أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - اسامة نعيسة - حقيقة الأنتماء















المزيد.....

حقيقة الأنتماء


اسامة نعيسة

الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


شارع طويل يطيب التنزه فيه مخصص للمشاة والدراجات ........ في البعد لاح وجه معروف ل"سليم" ...حاول التهرب منه حتى لا يلتقي به ... لكن بعد فوات الأوان ..... لمحه صاحبه" صهيب" الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة ود ومحبة وهو يسارع الخطى للقاء " سليم" .
-كيف الحال ياأخي – تعال نجلس قليلا ونشرب فنجان من القهوة ..ز من زمان لم نراك؟
تأفف "سليم " محاولا التملص وهو يقول: إني مشغول الان ي"صهيب" مرة أخرى نلتقي ونجلس ؟
بائت محاولته بالفشل ووجد نفسه جالسا في مقهى لبلدة شمالية قريبة من القطب الشمالي للكرة الأرضية مقابل "صهيب" وبدون مقدمات اخذ "صهيب الحديث وعن كل شيء .. الطقس والحياة .. و. . والنساء والعمل دامجا حديثه ببعض الذكريات من هنا وهناك .......
عندما سافرت من ميناء" ينبع " المصري وجدت المقاعد المهيأة للركاب على سطح السفينة عبارة عن مساند حديدية ولم تستوعب كل البشر المحشور هناك وبقي البعض منا واقفا طوال الرحلة التي استمرت عدة ساعات ... بعد فترة نزلت ابحث داخل السفينة عن مكان اشتري منه مأكولات فقد عضني الجوع ورافقني شخص اسمر الوجه قصير القامة عندما دخلنا إلى صالة السفينة .. فوجئنا بالصالة المضاءة والمقاعد الجلدية الوثيرة والسجاد المفروش على مدار القاعة ...... عالم أخر ... أما الفسحة المتوسطة في القاعة كانت مجالا للرقص وكانت هناك قلة من الركاب وكلهم يحمل الطابع الأوروبي ... شعرهم أشقر وعيونهم زرقاء وطوال القامة .... بعضهم يأكل ما لذ وطاب والبعض يرقص.... وهم في أتم راحة وانبساط ؟
تطلع إليه "سليم" قائلا: ياأخي خلصنا .. ماذا تريد قوله؟
لكن "صهيب" لم يرد عليه وتابع حديثه كأنما يتكلم مع نفسه.
- فوجئنا بموظف على ما يبدو مكلفا بمراقبة الركاب والمتطفلين عليهم يطلب منا الانسحاب ... فهمنا أننا من غير المرغوب فيهم في هذا المكان لأننا لسنا شقرا ولا عيوننا زرقا؟
- سحبت صاحبي المنكود بلونه وقصر قامته ...و عروبته إلى الخلف وأنا اجر معه الخيبة وحاولت تهدئته بكلمات مبحوحة مغصوصة مختنقة.... وبدأ صوت"صهيب" يعلو مرتفعا قائلا:
- - صعدنا الدرج الحديدي .. خائبين مقهورين نحمل كل الآلام القرون والعقود الماضية وال 67..و73 والقدس عروس عروبتنا..... من السطح بدت لنا بوضوح أضواء ميناء ايلات قريبة زاهية كأنها في عرس وفي الطرف الآخر أضواء خافتة خجولة كأنها تحاول الاختباء للعقبة ولمدينة سعودية ولميناء ينبع الذي خرجنا منه...... يا أخي.... يعشش الظلام في نفوسنا وفي حياتنا ... أذلاء في كل الأزمنة الغابرة والحاضرة على أرضنا وفي الغربة ....... ودائما نلقي باللوم على الآخرين؟
- يئز في دماغي المهترئ صوت"سميح القاسم" مرددا ومطالبا بان نقاوم والى أخر رمق أن نقاوم ...
- وضع يده على رأسه وهو يهزه ....
- كيف ياسميح .... سامحك الله هل أستطيع أنا صهيب المتشرد في أقصى الأرض أن أقاوم؟
- نظر إليه "سليم" بملل – خلصنا يا أخي ..من تشاؤمك وسو داويتك ما ذنبي أني التقيتك اليوم؟
- كان صاحبي – تابع" صهيب" كلامه كأنما لا يعنيه ما سمعه من "سليم"- منفعلا يلعن ويسب كل ما يخطر على باله وهو يشد على كل كلمة ينطق بها.... كان عليهم أن يكتبوا ممنوع دخول العرب و ... والكلاب ... واخذ يلقي بلعناته على كل العرب وعل حكامهم...ضحكت وأنا أتطلع من اليمين إلى الشمال .. عسى أن لاتكون هناك آذان تتنصت علينا ..... ونحن في بلد غريب ..عفوا... في بلد عربي شقيق ..... تعلمنا ونحن صغارا بأننا أمة عظيمة وتراث هائل من الحضارة والشهامة والعدل والنخوة ...خلف ظهورنا ؟
- تساءلت وان فوق العبارة التي تمخر البحر الأحمر بكل انسياب... مرمي ككيس من البصل اليابس .... هل ...نحن كذلك ؟
- يا أخي نحن لا نعرف إلا ..الممنوع. ممنوع استعمال الراديو؟... ممنوع مشاهدة التلفزيون على محطة باشا العربي ... ممنوع الكلام عن جمعية الإنقاذ الصنوبري أو حزب غربلة الرمل ... وكل مخالف متهم بإخلال الاستقرار والعمالة.. وعقوبتها تصل إلى سحب أحقية المواطن في الحياة تحت عباءة الأنظمة العظيمة ؟...
- وبدون سبب أخذ "صهيب" يردد:
- موطني...موطني... مازال موطني مركزُأ للصمود والتصدي ..لم يصمد بلد في التاريخ مثل صمود ه؟
- لماذا أتكلم بهذه الطريقة ...-وابتسم بخبث-. قد أكون مدفوعا من قبل الإمبريالية ...والله يعلم بأنني مواطنا مخلصا ولا أعرف ماهي الإمبريالية قد تكون هؤلاء الشقر والعيون الزرق ... أشكالها جميلة وخاصة نسائها... لكننا شعب تعود أن لا يرفع عيونه فوق حاجبه .......هكذا تعلمنا .....وهو شعور مترسخ في أعماقنا وأنا شخصيا......مطيع لهذه التعاليم .......ولكني أحيانا أصاب بهوس تحليل الأقاويل والأحداث والشعارات ... و أخالف التعاليم والممنوعات المقدسة.... وهذا ما أوصلني إليه الحال... لكن على حكامنا أن يفهموا إننا كائنات حية تصاب أحيانا بالهذيان والخبل؟؟
- كان لي صاحب فكر ذات مرة بصوت مسموع بقي بعدها في أحد الأمكنة المخصصة للكفار ة عن الذنوب .. ولكن لا أجزم بأنه الان يشعر بخطئه الذي اقترفه؟؟
- تطلع"صهيب ببلاهة نحو"سليم" قائلا:
- آسف لقد نسيت عن ماذا كنت أتكلم ...شطت الأفكار بي ..آه.. طبعا... كنا مرميين فوق سطح السفينة بدون شراب أو طعام وأردنا بكل وقاحة أن نبحث عن لقمة نسد بها جوعنا .. حاولنا أن نجتاز مقاما غير مقامنا .. طردونا .. ما هذا الأمر العظيم ؟ .. هذا نصيب المتفذلكين ومحاولات النط فوق الأماكن التي وضعونا بها كأبناء بارين ومدجنين... كان علينا الصبر عدة ساعات وليكن يا أخي يوم يومان .. ليس هناك من أحد يموت من الجوع في هذه الأيام .. أو كان علينا أن نحمل معنا صرة- زوادة- قبل السفر .. ؟
- أما لماذا نحن مسافرون وأين كنا والى أين نحن متجهون..؟
- ابتسم "صهيب" بمرارة وهو يقول .. نعود إلى أين..؟ مازلنا مسافرين منذ ذلك التاريخ وحتى الان .. وقد فقدنا الأمل بالعودة؟
- هل أصابك الملل يا"سليم"
- أجاب "سليم " بضجر : لاحول ولاقوة إلا بالله ياخي خلصنا؟
- سأكمل حديثي حتى ولو تركتني وحيدا هنا؟
- عندما قررت الهرب .... سافرت إلى بلد عربي . لقد تذكرت بعد قراري .. أن بلاد العرب اوطاني .. لجئت إلى إحدى الدول العربية الأفريقية وحاولت عند وصولي أن أجد الحدود البعيدة للأغنية "تتطوان" لكني لم أجد أحدا يعرف أين هي - تتطوان- هذه إلا بصعوبة ......المهم انه بعد أن هبطت الطائرة على المدرج لم أجد هناك فرقا بين بلدي وذلك البلد... الشعارات الرائعة في كل مكان والإمبريالية هناك... أيضا يحاربونها .... وعندهم أعداء اكثر من الشعب والصور - ياخي - ... هي نفس الصور التي عندنا لكن الوجه اختلف؟
- قلت عسى أن يكون هذا خيرا ... على الأقل سيفهمون بأننا أيضا شعب مدجن وكلنا في الهوا سوا...... وان بلاد العرب اوطاني .. الله يذكر تلك الأيام ولا يعيدها ... هربت مرة أخرى حتى وجدت نفسي على سطح - العبارة- في البحر الأحمر ... تحيطني أربع دول ثلاثة منها بلاد العرب اوطاني ودولة نسمع عنها الكثير وهي سبب المصائب والبلاء...؟
- ستقول بان هناك الآلاف مثلي كلهم حمقى ولسانهم طويل والعالم يعج بهم ... لماذا تكبير الرأس ؟
- هل لديك مليارات ؟
- هل لديك مخابرات؟
- من نحن –يا أخي- ليس لدينا لادبابات ولا مليارات ولا مخابرات.... كل ما عندنا أننا نفكر أحيانا وبحماقة يصوت مسموع وفي اغلب الأحيان بصوت غير مسموع ؟
- والله... أني لا استغرب لشعب من الأغنام تحكمه مجموعة من الذئاب ؟
- هذا- الرسو- ابن حرام خربط عقول العالم وبعض قفشاته وصلتنا .... قد تقول.. ما علاقة هذا . بما أحدثك عنه.. طيب.. اسمع ... دفن أحد العجول –عفوا-... أبنائه نفايات نووية في أرضنا... لم نفهم عندها بأنه لو لم تدفن عندنا....... لما استطعنا أن نتعرف على علم الذرة إلا بالكتب والمجلات ..... القليل منا علق وانتقد......: مازال بعض منهم لم يفهم هذه البديهية البسيطة والواضحة وضوح الشمس .... ومازال البعض منهم لم تصحوا رؤوسهم اليابسة التي تضعف صمود شعبنا المقاتل ضد الإمبريالية والصهيونية ؟
- هنا شعر "سليم" بأن "صهيب" قد تعب قليلا ... فاستغل الفرصة .. وقام معتذرا ... لكن ... في لحظة كالبرق حولت ابتسامة ارتسمت على وجهة " صهيب" إلى وجه ملاك....
- نحن خائبون.... نحن مثل قشرة البطيخ تافهون...... ونحن منخور ون منخور ون كالنعال ..... نحن جيل القميء والزهري والسعال ... نحن جيل الدجل والرقص على الحبال

رددها "صهيب" بكل هدؤ وببطء وبصوت خفيض...
قال"سليم"
اسمع أليست هذه مقاطع من قصيدة نزار؟؟؟
اطرق "صهيب" رأسه ولم يجاوب؟
وبينما " سليم" يغلق الباب الخارجي للمقهى وراءه تذكر بان نزار كان واحد منهم أيضا......؟



#اسامة_نعيسة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصلاح السياسي هو الاساس وهو البداية؟
- الجانب السري والمظلم من تاريخ البشرية ؟
- هل الفلوجة درسا لمن لم يعي الدروس بعد؟؟
- الخوف والجنون في عصر الاضطهاد والانحطاط؟؟
- ?الخوف والجنون في عصر الانحطاط
- العلم عند اصحاب العلم؟؟
- اشكاليات الحرية والديموقراطية في سوريا
- مذا بعدالسجن والاعتقال ؟
- ثمنا لحرية العقل والكلمة؟
- سوريا الى اين
- مابين نارين- الحقيقة والخيال


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - اسامة نعيسة - حقيقة الأنتماء