أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوعي الطائفي والوعي الطبقي (2-3)














المزيد.....


الوعي الطائفي والوعي الطبقي (2-3)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3527 - 2011 / 10 / 26 - 09:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لم يستطعْ الوعي الديني الإسلامي التالي لمرحلةِ التأسيسِ إلا أن يكونَ طائفيا.
فقد تشكلتْ الطوائفُ عبر ظهورِ تفاسير متعددةٍ للقرآن والحديث والتاريخ عكستْ صراعاتٍ ومواقفَ سياسيةً تجاه المسألةِ المحوريةِ غيرِ المحلولةِ بشكلٍ ديمقراطي وهي (الصراعُ على السلطة).
وكلُ رؤيةٍ لهذه الصراعاتِ كانت تنسخُ الجوهريَّ المطلقَ غيرَ الاجتماعي من الرؤية العامة الدينية، أي لم تكن تأخذ الرؤيةَ النهضويةَ التي تشكلتْ في الثورة الإسلامية التأسيسية، بل تأخذُ هيكلَها المجردَ وتحيلهُ لجوهرٍ مطلقٍ خارج التحليلِ الاجتماعي السياسي، فلم تكن تر كيف كان التحالفُ الطبقي وكيف أسس التكونَ الديمقراطي الاجتماعي الذي لم يحلهُ إلى تحالف ديمقراطي سياسي، أي لم تنشأ تنظيماتٌ مختلفةٌ تعبرُ عن القسمين الاجتماعيين المختلفين طبقيا، المتحدين سياسيا، بل كانا في كيان واحد، رفض حتى الشكل السياسي المحدد.
ولهذا لم يكن الصحابةُ حزبيين، ولم يوجدْ تنظيمٌ حزبي، وكان هذا الرفضُ الباترُ لفكرةِ الحزبيةِ خوفاً على الكيانِ التوحيدي الهش في ذلك الزمان، الذي كانت خلفهُ كياناتٌ ضخمةٌ من الهياكل القبلية والآراء الوثنية المتجذرة والآراء الدينية المختلفة المناوئة.
وهكذا فإن البناءَ الشمولي تغلغل في التجربة الديمقراطية الاجتماعية بشكلٍ تاريخي مستترٍ متصاعد، وحين عادتْ الارستقراطيةُ للحكم ناقضةً البناءَ الاجتماعي المُقنن دينيا محافظةً على شكلهِ السياسي الشمولي، حدث تصدعٌ هائلٌ في الذهنيةِ المشتركةِ والروحية الجماعية التعاضديةِ بين المسلمين فكأن زلزالا اجتماعيا قد حدث، ولم تسمحْ أدواتُ الوعي المتوافرةِ لمثقفي المسلمين حينذاك أن يفهموا الانقلابَ الاجتماعي السياسي، الذي حاربوه ولكنه سيطر عليهم.
لقد صارعوه من خلال العناصر الفكرية المتاحة لزمنهم، كفكرةِ القدر ونقضها، لكن الانقلابَ الاجتماعي انتصر وساد التاريخ.
إن قوة فكرة التوحيد، والأشكال العبادية والتنظيمات الدينية المصاحبة لها، وأدوات القسر الحكومية، قد جعلت هذه القبائل والأقوام والأمم تتحد وتعيش في كيان سياسي واحد هائل.
إن قوة التوحيد لم يدخل فيها التنوعُ الديمقراطي، وقوى القسر والاستغلال هيمنت بقوة على هذا التوحد السياسي، وعلينا أن نرى أن القرون الثلاثة الأولى من الإسلام ظهرت فيها قوى الصراع الطبقي بقوى هائلة، لكن لم تنعكس على الكيانات التوحيدية، فلم تظهر المذاهب - الطوائف إلا كعناصر فكرية مستقلة، ولم تتحول الأفكارُ إلى طوائفَ مغلقةٍ بعد، والسبب أن فكرة التوحيد كانت جبارة مسيطرة، وبدايات المذاهب كانت فيها تعددية وقبول بالآخر المخلتف، واعتبرتْ أقوال الأئمة الفقهاء كآراء غيرِ ملزمةٍ واجتهادات قابلة للأخذ والرد، فكان الشكلُ السياسي الإمبراطوري صامداً للزمن.
كانت عواملُ التحلل تشتغل بقوة هي الأخرى، فالوعي الديني لم يزلْ متجوهراً على ذاته، والتراكمات تتجه لبلورة كيانات مغلقة شمولية داخلها، فالاجتهاد يقللا مع الزمن، وفصل الوعي الديني عن الفلسفة وعن التاريخ الاجتماعي يجري ويغدو الوعي الديني جوهراً لا تاريخيا إلا في نصوصه المغلقة، والسلطات تحيلُ الأفكارَ الدينيةَ والمحاكمَ إلى قوى ملحقة بها.
من هنا مع الانهيارِ المتدرجِ للشكل السياسي الإمبراطوري وعبر النخر العميق فيه، أخذت المذاهبُ صيغها المغلقة، التي يعبرُ كل واحدٍ منها عن كونهِ الإسلام مطلقاً، فتكونتْ تدريجيا الطوائف.
كانت طائفة مثل الخوارج تعد نفسها كياناً أصيلاً معبراً عن جوهر الخلافة الأولى، لكنها تحللتْ منها عبر شموليتها الحادة ورفضها أي تنوع أو مرونة سياسية، وغدت كيانات صحراوية باترةً للاختلاف والبشر.
وفعلت المذاهبُ ذاتَ الأمر في الكيانات المدنية بشكل أطول وأقل حدة لكن عكست النتيجة نفسها، ففقدتْ الاختلافَ الداخلي الديمقراطي، وفي نهاية المطاف غدت تلوكُ أفكارَها السطحيةَ المتيبسة بفعل فقدان مياه التفكير المتعدد ونسق الحياة المختلف الذي يجري كل يوم.
إن مصالحَ القبائل والأقوامِ والأمم والطبقات في الشكل الإمبراطوري لم تُؤخذ بعين الاعتبار من قبل مراكز الحكم، وكانت الدوائر الفكرية الدينية قد تكلست وتقوقعت، ولم تعد قادرة على إنتاج الجديد، نظراً لأن المقومات المنهجية التي اعتمدت عليها هي منهجيات قطع عن الأبنية الاجتماعية وعن تحليلها ومتابعة تحولاتها، فامتنعت قدرتها على التغيير، وانعكس ذلك على الأبنية السياسية فمن إمبراطورية واحدة ظهرت عشرات الممالك والأقاليم والمناطق المستقلة.
حدث التكلس الكلي، ولم يعد الجديد ممكناً من الداخل، لكن الجديد ظهر في مناطق بشرية أخرى، وجاء وضرب الكيانات العديدة المتجوهرة حول ذواتها، وقيل انها صدمة الحضارة الجديدة، ولكن هل نفذت إلى الداخل؟
المسألة صعبة وطويل



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي الطائفي الوعي الطبقي (1-3)
- الرأسمالياتُ والدول
- تحليلٌ لكلامٍ مغامرٍ (2-2)
- تحليلٌ لكلامٍ مغامر (1-2)
- ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر(4-4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسار المغامر (3- 4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (2)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (1)
- العرب والقوميات الأخرى
- تطوراتٌ متسارعة وقفزات
- الشعبُ السوري افترسوهُ وحيدا
- القومية والمراجعة التاريخية
- العربُ أمة غيرُ مركزية
- التشكيلةُ والسياسةُ الإصلاحية
- المغامرات الإيرانية وتحديات السلام
- الثورة السورية ومصير النظام
- الصراعُ العالمي الرئيسي
- أفكارٌ تلتف على رقابِ الشعوبِ
- خيارُ الليبراليةِ المنتجة


المزيد.....




- علماء: الذكاء الاصطناعي يوسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء
- الشيوعي السوداني يعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب السوري وقواه ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 595
- اشتباكات عنيفة في بوينس آيرس بين قوات الأمن والمتظاهرين احتج ...
- رائد فهمي: المنظومة الحاكمة تقف على أرض مهزوزة والتغيير الشا ...
- نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
- تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي ...
- م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء
- بدء مفاوضات تشكيل حكومة المحافظين والاشتراكيين في ألمانيا
- عن جدوى المقاومة والبكاء على أطلال أوسلو


المزيد.....

- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوعي الطائفي والوعي الطبقي (2-3)