|
إبغض في الله!
علال البسيط
الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 07:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن هذا الكبير الذي يلقبونه "حضرة صاحب الشريعة" الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق, الذي يزعم للناس أن ربه ميزه بجوهر غير الجوهر وطبع غير الطبع وتركيب غير التركيب، لأنفع منه للناس رجل قروي ساذج يكون لقبه "حضرة صاحب الجاموسة"... نعم إن فلاحا عندنا قد يكون جاهلَ علمٍ وكتابة لا يفك حرفها، جاهل سياسة لا يجيد نفاقها، جاهل حرب لم يخض قط غمارها، جاهل سبي لم يعلم أن النساء متاع حرب وغنيمة جهاد مقدس،، جاهل عبادة لم يعفر وجهه لغير تراب الارض التي يحرثها حبا وعطاء ويقف في موسم الحصاد وقد امتلأت نفسه بين جنبيه فخرا وزهوا بما قدمت يده وصنعت همته للإنسان ونفع الإنسان وهو إلى ذلك يرحم ويرق ويعطف ويئن ويحب ويصبو ويفعل الخير فكان أجمل ما فيه حبه للأرض ونفعه للناس.
ولكننا نجد في الجهة الأخرى صاحبنا (صاحب الشريعة)، رجل الحروب والعقائد عالم بكل ما جهله فلاحنا إلا أنه جاهلُ إنسانيةٍ بامتياز، فما تظهر له إلا مقابلا لشهوات أحبها وغامر فيها: شهوة مال أو شهوة غزو أو شهوة جسد، وكنت إذا تأملت سيرته لا ترى بها روح السماء ونورها ولكن نار السعير وآلامها، فإذا أدَمت النظر في تاريخ أعماله رأيت مع ذلك رجلا اللطف والتسامح أضعف شمائله والغلظة والقسوة أقوى مذاهبه. ثم إن الجاموسة وصاحبها عاملان دائبان مخلصان للأرض والعمل والانتاج؛ فما هو عمل حضرة "صاحب القرآن" وأين تتجلى للناس عبقريته ومخلدات مآثره ؟
-كان لمحمد عقل عجيب في اختراع الالفاظ وتسمينها بأضر المعاني وأشدها عنتا وباطلا، وأوطئها نزعة وأضيقها مخرجا في مبادئ الاجتماع وطبيعة المعاشرة الانسانية، فكان يأتي بالالفاظ بادنة حُبلى بمعاني القطيعة والبغضاء لتستكمل حملها وتلد أثرها عند العمل والتطبيق كأقبح مولود وأعقه بأهله وعشيرته فيخرج بها المسلم من مصنع التدجين القرآني منتفخا بمعاني الشرور والبغض والقطيعة مع كل من خالف هواه هوى محمد حتى ولو كان أقربهم صلة وألصقهم رحما وأكثرهم مودة.
-استشعرت ذلك وأنا أقرأ في المنطوقة القرآنية الثالثة والعشرين من سورة التوبة وهي المعروفة بسورة السيف والقتال لكثرة ما احتوشها وانتشرها فيها من مشاهد الدماء وتطيير الرؤوس، يقول محمد على لسان هاتف من السماء: (قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَٰنُكُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِۦۗ وَٱللَّهُ ڈ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ) هكذا يعطس محمد عطسة مقدسة فتتقطع أواصر القرابة وتتمزق أنساب القوم، وترزء الأمومة والأبوة في فلذاتها، فيبغض الإبن أمه التي سقته حليبها وسهرت لنومته ليلها، وينخلع فؤادها إذا آذته بقة و أوجعته شرقة، ويعق أباه الذي أهداه زهرة شبابه وأنفق عليه من عزيز ماله ونفيس أوقاته.
- يذكر القرطبي وغيره من المفسرين في سبب (نزول) هذه الآية أن محمدا لما أمر أصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه وأمه والأبُ لابنه والأخُ لأخيه والرجل لزوجته: إنا قد أمِرنا بالهجرة؛ فمنهم من تسارع لذلك، ومنهم من أبى أن يهاجر، فيقول: والله لئن لم تخرجوا إلى دار الهجرة لا أنفعكم ولا أنفق عليكم شيئاً أبداً. ومنهم من تتعلّق به امرأته وولده ويقولون له: أنشدك بالله ألاّ تخرج فنضيع بعدك؛ فمنهم من يَرِقّ فيَدَع الهجرة ويقيم معهم؛ (فنزلت): {يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوۤا ءَابَآءَكُمْ وَإِخْوَٰنَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّوا ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱڎيمَـٰنِۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَـٰۤﯩـِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} . يقول القرطبي:( إن اختاروا الإقامة على الكفر بمكة على الإيمان بالله والهجرة إلى المدينة). وعند الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان وغيره عن ابن جريج :( أن أبا قُحافة سب محمدا فصكّه (لطمه) ابنه أبو بكر صكةً فسقط منها على وجهه، ثم أتى محمدا فقال: والذي بعثك بالحق نبيّاً لو كان السيف مني قريباً لقتلته!!) فأين البر بالوالدين الذي يبشر بها الاسلام في أخلاق أصحاب محمد أم أن الأمر إذا تعلق بالطعن في نبوته وانتقاد مزاعمه فإن حرمة الأبوين حينها لا تساوي نعلا ولا توجب حقا، أهكذا يصفع أبوبكر أباه الشيخ الهرم صفعة تسقطه على وجهه فأي معجزة وأي هداية وأي أخلاق يبثها محمد في أتباع ملته؟
-وليت العقوق بالأهل والأقارب كان حظه في الإسلام حرمان من نفقة أو مباعدة في الديار أو مقاطعة للكلام أو حتى لطمة ابن لأبيه على شناعتها، لكن محمدا جاوز الحد وبلغ في التأله والتعصب لذاته مبلغا لا يلحق حتى زين إليهم قتل آبائهم وأمهاتهم لمجرد اعتراضهم على دعوة محمد وامتناعهم عن الخضوع لها وجعل ذلك علامة الاخلاص ودليل الصدق والتقوى فقد روى أبو بكر البيهقي عن عبد الله بن شوذب قال: (جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له الآلهة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر ابن الجراح قصده ابنه أبو عبيدة فقتله) فما كان لمحمد بعد استشناع النفوس قتل الابن لأبيه واستنكار الحس العام لمثل هذا العمل المقيت والفعل البغيض- الذي لم تعرفه المجتمعات حتى تلك المتوغلة في البداوة والغارقة في الوحشية والمتجردة من إنسانيتها ورهافة فطرتها- ما كان منه إلا أن اصطنع آية تمدح هذا السلوك وتمجده وتتوعد وتتهدد من وجد في نفسه كرها ومجافاة قلبية لصنيع أبي عبيدة بأبيه فقال: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوْ كَانُوۤا ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْۚ } ). ثم أمر هاتف السماء محمدا مرة أخرى- تأكيدا للمعنى وترسيخا له في نفوس المسلمين- أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على محمد ودعوته وجهاد في سبيله فقال: {قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَٰنُكُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا..الآية المذكورة أعلاه) وروى القرطبي في تفسيره: ( أن أبا بكر دعى ابنه عبد الله إلى المبارزة والقتال يوم بدر، فقال محمد: «مَتِّعْنَا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر).
كما تذكر كتب السير والتفسير أن مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير، وعمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة، وعليّاً وحمزة قتلا عُتبة وشيبة والوليد وهما من قرابتهما وكانوا قبل الاسلام وتفريقه بينهم على صفاء ومودة ولهم أيام وذكريات سعيدة مع بعضهم في مكة، قضوها متحابين متواصلين حتى بدى لهم محمد برأي فعكر صفوهم وأدخل البغضاء والإحن إلى نفوسهم فصار الأخوان بعده كشقي المقص؛ لا يتحركان في عمل إلا على تمزيق شيء بينهما.
-كيف للمجتعات الشرقية أن تعيش وتنمو وتتفيأ ظلال المدنية والتمدن وأهلها يحملون هذه العقيدة في قلوبهم، كيف يتسامح المسلم مع مخالف له في الاعتقاد والقرآن ينادي عليه بالجهاد والعصبية والغلظة والبراءة من كل من خالف دينه وبدل معتقده، كيف يوافق الاسلام بأحاديته وشمولية نزعته وضيق أفقه المدنية في تعددها واختلافها وأريحيتها.
- كيف لدولة مصدرة للاسلام وراعية لمبادئه الهدامة كالسعودية أن تساهم في تنوير عقول المسلمين وإشاعة التسامح فيهم وهي لا تزال تعقد لطلاب مدارسها فصول العداوة والبغضاء والتطرف والجفاء، فخذ إليك مثلا كتاب التوحيد (المقرر للصف الثالث ثانوي) لتعرف كيف تصنع المشاعر النفسية التي يتكون منها مزاج الشعب ويستقر فيها الماضي المتعنت في أرواح أهله: فهذا فصل عنوانه (إبغض في الله!!) وهذا فصل عن الردة وأقسامها، وهذا فصل في كفر من حكم بغير القرآن، وهذا فصل في التكفير وأصوله، وهذا فصل في عذاب المصورين والنهي عن نحت التماثيل والنصب التذكارية، وهذا فصل في أن الانتماء إلى (المذاهب الالحادية كالشيوعية والعلمانية وغيرها من مذاهب الكفر ردة عن دين الاسلام وأن أهلها مخلدون في النار) إلى ما لا يعد من فصول مخزية ترسخ الجمود والرجعية في العقل والعلم والهداية، أي في آثارها من العلوم والفضائل الانسانية، فكيف للترقي والتطور أن يأخذ مجراه الطبيعي في أجيال مسكونة بأوهام الخرافة ووبائها، مغلولة إلى ولائها وبرائها، تعيش مقسومة مبعثرة بين وحشي ماضيها وتمدن حاضرها، فيها شركاء متشاكسون وأعداء متجاورون، فيها نفس خاملة تهتف: أنا قد كنت، ونفس طُلَعة تصرخ: أريد أن أكون.
#علال_البسيط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعدام القذافي مثال على تطبيق الشريعة!
-
يوم غرقت مكة في الدماء!
-
سيوف الإسلام الأربعة
-
المثلية حرام في الدنيا حلال في الآخرة!
-
دوائر إبليس
-
الأصول الإسلامية للكوميديا الإلهية -1-
-
سيف الشريعة لا يعرف الحوار
-
جواب سؤال: لماذا الإسلام؟
-
تشريع الاغتصاب في القرآن
-
سادية النبي
-
اعدامات الرسول
-
أمية محمد
-
متى يعقد المأذون قران المثليات؟
-
مشانق القرآن
-
بَيْنَ بَيْنْ
-
جناية الإسلام على الفنون والآثار
-
الراعي والنساء
-
الدامغ للقرآن
-
متى تعود الأصنام إلى الكعبة ؟
-
اثبات تحريف القرآن
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|