|
العراق والربيع العربي
معزز اسكندر الحديثي
الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 11:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يدر في خلد أحد ولا في خلد الشاب التونسي محمد البو عزيزي الذي اضرم النار في نفسه يوم الجمعة الموافق 17/12/2010 امام مقر ولاية سيدي بو زيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى اراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته امام الملأ وقالت له (( ارحل)) . انها الشرارة الاولى للانتفاضة العارمة في مدينة سيدي بو زيد وفي تونس وفي كل الدول العربية والتي عرفت فيما بعد بربيع الثورات العربية ومن اسباب هذه الأحتجاجات والمظاهرات انتشار الفساد والركود الاقتصادي وسوء الاحوال المعيشية والمطالبة بحرية الرأي والحقوق المدنية ، وتميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربي اصبح شهيراً في كل الدول العربية وهو (( الشعب يريد اسقاط النظام)) . دامت الانتفاضة في تونس قرابة الشهر حتى رحل زين العابدين بن علي فاراً بنفسه، وانتقلت الشرارة الى مصر ووقف المصريون وقفتهم الفريدة التي انتهت باسقاط النظام السياسي واحالة الرئيس المخلوع الى المحكمة. وخاض ثوار ليبيا حرباً ضروس مع كتائب القذافي انتهت بانتصار الشعب ، وما زال الشعب يناضل في اليمن والبحرين وسوريا نسأل الله لهم الثبات والنصر. وارادت القوى الظلامية تشويه ثورات الشعوب العربية باتهامها انها صناعة امريكية وانها لم تظهر الابموافقة امريكية وغربية .. وهذا تجني على الحقيقة وخيانة للدماء الزكية التي نزفت على ارض تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا، هذه الثورات عفوية النشأة ثم تعاظم امرها شيئاً فشيئاً نعم ان امريكا والغرب ايدوا ذلك لامور كثيرة منها انهم لا يريدون ان يقفوا ضد التيار ويؤيدوا الحكومات الاستبدادية التي اصبحت غير مرحب بها في جميع انحاء العالم . افادت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية في يوم 25/2/2011 : انه في خضم سلسلة الانتفاضات في الشرق الاوسط تواجه ادارة الرئيس الأمريكي ( باراك اوباما) واقعاً حرجاً مفاده ان ملوك منطقة الشرق الاوسط قد يخرجون سالمين من العاصفة التي تجتاح المنطقة ولكن الرؤساء قد لا يستطيعون الصمود. وفي العراق استنشق الشباب رياح الثورة والتغيير والاصلاح فبذلوا جهدهم للتحضير لهذه المظاهرات عبر المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وساعدهم في ذلك بعض منظمات المجتمع المدني وقليل من الشخصيات السياسية المستقلة . والجدير بالدراسة هو موقف الاحزاب السياسية العراقية من هذه المظاهرات فقد وقفت الاحزاب والكتل السياسية والرموز الدينية التي استحوذت على الساحة السياسية بعد الاحتلال الامريكي موقفاً سلبياً والتزمت الصمت المطبق ولم تنبس ببنت شفة ازائها الا بعض الدعوات الخجولة التي صدرت من هنا أو هناك، فلم نقرأ أو نسمع ان احد الاحزاب السياسية الفاعلة في الساحة العراقية اصدر بياناً أو اقام مؤتمراً صحفياً قبل يوم الجمعة الموافق 25/2/2011 ساند فيه اقامة المظاهرات أو دعا انصاره ومؤيديه الى مؤازرة المتظاهرين فضلاً عن الاشتراك فيها، اما بعد يوم 25/2/2011 فلا عبرة بمن تحدث او صرح لانها جاءت من باب ذر الرماد في العيون. اما احزاب السلطة فقد شمرت عن سواعدها ووقفت مع الحكومة ضد المظاهرات دون خجل أو حياء ، وقبل يوم المظاهرات 25/2/2011 وفي خضم ذلك الجو المشحون بالحرية جمعني لقاء مع أحد السياسيين وحاولت معرفة رؤيته للواقع السياسي في العراق بعد اندلاع المظاهرات، وكان صاحبنا متفائلاً الى حد كبير فقال : ان الثورة قادمة وان كل شيئ سينتهي لصالح الشعب ولا يستطيع احد ايقاف ثورة الشباب، ويبدو انه كان مستلهماُ نجاح الثورات في تونس ومصر واخبرته اننا في العراق وليس في تونس أو مصر ثم سكت برهة فقلت له: ان لدى السيد المالكي من الحنكة والذكاء والدهاء ما يفرغ هذه المظاهرات من محتواها ثم يسيرها في الطريق الذي يريد، ولم يرض الرجل بما ذكرت واصر على رأيه. وقبيل يوم المظاهرات الموعود اتخذت الحكومة اجراءات معينة للتضييق على المتظاهرين منها حظر التجوال للمركبات واغلاق الطرق الرئيسة المؤدية الى ساحة التحرير وانتشار مكثف للسيطرات المؤقتة وغير ذلك من الاساليب، ومع كل ذلك خرجت المظاهرات يوم الجمعة 25/2/2011 وتجمعوا في ساحة التحرير وسط بغداد، وكذلك خرجت في محافظات عدة حتى وصلت الشرارة الى اقليم كردستان فاجتاحت مدينة السليمانية مظاهرة عارمة ، وجميع هذه المظاهرات حملت شعارات تنادي بالاصلاح ومحاربة الفساد والحقوق المدنية وايجاد فرص عمل للعاطلين وغيرها. وفعلاً كما توقعت استطاع السيد المالكي ان يمتص نقمة هؤلاء الشباب ويحتوي هذه المظاهرات ويفرغها من محتواها بايعادهم بتحقيق مطالبهم المشروعة وما مهلة المائة يوم الا اسلوب من تلك الاساليب وما خقي كان اعظم، وفي الجمعة الثانية انخفض عدد المتظاهرين الى العشر واستطاعت الحكومة ان تحشد ضدهم ما يقارب عددهم وهكذا توالت الامور حتى اصبح الذين يخرجون ايام الجمع لا يتجاوز عددهم العشرات وبهذا تكون المظاهرات لا تغن ولا تسمن من جوع. والسؤال الذي لا بد منه : هل انتهى الربيع العربي في العراق ؟ هذا ما يجيب عنه الشباب فقط وهم امل الامة.
#معزز_اسكندر_الحديثي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقليم صلاح الدين
-
التسعير في النهج الاقتصادي الاسلامي
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|