|
شعبنا الفلسطيني لا يريد هذا النوع من السفراء
إبراهيم عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3546 - 2011 / 11 / 14 - 22:50
المحور:
القضية الفلسطينية
د. إبراهيم عباس
جدة
قبل نحو عام أو عامين عينت سلطتنا الفلسطينية عددًا من السفراء الجدد في الخارج لضخ دماء جديدة في السلك الدبلوماسي الفلسطيني الذي يفترض أنه واجهة حضارية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة . والحقيقة أن أملي في أن تكون طواقمنا الدبلوماسية الجديدة أكثر رقيًا وأكثر تفاعلاً مع الجاليات الفلسطينية في الخارج قد تبدد مع ما ترامى إلى سمعي من حكايات غريبة تناقلها الركبان حول سفاراتنا في الخارج ، وهو ما يتناقض مع ما يفترض من مهام لتلك السفارات يأتي على رأسها ، إلى جانب العمل على تطوير علاقات الصداقة والتعاون في شتى المجالات مع تلك الدول ، بحث قضايا الجاليات الفلسطينية فيها والعمل على حل مشكلاتهم وفتح أبواب تلك السفارات لهم والإصغاء إلى ما يقولونه ويرونه. وأنا شخصيًا لي تجربة غير سارة مع السفارة الفلسطينية في الرياض عندما كان الأخ رفيق شاكر النتشة (أبو شاكر) سفيرًا. فقد اعتادت الهيئة الإدارية للكتاب والصحفيين الفلسطينيين – وكنت أحد أعضائها- الاجتماع في مقر السفارة بشكل دوري مع كل شهر جديد، وتصادف ذات مرة انني استأذنت مدير مكتب أبو شاكر للذهاب إلى دورة المياه لحين مجيء السفير ، لكن عندما عدت فوجئت بأن أحد موظفي السفارة ممن كانوا جالسين في الغرفة يعبث بحقيبتي ويتفحص محتوياتها ، واستغربت لهذه الوقاحة وسألته باستنكار ماذا يفعل ، فقال أنها دواعي أمنية! . وتساءلت بمرارة من أين يأتون بهذه النوعية من الموظفين (البلطجية)؟ وما هي الأسس التي يتم بموجبها تعيين الموظفين في سفاراتنا في الخارج؟ هذا الكلام أطرحه هنا بمناسبة ما علمته مؤخرًا حول الاعتداء على الطالب أحمد زياد شعث رئيس الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين في باكستان الذي تعرض مؤخرًا لضرب مبرح من قبل يد خفية ذكر لي أحد أقاربه بأنها تمت بصلة للسفارة الفلسطينية في باكستان ، تحديدًا السفير د.حازم أبو شنب .
وصحيح أن هذا الشاب نجل صديق وزميل قديم أعتز بأخوته وصداقته هو د. زياد سليمان شعث ، إلا انني آثرت التأكد من الخبر ، واطلعت في سياق البحث على صورة أحمد وهو طريح السرير وفاقد الوعي في مستشفى إسلام أباد ، حيث أجريت له عملية في أنفه الذي كسر أثناء الاعتداء عليه. بالطبع تألمت كثيرًا لهذا الحادث المؤسف ، وتساءلت : من هو د. حازم أبو شنب؟ .. أنا أعرف والده د. حسين أبو شنب الذي كان صديقًا للوالد – يرحمه الله – وكل ما أعرفه عن د. حسين أنه على خلق، وأحد رجالات الثورة الفلسطينية الأوفياء. لكن ماذا عن ولده ؟ .. ولده د. حازم – وفق محرك البحث- أستاذ علوم سياسية في جامعة الأزهر تم تعيينه سفيرًا في باكستان عام 2009 بعد وفاة السفير السابق، وهو عضو المجلس الثوري لفتح ، وكان الناطق الرسمي باسم الحركة في قطاع غزة والناطق باسم الرئاسة ، وواضح أنه – حسب تحليلي وظني- بهذه الألقاب منافس للدكتور زياد شعث الذي تبين أنه جرى التلاعب في التصويت له في انتخابات المؤتمر السادس لفتح ، والكل يعرف أبعاد هذا التلاعب الذي حرمه من الفوز في انتخابات المجلس الثوري .
في المذكرة التي أعدها مكتب الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وأرسلت إلى الأخ د. جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لفتح تفاصيل حول واقعة مؤسفة قام بها السفير أبوشنب في حق طالب جامعي فلسطيني في باكستان كان بصدد إجراء دراسات عليا . وهذه الواقعة تقدم الدليل على أن ثمة خلل في موضوع السفارة الفلسطينية في إسلام أباد يتمحور حول علاقة السفير بالطلبة الفلسطينيين هناك.
ما حدث للطالب أحمد زياد شعث حسب رواية زملائه أنه استدرك من قبل رجل فلسطيني واختطف من قبل خمسة آخرين حيث أوسع ضربًا بما أدى إلى أصابته بعدة جروح وكسور في جسمه ووجهه .
والغريب أن السفير أبو شنب نفسه تم الاعتداء عليه في باكستان بتحريض من مدير المخابرات الفلسطينية في 18/10/2011 ، وذكر موقع (اخبار بلدنا) الأردني الذي نشر هذا الخبر أن المقدم مأمون هاشم رشيد مدير العلاقات الدولية في جهاز المخابرات الفلسطينية قام بتحريض ضابط أمن في السفارة الفلسطينية في باكستان على الاعتداء على السفير أبو شنب (بالشتائم) . وذكر المصدر أيضًا أن هذه الممارسات تحظى بدعم وتأييد ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية برام الله ، وهو جزء آخر من هذا المشهد المخزي لما يتم في بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج.
واقعة ضرب الطالب أحمد أشار إليها شاهد عيان اسمه خليل أبو ليلة ذكر إن من بين الخاطفين شخص من عائلة أبو شمالة . وقال أبو ليلة أن السبب في الخطف والضرب أن أحمد هو رئيس اتحاد الطلبة وقد هدده السفير عدة مرات بسبب موقفه من تأخر السفارة في تجديد إقامات الطلبة الفلسطينيين وحيث دأب السفير د. حازم على أخذ أختام السفارة معه أثناء السفر بما ينجم عن ذلك من مشكلات للطلبة الفلسطينيين لاسيما على صعيد تجديد إقاماتهم ، علاوة على عدم السماح لهم بدخول مبنى السفارة، على حسب شهادة أبو ليلة التي قرأتها في موقع (شبكة فلسطين للحوار). والواقع أن تلك الشكوى ليست الأولى من نوعها ، فقد قرأت عدة مقالات للأخ د.فهمي شراب تتحدث عن مظاهر الفساد في سفاراتنا في الخارج ، ويمكن الإطلاع على بعضها في صفحة د. شراب على (الفيس بوك) ، أو بالبحث عن د. شراب في (جوجول). وليسمح لي القارىء العزيز بعرض هذا المقتطف من مقال له له بعنوان "قبل أن نهرم.. من يتصدى لفساد سفارات فلسطين؟ أرفق معه بعض الوثائق كدليل على ما يحدث في تلك السفارات ، ويتم ويستمر بلا مراقبة ولا محاسبة ولا عقاب. يقول الأخ شراب في هذا المقتطف :“سفير وجد مِن فاعلي الخير مَن يغطي رسوم أولاده في أرقى المدارس الخاصة، رغم فقر الدولة المضيفة، ويريد في نفس ذات الوقت أن يحصل على تغطية من الرئاسة والمبلغ 25 ألف دولار ( خمسة وعشرون ألف دولار أمريكي)، فيكون بذلك قد علم أولاده مجانا ويكون بذلك حصل على تغطية بقيمة الرسوم الدراسية، أي يُعَلِم أولاده بالمجان، ويحصل على مال وفير من الموازنة الفلسطينية التي ندوخ ونتوسل الدول المانحة و الاتحاد الأوربي بشروطه المهينة، من اجل دفع رواتب الموظفين وغيرهم، وعندما علمت المؤسسة بغرض السفير من وراء طلبه ورقة إثبات بتكاليف الرسوم ، رفضت ، فثار واخذ يزمجر ويرعد ويزبد، وهجم على المؤسسة وسب كل من فيها وقال لهم أنا ابن غزة وابن شوارع ولا يغرنكم أني سفير”.
للأسف أن مثل هذا يحدث في العديد من سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج . السؤال ينبغي أن يوجه للرئيس أبو مازن نفسه: هل تتناسب هذه الممارسات والتجاوزات مع الجهود التي تقومون بها في مجال النضال الدبلوماسي ؟ ولماذا الصمت حيال هذا النوع من الفساد الذي يعطي صورة معيبة للقضية ولمن يفترض أنهم يدافعون عنها في الصفوف الأولى؟ .
قبل أن أختم أذكر بأنه على إثر الدور الذي قام به القائد الرمز أبو عمار – رحمه الله- في نقل الخميني والعودة معه من فرنسا ، كافأت إيران الفلسطينيين بمنحهم مقر السفارة الإسرائيلية ليكون مقرًا لسفاراتهم حيث عين الأخ هاني الحسن أول سفير فلسطيني هناك . لكن لم تمض بضعة أشهر حتى تغير الموقف الإيراني بعد أن لاحظ الإيرانيون أن موظفي السفارة يسهرون حتى ساعة متأخرة من الليل في لعب الشدة(الكوتشينة)!.
مثال آخر على هذا النوع من الخطايا التي ترتكبها قيادتنا في حق الوطن والقضية عندما تتهاون في هذا النوع من الأمور ، انني تعرفت على أحد الإخوة قبل نحو 3 سنوات من بيت الكالوتي وقيل لي أنه مستشار فاروق قدومي الذي كان يقود في ذلك الوقت حملة فاشلة لاستعادة دوره وموقعه في فتح . وحدث أن الدكتور أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتجية وجه له الدعوة بناء على القيام بالتعريف بينهما لإلقاء محاضرة حول الشأن السوري في أحديته الشهيرة باعتباره سفير سابق لفلسطين لدى السويد. وقد استغرب الجميع من تلك المحاضرة التي لم تتجاوز ورقة أو ورقتين واستغرقت أقل من خمس دقائق! . وهو ما لاحظه أحد الحضور ، فكان رد الرجل عبارة عن مداخلة استغرقت أكثر من نصف ساعة!.
تساؤلي الأخير: هل يا ترى سنسمح بأن تستمر هذه المهزلة (الدبلوماسية) في زمن مغاير وظروف يفترض أنها لم تعد تسمح بهذه الممارسات والتجاوزات المعيبة؟ . *صحيفة المدينة السعودية
#إبراهيم_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|