على شكشك
الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أول نوفمبر رصيد إنساني
على شكشك
لم يكن هذا اليوم منذ تسعة وخمسين عاما مجرد يومٍ لإعلان الثورة الجزائرية وبدء الحلقة الأخيرة منها، تلك الثورة التي لم تتوقف منذ الاحتلال، ذلك أن الإنسان قد جُبِلَ على الحرية وصُبِغَ بالكرامة، الأمر الذي يجعله يستعصي على الأسر والقيد والظلم والامتهان، وما هي إلا اكتمال شروط التعبير الجمعي الشامل عن هذا الرفض الإنساني، هذا التوافق العميق الذي ينضج في حينه ويجعل من محصلات الغضب الفردي أنشودةً شعبية تعزفها مجموعة الأمّة بإتقانٍ واقتدار وحكمة تتجاوز قدرة الغزاة على البطش والاحتيال، وتتجلى بتجاوز إرادة الحرية وحلاوتها وقيمتها لمراهنات الأرواح السوداء على رصيدها الكبير من الظلام والشر والاستخفاف بقيمة الإنسان، رصيد تردفه ترسانة قوة مسلحة وجرأة على الوحشية، لو تأملنا الأمر لوجدنا أن الخيط الرفيع بين الغزاة وبين اللصوص وقاطعي الطريق ليس إلا أن الأولين يشرعنون سلوكهم فيما يخجل منه الآخرون، هكذا هي بشعة صورة الغزاة،
بشعة لأنها تترجم نزوعاً لامتلاك البشر وتكبيل أرواحهم وتشويه وعيهم وكسر إرادتهم وشرخ أمانهم وامتصاص قُوْتِهم وثرواتهم وامتهان كرامتهم وتجفيف وهج الحرية في نفوسهم، وهي كلها منح الله التي وهبها للإنسان حين أطعمه من جوع وآمنه من خوف وكرّمه وحمله في البر والبحر حرّاً كما يليق، وأضفى عليه أنوار حريةٍ أرحب في النفس والروح، فكيف ستكون صورة من يريدون إطفاء نور الله، "والله مُتمُّ نورِه" بسننه فينا التي تستعصي على كلِّ حلكات الظلام وبشاعة الظلم، فالنور أغلى من الحياة، والله نور السماوات والأرض"، ولهذا كان إعلان الثورة على الظلم والظلام إعلاناً إنسانياً عاماً يعكس قيمة الروح الإنسانية، كيف لا وهو الذي أمر الملائكة "فإذا سويتُه ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين"، ولنفس السبب فإنَّ أول نوفمبر هو قبل أي شيء قيمة ورصيد إنساني عظيم.
****
#على_شكشك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟