أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الأضحى والتضحية بأحرار سوريا وحرائرها














المزيد.....

الأضحى والتضحية بأحرار سوريا وحرائرها


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3538 - 2011 / 11 / 6 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يكن من السهل تغيير ثقافة عامة منتشرة وأمر مألوف لدى الناس بتقديم القرابين البشرية استرضاءً للآلهة المتوهمة، وتسكيناً لغضب الطبيعة التي عبدها الناس في حضارات الزمن القديم اليونانية والرومانية والفرعونية وغيرها، إلا بمعجزة خارقة وقدوةٍ بالغة الحجة مقنعة، جاءت عبر أبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام حين رأى في المنام أنه يذبح ولده، الذي انصاع للذبح دون تردد باعتباره أمراً إلهياً، وكأن الوالد يحدثه عن شجرة يابسة يريد قطعها مخاطباً إياه: افعل ماتؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين. وكانت تتمة التغيير بالفداء الرباني له بذبح عظيم بديل عن اسماعيل عليه السلام، الذي شكل تغييراً تاريخياً في حياة الناس أجمعين باستبدال التضحية بالإنسان أياً كان بالحيوان الذي يذبح في وقت معلوم تخليداً لحدث تاريخي في التاريخ الإنساني بإلغاء القرابين البشرية لآلهة مزعومة ومتوهمة.
ورغم أن الناس بعمومهم يزعمون الإيمان بالله وحده، وأن ابراهيم أبوهم الذي التقت عليه الديانات السماوية التي قدّست حياة الإنسان وكرمته ومنها الإسلام الذي جعل زوال الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل امرئ مسلم، فإن مانشهده من إراقة للدماء في سوريا بات أمرأً مألوفاً عند القتلة، وبآلاف المناظر المروّعة والرعيبة ليوتوبات وفيديوهات يذبح فيها الناس أطفالاً ونساءً ورجالاً لمطالبتهم بالحرية والكرامة، وكأنهم يُقدَّمون قرابين لآلهة مزعومة من شعارات كاذبة مضلّلة وزعامات قامعة وقاتلة على فالق من الأرض تتهددنا بالزلازل والدمار وتتوعدنا بالحريق وخراب الديار، إحياءً لثقافة ماتت واندثرت وإرضاءً لأصنام بشرية في الشام وكأنها تريد أخذنا إلى ماقبل آلاف السنين من وهم الخرافة وشعوذة الآلهة.
روح الأضحى وحقيقته الحفاظ على حياة الإنسان وكرامته أياً كان، ولكن واقعنا يشير إلى إحياء الطقوس والمظاهر، وقتل الروح التي كانت من أجلها التضحية. ومن ثم فليس عبثاً أن يأتي وقوف ملايين الناس في عرفات بالتزامن مع عيد الأضحى من كل عام من مختلف الثقافات والألسنة في تظاهرة سلمية كبيرة يلبسون فيها ثياب الإحرام والتجرد، يُحرّم عليهم أي شكل من أشكال العنف بحق الإنسان والحيوان وحتى النبات، وتتجسد بينهم قيم المساواة الإنسانية، تأكيداً على نموذج للحياة البشرية تستلهم منه درس المحبة والمؤاخاة والسلام، وهم يسّمعون في فضاءات الموقف صدى الإعلان النبوي الإنساني والعالمي في خطبة الوداع في عرفات: أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم.
وعليه، فإن ما يريد النظام السوري بما آل إليه إعلان حربه على شعبه أن يقنعنا به أن الأرض محمولة على قرن ثور وأنه مزلزلها، وأن الآلاف التي قتلها وقضت في سبيل حريتها وكرامتها هي ضحايا العصابات والتآمرات من المندسين والمندسات، إنما هي قرابين استقرار سلطته وسلطانه والعائلة المقدسة، ويريد أن يبقينا في عهد الزعيم الأب المقدس والابن القائد الأشوس، القائم على فالق من الأرض والممسك بسوريا الأرض والناس أن تزول. ولكن هل يستطيع أن يقنع السوريين بالبقاء معه بهذه الخزعبلات والضلالات وقد خرج ماردهم من قمقمه بعد أكثر من أربعين عاماً من القهر والاضطهاد والنهب والفساد محققاً أروع وأنبل الأمثلة في العصر الحديث لثورة قرر معها السورييون إسقاط النظام ورحيله ومهما كانت القرابين والتضحيات.



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة شاليط ورد وشوك
- المسيرات العفوية للمنحبكجية
- مندس سوري قادم من زنزانة إسرائيلية
- كلمة إلى المجلس الوطني السوري
- صطيف جندلي الحمصي أم ستيف جوبز الأمريكي
- الشعب السوري أقوى من قامعه ومؤيديه
- لادراسة ولاتدريس حتى يرحل الرئيس
- مابين القارورة الليبية والشبيحة السوريّة
- شهداء بالملايين
- الانتفاضة السورية العظيمة وفريضة الوقت
- نظام التشبيح والشبّيحة
- يالله ارحل يابشار
- فتشوا عن النظام السوري
- النظام السوري يمهد بممارساته للتدخل الدولي
- النظام السوري يبرر التدخل الأجنبي
- كلام في صميم الثورة السورية
- قطار النظام السوري والإعلام الكاذب
- كلام السيد المهري من عاصمة بني أمية
- مابين جمعة ارحل ولا للحوار
- نداء السوريين هيهات منّا الذلة


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الأضحى والتضحية بأحرار سوريا وحرائرها