أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة















المزيد.....

عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يزحف عمرى نحوالعام السبعين ، ومع ذلك مازلتُ أتذكرطفولتى ، إذْ كانت الست المصرية تمسك الفرخة لذبحها فتقول بعد البسملة (اللهم صبّرك على مابلاكى) والجزارالمصرى يمسك الخروف فيقول بعد البسملة (اللهم صبّرك على مابلاك) تجدّدت ذكرياتى وأنا أشاهد صورالتمثيل بجثة القذافى. العقل الحرلايختلف حول أنه أحد المجرمين الذين ابتلتْ بهم الشعوب العربية. ولكن الأسئلة المسكوت عنها فى الثقافة السائدة البائسة تقول: لماذا تكون ذهنية المظلوم هى ذاتها ذهنية الظالم؟ وإلى متى تستمرشهوة الانتقام خارج نطاق القانون ؟ وبماذا يستفيد المجنى عليه من قتل الجانى والتمثيل بجثته؟ أليس القتل هوالرحمة مُشفاة للمجرم ؟ لماذا لانتعظ (مع الفارق بالطبع) من حكمة (رصاصة الرحمة) التى تُطلق على الحصان الميؤوس من شفائه؟ رصاصة الرحمة تعبيرعبقرى ، لأنّ الرصاصة تُنهى آلام وعذابات هذا الحصان المسكين. أليس مايحدث فى الواقع هوتكرارلما يحدث فى السينما والمسلسلات الرديئة، إذْ يُقتل المجرم بدلامن تقديمه للمحاكمة.
يذهب ظنى أنّ قتل الطغاة فى الشارع (وكان بالامكان أسرهم) أوحتى إعدامهم بحكم قضائى نزيه، هدية تُقدّم لهؤلاء السفاحين ، ورحمة وشفقة بكل من أجرموا فى حق شعوبهم. لماذا ؟ لأنّ بديل القتل أوالإعدام حكم قضائى بالسجن، يكون بداية ترسيخ دولة القانون ونهاية عصرالغابة الذى ساد قبل استقرارمعنى (الدولة) State كما هوالحال فى الحضارة المصرية. ترسيخ دولة القانون بداية لنزع شهوة الثأراللاإنسانية المتوارثة عن الجدة الكبرى للعرب (هند بنت عتبة) أم معاوية وزوجة أبى سفيان التى طلبتْ من (وحشى) قاتل حمزة بن عبدالمطلب فى معركة بدرالكبرى ، أنْ يأتيها بكبد حمزة لتمتص دمها وتهرسها بأسنانها إلخ تلك الواقعة الحزينة التى يُعاد تدويرها والتمثل بها كأنها منارة لتقدم البشر، وليس لتخلفهم. أليستْ ذهنية الثأرلصيقة بعاهة القسوة التى مارسها جنود بشارالأسد ضد المواطنين الشرفاء من تعذيب وسحل فى الشوارع ؟
وهل يُمكن فصل ماحدث عن التراث العربى؟ كتب أبوالحسن البصرى البغدادى الماوردى أنه يجوزللمسلم أنْ يقتل من ظفربه من المشركين محاربًا وغيرمحارب. فهل كان القذافى من المشركين؟ وكتب أنه لايجوزقتل النساء والولدان فى حرب مالم يُقاتلوا ، ولكن إنْ لم يتوصل المسلمون لقتال العدوإلاّبقتل النساء والأطفال جازذلك (الأحكام السلطانية والولايات الدينية- مكتبة مصطفى البابى- عام 1973ص41) أليس ذلك ما يفعله جيش بشارالأسد الذى يقتل النساء والأطفال؟ وفى حرب العرب ضد الروم دارحواربين خالد بن الوليد وأبى عبيدة بن الجراح الذى رأى وقف القتال لأنّ المدينة فتحتْ صلحًا ، فرفض خالد وقال لا أرفع السيف عنهم حتى أفنيهم عن آخرهم (فتوح الشام للواقدى- مكتبة المشهد الحسينى- ص46) وفى الشعرالعربى الكثيرالمُعبّرعن رغبة الانتقام من ذلك قول المتنبى بعد حرب الروم (ونحن فى جزل والروم فى وجل/ والبر فى شغل والبحرفى خجل/ وكلما حلمتْ عذراء منهمو/فإنما حلمُتْ بالسبى والإبل) وفى قصيدة أخرى قال (حتى رجعتُ وأقلامى قوائل لى/ المجد للسيف.. ليس المجد للقلم) وكتب عمربن كلثوم (لنا الدنيا ومن امسى عليها/ ونبطش حين نبطش قادرينا/ طغاة ظالمون وماظلمنا/ ونظلم حين نظلم بادئينا) ولعلّ ذلك ما جعل أ. أحمد أمين أنْ يكتب (كان العربى يفخربالسيف واللسان لابالقلم ، ولم تزل العرب تُفضلالسيف على القلم) (ضحى الإسلام- ص185) والجعد بن درهم قال بخلق القرآن ، فهل هذا يُبررذبحه فى يوم عيد الأضحى على يد الوالى خالد القسرى؟ وماهواسم تلك النزعة الوحشية فى أسلوب قتل ابن المقفع حيث تعذيبه بتقطيع جسده وهوحى ينظروإلقائها أمام عينيه فى النار، أوماحدث لعبدالحميد الكاتب بقتله بوضع طست محمى على رأسه راح يصعقه على مهل؟ أوقتل الحلاج؟ وهل ننسى جزرأس الحسين والعبث بها وسبى نساء بيت النبى (ص) أوقتل الخليفة الأمين وقطع رأسه بمعرفة جيش أخيه المأمون؟ أوالتمثيل بجثة محمد بن أبى بكرووضعها فى جيفة حمارثم حرقها؟ أوما فعله الخليفة أبوالعباس السفاح برأس مروان بن محمد ، إذْ سجد ثم رفع رأسه قائلا لرأس مروان (الحمد لله الذى أظفرنى بك) وهذا الخليفى استدعى 70 أسيرًا أمويًا تم ضربهم بالسياط ثم قطعتْ الرؤوس ومُدّتْ مائدة الطعام للسفاح ومن معه وجلسوا يأكلون على أصوات أنين المحتضرين. لذا كان أ. سليمان فياض على حق إذْ كتب (ظلتْ روح الانتقام العباسى تطارد بنى أمية طوال مائة عام ، عملا بالسنة العربية المُتبعة عبرالتاريخ) الوجه الآخرللخلافة الإسلامية- ميرت للنشر1999ص 42) وهل ينسى العقل الحرمافعله قتلة عثمان بن عفان إذْ قتلوه وهويتلوالقرآن؟ أومافعله جنود الوليد بن يزيد بن عبدالملك عندما قتلوا خليفتهم وذهبوا به إلى الوليد ، فنصبه على رمح وطيف به فى دمشق؟ أوما فعله الهادى مع أمه إذْ حاول قتلها بالسم ولم يفلح بينما نجحتْ محاولة أمه الخيزران التى دسّتْ إليه من جواريها من قتلنه بالجلوس على وجهه (أحمد فريد رفاعى- عصرالمأمون- ج1 هيئة الكتاب المصرية- عام 97ص98) أوماحدث فى واقعة (الحرة) بين مسلمين ومسلمين موحدين مثلهم حيث تم قتل الآلاف من المهاجرين والأنصاروأنتهكتْ حرمة المدينة وأنتهبتْ وأفتضتْ فيها بكارة ألف عذراء (النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى- ج1 هيئة قصورالثقافة- عام 2007ص 160) أوما حدث فى خلافة الظاهرلدين الله الذى سمع أنّ الجوارى فى القاهرة يتزيّن بأحسن الملابس ، فأمربحبسهن لمدة ستة شهورثم أمرباحراقهن عن خرهن وكان عددهن 2660جارية (بدائع الزهورفى وقائع الدهور- ابن إياس- هيئة الكتاب المصرة- عام 82ص214) أومافعله صلاح الدين الأيوبى مع جماعة من أعيان القاهرة اتفقوا على إعادة دولة الفاطميين فأمرصلاح الدين بشنقهم (المصدرالسابق ص240)
إنّ سجن الطغاة بحكم قضائى نهائى يُحقق للشعب الذى عانى بطش السلطة وعاش سجينًا داخل أسوارالديكتاتور، سجن الحاكم الظالم يحقق للشعب راحة نفسية وسكينة روحية (بعيدًا عن شهوة الثأر) وفق السيناريوالتالى: انتقال الديكتاتور من عيشة القصورإلى زنزانة بحجم جسده. بعد النوم على السريرالملوكى ينام على (البرش) الذى نام عليه الفقراء من مُحترفى سرقة حبال الغسيل أوالنشل فى الأتوبيسات. يأكل طعام السجن بسوسه وحشراته كما أكله المعتقلون أصحاب الرأى. لايرى إلاّ السجان فيتذكرالخدم والوزراء وكل التابعين. يخضع لقانون السجن وإلاّتعرّض لعقوبة أشد، فيتذكرمنهج الطاعة المطلقة الذى كان يُمارسه على الملايين. باختصارفإنّ السجن هوالتجسيد الحى لعقد المقارنة بين معيشتيْن : معيشة الماضى الذى يُلاحقه ويتحسرعليه. ومعيشة الحاضرالذى لم يتخيّله بينما هو واقع مادى ملموس، الذى هوأشد أنواع العذاب النفسى، العذاب الذى يضغط عليه ليطرح على نفسه السؤال الذى طرحه كل إنسان فى لحظات الندم: لماذا كان ماكان وبالشكل الذى كان؟ لماذا لم أستمع لنداء الشرفاء من العمال والفلاحين والعلماء المخلصين؟ ماجدوى الأموال التى نهبتُها من الشعب بينما المستفيد الوحيد هى البنوك الأوروبية والأمريكية التى هرّبتُ إليها هذه الأموال وأودعتها فيها؟
وهناك سيناريوآخرهوتحويل الديكتاتورإلى عضونافع مثلما فعل ثوارالصين عام 1949إذْ حكموا على الامبراطورأنْ يعمل (جناينى) ونظرًا لأنّ هذه المهنة لاتنطبق على الطغاة العرب ، أقترح تحويلهم إلى عمال نظافة يكنسون الشوارع ويُسلكون البلاعات ، بمراعاة أنّ هذه الأعمال الشريفة قد تُطهّرهم من ذنوبهم. أكتب هذا وأنا أعلم أنّ السيناريوالأول والثانى قد يعترض عليه من تولوا الحكم بعد التخلص من الديكتاتور، لأسباب لايعلمها إلاّمافى نفوسهم، وأعلم أنّ كتابتى قد تكون صرخة فى صحراء خالية من البشر، بينما عقلى يؤمن بوجود أحراريؤمنون بالعقل الحرالقابل للتفكير، وأملى فى هؤلاء لتبنى مطلبى لنزع شهوة الثأرالجهنمية المؤسسة على قاعدة أنّ (العنف يولد العنف) وأنْ نبدأ فى ترسيخ دولة القانون ونهاية عصرالغابة.
******



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعكاسات الحرب والدمار على أهل الهوى
- الفلسطينيون بين العرب والإسرائيليين
- محمد البوعزيزى : الإبداع على أجنحة الحرية
- نجران تحت الصفر للكاتب الفلسطينى يحيى يخلف
- المبدعة الليبنانية هدى بركات وجدل العلاقة بين الحياة والموت
- عمارة يعقوبيان : الإبداع بين الأحادية والجدل الدرامى
- اللغة القبطية بين لغة العلم والأيديولوجيا السياسية والعواطف ...
- المبدعة البنانية رشا الأمير وروايتها البدية ( يوم الدين )
- الإيمان بحق الاختلاف هو الحل
- تحالف الديكتاتورية مع العداء للخصوصية الثقافية للشعوب
- أولاد حارتنا بين الكهنوت الدينى والإبداع
- أبو حصيرة : من الضرح إلى المستوطنة
- نبوءات الليبراليين المصريين حول المخطط الصهيونى
- رد على القراء بشأن مقالى عن هيباتيا
- اغتيال الفيلسوفة المصرية هيباتيا والعداء للمعرفة
- استشهاد فرج فوده والدروس المستفادة
- أجيال جديدة ومرجعية قديمة
- علمنة مؤسسات الدولة والسلام الاجتماعى والانتماء الوطنى
- الإسلام السياسى للمستشار العشماوى
- القومية المصرية تُغطيها قشرة رقيقة


المزيد.....




- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفاً حيوياً للاحتلال في إ ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...
- إلى جانب الكنائس..مساجد ومقاهٍ وغيرها تفتح أبوابها لطلاب الث ...
- بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س ...
- أمين سر الفاتيكان: لبنان يجب أن يبقى نموذج تعايش ووحدة في ظل ...
- الكنائس المصرية تفتح أبوابها للطلاب بسبب انقطاع الكهرباء
- صورة جديدة لسيف الإسلام معمر القذافي تثير ضجة في ليبيا


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة