|
الأزمة المالية والاقتصادية وسبل مواجهتها (3-3)
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 20:46
المحور:
الادارة و الاقتصاد
المديونية الفساد المالي والإداري، وسوء الإدارة العامة والادارة المالية أديا إلى انفلات غير مسبوق في الانفاق، فارتفعت المديونية بشكل خطير، تجاوزت قيمتها 13 مليار دينار، واعلن وزير المالية السابق ابو حمور بان المديونية اصبحت تشكل 65% من الناتج المحلي الاجمالي، فتجاوزت قانون الدين العام الذي حدد سقفها 60%، وهنا لا بد من التوضيح ان احتساب نسبة المديونية ينبغي ان يتم على اساس الناتج المحلي الإجمالي المتحقق في اخر سنة مالية، وليس المتوقع في نهاية السنة كما أصبحت تحتسبه وزارة المالية في السنوات الأخيرة، لكي تخفض نسبة المديونية من الناتج المحلي الاجمالي، وبذلك ترتفع نسبة المديونية الى 67% من الناتج المحلي، وحكومة البخيت كانت ماضية بنفس النهج وهي تعد لموازنة .2012 للسنة الرابعة على التوالي تتجه الموازنة نحو إنفاق غير متوازن، حيث يتفاقم العجز عاما بعد اخر الى ان اصبح عبئا كبيرا على المديونية، فقد شهد العام الحالي2011 زيادة في الانفاق العام في ظل انخفاض الإيرادات المحلية، الأمر الذي ادى الى تصاعد عجز الموازنة بشكل كبير، على الرغم من الضجيج الاعلامي حول نجاح السياسات المالية والاقتصادية بضبط عجز الموازنة، الا ان هذه الادعاءات تراجعت امام الحقائق الدامغة، وبدأت الحكومة بالاعتراف في خطورة الوضع المالي والاقتصادي في البلاد. وقد أصبحت خدمات المديونية تشكل عبئا ثقيلا على خزينة الدولة وتقتطع فوائد المديونية وحدها حوالي نصف مليار دينار من موازنة الدولة وعلى حساب خدمات المواطنين، بينما أقساط الديون المستحقة يجري إعادة جدولتها، فقد بلغت موازنة التمويل 5.157 مليار دينار لتسديد الأقساط المستحقة خلال العام الحالي وتغطية عجز الموازنة. ويتم تغطية موازنة التمويل عن طريق القروض ومعظمها محلية، حاولت الحكومة إقناع الرأي العام انها خفضت عبء المديونية حين تم تسديد بعض ديون دول نادي باريس من عائدات التخاصية. وفي العودة الى نشرة وزارة المالية الصادرة في ايار 2008 نلاحظ ما يلي: "أظهرت البيانات المتعلقة بالرصيد القائم للدين العام الخارجي ( موازنة ومكفول ) في نهاية شهر أيار 2008 انخفاض الرصيد القائم بحوالي 1579 مليون دينار ليبلغ حوالي 3674.3 مليون دينار، مقابل بلوغه حوالي 5253.3 مليون دينار في نهاية عام .2007 وقد جاء تراجع هذا الرصيد بشكل أساسي نتيجة لتنفيذ اتفاقيات الشراء المبكر لجانب من ديون دول نادي باريس والتي تمت في نهاية شهر آذار" حيث نفذت الحكومة بتاريخ 30/3/2008 عملية شراء مبكر لجانب من مديونية نادي باريس، ودفعت الحكومة 2.121 مليار دولار لنادي باريس مقابل شطب ما يعادل 2.398مليار دولار من مديونيتها وبخصم 11%. ويمكن الخروج بالاستنتاجات التالية: 1- شطب 2.398 مليار دولار يعادل حوالي 1702 مليون دينار وليس 1579 مليون دينار كما ورد في نشرة وزارة المالية في أيار ،2008 وبالتالي يفترض أن تنخفض المديونية الخارجية بقيمة 1702 مليون دينار بسبب شراء ديون نادي باريس. 2- انخفاض الدين الخارجي بقيمة 1702 مليون دينار في مطلع عام 2008 يفترض ان يؤدي إلى تخفيض إجمالي الدين العام بنفس القيمة من أصل 8199 مليون دينار وبذلك يصبح الدين 6497 مليون دينار. وفي العودة الى عائدات التخاصية تبين انه تم تخصيص مبلغ 1113.6 مليون دينار في عام 2008 لتسديد شراء ديون، كما حصلت الخزينة في نفس العام على 355 مليون دينار ثمنا لأرض ميناء العقبة، والتي يفترض ان تكون غطت باقي قيمة شراء الديون، علما انها احتسبت ضمن الإيرادات العامة للدولة في موازنة 2008 ويفترض ان تحول الى صندوق خاص ولا تعتبر من ضمن الإيرادات العامة للدولة، وان كنت غير موافق من حيث المبدأ على ممارسات الحكومة في سياسة التخاصية أو بيع أراضي الدولة، بما في ذلك استخدام أموال التخاصية في صفقة باريس بخصم متواضع نسبة 11%. الجدول التالي يبين حركة المديونية 2008-2011 * السنة المديونية الخارجية المديونيةالداخلية المجموع 1/1/2008 5253.3 2946 8199.3 آذار 2008 3674.3 6497 ** 31/12/2008 3640.2 4911 8551.2 31/12/2009 3868.96 5791.29 9660.25 31/12/2010 4610.81 6851.52 11462.33 الربع الثاني 2011 4591.72 7689.92 12281.64
* المصدر: نشرة الدين العام رقم 30 لعام 2011 الصادرة عن وزارة المالية. ** نشرة وزارة المالية ايار 2008/ بشطب 2.398 مليار دولار يؤدي إلى انخفاض المديونية لتصبح نظريا 6497 مليون دينار في آذار 2008 بعد شراء جانب من ديون دول نادي باريس. يتضح من الجدول المبين اعلاه ان المديونية في الربع الثاني من العام الحالي بلغت 12.281 مليار دينار وفي حال احتساب الالتزامات المستحقة على الحكومة وهي أكثر من مليار دينار، سوف تتجاوز المديونية الـ 13 مليار دينار، يتبين مما تقدم ان المديونية ارتفعت منذ صفقة باريس في آذار 2008 من 6.497 مليار دينار إلى حوالي 13 مليار دينار، اي بزيادة قدرها 6.503 مليار دينار خلال السنوات الثلاث ونصف أي بزيادة نسبتها أكثر من 100% معنى ذلك ان الحكومة اقترضت حوالي 2 مليار دينار سنويا خلال الأعوام الثلاثة الماضية عدا عن المساعدات والمنح الخارجية، والسؤال المطروح اذا كانت الحكومة استخدمت عوائد التخاصية، وأغرقت البلاد بالمديونية التي فاقت قدرات وطاقات الشعب الأردني، وأصبح كل طفل يولد اليوم مدين بأكثر من الفي دينار، وحتى المساعدات الاستثنائية التي حصلت عليها الخزينة خلال العام الجاري من العربية السعودية والتي بلغت 1.4 مليار دولار لم توقف تفاقم المديونية، ولم تحد من عجز الموازنة. يبقى السؤال إلى أين ذاهبة الحكومات المتعاقبة في البلاد..؟ لقد أصبح من الضروري إعادة النظر في الأسلوب المتبع بصياغة الموازنة، وطرح سياسة جديدة تنطلق أساسا من تحديد إيرادات الدولة وتوزيع النفقات العامة وفق الأولويات، وضبط الإنفاق العسكري وفق المعايير الدولية وبما يتناسب وإمكانيات الدولة، وإعادة توزيع الدخل بما يخدم تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة مساهمة كبار الرأسماليين في نفقات الدولة. وهذا يتطلب إعادة النظر في السياسة المالية والاقتصادية المتبعة في البلاد، وضبط الإنفاق العام، وربط نسبة نمو النفقات بنسبة نمو الإيرادات، وتوجيه الإنفاق الحكومي وفقا للأولويات التي تقتضيها احتياجات المجتمع المحلي، من خدمات صحية وتعليمية، وتوجيه النفقات الرأسمالية نحو المشاريع الاستثمارية، والبنية التحتية التي تخدم المشاريع الإنتاجية، نحن بحاجة إلى موازنة تعتمد على الذات بالدرجة الأولى، أي على الإمكانيات الوطنية التي تحتاج إلى مزيد من التفعيل في المرحلة المقبلة، والتخلي عن سياسة الاقتراض إلا في الحالات التي تستخدم فيها الأموال المقترضة في مشاريع استثمارية مولدة للدخل قادرة على تغطية خدماتها من أقساط وفوائد، وليس للإنفاق العام أو لمشاريع مظهرية تستنزف الأموال، وتوزيع الإنفاق العام وفقا للأولويات الأساسية لاحتياجات المواطنين خاصة حق المواطن بالعيش الكريم وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل، وتأمين العلاج والسكن والتعليم باعتبارها من الأولويات الأساسية لاحتياجات المواطنين. وفي ضوء ما تقدم يمكن تقديم المقترحات التالية لمواجهة الأزمة: 1- وقف سياسة الهدر والإنفاق الحكومي واستنزاف أموال الدولة والحد من الاستثمار بالمشاريع المظهرية وغير الإنتاجية، ووقف استملاك الأراضي وإنشاء الأبنية وشراء الأثاث والسيارات الفارهة وغيرها. وتخفيض نفقات الموازنة العامة، باستثناء رواتب الموظفين والمتقاعدين في القطاعين المدني والعسكري، ومخصصات وزارتي الصحة والتعليم. 2- إلغاء القانون المؤقت لضريبة الدخل الذي أدى الى تخفيض مساهمات كبار الرأسماليين في إيرادات الخزينة، وإصدار قانون جديد يضمن تحقيق إصلاح ضريبي يعتمد مبدأ الضريبة التصاعدية، ويكفل زيادة إيرادات الخزينة، وتحقيق العدالة الاجتماعية. 3- إقامة مشاريع إستراتيجية مولدة للدخل بالاعتماد على الثروات الوطنية، على أن يكون لمشاريع الطاقة والمواصلات الأولوية. 4- زيادة إيرادات الخزينة من عائدات التعدين، والتي تقدر حاليا ب¯ 50 مليون دينار. 5- الشروع باسترداد أموال الشعب المنهوبة من خلال الصفقات المريبة، وإغلاق منابع الفساد بإجراءات حازمة، ومحاكمة الفاسدين، وعدم استخدام قضية مكافحة الفساد كقضية إعلامية بل السير قدما في تحقيق خطوات ملموسة. 6- دمج الوحدات الحكومية بالوزارات وإلغاء الامتيازات الممنوحة لكبار الموظفين، ووقف التعيينات بعقود " للمستشارين والخبراء" برواتب خيالية. 7- فرض ضريبة على أرباح المتعاملين في البورصة، أسوة بالمستثمرين في القطاعات الأخرى في البلاد، حيث يمكن توفير آلية مناسبة لتحديد صافي الربح والخسارة للمتعاملين في نهاية كل عام. 8- تنظيم سوق العمل ومعالجة مشكلة العمالة الوافدة، بوضع خطة عمل لإحلال العمالة المحلية مكان العمالة الوافدة حيث يشهد سوق العمل حالة من الإرباك والفوضى، بطالة من جهة وعمالة وافدة من جهة أخرى، مما يتطلب وضع الخطط المناسبة لربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق ،والتوسع بالتدريب المهني، وإنشاء المزيد من المعاهد الصناعية المتقدمة لتأهيل الكوادر الصناعية، وتطوير قانون العمل الأردني بما يحقق المطالب المشروعة للطبقة العاملة الأردنية . 9- تصويب التشوهات الهيكلية للاقتصاد الوطني بتوجيه الاستثمار نحو المشاريع الإنتاجية، في القطاعات الاقتصادية - الصناعة، الزراعة، السياحة - مستفيدين من الثروات الغنية في البلاد، وتشجيع الصناعات الوطنية التي تعتمد على المواد الأولية المحلية، وتوفير بيئة استثمارية بتحقيق الشفافية والتسهيلات الإدارية، وحمايتها من أخطار السياسة الاغراقية، لتعظيم دور الاقتصاد الحقيقي في الاقتصاد الوطني، وزيادة القيمة المضافة، ومعالجة مشكلة البطالة، وزيادة إيرادات الخزينة. 10- إيجاد مؤسسة متخصصة لضبط الأسعار وتوفير السلع الإستراتيجية لمنع الاحتكار في السوق المحلي، واتخاذ الإجراءات الفعلية لتطوير الأسواق الموازية ورفع كافة أشكال الضرائب عن هذه الأسواق لتوفير احتياجات المواطنين بأسعار مناسبة. 11- العمل على تطبيق سياسات اقتصادية تسهم في معالجة قضايا الفقر والبطالة بتشجيع المشاريع الفردية والحرفية والأعمال الحرة الأخرى وفي مختلف القطاعات والاهتمام بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. 12- تطوير التجارة البينية مع كافة البلدان العربية والعمل على تفعيل المؤسسات الاقتصادية العربية، وتشجيع فكرة إنشاء صندوق لتمويل المشاريع الاستثمارية الإنتاجية لبناء تكتل اقتصادي عربي متكامل، في مواجهة سياسة العولمة الرأسمالية، وإغلاق كافة المؤسسات الاقتصادية المرتبطة بالعدو الصهيوني أو أي شكل من أشكال التطبيع.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة المالية والاقتصادية وسبل مواجهتها (2-3)
-
الأزمة المالية والاقتصادية وسبل مواجهتها (1-3)
-
الأزمة الأوروبية.. إلى أين؟
-
يوم التضامن العالمي مع ضحايا الأزمة
-
الأزمات السياسية والاقتصادية تتفاقم
-
لليبرالية المستبدة ..!
-
هل يستجيب النظام العربي لاستحقاقات المرحلة...؟
-
الايرادات والنفقات في الموازنة العامة للدولة الاردنية
-
حلول متوحشة للازمة الاقتصادية
-
إيصال الدعم لمستحقيه
-
تراجع الدولار وتآكل الاستثمارات العربية
-
ملفات الإصلاح أمام مجلس النواب
-
افتقار النظام الرأسمالي لأدوات الحل
-
الذكرى العاشرة لرحيل سليمان النجاب
-
الدولار يدفع ثمن تفاقم المديونية
-
ازمة الدين الامريكي
-
المنح .. الانفاق ..الأزمة
-
أَزمات تنتظر حلول
-
ازمة الديون تنتقل الى ايطاليا
-
فهمي الكتوت في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول قضايا الإص
...
المزيد.....
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|