أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - لكن الإله الجديد أيضا غير موجود , وهم , ككل الآلهة القديمة و الجديدة , و الحل يكمن فقط في الحرية















المزيد.....


لكن الإله الجديد أيضا غير موجود , وهم , ككل الآلهة القديمة و الجديدة , و الحل يكمن فقط في الحرية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3529 - 2011 / 10 / 28 - 10:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مرارة فقدان الإيمان بشيء ما لأنه كان غير موجود أساسا مرارة مؤلمة , بقدر ما تحمل من تجدد صحي في الوعي , لعل الشعور الهائل العميق بالخيبة , بالانهيار , الذي خلفه سقوط الاتحاد السوفيتي و من قبله دول المعسكر الشرقي عندنا كيساريين لا يساويه في القوة إلا تلك المشاعر الهائلة بالخيبة و الألأم التي خلفتها هزيمة يونيو حزيران , بدا العالم و كأنه انقلب رأسا على عقب , بدا كل شيء مزيفا , لكنها كانت فرصة حقيقية , أخيرة بالنسبة للبعض ربما , ليروا الواقع كما هو , اكتشفنا مع الطلقات التي استقرت في جسد الزوجين تشاوشيسكو و مشاهد زنزانات سجون الشرطة السرية في ألمانيا الشرقية أن الإله الذي عبدناه لم يكن له وجود , لم يكن هناك أي خلاص حقيقي للفقراء بل طغيان جديد دموي و قاسي و فاجر , يستعذب آلام الآخرين خاصة من زعم أنه كان يريد تخليصهم أو تحريرهم , تماما كالإله الذي يعود للظهور اليوم مرة أخرى بعد أن استخدم قرونا طويلة لتبرير استعباد الناس و استغلالهم في شرقنا و في العالم , كانت عقودا طويلة قد مرت على مذبحة كرونشتادت بينما على صدى تعاليم لينين و ستالين التي بشرت بحقيقة مطلقة و بسلطة مطلقة شمولية فردية تقوم على الرعب و الصمت , كانت الدبابات الروسية تدخل إلى بودابست لتسحق ثورة العمال المجريين و تكرر فعلتها مرة أخرى بعد عقد و نصف تقريبا لتسحق ثورة الشباب التشيكي , لكن كل ذلك مر بردا و سلاما على المؤمنين بذلك الوهم كما على أسيادهم الطغاة الذين كانت قد فرختهم أنظمة و أحزاب شمولية مسخت كل شيء إلى تكرار فارغ أجوف لطقوس عبادة السلطة و إنكار الذات و الواقع , طبعا سوريا على الأقل , قاد تنازع رأس البيروقراطية الحزبية على مكاسب الانضواء في جبهة البعث الحاكم إلى إحساس عند الكثير بكارثية ما يجري و ما سيأتي , رغم أن ما جرى في النهاية فاق تصورات الجميع , كمؤمنين سذج فتحنا عيوننا أخيرا على الحقيقة , انهارت الأصنام بالفعل , لكن فقط عندما شاهدنا بأعيننا انهيار معبدها – سجنها الأخير , عندها فقط ألقينا بأصنامها و بكتبها المقدسة في الشوارع التي أصبحت خالية لبعض الوقت إلا من عواء منظري العولمة الرأسمالية , تذكرني أحاديثي اليوم مع شباب التنسيقيات و مقابلات شباب الإخوان التلفزيونية في مصر خاصة بهذا التاريخ المؤلم الضروري لعملية قطع حبلنا السري مع عبادة طغاة القرن العشرين الأخيرين , لعملية سقوط الوهم , بعض شباب التنسيقيات الذين كانوا هم من صنع و فجر الثورة السورية , بدمائهم في كثير من الأحيان , الذين خلقوا الأمل بغد حر , هؤلاء الشباب الذين بدؤوا للتو يتعلمون السياسة و الثورة , مثلنا تماما , نحن الذين يمكننا اليوم مثلا أن نقول أن دور ما يسمى بالطليعة الثورية هو تعطيل الثورة و الانقلاب على أهدافها الحقيقية , هؤلاء الشباب تتملك بعضهم اليوم أوهاما تشبه تماما تلك الأوهام التي كانت تسيطر علينا عندما كنا في أعمارهم , ما علينا فعله اليوم هو أن نؤكد لهم أن الآلهة التي يؤمنون بها غير موجودة , كما قال زرادشت بعد عودته من عزلته في الغابة , أنها قد ماتت منذ وقت طويل , أنها ولدت ميتة ربما , ليس فقط كي نهز إيمانهم بها فهذا الإيمان لا يشكل مشكلة إلا عندما يشكل أساسا لطغيان جديد , للاستسلام لطغيان جديد , بل لنعيد إليهم إيمانهم بأنفسهم , و بحريتهم و بحريتنا جميعا , بحرية كل البشر على هذه الأرض ... طبيعي أن نفهم أن الثورة الجماهيرية ضد أنظمة ادعت و رفعت "العلمانية" شعارا لطغيانها و استعبادها للناس , طبيعي أن نفهم أن الثوار سيعملون نظريا و فكريا كما سياسيا لدحض منطق السلطة المستبدة و إيديولوجيتها , عندما انتفض الفرنسيون ضد سلطة الملك و الكنيسة المطلقة كان على ثورتهم أن تكون علمانية حتى النخاع , تماما لنفس السبب يستخدم قسم كبير من شباب الثورات العربية اليوم تبريرا إيمانيا لثورتهم على الطغاة , لكن بعيدا عن هذا , فإن هذا الإيمان القديم – الجديد لا يعني إلا شيئا واحدا : خلق نقيض ما يريده الثوار , الشباب الثائر , خلق الديكتاتورية من جديد , الحل الحقيقي لمشكلة الطغيان و الاضطهاد و الاستغلال لا يمكن في شعار و فكرة أن الإسلام هو الحل , لكن هذا الرفض ينطلق من منطق مختلف تماما عن منطق نظام مستبد مجرم كنظام بشار الأسد مثلا , كما أنه لا يكمن أيضا في شعار و فكرة أن الستالينية أو القومية هي الحل , لسبب جوهري , هو أن الديكتاتورية بأي شكل ليست هي الحل و لا يمكن أن تكون , إنها المشكلة الحقيقية للبشر , إنها مصدر الظلم و القمع و الاضطهاد الذي نعيشه , و هي بأشكالها الدينية و غير الدينية لن تفعل إلا إعادة إنتاج عبوديتنا و كل ما يرتبط بها من قمع و تهميش و استغلال و استلاب , على العكس تماما فالحرية هي الحل , لا يمكن فهم الاشتراكية التحررية أو الأناركية إلا على أنها مرادف للحرية , في الحقيقة ليس هناك إلا نحن و الطغاة , لا وجود لآلهة كما لا وجود لأية قوة غيرهم ( حزب , طليعة , نخبة , الخ ) ستقوم بتحريرنا من هؤلاء الطغاة , لن تكون حريتنا في الواقع إلا نتاج نضالنا , لولا ثورة الشباب التونسي و المصري و السوري و اليمني و الليبي , لولا تلك الدماء , لولا تلك الآلام و التضحيات , لما كانت الحرية ممكنة أبدا اليوم و في الغد , لم يحرر أحد أو أية قوة البشر من الطغاة , ليس لأحد أي فضل على الثوار , لقد فعلوا المعجزة بأنفسهم , صحيح أن وعينا و وعي الطغاة قد اخترع أو ضخم أشخاصا كالهرموش و العرعور , "كأبطال" لحريتنا القادمة , لكن الحقيقة أن الناس العاديين , أبسطهم و أكثرهم "عادية" , الذين حطموا قيود الخوف و الترهيب و واجهوا رصاص القتلة بصدورهم هم أبطال ثوراتنا الفعليون , لكن الموضوع لا يتوقف هنا , فالحرية تعني في الواقع أن نحكم أنفسنا بأنفسنا , لا أن تحكمنا أية أقلية أيا كانت تحت أي مبرر و أي ترتيب آخر للأمور يعني عبودية جديدة فقط .. بكلمة , إذا أراد الثوار , الشباب الثائر أن يعيشوا حياتهم بنفس درجة الحرية التي انتزعوها و هم يقارعون أزلام ديكتاتورية مبارك أو ابن علي أو القذافي في ميدان التحرير أو ميادين تونس أو بنغازي فعليهم أن يتعلموا من تجربتهم الخاصة تلك أن يخلقوا شروط و مؤسسات الحياة الجديدة القائمة على حرية الجميع , ليصبحوا مع الجميع أحرارا و متساوين ... أتصور الأيام التالية , بعض هؤلاء الشباب سيصبحون جزءا , براغي في ماكينة نظام ما ديكتاتوري في حقيقته , البعض الآخر الأكثر نقاءا و براءة سيعتزل أو سيستيقظ ذات يوم ليدرك أخيرا أنه لا وجود لذلك الإله الذي يطالبونه أن يستسلم لقدره و لأوامره و لنواهيه فقط ليجعلوا منه عبدا جيدا , سيدرك هؤلاء في وقت ما , لاحق ربما , أن الإله الجديد وجد لخلق عبودية جديدة و ليس ليكون عنوانا لخلاصهم أو لحريتهم الفعلية كما ظنوا ذات يوم , قد يقول البعض لقد فشلت أفكاركم فاتركونا نجرب , لكن الأكيد هو أن تجربة شكل ما , قديم أو جديد من الديكتاتورية لن يكون إلا سخفا و لن يؤدي إلا إلى العودة إلى الوراء , إلى الاستبداد و الطغيان و القمع و الاضطهاد : مرة أخرى الديكتاتورية لا يمكن أن تكون هي الحل أو الخلاص لآلام البشر و لمعاناتهم , الحرية وحدها هي الخلاص , هي الحل , لا أعلم إن كانت مثل هذه الكلمات من ملحد مثلي ستساعد هؤلاء الشباب في أن يعوا هذه الحقيقة سلفا , اليوم أو في الغد على أبعد تقدير , قبل أن يكون ذلك متأخر جدا , لكني أتذكر كيف كنت أفكر عندما كنت في عمرهم , اليوم ألوم الظروف لأن أحدا ما لم يخبرني يومها عن حقيقة ستالين أو الأسد أو عبد الناصر أو القذافي , لكن حتى لو تصادف أني سمعت أحدهم يومها , هل كنت لأصدقه ؟ لا أستطيع الجواب عن مثل هذا السؤال بحيادية و تجرد اليوم , ربما عليهم أيضا أن ينتظروا نكستهم الخاصة , حزيرانهم الخاص , و لو أني أرجو بكل صدق و إخلاص , أن لا يحتاجوا لانهيار جديد , ألا ينتظروا انهيار صنم جديد للطغيان و القهر و لاستغلال الإنسان للإنسان لكي يدركوا ما أدركه و كثيرون معي اليوم , أن هذا الصنم هو مجرد رمز لطاغية جديد , أن الإله وهم , غير موجود , و أن عبادتنا له لم تكن تعني أننا كنا أغبياء فقط , بل جعلتنا عبيدا لمن استغبانا يومها



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على موضوع عن قصتي مع الإلحاد
- عن قصتي مع الإلحاد
- قصتي مع الإلحاد
- حوار مع فقير سني و مع فقير علوي عن الحرية
- تحذير عاجل
- تعليق على الحوار مع الرفيق نايف سلوم و على وثائق المجلس الوط ...
- إيما غولدمان و رودولف روكر عن الأناركية
- 3 فصول من كراس الفيدرالية الشيوعية الأناركية في إيطاليا : ال ...
- هل قامت الأديان بمساهمات مفيدة للحضارة ؟ لبرتراند راسل
- التدخل الخارجي , و مخاطر انزلاق الثورة السورية
- العرعور و الثورة السورية و العلمانية
- من ضد من في الثورات العربية ؟
- اتخاذ القرارات بالإجماع
- أهم عشرة أسباب لكون البيرة أفضل من يسوع ( و سائر الآلهة و ال ...
- ما هي الجمعية الشعبية ؟
- حرية السوريين ليست مسألة فقهية
- رسالة من امريكا سكارفو الى ايميل ارماند
- الثورة في بر الشام
- لماذا الله ليس معنا ؟
- عن شيء اسمه إضراب


المزيد.....




- بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟ ...
- هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة ...
- بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال ...
- الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك ...
- -فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري ...
- -نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل ...
- مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد ...
- بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - لكن الإله الجديد أيضا غير موجود , وهم , ككل الآلهة القديمة و الجديدة , و الحل يكمن فقط في الحرية