طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 02:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن قُتل القذافي وطُويت مرحلة طالما تمنى الليبيون انتهاءها، وأصبح اسم العقيد مجرد ذكرى، وخِيَمُهُ مجرد أطلال، وحرسه النسائي مجرد طُرفةٍ نستدعيها في ليالٍ كئيبةٍ لنُرَوِّحَ بها عن أنفسنا، وبعد أن أعلن المجلس الانتقالي من بنغازي تحرير ليبيا، يقفز إلى السطح سؤالٌ مهم للغاية، وهو: ما مصير الديمقراطية في الجمهورية الليبية الثانية؟
إنه ما من شك أن رحيل القذافي بطريقة أو بأخرى هو فعلاً بداية الطريق نحو بناء ليبيا فتية ديمقراطية حرة، فبغير تنحيته عن المشهد السياسي الحالي والواقع الليبي المعاصر لم يكن بالإمكان القول أن الثوار قد حصدوا العلامة الكاملة، فمجرد النظر إلى مشهد إعلان أعضاء المجلس الانتقالي المؤلف من أبناء الشعب الليبي تحرير البلاد والعباد بعد مقتل زعيمهم الراحل، ومشروعهم بإقامة انتخابات في مدة قياسية كفيلٌ بإطلاعنا على مرحلة مهمة تستعد طرابلس للدخول إليها، وهي مرحلة بناء الدولة الديمقراطية، مرحلة ما بعد العقيد المقتول.
وبغض النظر عن أي قولٍ متعلق بتصفية العقيد، فإن ما حدث لن يؤثر في مسيرة الديمقراطية بشيء، فالديمقراطية باقية، وليبيا تحررت، ولن يسجل التاريخ خسارة في مقتل العقيد سوى خسارة واحدة وهي خسارة الكم الهائل من المخزون المعلوماتي الذي كان بالإمكان الاستفادة منه بخصوص الأحداث المفصلية خلال فترة حكمه، فمن يمكنه الآن أن يخبرنا عن حيثيات قضية لوكربي بالتفصيل؟ أو اختفاء موسى الصدر بالتفصيل؟ أو الأماكن التي خبَّأ القذافي فيها أمواله بالتفصيل؟ إن القذافي وحده ووحده فقط هو من يملك الحقائق كاملة دون رتوش للأسف.
لكن الأهم من هذا كله في هذه المرحلة الجديدة هو أن يستفيد القائمون على البلاد من أخطاء السابقين، فتكون المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب نقطة البداية للإصلاح المنشود، وأن تكون مصلحة المواطنين البسطاء هي العليا، فيعملوا من أجلهم ولهم، فهم من حرر الأرض، وهم من ثار، وهم من بذل الغالي والنفيس لتعود البلاد إلى ذاتها، بعد أن ضللها العقيد بزيف أقواله 42 سنة، وقد عرف الجميع أخيراً أن ذلك الذي ناضل في صباه من أجل الحرية لم يكن في حقيقة الأمر سوى مجرد ديكتاتور.
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟