أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الأمـــــوات















المزيد.....

الأمـــــوات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأموات
"جميعنا من الأموات, وقد اصبحنا في عالم اخر منقرض زمنيا." هذا الكلام ليس من عندي, وليس مزحة سمجة اطلقها أوهلوسات لغوية , وليس من هرطقات المشاغبين والثرثارين والمعارضين المتشائمين الذين لا عمل لديهم, والتي تصادفهم يوميا على الشبكة العنكبوتية. تلك الجملة هي للعبقري الفذ البرت اينشتاين عالم الفيزياء والذرة وصاحب النظرية النسبية المشهورة الالماني اليهودي والامريكي لاحقا, والذي رفض عرضا لان يصبح رئيسا للدولة العبرية في الوقت الذي نرى فيه بعض المخبولين والمعتوهين والمنبوذين يحاولون الانقضاض على آخرين وازاحتهم من السلطة ليتربعوا محلهم, ويمارسوا الفجور والفسوق السياسي اياه وبلون شمولي آخر ,متسلحين باوهام كهنوتية منقرضة وهم في واقع الحال لايتقنون جدول الضرب اوأبجديات السياسية الابتدائية, بعكس المخ اللوغاريتمي الحاسوبي الاسطوري الذي حمله اينشتاين العظيم واعرض عن الزعامات الزائلة ,ونرى بعضا آخر متشبثا بالسطة والكراسي بأسنانه واظافره وشعاره الجماهيري الثوري الاستفشاري المعلن "من القصر الى القبر".وما علينا نحن من هذه الامور المزعجة, ولنرجع الى ذلك العبقري الفذ الذي حاولت احدى الجامعات الهولندية ان تشتري دماغه بعد الموت لترى اي نوع من الامخاخ هذا الذي كان لديه وتستكشف سره وروعته وعظمته وتفرده.اينشتاين وفي معرض كلامه وشرحه عن نظرية النسبية, اكد وبشكل علمي قاطع فكرة ان الكون في حركة مستمرة ومتسارعة لاتهدأ, واننا وبالنسبة لاجرام وكواكب اخرى ومجرات لامتناهية اصبحنا في زمان ماض وبعيد, لان حركة تسارع تلك المجرات والكواكب الاخرى تسير اسرع بكثير من حركتنا ولذلك اصبحت في زمن كوني ابعد, وسبقتنا بسنوات ضوئية فلكية بينما نحن مازلنا في زمن سحيق بالنسبة لهم وهذا الزمن متباعد وطويل جدا بحيث لا يمكن اللحاق بهم. لاننا لا يمكن ان نعيش حتى نصل لذلك الزمن ,وبالتالي تكون هي ايضا بحكم التسارع قد وصلت الى زمن اخر, وهكذا في متوالية متصاعدة لاتنقطع ولا تتوقف ابد, فقد اصبحوا في زمن مستقبلي آخر. ولذلك نحن – بالنسبة لتلك الاجرام والكواكب-- في حكم الاموات تأريخيا,فهم وعلى سبيل المثال قد قطعوا 10000 سنة ضوئيةبينما لازالت مجرتنا في السنة ال6000 وهذا يعني وجود 4000 سنة فرق وتخلف زمني بالنسبة لهم.ان كلام هذا الرجل – برأيي --على الاقل منطقي ومقبول حتى الان , لان العلم الحديث والاكتشافات العظيمة بنيت على اساس من نظرياته,وهو كان يجري حسابات رياضية وفلكية ومعادلات ليخبرنا انه من الان وبعد كذا دقيقة او ساعة او يوم او شهر اوسنة سيصطدم هذا النيزك بذاك الشهب او الكوكب بالآخر , وكانت كل حساباته تثبت صحتها ودقتها.
والان لو سحبنا نظرية النسبية على حياتنا في هذا الجزء القاحل الماحل المتهالك المتعارك والمصاب بالخرف والشيخوخة والانهاك الجماعي الشامل , والمنته الصلاحية الزمانية والمكانية, واجرينا مقارنات ومقاربات مع عوالم اخرى موجودة بالقرب منا ولصيقة بنا, وليس في مجرات خيالية بعيدة اخرى لوجدنا انه وببساطة "الله يرحمنا جميعا".ولاننا اصبحنا في زمن بعيد انسانيا وحضاريا ومدنيا عن الاخرين. وفي مجالات الحياة المختلفة.
ففي الوقت الذي يتصالح الجميع مع الجميع وتعقد الندوات والمؤتمرات والورش والابحاث لاحداث التجمعات السياسية المنسجمة والمتناغمة والمتناسقة والتفاهم والحوار, وقد وصلت تلك الامم الى مراحل متقدمة من الاندماجية والذوبانية ,مع الاحترام والاعتبار للمصالح الخاصة والظروف المميزة لكل واحد,نرى قبائل التخلف والتشرذم والانفصال المخجلة تؤجج نار الخلافات والصراعات واشعال نار الفتن والضرب على اوتار الماضي الفاني الذي يجب ان يبقى حاضرا وموجودا ولا يبارحنا ابد. والكلام عن خصائص خاصة جدا وثوابت لايمكن تحريكها والتنازل عن فجورها وعهرها وقباحتها ووساختها, وكل شيء من حولنا يتبدل ويتغير ويتطور ويخضع لمبدأ البضاعة الجيدة تطرح البضاعة الفاسدة, لا بل تصر البضاعة الفاسدة بشكل فاجر ان تبقى في الميادين لا بل تطرح البضاعة الجيدة وتبعدها وتصادرها.
وفي الوقت الذي خطت فيه البشرية خطوات جبارة في مجال انظمة الحكم والقوانين الوضعية المتبدلة والمتطورة وما نسمعه ونراه يوميا عن انتخابات واستفتاءات واقتراعات وتداولات للسلطة, وخروج هذا الحزب الحاكم من السلطة وتحوله للمعارضة ,ودخول فئات واحزاب وافكار جديدة اصبحت حاجة ضرورية ولازمة وانعكاسية حقيقية للواقع, اكثر من كونها رغبة سلطوية حالمة, وتشكيل احزاب جديدة ,وحل اخرى, وحسب رأي اينشتاين اصبحت في حكم الميت ولا تغني او تسمن من جوع بل تشكل عائقا ومانعا في طريق التطور والتغيير, ونرى انظمة شاخت وترهلت ويبست وتيبست وهزلت وبان عجافها وهي من مخلفات الحقب الهيراركية والشمولية الستالينية العدمية والدولة الدينية السلفية والرعوية والمشاعية البدائية العجائزيةالاولى. واصبحت ايضا هي الاخرى هياكل عظمية مومياءاتية محنطة ومتكلسة ومتحجرة وصدئةغير قادرة على الحياة, ولا يمكن دفنها في نفس الوقت وهنا لب المشكلة, وضاعت وتاهت وضلت السبيل الحق في تفسير وشرح فقه بدعة الاصلاح الدخيلة الطارئة على مجتمعاتنا المحافظة الشريفة, التي ابتدعها كفار السياسة الصليبيين ودعاة حقوق الانسان الملاعين الاشرار.
وفي الوقت الذي اصبحت فيه المرأة زعيمة سياسية ورئيسة وزارة متناوبة ووزيرة وبرلمانية وسفيرة ومتحدثة وناطقة رسمية –لايزال البعض يعتبر صوتها عورة-- ورئيسة احزاب ليبرالية وديمقراطية وبيئية ومحافظة واشتراكية, ورائدة فضاء تجوب الكون والمجرات البعيدة وتشكل ثلاثة ارباع النشاط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ان لم يكن كله, و وجنرالا عسكريا تأمر الرجال فينفذون,وحاربت وانتصرت في "المنازلات الكبرى", وتقدم الحلول والاقتراحات نراها عند الذين سُبقوا بملايين السنين الضوئية اسيرة وحبيسة افكار باليات ومهترئات ومندثرات ولا ينظر اليها الا كعورات ومخفيات ومخبوءات وناقصات وفقيرات ومفتقرات ومعتقلات في قلاع مغلقات باحكام كسبايا ازمنة الحروب البدائية المتوحشة. اليسوا هؤلاء وحسب النظرية النسبية في حكم الاموات بالنسبة لاولئك البشر الذين اضحوا في مجرات وازمنة متقدمة ومختلفة كليا ولا مجال للمقارنة معها؟
وفي الوقت الذي اصبح العالم حوشا صغيرا, في حارة ضيقة, في قرية صغيرة,واصبح الانترنت خبزا وسكرا وملحا لا يمكنك ان تبدأ يومك بدونه, وحرية الاعلام و الصحافة,السلطة الرابعة فعليا, اصبحت بعبعا يخيف ويرعب ويزلزل الحكام الاقوياء الشرعيين ويقض مضاجعهم كتوني بلير, وبوش,وشرويدر, وثاباتيرو, وبيرلسكوني, اضافة لوجود منابر عامة وفي الشوارع كمنبر الهايد بارك الاشهر لسب الحكام وتعريتهم ونقدهم والتعبير الحر المطلق عن الرأي ,وبغض النظر عن هذا الرأي ومستواه وصحته,نرى التفنن في كم الافواه والمنع والزجر والصد والسياسات التشفيرية والردعية والاسكاتية والوصائية الارشادية والاغلاقية الظلامية المثلى,وحين يصبح الدخول الى الانترنت وتصفحه جريمة يعاقب عليها القانون ويزج بمرتكبيها بالسجون التي اصبحت الحلول الوحيدة والوصفة السحرية السريعة لكل المشاكل العالقة, فمن المؤكد ان هذه العينة العجائبية المدهشة والنادرة من البشر هم من المأسوف عليهم والمنتقلين بسلام وطمأنينة الى العالم الآخربالنسبة للآخرين الذين تجاوزوهم بآلاف السنين الضوئية وما ادراك ما السنين الضوئية وان لله وانا اليه راجعون.
والمقياس النسبي ينطبق وينسحب ايضا في الاقتصاد الذي وصل الى مراحل خرافية ومعقدة وارقام خيالية واساليب وانماط متطورة جدا,ومناطق حرة شاسعة ومفتوحة واعفاءات وتسهيلات وتحفيزات واستثمارات ومبادرات فردية خلاقة ’ بحيث اصبح الشاب بيل غيتس وبمجهود فردي وبعرق جبينه وعقل عبقري مدهش وفذ, وليس باساليب نصبوية واحتيالية وشفطوية ونهبوية جهنمية كافرة وخزائن مستباحة وثروات مسفوحة, اغنى واشهر من كل اللصوص والحرامية والنشترية الشموليين الدوليين الامميين المشهورين والعصيين على الانتربول الدولي بسبب تمتعهم بالحصانة الديبلوماسية ويتمترسون خلفها. ومازالت الاقتصاديات المتهالكة والميتة المتفسخة المتحللة الرماد تسير بالمبدأ الاقتصادي الشهير في هذه المجره البدائية الاولية الا وهو"على بركة الله".
ونحن بالنسبة للآخرين -- وطبقا للمشاكس المخترع اينشتاين وليس لي دخل انا بالموضوع ابدا -- اموات بكل شيء طالما تخلفنا عن اناس اخرين اصبحوا في مجرات وفضاءات وازمنة اخرى ارحب واكثر نورا والقا وضياء ,عاشوها قبلنا وخرجوا من مجرات الظلام ومروا في دروبنا الوعرة الزلقة شديدة الانحدار والخطرة والتي تحمل كل اسباب الموت والفناء والعدم. ورحم الله امواتنا وامواتكم جميعا. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. وبانتظار النفخ في الصور السلام عليكم جميعا.

الامـــــــــوات...................يرحمهم الله. آميـــــــن.

نضال نعيسة صحفي سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى
- المعصومون
- الحضاريون الجدد
- اللعب في الوقت الضائع
- الحوار المتمدن ........عفوا
- الثورة العالمية الثالثة
- سوق عكاظ .........الالكترونية
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الأمـــــوات