علي الخليفي
الحوار المتمدن-العدد: 3537 - 2011 / 11 / 5 - 22:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الله يتضور جوعاً على أطراف ممالكه المؤمنة ولا تفلح ملايين القرابين التي تُقدم له وبإسمه في يوم الذبح العظيم هذا في إنقاذه, لاتفلح كل هذه القرابين في إسكات صرير أمعاءه الإلهيه الذي يتصاعد, ويتصاعد, فيملأ فضاءات سماواته وأرضه وتسمع صوته كل مخلوقاته الآدميه والغير آدميه, ولاتعصم من سماع صوت ذاك الصرير إلا أذان عباده من المسلمين الذين طغت أصوات ضحكاتهم وصخب أفراحهم بالأعياد على صوت صرير أمعاءه البائسة.
يتصاعد صرير أمعاء ذاك الإله البائس فيتحول إلى حشرجات تغص بها حناجر عشرة ملايين إنسان مُعرضين للإنقراض على مرمى حجر من حدود ممالكه الله المؤمنة والشديدة الإيمان, وتطغى على أصوات تلك الحشرجات أصوات المُهللين والمُكبرين الذين يطوفون ببيته المُكفن بالسواد ,ويتقاتلون على مصافحة يده القُدسيه وتقبيلها بتقبيل ما تبقى من قطع بحجم بعر الآرام من حجر نيزكي متفحم تقول وصايا من وضعه هناك أن من صافحه فقد صافح الله.
أنهار من الدماء تجري في كل مكان من ممالك الله المؤمنة ,ملايين من الخراف تُجز أعناقها في هذا النهار ,وعشرات الملايين من أطنان اللحم تغص بها بيوت وكروش المؤمنين الأتقياء بينما عشرة ملايين إنسان يواجهون الموت ولا يحتاجون إلا لشربة ماء نظيفة أو قطعة خبز لتحفظ لهم حياتهم.
يصرخ الله في سمواته .. جُعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني , ويظل يتلوى وهو يردد تراتيله تلك التي يتلقاها عنه الخطباء والفقهاء ليعيدو إلقاءها على مسامع المؤمنين به من على منابر الإيمان دون أن تطرق قلب أحد منهم , ولا يجد ذلك الإله من عباده المؤمنين الأتقياء من يستجيب لتضرعاته في حين يهب الكفرة والملاحدة الذين لايؤمنون بوجوده لنجدته ولإطعامه وسقايته وتطبيب جراحاته الكثيرة , ودون أن يسألوه أن يمنحهم مقابل ذلك أنهار خمره أو عسله أولبنه التي تجري من تحت جنته.
ـ في دراسة أُجريت في رمضان الماضي عن معدل إستهلاك اللحوم في دولة آل سعود المُقدسة ,أتضح أن كل أسرة تذبح من أربعة إلى خمس خراف في أسابيع الصيام الأربعة تلك, ويمكن تعميم هذه النتيجة على بقية مشيخات الخليج وبعض الدول الأخرى الشبه موسرة من بلاد الإيمان .
في يوم التضحية هذا الذي يعده المؤمنون عيد لفداء الإنسان يُقدم أكثر من مليوني حاج أكثر من مليوني ضحية لأتمام مناسكهم المُقدسة, ويُجز عنق خروف واحد على الأقل في كل بيت مؤمن يمتلك القدرة على ذلك ,ولو قمنا بحسبة بسيطة لنعرف المبالغ المدفوعة كثمن لهذ الأضاحي لأدركنا أن هذه الأمة المؤمنة كان بإمكانها بالتخلي عن قليل من أنانيتها ,وبالتخلي عن الكثير من عبطها, وبتركها لعادة تقديم القرابيين المتوارثه من عصور الجاهلة , كانت تستطيع إنقاذ أرواح عشرة ملايين إنسان من بني البشر .
بلايين الدولارات ينفقها هؤلاء الحجيج لمتابعة القيام بعادات جاهليه متوارثه عن أعراب قريش , بلايين الدولارات تدخل خزائن آل سعود المتخمة لتزيدها تخمة ,لو تخلى هذا المؤمن عن قليل من إيمانه اللعين لصالح إنسانيته التي غيبها إيمانه هذا , فهذه البلايين كانت قادرة على إحياء أنفس عديدة تموت الأن وفي هذه اللحظة بينما يتبادل المؤمنون القبل والتهاني بالأعياد, ويعود أولائك الحجيج فرحيين بمغفرة ذنوبهم وبعودتهم إلى بيوتهم مُطهرين من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم ,دون أن يدركوا الحقيقة وهي أنهم فعلاً يعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم ولكن ليس بخلاصهم من الذنوب بل بخلاصهم من عقولهم.تلك العقول التي سولت لهم أن يتكبدوا المشاق ويبدلوا الأموال لأجل التمسح بحجارة بيت بناه طواغيت بني مروان, تاركين وراء ظهورهم أمم بأكملها تكاد تفنى جوعاً وعطشاً .
منظمات الإغاثه الدوليه تستجدي عدة ملايين من الدولارات لتتمكن من الإستمرار في برامجها الإنقاديه ولا تحصل سوى على الفتات ويجد العاملين فيها أنفسهم أمام خيارات مُرّة تجبرهم على إختيار منح الحياة لأحد الأطفال على حساب الأخر لعدم توفر ما يكفى لإنقادهم معا , وهذه الدول المؤمنة الفاجرة الإيمان ترمي بلايين الدولارات هنا وهناك .
ماذا لو تخلى هذا المؤمن عن تقديم قربانه لهذا العام , لقد إستمر هؤلاء المؤمنون يقدمون قرابينهم هذه منذ الف وأربعمائة عام , فما الذي سيضيرهم لو توقفوا لعام واحد؟ الا يستطيع إلاههم أن يصبر على اللحم والشواء لعام واحد لصالح عشرة ملايين من خلقه الذين خلقهم عبثاً ليواجهوا موت عبثي وكأنما خلقهم ليتسلى بإفناءهم.
.. "لن ينال الله لُحومها ولا دماؤها , ولكن يناله التقوى منكم" .. هكذا تقول تعاليم المؤمنين المقدسة ,فأي تقوى هذه التي ينالها هذا الإله الجائع والعطشان والمريض الذي يستصرخ ويطلب الغوث في مجاهل الصومال بينما يبحث عنه عبيده في أبراج وفنادق آل سعود وتتعالى أصواتهم نفاقاً وكذباً .. لبيك اللهم لبيك .. وهم يرفعون وجوههم المشعثة وعيونهم المُغرورقة بالدمع الكاذب إلى فضاءات سمائه باحثين عنه غافلين عن الطائرات التي تخترق تلك السماء تحمل الغداء والدواء والكساء متوجهة إلى حيث يوجد ذلك الإله الجائع والعاري والمريض.
ـ الكفار نجس وموتهم لا يعني المؤمن لأنه عقاب أستحقوه بكفرهم, ولذا فهو لا ينجدهم ولا ينقذهم .ولكن هؤلاء الذين يموتون في الصومال اليوم ليسو كفاراً بل هم على ملة الإسلام وربما كان هذا هو السبب الذي أوصلهم لما هم عليه اليوم من عوز وفقر وجهل.
مبارك على أمة الإسلام عيدها المتكرر وهي اليوم لاتقدم فقط قرابين من الخراف لنيل مرضاة الله بل تذبح مع كل ذبح عظيم تذبحه من البهائم عشرات الأطفال وتقدمهم قرابين مجانيه للعبث. كان يكفي ثمن ذلك الذبح العظيم لفداءهم من موت عبثي فرض عليهم . كل طفل يموت اليوم في الصومال وزره في رقاب أؤلائك الحجيج وفي رقاب كل هؤلاء المبتهجين بالعيد المتخمين باللحم والشحم وروائح الشواء.
الإسطورة التي قام عليها هذا العيد يفترض أنها تُظهر بوضوح مدى حرص الله على مخلوقه الآدمي المُسمى إنسان ,مما اقتضاءه التبرع بأحد خرافه السماوية لفداءه . ماذا لو كانت الإسطورة حقيقة ؟ وماذا لو كان حقاً يوجد في السماء إله يمتلك حظيرة خراف ؟ مالذي كان سيفعله هذا الإله وهو يرى عشرة ملايين من مخلوقاته التي كرمها تموت بلا هدف.
لو كان تلك الإسطورة حقيقة لرأينا أبواب السماء العديدة تنفتح على متسعها ولتحولت السماء إلى غابة من الخراف الطائرة المُنزلة, ولافرغ الله حظيرته الإلهيه على أرض الصومال لإفتداء تلك المخلوقات البائسة.
#علي_الخليفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟