|
من أجل وضع حد لجرائم الاغتيالات في الموصل وسائر المدن الأخرى
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 1050 - 2004 / 12 / 17 - 10:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
شهدت مدينة الموصل والعديد من المدن الأخرى في الآونة الخيرة تصاعداً خطيراً في جرائم الاغتيالات التي تنفذها عصابات البعث الفاشية أيتام طاغية العصر صدام حسين ، والتي يجري تركيزها بوجه خاص ضد قوات الحرس الوطني وأفراد الشرطة المنوط بها حماية الأمن والنظام العام في البلاد ، وبحق سائر المواطنين الوطنيين الحريصين على مصلحة العراق . إن عصابات البعث الفاشية عريقة في استخدام هذه الأساليب الإجرامية البشعة والتي مارستها على نطاق واسع في الموصل منذ عام 1960 وحتى وقوع انقلاب الثامن من شباط عام 1963 ، والتي ذهب ضحيتها ما يتجاوز 1000 مواطن من المحسوبين على القوى الوطنية والديمقراطية ، وأجبرت تلك الجرائم أكثر من 30 ألف عائلة على الهجرة من المدينة بعد أن تفاقمت تلك الجرائم بشكل كبير والتي جاوزت أرقامها أكثر من عشرة شهداء يومياً . كان هدفهم من تلك الاغتيالات واضحاً لا يخفى على أحد و يتمثل في إضعاف سلطة عبد الكريم قاسم وتجريده من كل دعم شعبي تمهيداً لإنزال الضربة القاضية بثورة 14 تموز ، واغتيال قائدها عبد الكريم قاسم بالذات . ومن المؤسف أن الزعيم عبد الكريم قاسم لم يدرك تلك المخاطر المحدقة بالثورة وبحكمه ، واعتقد أن الخطر يأتيه من الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية المتحالفة معه ، واتخذ قراره بتحجيم الحزب وتوجيه الضربات له بغية إضعاف تأثيره على الساحة العراقية بعد ذلك المد الواسع الذي شهد الحزب بعد القضاء على انقلاب العقيد الشواف في الموصل في 8 آذار 1959 والذي لعب الحزب الشيوعي دوراً بارزاً في إخماد التمرد المذكور ، وهكذا غض الزعيم عبد الكريم قاسم الطرف عن جرائم البعثيين وحلفائهم القوميين ، بل وأوعز للأجهزة الأمنية بعدم إلقاء القبض على أي من القتلة على الرغم من كونهم كانوا معروفين على النطاق الشعبي كله ، وكانوا يتفاخرون أمام الناس بأنهم قد قتلوا هذا اليوم فلاناً وفلاناً من الشيوعيين وأصدقائهم ومناصريهم ، فكانت قوى الأمن تكتفي فقط بإلقاء القبض على جثث الشهداء ، وحتى الذي أصيب بجراح في محاولات الاغتيال تلك كان مصيره الموت في المستشفى حيث لم ينجو منهم أحداً أبداً. و في عام 1960 تلقيت رسالة تهديد بالقتل من تلك العصابات باسم [ شباب الطليعة العربية ] وبأسماء صريحة ، وتقدمت بشكوى لدى السلطات الأمنية ، لكن تلك السلطات أرسلت لي دعوة للاستجواب وتركت القتلة دون اتخاذ أي إجراء ، وقد تعرضت إلى الاستفزاز من قبل مدير الأمن ومعاونه ، مما جعلني أتيقن من أن تلك العمليات الإجرامية كانت تجري تحت سمع وبصر السلطة العليا وموافقتها ، ولم تمض سوى أيام قلائل حتى تعرضت لمحاولة اغتيال نجوت منها بأعجوبة واضطررت على مغادرة المدينة . لقد سقت هذه الأحداث لكي أقول ما شبه اليوم بالبارحة مع فارق واحد كبير هو أن الاغتيالات تطال اليوم قوة الأمن ذاتها في الدرجة الأولى والمواطنين الوطنييين بالدرجة الثانية ، ولا شك أن الهدف منها هو الحيلولة دون بناء جيش وطني وقوات أمنية تحفظ الأمن والنظام العام ، وتحمي السلطة القائمة انتظاراً لمغادرة القوات الأمريكية والدول المتحالفة معها كي تنزل الضربة القاضية بالسلطة الجديدة التي قامت على أنقاض النظام الصدامي المقبور، ولا شك أن النظام الصدامي وإن كان قد انهار أمام ضربات الجيوش الأمريكية والبريطانية إلا أن أعوان النظام من قوات الحرس الجمهوري الخاص وقوات الأجهزة الأمنية الصدامية وفدائيي صدام وأعداد كبيرة من أعضاء حزب الفاشية البعثي الذين كانوا منتفعين من ذلك النظام ما زالوا بكامل قواهم ولم يمسسهم الأذى ، ولم تجر محاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب والوطن ، وهم متدربون على استخدام كافة أنواع الأسلحة ، ويحتفظون بكميات كبيرة جداً من تلك الأسلحة ، وتمتلك قياداتهم الأموال الطائلة والتي تقدر ب 80 مليار دولار التي سرقها النظام الدامي من أفواه شعبنا ، وهم اليوم يمولون هذه العصابات الإجرامية على أمل الوثوب إلى السلطة من جديد . إن على الحكومة الحالية والقوات المتعددة الجنسيات أن تضع حداً لهذه الجرائم التي تجري في الموصل وفي العديد من المدن العراقية بكل حزم ، فلا تهاون مع هذه العصابات التي يستشري شرها يوماً بعد يوم من دون أن نسمع بمحاكمة المقبوض عليهم بالجرم المشهود وإنزال العقاب الصارم بهم لكي يكون تحذيراً لكل من تسول له نفسه الانخراط في صفوف هذه العصابات المجرمة التي تتخذ لها اليوم صفة المقاومة الوطنية تارة!! ، وقوى إسلامية تارة أخرى كذباً وزوراً، فلا هي بمقاومة ، ولا هي بوطنية ،ولا هي بمسلمة بل قوى فاشية طامعة بالسلطة لتعيد لشعبنا ذلك الكابوس الرهيب الذي جثم على صدوره 35 عاماً قاتمة السواد . ولا يخامرني الشك أن السلطة الحالية وبمساندة القوات المتعددة الجنسيات بقادرة على قطع دابر الإرهابيين إن هي بحثت بجد عن العناصر البعثية بكل دقة وعلى أوسع نطاق ، وأجرت تفتيشاً دقيقاً لمساكنهم بحثاً عن الأسلحة ، وعلى حكومة السيد علاوي أن لا تتهاون في هذا الأمر قبل أن يفلت الزمام من أيديها، وأن لا يضع السيد علاوي في حسبانه أبداً أن يستقطب هؤلاء البعثيين لحزبه ،فهؤلاء يا سيادة رئيس الوزراء لن يتوبوا أبداً وهم يضعونكم في صف الخيانة لحزبهم الفاشي ، ويضعونكم في مقدمة أهدافهم الشريرة ، ولن يرضيهم شيئ أقل من السلطة . عليكم أن تعتمدوا على الشعب الذي عانى من بطشهم وجرائمهم البشعة تلك السنوات العجاف ، فهؤلاء هم الأمناء القادرون على إلحاق الهزيمة الماحقة بعصابات القتلة وحزبهم الأجرب الذي أذاق شعبنا سوء العذاب والجوع والتشرد والحروب الإجرامية الداخلية منها والخارجية والتي ذهب ضحيتها مئات الألوف من المواطنين الأبرياء . لا مكان لحزب صدام التكريتي الفاشي في صفوف شعبنا ، ولقد خرج شعبنا من ذلك القمقم الذي سجنهم فيه ، وهيهات أن يعود شعبنا إلى ذلك القمقم مرة أخرى وهو على كامل الاستعداد لتقديم كل التضحيات مهما غلت من أجل الحرية وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد . الشعب العراق إذاً هو الحاضنة الحقيقية والصحية لمن يريد حقاً وصدقاً بناء عراق ديمقراطي سليم ، ولا يضع في حسبانه أولئك الذين ساموا شعبنا سوء العذاب وقديماً قيل [ المرء لا يلدغ من جحرٍ مرتين ]، فلم يسلم الشعب رقابه للطغاة مرة أخرى .
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا تفصح القوى والأحزاب السياسية عن برنامجها الانتخابي
...
-
الانتخابات والحلم بعراق ديمقراطي مستقل آمن
-
موقع الحوار المتمدن يواصل تألقه
-
هذا هو الطريق لإصلاح منظمة الأمم المتحدة
-
الشعب الكوردي وحق تقرير المصير وآفاق المستقبل
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية ـ الحلقة الأخيرة
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الحاد
...
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكورية ـ الحلقة العاشرة
-
إلى روح الشهيد وضاح حسن عبد الأمير
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة التاس
...
-
ما أشبه اليوم بالبارحة
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثام
...
-
لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق البعثيون يغدرو
...
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الساد
...
-
ثلاثة مقابل كل واحد من الشهداء ياسيادة رئيس الوزراء
-
لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الخام
...
-
مقتل أفراد الجيش الخمسين جريمة كبرى لن تمر دون عقاب
-
أين برامج الأحزاب التي ستتوجه للانتخابات بموجبها ؟
-
لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الراب
...
-
لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|