|
الأيزيدية تحت مطرقة الأرهاب
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1047 - 2004 / 12 / 14 - 08:38
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
حين كانت سنابك الخيول الغازية بأسم السلطان تدوس قرى الأيزيدية ، لم نكن نسمع سوى صراخ النسوة ونحيب الأطفال ونشيج الدماء التي تشخب من اعناق الرجال وهمهمة الشيوخ وهم يتمنون الموت في تلك اللحظات . وحين تقوم القوات الغازية بسلب الممتلكات الأيزيدية البسيــطة وتستحوذ على آثاثهم وحيواناتهم ، كانت القرى الأيزيدية تلوذ بمجاميعها الى الكهوف والجبال العصية ليفر البشر بجلودهم تحت رحمة الطقس ، بينما تتــرك الجرحى لتنزف حتى الموت دون علاج او اسعاف ، وتترك جثث القتلى في العراء لاتستطيع اهلها أن تدفنها . حين كانت الجيوش التي تجيش لقتال الأيزيدية وتحمل معها كل أنواع الأسلحة وألامكانيات العسكرية ، و حين كانت المدافع والبنادق تزمجر بالموت في وجوه الأبرياء العزل من المدنيين المتسلحين بالمناجل والعصي ، كان الأيزيدية يحاربون بأيديهم لتصبح الغارات والسبي والقتل طقوسهم التي تمارس عليهم كل عام ، أذ لم يمر عليهم عام من الأعوام لم تحدث لهم فيه نكبة أو مذبحة أو كارثة أنسانية . وكان الولاة الذين يريدون رضاء السلطان المريض نفسياً وربما عقلياً يتبارون في سفك الدماء الايزيدية ، ويتفنن الجند في ذبح الاطفال واستباحة النساء وسرقة البيوت الفقيرة ويتفاخرون بمثل تلك الأعمال التي تنم عن بربرية مفرطة ووحشية وهمجية بدائية . ومن احمد باشا الى سليمان باشا واسماعيل باشا وشريف باشا وكل واحد من الباشوات الذين يزخر التاريخ بجرائمهم وخسة أفعالهم ، و الذين دخلوا تاريخ الذبح الأيزيدي يمكن ان نستل العديد من صفحات المجازر التي طالت الأيزيدية بشكل خاص . غير ان الايزيدية حينها طفح عندها الكيل وفاض عندها حدود الصبر والطيبة التي لم تعد تكفي ، ولم تعد الأدعــية والتوسل تنفعان ، كما لم يعد التعقل والصبر له محل في الاعتبار ما دفع الأيزيدية لتصحو وتنتبه وتحمي نفسها ومن بقي منها على قيد الحياة ، فبرز الفارس ( نمر بن شيخو ) ليحمل سيفه ومعه نفر قليل لايتعدى أصابع اليدين ، ويرد على هجوم الوالي عبد الباقي باشا وشقيقه عبد الرحمن باشا الذي كان على راس قوة من الخيالة والمتسلحين من الفرسان الأشاوس الذين يفتلون شواربهم ، وكان نمـــر على رأس مجموعة من سبعة أنفار من الأيزيدية سيطروا على ساحة المعركة بشكل ملفت للنظر ، وبحركات تنم عن هجمات قاسية لاهوادة فيها ، ودون ان يتركوا الفرصة لأحد من العسكر يسترد انفاسه أو يتمكن من ايجاد طريقة ما لتخليص نفسه فيذيقوا العسكر الويل والثبور ، وقد تمكن الفارس نمر ان يقتل الوالي وشقيقه ( كما يذكر الكاتب ياسين خير الله العمري في كتابه زبدة الاثار الجلية في الحوادث الارضية ص 156 ) ولشجاعتهم ووقفتهم دب الرعب في اوصال الجيش فهرب من هرب ونزع من نزع ثيابه حتى كانوا كما قيل بالشعر :
تفرق الكل حتى ان هاربهم إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
وبقي نمر ومجموعته تلاحق فلول الجيش المنهزم والمنكسر حتى وصل الى مشارف تلول الموصل و تل عفر بعد ان رمت الخيالة سلاحها وبنادقها في الطريق تلوذ بأنفسها تخلصاً من الموت الذي نشره الفارس نمر . واليوم يقترف بعض المجرمين ممن أستمرأوا الفعل الجرمي وبلغت الخسة والخبث عندهم أنهم يتصيدون الفقراء والطيبين والعزل والعمال من أبناء الأيزيدية الذين يبحثون عن خبزتهم الشريفة فيقتلونهم ويمثلون بجثثهم . وقد بلغ السيل الزبى وماعاد في القوس منزع ، وعلى الأيزيدية مهمة معرفة الأسماء التي تتخذ من تل عفر وكراً وملاذاً للأقتصاص منهم وردع جرائمهم وافعالهم الشريرة وحماية الناس مهما كانت قومياتهم وأديانهم منهم . للكرد الأيزيدية صحوة مابعدها صحوة ، وحين تلتفت الرجال الى من يريد النيل من الناس دون ذنب أو جريرة أو تهمة ، وحين تحتكم الرجال لمنطق العرف والشرائع ينبغي أن تمتد الأيادي لمنع القتلة من الأستمرار في الذبح والقتل ، وأن يتم فيهم قصاص الله العادل . وحتى لايتمكن القتلة من الأستمرار في غيهم وشرهم ، وحتى لايتمادى السفلة في نشر الرعب والموت بين الناس الطيبين والآمنين ، وحتى لاتصـير الجريمة أسلوباً مريضاً ينتشر بين الناس ، وجب على الأيزيدية أن تتحرى الدقة وتقتص من القتلة لتنقذ الناس منهم وتنقذ بقية الأ[رياء ممن لم يزل يبحث عن لقمة عيشه وخبزة أطفاله بين القرى والأماكن البعيدة . أن للأيزيدية في مناطق سنجار وبعشيقة وبحزاني وبقية القرى تحالفات مع عشائر عربية ، بالأضافة الى كرافتهم وأخوتهم مع العديد من وجهاء المنطقة وكبارها ، مما يوجب أن تتدخل هذه الجهات لردع القتلة والقصاص منهم ، وأن يتم أعمال الأعراف العشائرية ووقف نزيف الدم المتعمد بحق الأيزيدية دون غيرهم في هذه المناطق المحيطة بقرآهم ، بدلاً من لهيب التنور وطفحان الكيل لدى الآيزيدية الكرد . لانريد لنمر بن شيخو أن يتكرر أو نحرض على الثأر ورد الفعل ، وجل مانخشاه أن ينفلت العقال ونحتكم الى العاطفة ، نطلب فقط من أصحاب الضمائر أن لايدعو جثث القتلى في العراء دون دفن ، وأن يسمحوا للناس بدفن موتاها ، نطلب فقط أن يتم لجم الجناة والقتلة الذين يريدون أشعال نار الفتنة الخاسئة بين الناس . وفي مناطق تشهد التآخي والأنسجام الديني الاسلامي والمسيحي والأيزيدي لايمكن أن يعكر صفوها مجرمين يريدون أشاعة الجريمة ، أو مغرضين ينفذون مخططاً مشبوهاً وقميئاً يريدون به السوء في العراق . الدفاع عن النفس ليس بالقتل المقابل أو القوة الغاشمة ، انما بالتوحد والتألف ، انما بأتقاء الافعال الجرمية ، انما بأيقاف القتل اليومي والأقتصاص من القتلة وفق القوانين والشرائع ، انما بترجمة التحالفات والمكارفات مع الأخوة في القرى القريبة ، أنما بأن تبقى العيون متفتحة وأن يحرس الجميع قرآهم ومدنهم من دنس المجرمين الظلاميين منغلقي العقول والضمائر .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأساة حلبجة الانسانية المغيبة
-
الأمة العربية الى الوراء در
-
حوار شفاف عن القضاء العراقي
-
حق الكرد في الأختيار السياسي
-
الكرد الفيلية مرة اخرى
-
تأجيل الأنتخابات
-
الطائفية المقيتة
-
الأغلبية والأقلية
-
القائمة الأنتخابية الموحدة
-
أغتيال الأيزيدية
-
مفارقات الزمن الأغبر
-
غلق التحقيق لمجهولية الفاعل
-
حرامية العراق
-
خراب الروح وتزوير التاريخ
-
أنهم يستهدفون الأنسان في العراق
-
الحقوق - تعقيب على مقالة الصديق محمد عنوز
-
حقائق مخفية عن علاقة البعث - القسم الثالث
-
سلمان شمسة وداعا
-
حقائق مخفية عن علاقة البعث
-
حقائق مخفية عن علاقة البعث - الجزء الثاني
المزيد.....
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
-
-وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة
...
-
رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم
...
-
مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
-
أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
-
تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
-
-بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال
...
-
بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|