أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الموقف الديمقراطي - العدالة وكيف تدار ؟















المزيد.....

العدالة وكيف تدار ؟


الموقف الديمقراطي

الحوار المتمدن-العدد: 238 - 2002 / 9 / 6 - 06:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

أثار اعتقال الأستاذ رياض الترك الأمين الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري و عضو قيادة التجمع الوطني الديمقراطي والدكتور عارف دليلة والأستاذ حبيب عيسى ورفاقهم ومحاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة العليا ، أثار تساؤلات عن الأسباب والدواعي الحقيقية ، غير المعلنة ، للاعتقال والتوقيف وعن القوانين والأنظمة التي تحكم مسيرة العدالة في بلدنا ومدى تطابقها مع المبادئ القانونية والحقوق الطبيعية للبشر ، ومدى كفايتها وضمانها لمحاكمة عادلة لمعتقلي الرأي إن بالمعايير الوطنية أو بالمعايير الإنسانية والدولية .

من حق الناس أن يعرفوا كيف تدار العدالة في بلادهم ، وأن يعرفوا المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها كل منهم حتى ولو كان بعيداً عن الهم السياسي ، ففي الدولة الأمنية كدولنا ، كل إنسان مدان وتحت الطلب حتى تثبت براءته بتقرير أمني .

لقد سارت الأمور على النحو التالي :

1 ـ تم اعتقال رياض الترك من قبل عناصر من الشعبة السياسية دون مذكرة قضائية وبطريقة تشبه الاختطاف فقد أخذ من عيادة طبية في طرطوس ، واعتقل حبيب عيسى من منزله بعد أن اقتحمت دورية الأمن السياسي فجراً غرفة نومه ، واعتقل الدكتور كمال اللبواني تحت غطاء استدعائه على عجل لإسعاف مريض .

بعد  ذلك قامت الشعبة السياسية بالتحقيق معهم ونظمت الضبوط ، بدون تعذيب جسدي ، مغطاة بقرار من نائب الحاكم العرفي ـ وزير الداخلية بتحويلهم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا ، وقدمتهم  موجودين إليها ثم استجوبهم قاضي النيابة في المحكمة المذكورة وقرر الاستمرار بتوقيفهم  و إيداعهم سجن الأمن السياسي المقتطع من السجن المركزي بدمشق ، ولم يسمح لهم بالاستعانة بمحام ، عدا الأستاذ رياض الترك الذي رفض الإجابة على أسئلة قاضي النيابة قبل حضور محاميه .

2 ـ في البداية وضع المعتقلون الثمانية في غرفتين ، أربعة في كل غرفة . وبعد أيام أعادت النيابة العامة استجوابهم  ليفاجأوا  بأن آلة تسجيل تلتقط أحاديثهم على مدار الساعة وأن أشرطتها أفرغت وقدمت للنيابة العامة التي نظمت ادعاءً لاحقاً بحق بعضهم رغم أن القانون يمنع هذا الأسلوب في الحصول على معلومات أو اعترافات ، ولا يعطى للتسجيلات أي قوة ثبوتية ، فكان حرياً بالنيابة العامة أن لا ترفض الأخذ بمضمون هذه التسجيلات وحسب ، وإنما ترفض استلامها أصلاً.

 

3 ـ ادعاءات النيابة العامة على الثمانية متماثلة وهي :

           ـ الاعتداء الذي يستهدف تغيير دستور الدولة بطرق غير مشروعة.

         ـ الدعوة لعصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور.

         ـ نقل أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة.

         ـ ذم و تحقير رئيس الدولة وإثارة النعرات الطائفية.

لا أحد في سورية يصدق مثل هذه الاتهامات أو يقف عند هذه الادعاءات التي هي ليست إلا طريقة لتنفيذ قرار سياسي باعتقال عدد من الرجال برزت أسماؤهم فيما عرف بربيع دمشق ، وذلك لإجهاض الحركة الديمقراطية الناشطة وترويع وتخويف المجتمع ودعاة الديمقراطية والتغيير.

ولنلاحظ أن النيابة العامة في محكمة أمن الدولة العليا تجمع في آن واحد صلاحيات الادعاء والتحقيق والاتهام ( وتشارك سراً بإصدار الأحكام ) وهي صلاحيات يقوم بها ثلاثة قضاة منفصلون في القضاء العادي ضماناً للحيدة والتجرد والتخفيف من احتمالات الخطأ.

وقد أرفق مع ضبط استجواب كل من المعتقلين ثلاثة تقارير مغفلة من التوقيع ، بلا رقم وبلا تاريخ ، واضح أنها معدة مما يسمى بالأجهزة الخفية علماً أن القانون لا يعطي مثل هذه الأوراق الغفل أية قيمة ثبوتية لأنه يشترط أن يحمل الضبط أسماء وتواقيع منظميه .

4 ـ تم عزل الموقوفين بعضهم عن البعض ، و وضع كل واحد منهم في غرفة منفردة وخصصت لهم زيارات لأقاربهم الأقربين مرة كل أسبوعين ، كانوا يحرمون منها أحياناً بداعي خلل في التنسيق بين الشعبة السياسية التي تشرف على المعتقلين وترعاهم وبين إدارة السجن وفعاليات المحاكمة ، كذلك حرم الموقوفون من فسحة الحركة و                التعرض للشمس والهواء الطلق ومؤخراً نقلوا إلى زنازين منفردة ، واشتكى الدكتور البني للمحكمة من روائح كريهة تنبعث من زنزانته تصل به لحد الإقياء ، وشكى الدكتور دليلة من ضربه على وجهه لرفضه التوقيع على إفادة لاحقة معتبراً أن مهمة الشرطة ـ و الضابطة العدلية قد انتهت ، باستجوابه أمام نيابة أمن الدولة ، وأن الضرب سبب له نزيفاً أوجب نقله إلى المشفى كونه يتناول أدوية مميعة للدم بسبب التهاب وريد يعاني منه .

وعندما ذكر الدكتور دليلة هذه الوقائع أمام هيئة المحكمة ومحامي الدفاع أجابه رئيس المحكمة بأن لا علاقة للمحكمة بما هو خارج القاعة !!! ولا سلطة لها على دار التوقيف !!!

وقد تقدم محامو الدفاع بطلب لهيئة المحكمة لتحسين معاملة الموقوفين وتأمين بعض الوسائل الضرورية على حسابهم الخاص فأحال رئيس المحكمة الطلب إلى الأجهزة الأمنية وكان مصيره الرفض.

في المحاكم العادية يعتبر رجال الشرطة ـ ضابطة عدلية ـ تؤازر قضاة النيابة والتحقيق وتعتبر السجون                ودور التوقيف تحت إشراف القضاء ضماناً لحياد دار التوقيف وعناصرها ولعدم تعرض الموقوف لمعاملة قاسية أو مهينة أو تعذيب جسدي أو نفسي.

لم يسمح للمحامين بالانفراد بموكليهم قبل استجوابهم من قبل النيابة العامة وللاتفاق معهم لتحضير الدفوع، خلافاً للقانون الذي يلزم إدارة السجن بتهيئة الجو للمتهم بالانفراد بمحاميه بعيداً عن سمع موظفي السجن وإن تحت بصرهم.

5 ـ خضع المعتقلون لعملية ترغيب وترهيب بقصد فصل حالة كل منهم عن الآخرين وكسر صمودهم وطلب الشفقة والرحمة ، خاصة اطلاعهم على التسجيلات وتفريغاتها ، والتي ذكر الموقوفون أنها نظمت بطريقة التقطيع والتوصيل وتحريف واجتزاء الكلام وحرفه عن مواقعه وسياقه بنية الإيقاع بصاحبه وعلى مبدأ ( لا تقربوا الصلاة ) مع سطوة قانون الطوارئ التي تحوم فوق الجميع معتقلين ومحامين وأمامهم رأس الذنب المقطوع.

وقد سمّت الأجهزة الأمنية شهود الحق العام واستمعت النيابة لبعضهم ووضعت إفادتهم ضمن ملف كتب عليه عبارة ( لا يفتح إلا من قبل رئيس المحكمة ). هذا الأمر مثير للاستغراب في التعامل القضائي ، لأن القانون أوجب علانية المحاكمة ، وتلاوة كل أوراق الدعوى علناً.

بعض الشهود لم تدون أقوالهم . يبدو أنها لم تعجب النيابة العامة ، وبعض الشهود لم يستمع إليهم أصلاً.

طلب أحد محامي الدفاع دعوة شهود الدفاع فرفضت المحكمة طلبه وهو أمر غير قانوني لأن من حق المتهم أن يدلل على براءته ويثبتها وينفي التهم المنسوبة إليه ومن واجب المحكمة أن تستدعي وتستمع لشهود الدفاع.

6 ـ  رفضت المحكمة طلب المتهمين ووكلائهم تحقيق علانية المحاكمة والسماح للجمهور والصحافة حضور الجلسات ، وعللت رفضها بضيق المكان ، وكون العلانية محققة بحضور ذوي الموقوفين ومحاميهم . رغم أن علانية المحاكمة جزء من حق الدفاع الذي كفلته كل الشرائع والقوانين بما في ذلك قانون محكمة أمن الدولة .

لقد تجاهلت المحكمة بشكل طاغ الأصول والقانون ومحامي الدفاع ، فالمحامون لا يسمح لهم بدخول مبنى المحكمة حتى يأذن الرئيس بذلك ، فيتجمعون في الطريق تحت شمس الصيف أو يجلسون في المحال التجارية المجاورة حتى السماح بالدخول المقصور على المحامين المذكورة أسماؤهم في سند التوكيل . وفي قاعة المحكمة لا يسمح لهم بالتحدث إلى الموقوفين إلا بإذن الرئيس وحضور ضباط وعناصر الأمن . وعلى ضبوط الجلسات كان كثير من كلام الموقوفين لا يدوّن ، وكان الاستعجال في نظر القضية ملحوظاً وغير مبرر .

7 ـ طعن محامو الدفاع في مشروعية المحكمة لأنها غير دستورية وعلى هذا كان رأي الفقيه المرحوم نصرت ملا حيدر الرئيس السابق للمحكمة الدستورية ، لأن أحكامها لا تقبل الطعن مع أنها يمكن أن تصل إلى الإعدام ، خلافاً لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولمبادئ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي أوجبت أن تكون المحاكمة عادلة ومنصفة وعلنية بواسطة محكمة  مختصة ومستقلة وحيادية و طليقة الرأي لتقطع في صحة كل تهمة جنائية توجه لأي كان . وطعن محامو الدفاع بالشبهة في حياد المحكمة كون رئيسها وأعضائها وممثلي النيابة جميعاً أعضاء في حزب البعث الحاكم ، خلافاً لقانون السلطة القضائية الذي منع القاضي من الاشتغال في السياسة والمجاهرة بآرائه السياسية ضماناً لاستقلال القضاء ووجوده على مسافة متساوية بين المتقاضين .

8 ـ ما كان بوسع أحد من رجال القانون والقضاء والمحاماة أن يتوقع أو يخمن الحكم الذي سيصدر بحق المتهمين ، لأن المتعارف عليه بين هؤلاء أن محكمة أمن الدولة محكمة سياسية وأحكامها سياسية أيضاً وخاضعة لتصديق نائب الحاكم العرفي الذي بمقدوره إلغاء الحكم أو تخفيضه بقرار إداري وغير قضائي ، لذلك فإن صدور الحكم ومقداره ومصيره متروك للموقف السياسي .

ليس بمستطاع أحد أن يفسر التباين في مدد الحكم ( الدكتور عارف دليلة عشر سنوات ، وليد البني وحبيب عيسى خمس سنوات لكل منهما ، حبيب صالح ثلاث سنوات ، رياض الترك سنتان ونصف ..). هناك قناعة عامة بأن المحكمة لا تقرر الأحكام بل جهات أخرى خارجها و وراءها عدا ما يلاحظ من انحياز واضح من المحكمة ضد المعتقلين وضد من يمثلهم ، مثلهم في ذلك مثل عناصر الأجهزة التي تغص بهم قاعة المحكمة .

تعرف الأوساط الحقوقية والقانونية أن محكمة أمن الدولة العليا (وكذلك المحاكم الاستثنائية الأخرى كالمحاكم الميدانية ) ليست جزءاً من السلطة القضائية ، بل أجهزة مهمتها تنفيذ أوامر السلطات النافذة بإصدار عقوبات ترتدي لبوس الأحكام القضائية .

لقد أساءت هذه المحاكم إلى سمعة البلاد وإلى القضاء وألحقت الظلم بالألوف تجريماً وإعداماً .

يحتاج نظامنا القضائي لإصلاح شامل ، ولا معنى لأي إصلاح لا يبدأ من إلغاء محكمة أمن الدولة العليا والمحاكم الميدانية وإعادة النظر بما صدر عنها من أحكام وفقاً لمعايير العدل والإنصاف وإصلاح الضرر الذي لحق بضحايا هذه الممارسات .

إن فصل السلطات واستقلال القضاء وحياد القاضي وعدم تحزبه وضمان حق الطعن في الأحكام وحق المتهم بالطعن بقرار توقيفه وتوكيل محام يختاره بنفسه وحريته بالاتصال بمحاميه على انفراد وضمان سرية محادثاته ورسائله مع محاميه وعدم تعريض الموقوف لغير المعاناة الملازمة لحرمانه من حريته واختيار القضاة حسب معايير الكفاءة وضمان استقلال القاضي وتأمينه من العزل والنقل وافتراض البراءة لكل منهم والإقرار بحق القضاء بالتحقيق في أي ادعاء بانتهاك حقوق المتهم والسجين في أي مرحلة من مراحل الدعوى كلها أمور لا مناص  منها ليكون قضاؤنا نزيهاً ومنصفاً ، ولا يكتمل ذلك إلا بوقف العمل بحالة الطوارئ ، وتفعيل علانية المحاكمة ليعرف الناس كيف تدار العدالة في بلدهم و ليكونوا شهوداً على سير المحاكمات .

 

الموقف الديمقراطي
نشرة يصدرها التجمع الوطني الديمقراطي في سورية
 العدد 78  ...  آب 2002

 


 



#الموقف_الديمقراطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض ملامح السياسة الداخلية في العامين الماضيين


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الموقف الديمقراطي - العدالة وكيف تدار ؟