سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 3536 - 2011 / 11 / 4 - 16:49
المحور:
المجتمع المدني
العراق .... والحل في الفيدرالية
الحقيقة تجاوزنا المرحلة والتي نشرح بها ماهي الفيدرالية ؟ وهل هي مفيدة للعراق أم هي أكثر ضررا !!! وهل هي دعوة حقيقية للوحدة أم هي بداية الطريق للانفصال ...
كثيرا ما تكلمنا عن ماهية الفيدرالية وعن التجارب الكبيرة للفيدرالية منذ نشأتها الأولى في أمريكا مرورا بالتجارب الأكثر نجاحا منها مثل أمريكا و سويسرا واستراليا و كندا والتي جعلتها من أكثر الاقتصاديات قوة في العالم , والتجارب الفاشلة منها أيضا مثل تجارب الاتحاد السوفيتي السابق أو الاتحاد العربي الذي ضم سوريا ومصر ذات يوم .
قلنا لقد تجوزنا الحديث عن الفيدرالية وما هي الشكل المطلوب للفيدرالية في العراق والأكثر تناسبا مع مزاج الشعب العراقي المتقلب والمتمرد دوما .
لقد ولدت الدولة العراقية بعد 2003 , وفي داخلها جسم فيدرالي وتمت الموافقة عليه في الدستور العراقي الجديد , وهو إقليم كردستان , (( حيث نصت المادة 113/ أولا : يقر هذا الدستور عند نفاذه إقليم كردستان ,وسلطاته القائمة إقليما اتحاديا )) , فهذا الإقليم قد تشكل دولة داخل الدولة , لها علمها الخاص وبرلمانها الخاص وحكومتها المحلية , وفيها كل مقومات الحكومة الفيدرالية , وبقت حكومة كردستان تحت المراقبة من قبل إخوتها المحافظات العراقية , البعض يريد لها النجاح مثل المحافظات الجنوبية الشيعية , حتى تحذو حذوها وفي داخلها رغبة قوية تتراوح بين الاستقلال والبقاء في عراق موحد , وفي بالها ووجدانها النظام الفيدرالي يحقق لها المطلوب من استقلالها المادي والمعنوي , وبنفس الوقت بقائها في عراق موحد , البعض الأخر يريد لها الفشل مثل محافظات الوسط السنية وفي بالها وخاطرها ارث كبير وتاريخ طويل يبلغ 1400 سنة من الاستحواذ على الحكم , والانفراد في تقرير مصير كل الشعوب والأقليات والطوائف والتي كانت تحكمها بقوة الحديد والنار وحجتها إن في الدولة الواحدة والحديدية ضمان لاستمرار عز العرب والمسلمين .....
إلا إن النجاحات المتعاقبة والمستمرة لحكومة كردستان والتي باتت تشبه النجاحات المتواصلة والمستمرة لحكومة دبي , بحيث أصبح اسمها دبي العراق , أصبحت منطقة كردستان الإقليم الأكثر تنظيما في العراق , والأكثر توفر للخدمات المفقودة في العراق , وهي كذلك الأقل فسادا من بين كل المحافظات العراقية .....
ومن بين المحافظات الأكثر رفضا للفيدرالية في العراق وهي محافظات الوسط السنية , تخرج لنا اليوم المحافظة الأشد رفضا , والأكثر تحفظا حين طرحت فكرة الفيدرالية قبل فترة من محافظات الجنوب الشيعية لتشكيل الفيدرالية , محافظة صلاح الدين والتي خرج منها من قال " نحن ماضون نحو الفيدرالية ومن لا يعجبه يضرب رأسه بالحائط " ... محافظة صلاح كان إعلانها هذا تحت خلفية ممارسات حكومية رأت أنها تتعمد إقصائها ومنها عمليات الاعتقالات الأخيرة والتي طالت العشرات من أبناء المحافظة , فضلا عن قيام وزارة التعليم العالي إلى إقصاء 140 أستاذا جامعيا من جامعة تكريت بالذات بحجة انتمائهم إلى حزب البعث المنحل .
وفي المؤتمر الذي جمع أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي , مع العشرات من زعماء العشائر السنية في صلاح الدين , قال " نحن ندعم الدستور ومع خيار الشعب وإعطاء الصلاحيات , وشعب صلاح الدين هو من يقرر مصيره بنفسه من خلال الاستفتاء , وندعو الحكومة إلى احترام الدستور , وقال " إذا أردنا عراقا موحدا معافى , فيجب إن نلتزم بالدستور , وان العراق غير قابل للتقسيم , ولا نقبل ولا ندعو إلى إقليم طائفي في العراق , كما لا نقبل التجاوز على أي مكون أو محافظة أو مجموعة سياسية بطريقة ظالمة , وبطريقة غير دستورية " .
و قبل فترة أعلن النجيفي أكثر من مرة إن "السنة في البلاد محبطون ويشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، مما سيدفع بالعديد منهم إلى المطالبة بإنشاء أقاليم جغرافية غير طائفية ...
إعلان صلاح الدين هذا فتح الشهية قوية لمحافظات الجنوب والتي اتهمت كثيرا بأن رغبتها في إعلان إقليم الجنوب , هو محاولة إيرانية تريد التغلغل كثيرا في الجسم العراقي المريض أصلا , لتضيف مزيد من العلل لهذا الجسم الضعيف , بحيث لا يمكن إن يبراء هذا الجسم العراقي مره أخرى ويقوم عملاقا يهدد دول المنطقة كلها, والمنطقة كلها سواء الكويت خصوصا والخليج عموما والجارة إيران وتركيا وسوريا والأردن , كلها تخاف من هذا العراق القوي الموحد , وان أي بادرة يتحرك بها العراق يزيد من الصداع والقلق من عودة العراق عملاقا مره خري, لذلك نشاهد هذه الدول تعمل م تستطيع لتركيع العراق وتركه عاله لا يستطيع ن يفكر و يدبر أو ينفذ .....
قلنا كثيرا ن العراق الجديد تم تقسيمه على ارض الواقع إلى ثلاث مناطق نفوذ , (( الشيعة في الجنوب والفرات الأوسط , والسنة في الوسط , والأكراد في الشمال )) , ولا تستطيع أي مجموعة إن تنازع الأخرى في منطق نفوذها , وكل الذي حدث في العراق منذ 2003 لغاية اليوم في 2011 , ما هي إلا معارك ومجازر وقتل أبرياء من كل الإطراف والمجموعات سوى تأكيد لهذا الواقع , فبات الشيعة والسنة والأكراد ملوك في مناطق نفوذهم , وحتى الاتفاق في تشكيل الحكومة العراقية نجد إن هذا التقسيم واضحا بحيث يحرص كل طرف , على بقاء هذه النسبة في تشكيل أي حكومة حالية و قادمة , ونجد الصراع قويا بين الكتل والأحزاب إذا حاولت إحدى الكتل أو الأحزاب التعدي على مناطق نفوذ المجموعة الأخرى أو مجرد سلبها حقها في التشكيلة الوزارية أو البرلمانية أو حتى في تشكيل مجالس المحافظات أو حتى المجالس البلدية, ونتيجة لذلك أصبحت المحاصصة واقعا حقيقي ل يمكن تشكيل أي حكومة أو مجلس محافظة إلى بناء على هذه المحاصصه , ومهما قلنا أو استنكرنا أو هذه المحاصصة تبقى وقعا لا يتم أي شي بدونه .
إعلان صلاح الدين تحويل المحافظة إلى إقليم أرى أنها بادرة جيدة وطيبة , وهي تفتح الباب لباقي المحافظات لتشكيل أقاليمهم , لان هذه المحافظات شبت عن الطوق منذ زمن بعيد , وهي قادرة على إدارة مواردها المالية والبشرية بأفضل ما يمكن , خصوصا بعد إن أثبتت الدولة المركزية فشلها في إدارة هذه الموارد , وان نسبة الفساد في الحكومة العراقية بات غولا كبيرا لا يمكن مكافحته أبدا , وكذلك قي شعور هذه المحافظات أكثر من مرة أنها مستهدفة بصورة أو بأخرى من الحكومة المركزية , من حق الشعب قول قولته ومن حق الشعب تحقيق إرادته , والإدارة الفيدرالية أصبحت حلا لمشكلة عجز الحكومة المركزية , فلقد كثرت مشاكل الحكومة المركزية , ومن حق المحافظات إن تتحول إلى أقاليم داخل عراق فيدرالي موحد , وهذا حق كفله لها الدستور في المادة /112 والتي تنص (( يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية , وتنص المادة /113 ثانيا : يقر هذا الدستور الأقاليم الجديدة التي تؤسس وفقا لإحكامه .
لذلك لم تطلب محافظة صلاح الدين أي شي خارج المألوف , ولا هو فوق المستحيل , والواقع انه اليوم أو غدا سوف تتحول المحافظات إلى أقاليم و تنظم لمحافظات أخرى حتى تتشكل الأقاليم , وكل ما يستطيعه نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي هو وحكومته ومن يسير في ركبه سوى المساهمة في تأخير هذه الأقاليم مدة من الزمن , ونوري المالكي نفسه سوف يجد نفسه مضطرا إلى مواكبة الأحزاب والمحافظات والكتل الشيعية حين تطالب وبقوة تشكيل إقليمها الخاص في الجنوب أو في الجنوب والفرات الأوسط , وكأنها حقيقة ماثله أمامي ألان , وارها حقيقة كواقع حقيقي تحت الشمس , إن تظهر للوجود هذه الإقليم , لم تعد الحكومة المركزية قادرة على إدارة عراق موحد وأصبح الشكل الفيدرالي مطلب شعبي حقيقي سرعان ما نراه ماثل أمامنا .
الذي يحدث ألان في صلاح الدين و في الاجتماعات المتلاحقة لمجالس محافظات البصرة وذي قار وميسان والكوت والمثنى والنجف وكربلاء وبابل , له نتيجة حقيقية ومعروفه , وهو ظهور العراق بشكل فيدرالي وموحد ...
هذا الذي نقوله ليس تشاؤم إذا أراد حدهم ان يسميه تشاؤم , وليس تفاءل إن أراد بعضهم تسميته تفاءل , إنما هو استقراء واقع قريب من التحقيق وأصبح مطلب جماهيري وملح جدا , وهذا الخيار سيكون الأقل تكلفة والأقل فسادا إمام الحكومة والشعب العراقية .
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟