أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - مستويان من الحياة التقليدية















المزيد.....

مستويان من الحياة التقليدية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3537 - 2011 / 11 / 5 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رفضَ الصحابة والأئمة إنشاءَ الأحزاب الدينية واعتبروها ممزقةً لجسمِ المسلمين التوحيدي، وفجرها الدينيون المعاصرون وقالوا إنهم يتمسكون بأهدابِ السلفِ الفكرية، فكيف نَقَضوا ما جسدهُ السلفُ؟!
ظهر ذلك في تسمية الإخوان المسلمين لتنظيمهم الحزبي بأنه تنظيم الإخوان، وهو تعبير قرابي يحيلُ الحزبَ المكروهَ الى شكلٍ عائلي فيلتفُ ويناورُ عن اسم الحزب، ويتجلى ذلك أيضاً في ترددِ الخميني الطويل في السماح لحزب الجمهورية بالتشكل، ثم حلّه بعد ذلك (راجعْ مذكرات هاشمي رفسنجاني)!
إنهم يعرفون ان الإسلامَ رفضَ إدخالَهُ في حراكِ الأحزاب والسياسة الحزبية التفكيكية للمسلمين ولكنهم قاموا بذلك.
لكن هل الأحزابُ الدينية المعاصرة قامت من أجل الدفاع عن الدين أم لغاية أخرى؟ هذا التباس تاريخي معقد.
فقد رفض العربُ المسلمون الأحرارُ القادمون من البداوة أن يكونوا عبيداً، وأرداوا الحريةَ للشعوب الأخرى، فهدموا الامبراطوريتين الفارسية والرومانية أكبر سجنين للعبيد، وهو ما فعلهُ من يماثلونهم في القبلية وهم الجرمان في شمال أوروبا، وتشكل بهذا النظامُ الإقطاعي بقسميه الشرقي والغربي، وغدا رجالُ الدين في الإسلام رجالَ دين لا قادة سياسيين فتكونتْ إمبراطوريةٌ نهضوية عالمية. وغدا رجالُ الدين في أوروبا رجالَ حكم وسلطان ففتتوا أوروبا!
كيف ارتد التاريخ وانقلب؟
حين تم عزل البابوية استعادتْ أوروبا وحدتَها وكونتْ نهضتَها الكونية!
يتعلق ذلك بالمسيرة المعقدة للإقطاع، فحين أنشأ العربُ الامبراطوريةَ خلقوا ازدهاراً تجاريا نسبيا، وصار الحكام قادة التوحيد إلى حين، وتركوا لرجال الدين السلطةَ على العائلة، وهي الخلية الأساسية للمجتمع.
فالعلاقات التجارية والبضاعية كانت تعطي للسلطة ازدهاراً ماليا وتشكلُ نهضةً ثقافيةً من خراج الفلاحين المُنتزع سياسيا، وتوقفت هذه النهضة عن خلخلة العلاقات الاجتماعية وتطويرها ديمقراطيا، فالقبائل حين تمدنت صارت أسراً مغلقة حضرية، فالقبيلة حافظت على تكلسها الاجتماعي وجمودها التاريخي، وصارت عائلات مدنية قبلية، وهنا تأتي سلطة رجال الدين في المحافظة على العلاقات الأبوية المتسلطةِ على النساء والولدان.
كانت مغانمُ الفتوحِ وثراءُ الذكور المفاجئ قد دعتهم الى توسيع تعدد الزوجات وجلب الجواري، فازدهرتْ هذه الأسواق، كما جُلب العبيد من افريقيا بشكل أساسي، لأن القبائل الحرة في قوميات الأكراد والترك والفرس المسلمة رفضت ذلك، إلا من غُلب في الحروب.
وهكذا تم تجميد وتوسيع بعض الأحكام وأدلجتها لصالح هذه الأنانية الذكورية على مستوى الخلافة المستبدة، وعلى مستوى تحكم الرجال، فكانت الحضارة العربية الإسلامية تختنقُ من جراء هذين المستويين من الإقطاع السياسي والديني. ورغم تبدل الحالات والأنظمة السياسية فإن الدكتاتورية الذكورية بقيت تشكيلا ظل صامداً منذ النهضة العباسية.
في العصر الحديث قبلتْ مجموعةٌ صغيرة من رجال الدين مبادئ الحداثة وأضفت عليها طابعاً إسلاميا، لكن الأغلبية العظمى رفضت ذلك، وأرادت استنساخ الإمبراطورية حتى لو كانت بقالبها التركي، وإذا ذابت من بين الأصابع تمسكتْ بخيالها السرابي، وغدتْ كلُ دولةٍ عربية إسلامية تستنسخ الهيمنةَ التقليدية عبر نصوص دستورية، وتعاونت القوى الاستعمارية والمحافظة على تصعيد دول تقليدية تُبقي ما هو جوهري من الإقطاع بمستوييه السياسي والمذهبي الذي تحول من الديني الموحَّد السابق.
كان إنشاء أحزاب دينية خلافاً للموروث هو وقوفا في ظن هذه الأحزاب أمام الاجتياح الغربي الهادم للإسلام كما يظنون، وخاصة أن الأحزاب التقدمية لم تفهم الإسلام ولم تطرح علمانية ذات جذور إسلامية، وأردت نسخ الغرب، فقامت الأحزابُ الدينية بنقل النموذج التقليدي بحذافيره إلى الزمن المعاصر، وخاصة في جانب رفض إزالة الإقطاع المنزلي، ومساواة الرجال بالنساء، وتطوير الفلسفة التي قُتلت على أيدي النصوصية الحرفية.
الآن بعض الثورات العربية في حالات غليان تحولي وتتداخل فيها الخطوط، فهي إذ ترفض الدكتاتوريات السياسية الذكورية على الدول تصر على استمرار الدكتاتوريات الاجتماعية في البيوت، ويقولون للنساء اتركن الشوارع السياسية وعدن الى بيوتكن بعد مشاركتكن في النضالات.
ظهور مجموعات الإخوان المسلمين وغيرهم من التجمعات السياسية الذكورية عبر أشكال ذكورية تنظيمية على أكثر من نصف قرن يعني أن السلطات القادمة ستكون منهم، ويتم إبعاد النساء والقوى المؤيدة لهن. وسينعكس ذلك على المناصب والسياسات وهذه السياسات المحافظة سوف تُرفد من دول شبه الجزيرة العربية النفطية المحافظة كذلك، إذا لم تتحرك القوى النهضوية فيها وترفض مثل هذه العودة المحافظة المخلة بالتوزان الاجتماعي وبالنهضة الشاملة.
تم تكوين التنظيمات الدينية السياسية وإدخال الفهم المحافظ فيها، أي أن رجالَ الدين المحافظين وهم ينظرون الى (الهجمة) الغربية على المسلمين كأقطار كانت مستقلة وتم احتلالها، ربطوا ذلك بتصفية الإسلام ديناً وشريعة وهو أمر لم يكن صحيحاً لكن تم استغلال ذلك لبقاء دكتاتوريات الرجال ومواصلة هذا بعد تنامي الحريات الديمقراطية.
وكانت قد نشأت خلال القرون السابقة سلطات الطوائف المختلفة، فكلُ طائفة كتكوين مغلق كونت سلطتيها السياسية والمذهبية، وفي إطارات قوميات متعددة. ولهذا كانت عودة بلدان وأنظمة الطوائف تأكيداً للطابع الجوهري المطلق لها في وعيهم، فهي باقية بمضمونها وبشكلها السياسي ما بقي الناس!
أي أنهم من جهة أخرى كانوا ينسخون التجربة القديمة بحذافيرها، وهي الحذافير المحافظة، أي جلب ما تم تكريسه من شمولية اجتماعية ذكورية بدرجة خاصة. وفي مجال السياسة العامة راحوا يجتهدون.
المحافظ الديني الراهن يريد ديمقراطية سياسية ودكتاتورية اجتماعية منزلية تعليمية، فهو إذ يستفيد من غنائم الدول، يريد أن يحتفظ بسيطرته وغنائمه في البيت، فيكسب من الجهتين، وأن يستمر ذلك في ثقافة المدارس وفهم الإسلام كما يريده هو، وهذا يقودُ الى هدرِ الفوائضِ على الشهوات الشخصية هذه المرة بشكل كبير، والى عدم التزام الرجال بزوجة واحدة إلا في الضرورات، وبعدم السفر الإباحي، وبضرورة زوال عالم الجواري.
الأحزاب الدينية تقوم بتكريس دكتاتوريات الرجال، وترفع شعارات إسلامية بشكل اجتماعي ذاتي.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبلٌ كبيرٌ للرأسماليةِ الخاصة
- سقوط هارونَ الرشيد السياسي
- تقدمٌ بوعي متخلف
- من أجلِ الشعبِ أولاً! (5-5)
- من أجل الشعبِ أولاً (4-5)
- من أجلِ الشعبِ أولاً! (3-5)
- من أجلِ الشعبِ أولا! (2)
- من أجل الشعب أولاً! (1)
- الوعي الطائفي والوعي الطبقي (3-3)
- الوعي الطائفي والوعي الطبقي (2-3)
- الوعي الطائفي الوعي الطبقي (1-3)
- الرأسمالياتُ والدول
- تحليلٌ لكلامٍ مغامرٍ (2-2)
- تحليلٌ لكلامٍ مغامر (1-2)
- ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر(4-4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسار المغامر (3- 4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (2)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (1)
- العرب والقوميات الأخرى


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - مستويان من الحياة التقليدية