متلازمة الوطنية والقومية

حسن محمد طوالبة

الحوار المتمدن-العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 13:24
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

نالت الصلة بين الوطنية والقومية اهتماما خاصا من المفكرين والسياسين , وشغلت حيزا كبيرا في احاديثهم وندواتهم وحواراتهم .
ورغم هذا الاهتمام فما زالت الفكرة حاضرة وتحتاج الى مراجعة ودراسة , لاسيما في وقت تسعى فيه قوى محلية وخارجية لفصم عرى العلاقة بين المصطلحين .
الوطنية في المفهوم الاكاديمي مصطلح يعني محبة الوطن ,والارتباط به وبأهله حضاريا وسياسيا واحتماعيا وتاريخيا , وتفرض حالة الشعور بالوطنية , الحمية والشجاعة في الدفاع عن الوطن وحماية منجزاته الحضارية والتاريخية .
اما القومية فهي مصطلح سياسي اعتمد مبادئ الارتباط الاجتماعي القائم على العرق ووحدة الاصل , وتلتقي ضمن هذا المفهوم الامة العربية , التي تعتمد على وحدة جذرها واصلها .
وعندما نقول القومية العربية , يتبادر الى الذهن مصطلح القومية الاوروبية , الذي قام على التعصب ورفض الاخر . وقد نال مصطلح القومية العربية كثيرا من التشويه , واتهام القوميين بانهم متعصبون ومتعالون على القوميات الاخرى التي تعيش بين ظهرانيها , وكل ذلك عائد الى تصرفات الحكام العرب الذين ابتعدوا عن كل القيم الروحية التي تميز العرب , وعن قيم العصر القائمة على التعايش واحترام حقوق الانسان , وكانت الاحزاب الدينية والطائفية ـ وما زالت ـ تتصدى للفكرة القومية وتسمها بالتعصب , في حين تدعو لوحدة العالم الاسلامي .
في زمن القطريات بعد تنفيذ اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916 ـ 1920,صار كل قطر يدعو الى ترسيخ الوطنية القطرية في مقابل الانتماء الى الامة , والى الوطن الذي يطمح العرب الى انشاءه , حالهم حال الامم التي تتوحد او تسعى الى التوحد ,كما هو حال الدول الاوروبية .
التربية الوطنية واجب , لتعزيز الانتماء الى الوطن , وتهيئه الاجيال من اجل الدفاع عنه .ولكن الوطن الصغير يظل خيمة المواطنيين الصغرى , التي تستظل تحت الخيمة الكبرى , الا هي الوطن العربي الكبير .
اذا كان العلم رمز الوطن , فما هو الوطن الذي ننشده ؟ .
1 . انه الوطن المستقل المتحرر سياسيا واقتصاديا وثقافيا .
2 . انه الوطن الذي يلعب دورا طليعيا في محيطه الاقليمي نحو التضامن والتكامل , بما يعزز الاستقلال والسيادة .
3 . انه الوطن الذي يلعب دورا طليعيا في الاطار العالمي , لضمان الامن والسلم الدوليين , وتأمين رفاه الانسان وصون كرامته.
4 . انه الوطن الذي يلعب دورا ايجابيا في ابعاد التحديات الخارجية عن المواطنين .
5 .انه الوطن الذي يلعب دورا طليعيا في الانحياز الى الحق والقضايا العادلة , وتحقيق المساواة وخدمة الانسانية .
6 . انه الوطن الذي تنتعش فيه الحرية والديمقراطية , وضمان حقوق الانسان .
المواطن الذي يعيش في مثل هكذا وطن ,يعتز بوطنيته , ويسجل لنفسه رصيدا كبيرا في سجل الوطنية . الوطنية ليست حكرا على احد او على طرف معين او حزب معين , وليس امتيازا لمن هو في السلطة ,بل هي لكل ابناء الوطن بدون استثاء , ولمن يريد ان يكون له رصيد في" بنك الوطنية", فالوطني المتميز هو الذي سجل لنفسة اكبر قدر ممكن من النقاط او الاسهم في بنك الوطنية , تشهد له في حياته وتخلده بعد مماته .
هل يتقاطع الانتماء الوطني مع الانتماء القومي ؟ . وهل يتقاطع ان يكون الفرد مواطنا في وطنه ومنتميا اليه , وفي الوقت نفسه ينتمي الى الامة العربية والى الوطن العربي ؟ . الانتماء الوطني يجب ان لايقود الى الانغلاق , كما ان الانتماء الوطني والقومي , يجب ان لايقود الى الانعزال عن الحضارة الانسانية .
من اجل احكام الوازنة بين الوطنية والقومية , لابد من احكام المحددات في التثقيف الوطني ومنها :
1 . عدم المغالاة في الحديث عن الوطن الصغير , واهمال الوطن الكبير , وصلة الشعب في الوطن الصغير بالامة كلها .
2 . وبالمقابل لايجوز المغالاة في ابراز القومي على حساب الوطني , لكي نثبت اننا قوميون .
3 . قطع كل ما يثير النزعات الدينية والطائفية والقومية والجهوية .
4 . كما هو الاستعداد للدفاع عن الوطن الصغير , لابد من تنمية الاستعداد للدفاع عن الوطن الكبير .
5 . يرتبط الامن الوطني بالامن القومي ارتباطا عضويا . وكلما تعزز الامن الوطني كان سندا للامن القومي .

#حسن_محمد_طوالبة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات