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي اضا
...
-
من أجل حركة نسوية عربية
-
الله يفرِّج عن الحزب الشيوعي وخصوصا عن جريدة -الإتحاد-!
-
قصة : رجل ...!!
-
الامبراطورية لا تستجيب للنداء
-
من النصر الإلهي عام 2006
-
النمو الاقتصادي .. كطريق إلى الديمقراطية
-
صحيفة - الوقت- البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:العالم الع
...
-
علمانية للتنوير .. وعلموية للتخلف !!
-
النهضة المشلولة والأوهام الخارقة...
-
العقم الفكري في التفكير الاستعلائي
المزيد.....
-
بعد 45 عاما.. العراق يعتقل قتلة رجل الدين الشيعي محمد باقر ا
...
-
إمدادات الغاز الروسي عبر -السيل التركي- إلى أوروبا تصل لأعلى
...
-
شاهد كيف كان رد فعل أسرة الأسير الإسرائيلي الفرنسي عوفر كالد
...
-
-كلفتنا دموعا ودماء-: تهديد ترامب لقناة بنما يثير ذكريات الم
...
-
الموت يغيّب أسامة الخليفي، أيقونة -الربيع العربي- في المغرب
...
-
تفاقم العنف والاختطاف في اليمن يعصف بالمساعدات الإنسانية
-
دراسة تكشف علاقة الذكريات الغذائية بالإفراط بالسمنة
-
الصحة السودانية: مقتل العشرات في هجوم الدعم السريع على سوق ب
...
-
الحرس الثوري الإيراني يعلن أنه سيكشف عن انظمة صاروخية ودفاعي
...
-
برلماني مصري يطالب الدول العربية بالتوجه إلى مجلس الأمن ردا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|