|
الله ... بعيدا عن الأنبياء والفقهاء والوسطاء
أحمد عفيفى
الحوار المتمدن-العدد: 3541 - 2011 / 11 / 9 - 08:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الله بدون الأنبياء والفقهاء والوسطاء، بدون النصوص المدلسة المكرسة المأفونة، بدون الكهانة والدجل والرجم بالغيب، بدون النسخ والتكرار واللغط وحمال الأوجه، بدون الستة أيام التى يجب أن يخلق فيها الأرض والسماء، وكأنه عامل بناء يحتاج للوقت والراحة، بدون الجبر والقهر والفرض، بدون القتل والجهاد والاستشهاد، بدون تحليل ذى الحافر وتحريم ذو الظلف، بدون الطواف حول حجر وتقبيل حجر ورجم حجر، بدون الحيض والنفاس والنكاح، بدون إنقاص عقل المرأة وتعوير صوتها وجسدها، بدون حف الشارب وترك اللحية، بدون نحر القرابين وتكفير الآخرين، بدون اللاهوت والناسوت والكهنوت، بدون عقدة الجنس وغول الترهيب، بدون الملا والأمام والآية، بدون حراس العقيدة والمعبد والهيكل، بدون عرش ذى أطيط يحتاج ثمانية لحمله! بدون جحيم مقيم وصكوك غفران، بدون أن يقايض ويشترى من المؤمنين أنفسهم، بدون أن يأمر المترفين أن يفسقوا فيها، بدون أن يرسل صواعق وصرخات وريح صرر عاتية، بدون طيرا أبابيل وحجارة من سجيل، بدون لعنة أو غضب، بدون انتقام ومكر، بدون أن يقبل الجزية عن يدهم وهم صاغرون، بدون أن يتقاسم خمس الغنائم كرجالات المافيا، بدون أن يخلق الإنسان تارة من طين وتارة من ماء مهين، بدون أن يختار شعب أو يتحيز لأمة، بدون أن يخلق الأعضاء ثم يأمر بختانها، بدون كلمات غامضة مبهمة لا بيان فيها كالغرانيق والخرّاصون وأبّا، بدون أطفال تتكلم فى المهد أو تخرج من بطون أمهاتها بغير رجل، بدون بقر ولغط اصفر فاقع لونه لا طائل من ورائه، بدون عشر وصايا تكتب فى أربعين يوما، بدون نبى لا يجيد الحديث فيتخذ أخاه يشدد به أزره، بدون أنبياء يسارع لهم فى هواهم، أو يرفعهم إليه بعد ثلاثة أيام، بدون بقعة واحدة قاحلة يصر على إرسال رسالاته كلها إليها، بدون حوانيت الكهانة وقنوات الصرف الفضائى، بدون العين بالعين والحر بالحر والعبد بالعبد، بدون أن يخلق المرأة ثم يقرها فى بيتها، بدون الحاخامات والباباوات والملات، بدون التيمم بالتراب صعيدا طيبا، بدون أن يشكو ويتوسل ويلعن، بدون أن يشم رائحة الشواء ويتقلب فى ثلاثة اقانيم، بدون أن ينزل المن والسلوى ويعد العشاء الأخير، بدون الرقيق والجوارى وملكات اليمين، بدون متى ومرقص ولوقا ويوحنا، بدون اشعيا وارميا وملاخى، بدون السيف والسبى والنهب، بدون أن يهتز عرشه كالأرجوحة للقاءات المثليين، بدون تخاريف البخارى ومسند مسلم وموطأ مالك، بدون حشر السيخ والهندوس والبوذيين فى النار اجمعين، بدون الشيعة والخوارج والسنيين، بدون أن يصلى على نبى دون النبيين. بدون كل هؤلاء الأنبياء والفقهاء والوسطاء والسفهاء، بدون كل تلك الأشياء وغيرها، ربما كان ليبدو الرب جميلا وساميا، متسامحا ومتساهلا، بشوشا ودودا، رحيما وعطوفا، صديقا وصدوقا، يخلق ويرحم، يغفر ويصفح، يهب ويمنح، يهب الحياة والحرية والحب، يمنح التكافوء للرجل والمرأة، يهب من يشاء البنات والبنين، ويخلق أطفالا بالصحة موفورين، وعلى الحياة مقبلين، يبتسم ولا يغضب، يتفهم ولا يلعن، يتعالى ولا يمكر، ينصح المترفين بالتقوى ولا يأمرهم بالفسق، يرسل الريح بالخير لا بالصواعق، يخلق ولا يدمر، يهدى ولا يبطش، يقنع ولا يقمع، يحب كل الناس ولا يتخير او يخير احدهم، يخلق نعيما ولا يصنع جحيما، يتدخل لتتوازن الحياة لا لترتبك الحياة، يحترم العقل والخصوصية وحرية الإرادة البشرية، يرضى عن نيوتن واينشتين وباستير لأنهم قدسوا الحياة وحافظوا عليها واحترموها، يشجع الموهبة ويبارك موزارت وبيتهوفن وتشايكوفيسكى، يشيد بدافنشى وآنجلو وبيكاسو فى تمجيد الإرث البشرى، يفخر بغاندى وبوذا وكل المتسامحون المصلحون، يشكر كتاب الكلمة على إمتاع وإفادة الناس، يدعم صناع الصورة على توثيق وتأريخ الحياة وإسعاد الناس وتخليد تجاربهم وتاريخهم البشرى. ربما لو أحب الناس الحياة فقط، دون تهديد ووعيد ووعود، ربما شكروا الله عند كل طلّة شمس، وعند كل خفقة قلب، وعند كل دفقة نفس، وعند كل مرمى بصر لا يحده بحر أو سماء، وعند كل ارض خضراء تمتد فترسل فى النفس راحة وطمأنينة، وعند كل قطرة مطر تداعب وجوههم، وعند كل دأب بشرى يكلل بالنجاح. تبا للأنبياء والفقهاء والكهنة والوسطاء، ممن تكاثروا وتقاتلوا على الرب، فتقاسموا اسمه وإرثه، وتناوبوا على بيعه وإرساله للناس ممثلا مشوها، فوكلوا أنفسهم ووسطوا أنفسهم، وورطوا الله والناس بجدلية لا تنتهى، وجعلوا من الله والناس متلازمة ستوكهولم، بدلا من متلازمة الخلق الإلهى والإرادة البشرية، جعلوا الناس يخافون بدل أن يحبون، ملئوا عقولهم بالرعب والجحيم، جعلوا الله يغضب ويبطش ويلعن، قسموا الناس وكفروهم، وحاصروهم وأثخنوهم، وعلى أنفسهم قسموهم، فلا هم سالمون ولا هم مسالمون، هم مزدوجون ومحرومون وراغبون، وفى منتصف الليل لأنفسهم ما شاءوا يبيحون، طالما الله بعيدا ومختفيا والوسطاء نائمون أو غافلون، أو لكراهيات جديدة يحضرون. جسد الرب يباع بحفنة من الدراهم والدنانير، على المنابر والمذابح والمعابد والمصارف، وروح الله تنشر كل يوم مع الغسيل القذر للأنبياء والفقهاء والكهنة. وخمسة عشرة قرنا من الإيمان، كانت جديرة برب، بعيدا عن هوس الأنبياء وخرف الفقهاء وسفاهة السفهاء.
#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إما أن الله أحمق ... أو أن محمدا ميكيافيللى
-
الله ... أحمق كذبة عبر التاريخ
-
لا شىء مراوغ ... أكثر من حقيقة واضحة
-
عزازيل - سيرة ذاتية 1
-
محمد يحكم من قبره
-
حب الموت وكراهية الدنيا
-
مناعة شرسة أم قناعة شرسة
-
لعنة الله
-
المرأة مقدسة والجنس ليس غول
-
إعادة قراءة للدين والحياة
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|