أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - الحزب الشيوعي العراقي : العمل الجماهيري والانتخابات !















المزيد.....

الحزب الشيوعي العراقي : العمل الجماهيري والانتخابات !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1049 - 2004 / 12 / 16 - 12:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد سقوط النظام العفلقي في العراق منذ سنة ويزيد ، كانت جريدة طريق الشعب الشيوعية العراقية أول جريدة تقرأها الناس في شوارع العراق ، والاعجب أن شاشات التلفزيون في بعض الأقطار الأوربية عرضت صورة لتلك الجريدة محمولة بيد شرطي مرور من شرطة العراق في شارع من شوارع بغداد ، وقد كان منهمكا في قراءتها ، تاركا السيارات تمر حسب هوى من يقودها 0
والساعة حملت الاخبار من العراق أن الشيوعيين هم أول من بادر الى الدعاية الانتخابية التي طرزت شعارتها واجهات المحلات والشوارع ، معلنة عن اطلالة ساعة منتظرة ، كان شعبنا يتطلع لها منذ سنوات طويلة خلت ، قدم خلالها آلافا من الضحايا ، مانحا اياها قرابين من دماء كثيرة ، وفي منطقة تكاد تكون مغلقة تماما عن أن تُرى فيها شمس للحرية ، او يتنفس فيها الانسان نسائم رخية ، عذبة من نسائم ديمقراطية حقيقية 0
لقد كنت أنا واحد من بيت الآلآف الكثيرة التي يضمها الحزب الشيوعي العراقي بين صفوفه ، والتي كانت تخوض العمل الجماهيري اليومي بشتى صنوفه في مدن وارياف العراق ، وقد عايشت تلك التجربة ، ومنذ أن كنت فتى يافعا ، لم يتعدَ سنه ثلاث عشرة سنة ، حيث قرأت في تلك السن أول منشور للحزب كان يحذر من مؤامرة وشيكة الوقوع ، تعد لها شركات النفط الأجنبية ، العاملة في العراق بهدف اسقاط حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية ، ولم تمر إلا شهور قليل على ساعة تلك القراءة ، حتى سالت الدماء في شوارع العراق ، وضربت بعض حواضر بغداد بمدافع الدبابات ، وجرفت أحياء برمتها بجرافات الانقلابين ، وكان ذلك غبّ انقلاب شباط الأسود ، وكنت أنا قبله باشهر قد تعرضت للحبس ، مع مجموعة ضمت خمسة وعشرين شخصا زمن حكومة الزعيم بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي العراقي ، رغم أنني ما كنت منتميا له وقتها ، ولا يحق لي أن انتمي إليه بسبب من صغر سني ، فبيني وبين السن التي حددها الحزب في نظامه الداخلي للانتماء الى صفوفه خمس سنوات ، إذ أوجب نظام الحزب الداخلي أن يكون سن المترشح له قد بلغ الثامنة عشرة من السنين 0
وبظروف الملاحقة المستمرة هذه ، ومع القمع الفضيع الذي تعرض له عدد كبير من أعضائه من قبل حكام الجور في العراق ، ومن يقف خلفهم من الدول الكبرى ، ظل الحزب متماسكا ، متواجدا بهذا الشكل أو ذاك في اعماق اهوار جنوب العراق ، مثلما هو متواجد في ذرى جبال كردستان 0
لقد تعلمنا من الحزب الانصراف الى العمل السياسي ، ونحن صغار ، وكان التثقيف ، الذي يشكل غذاء الجماهير ، والذي يقدمه الحزب بطرق عدة ومختلفة ، قد لعب دورا مهما ، وحاسما في انصرافنا المبكر إليه ، فقد عرفنا مشاهير الكتاب العرب ، والعالم من خلال رفاق تقدمونا بالعمل في صفوفه ، ففي سني الصغيرة تلك قرأت لنجيب محفوظ ، مثلما قرات لتولستوي ، ولهيجو ، مثلما لهمنغواي ، وقرات عن الطريق الحزب الفلسفة العربية - الاسلامية ، مثلما قرات المادية الديالكتيكية ، وتعرفت على الفارابي ، والغزالي ، مثلما تعرفت على ماركس وانجلز ، وقرأت اللص والكلاب ، مثلما قرأت الطيران الى الحرية 0
لقد حمل الحزب الشيوعي العراقي كل هذه المعارف الى سكان الاكواخ في الاهوار ، والى الفلاحين في ارياف العراق القريبة والبعيدة ، وما كان الدكتور داود سلوم ، استاذ النقد في جامعة بغداد ، مخطئا ، حين قال لنا يوما ، ونحن طلاب عنده في كلية التربية ، وكانت حسرة من ألم تملأ قلبه على إثر النتيجة الكاسحة التي حققها ممثلو الحزب في انتخابات جامعة بغداد مطلع سنة 1968م ، قال : قولوا لي - يا جماعة - هل لدى الحزب الشيوعي ثانويات خاصة ، يعلم فيها الطلبة الشيوعية قبل قدومهم الى جامعة بغداد للدراسة ، فجل هؤلاء الذين يأتون الينا يميلون الى هذا الحزب 0
لقد كان الاستاذ الكريم يجهل العمل الجماهيري العظيم الذي ينهض به اعضاء الحزب ومؤازروه ، فالحزب ، كما وصفه الاستاذ ، كان مدارس ، دونما بنايات ، قد تكون هذه المدرسة مقهى معلومة يلتقي فيها نفر من الشيوعيين واصدقاؤهم من حملت الفكر التقدمي ، حاملين كتبا معهم في مختلف المعارف والعلوم ، وقد تكون جامعا عمل البعض منهم على ايجاد مكتبة صغيرة فيه ، وقد تكون شارعا يعيرك الواحد منهم كتابا ، وانت مارا عليه فيه ، أو يخبرك عن كتاب أنت لم تسمع به من قبل 0
لقد أعارني مرة فلاح شيوعي كتابا قيما ، يشرح الفروق بين المدارس الفلسفية المختلفة بشكل رائع ومبسط ، يتوافق مع مداركي العقلية ساعتها ، وأنني لازلت أذكر اسم هذا الكتاب للساعة ، وهو كتاب : المادية الديالكتيكية ، لبوسنت وياخوت ، وكنت كلما عصت عليه مسألة في الفلسفة في كتاب آخر غيره ، عدت اليه ، فأجد فيه عونا ما كنت قد وجدته في كتاب آخر 0
هذا جزء مختصر من تجربة غنية ، وعظيمة في العمل الجماهيري الذي كان يؤديه الشيوعيون العراقيون بين الناس في العراق ، وعلى مدى سنوات من عملهم السياسي ،واضعين تاريخ شعبهم نصب أعينهم ، فهم أول من بعث التراث الثوري للعراقيين الى الحياة من جديد ، فقد زخرت كتاباتهم بالحديث عن القرامطة كأول دعاة للاشتراكية في العراق والشام وشبه جزيرة العرب والبحرين ، وكان كتاب بندلي الجوزي المستشرق الروسي عن القرامطة يدور بين اعضاء الحزب واصدقائه ، مثلما كان يدور كتاب فيصل السامر عن ثورة الزنج ، ثم حكمهم لجنوب العراق سنوات طويلة ، هؤلاء الذين استلموا مشاعل الثورة من الحركة الاسماعيلية التي رفضت الخضوع للسلطة الاستقراطية المتمثلة في الدول العباسية ، مثلما رفضوا الاقرار بمبدأ التقية الذي كان قد اعتبروه اشبه بهدنة مع الملوك الجبابرة ، وكان من هؤلاء الملوك ابي جعفر المنصور الذي اتهم الامام الصادق عليه السلام بتحريض ثوار البصرة من الاسماعيليين على الثورة ، ولكن الامام تخلص من تلك التهمة بشهادة عدل من تجار بغداد على موت اسماعيل ابنه ودفنه في المدينة ، وذلك حين كان هؤلاء التجار العراقيون يؤدون مناسك الحج في مكة والمدينة التي كان يقطنها الامام نفسه 0
لقد كان العراق على مدى ألوف من السنين من التاريخة المديد يعج بالحركات الجماهيرية ، والاحزاب السرية التي كانت تمثل فقراء العراق بصدق ، وتكافح بمثابرة من أجل حقوقهم ، وبهذا فقد قدم كل جيل من اجياله تجربة ثرة في العمل السياسي للجيل الذي يليه ، مثلما قدم خبرة كبيرة في العمل السياسي بين صفوف الناس فيه ، وما كانت مدينة من مدنه ، ولا ريف من أرياف خلوا من طلائع العمل السياسي هذا ، وقد يتقارب الوعي فيه بين صياد سمك في اهواره ، وبين طبيب جراح جاء من مدينة الطب في بغداد ، منفيا من قبل الحزب الحليف ! بسبب من انتمائه للحزب الشيوعي العراقي 0
:- رفيق مرة ثانية تعال للاجتماع بدشداشة ( ثوب طويل ) ، ولا تأتي بسروال وقميص ، فنحن نفرش الأرض ونجلس هنا في هذا الهور ، وفي هذا الليل المدلهم ، المعتم كما ترى ، ورفيقنا مالك الكوخ ، الذي يُدار فيه اجتماعنا الحزبي هذا ، لا يعرف الكرسي ولا يملكه ، ولكنه سيقدم لك الليلة فقط ، بدلا عنه ، علبة من صفيح ( تنكة ) لتجلس عليها ، قال صياد سمك في الهور ذلك لطبيب قادم بغداد ، وهم يعقدون أجتماع في بيت فقير من فقراء القرامطة ، وعمال الملح ( الشورجة ) في جنوب العراق 0
هذا هو عمل الشيوعيين العراقيين المثابر ، وهو الذي سيمنحهم فرصا طيبة في معركة الانتخابات السلمية القادمة في العراق ، إذا ما جرت تلك الانتخابات بطرق ديمقراطية ، حقيقة ، بعيدة عن المماحكات القديمة التي تحكمت في ساحة العمل السياسي في العراق ، تلك المماحكات التي اتخذت اشكالا عدة ، استخدمت فيها قوى شريرة مختلفة الاهواء ، والمصالح ، اسلحة الارهاب ، والشرطة ، والدين ضد الشيوعيين العراقيين على مدى تاريخهم المجيد ، وذلك حين ينجح الشيوعيون في استمالة أغلبية الناس الى برنامجهم السياسي في العراق ، وأنا واثق من الجيل الجديد من الشيوعيين العراقيين سيتقدمون في عملهم خطى محمودة ، وسيحققون مكاسب مهمة في ما يُراد من عمل ديمقراطي للعراق وأهله ، رغم كل الظروف الطارئة التي تمر على الشعب العراقي ، ورغم خروج الحزب القريب للعمل العلني 0
إن بلدا ، مثل العراق ، لم يحل الناس فيه عدل ، ولم تنزل فيهم مساوات ، لا يمكن لطاغية جائر ، أو حزب متشدق بانصاف ، أن يحكمه بحد سيف ولا بترهيب سماء ، وإن كان هناك أحد في شك مما أقول ، فهذا تاريخ العراق أمامه ، ولينظر إليه ، ففيه عن القول ما يغني 0



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبن فضلان سفير العراق المقيم في أوربا
- ظرف الشعراء ( 30 ) : أبو الهندي
- ظرف الشعراء ( 29 ) : العتابي
- بين البصرة وبهرز الحجة اطلاعات يصول !
- كلهم على طريق ?لاوي !
- دالت دولة الارهاب !
- الى الشيخ حارث الضاري وآخرين لا تعلمونهم !
- الفلوجة كانت ستكون عاصمة الدولة الطائفية !
- حججكم واهية يا ذيول صدام !
- بوش الى الأبيض ثانية !!
- العراق بين كيري وبوش !
- ظرف الشعراء ( 28 ) : قيس بن الملوح العامري
- المصالحة الوطنية مصالحة بعث لبعث !
- معهم في الكويت ضدهم في العراق !
- الجنوب المذبوح أبدا !
- ظرف الشعراء ( 27 ) : العكوك
- التفاوض والقتل !
- الترويع !
- عين على الارهاب وعين على السلطة !
- فاجرة يتعشقها الجميع !


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - الحزب الشيوعي العراقي : العمل الجماهيري والانتخابات !