|
طرقتُ البابَ حتى كَلَّ مَتْني
محمد أبوعبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 23:20
المحور:
سيرة ذاتية
المتتبع لمسيرة الإعلام العربي منذ نشأته، خصوصاً التلفزيوني والإذاعي، يدرك كيف أسهم الإعلاميون الفلسطينيون في صيرورته وسيرورته على حد سواء. ومن يراقب عن كثب الإعلام الفلسطيني الحالي، يخالجه شك في أن فلسطينيين هم الذين أسسوا له، وأقول ذلك مجازاً للتعبير عن عدم الرضا للمستوى الإعلامي في فلسطين التي أنجبت، وما انفكت تنجب إعلاميين حقيقيين، مع اعترافي بأن هناك بعض الإعلام، بكل صنوفه، مدعاة للفخر حتى لا أظلم أحداً بتعميمي. يوجد في فلسطين إعلاميون، لكن لا يوجد فيها إعلام، وذلك مرده لعدة أسباب في مقدمها انعدام الميزانيات المطلوبة للنهوض بالمستوى الإعلامي، واللوم الأكبر يقع على رجال الأعمال الفلسطينيين الذين لم يدرك معظمهم بعد أهمية الاستثمار في سلطة توصف بالرابعة، بينما أمست أولى في الدول المتقدمة، كما أن لوماً يقع على الجهات الرسمية لتهاونها في إعلامها الرسمي. رغم الأفتقار لركن المال، انتشرت وسائل الإعلام في عموم الوطن، وكل منها يمد رجليه على قدر فراشه، إلا أن الكثير منها تجاوز المعايير المطلوبة لإعلام حقيقي يرقى إلى مستوى ثقافة الفلسطينيين المُسهمين أصلاً في ما تفخر به دول عربية أخرى. وأول ما ينخر هذا الكيان هو الوساطات، وإنّ الوساطات إذا دخلت إعلاماً أهلكته، والنتيجة الحتمية، حينئذ، هي إبعاد من هم أحق بالفرص التي تؤول إلى من لا يستحقها بجدارة. وليس في كلامي هذا انتقاص من قدر أي زميل إعلامي، لكن، للموضوعية، هناك من ليست له في هذا الشأن ناقة ولا جمل، ومنح نفسه لقب إعلامي. وتعظم المصيبة حين يكون صانع القرار في تلك الوسيلة الاعلامية أو غيرها شخصا لا يدرك أبجدية الإعلام، فمن المؤكد، إذنْ، أنه لن يجيد اختيار العاملين تحت سلطته أو إدارته. الأدهى من كل ذلك، حين توصد الأبواب في وجه الطامح بذريعة أن الأبواب تشرع للأكفاء، فيصبح إغلاق الباب منفعة للمحروم من دخوله حين يبحث عن فرصة عمل خارج حدود الوطن، فيجدها، فيبدأ، فينطلق، فيحقق ذاته، فيبني اسماً، فيصبح صيداً لوسائل إعلامية أخرى، فيتذكر أن إعلام وطنه أوصد الأبواب في وجهه "لافتقاره الكفاءة المطلوبة"!. في التجربة الشخصية التالية، لن أدعي أني إعلامي يُشار إليه بالبنان، لإيماني الراسخ أني ما زلت في مستهل الطريق نحو تحقيق الهدف، فالتجربة الشخصية دائما ما عززت الفكرة المطروحة في أي مقال أو مقام. في بحر عام 1996 بدأت مسيرتي المتواضعة في محطتي تلفزيون وإذاعة متواضعتين هما وطن والمنارة، ولم يعرف جيبي في أول سنة من عملي فيهما معنى الأجر الشهري، إلى حين بداية سنتي الثانية فيهما فتقاضيت ما يمكنني من شراء سندويشات فلافل، وصحن دجاج مشوي نهاية كل شهر في قرية جفنا الجميلة. لم اكترث لذلك لسببين، أولهما معرفتي بالوضع المالي للمحطتين، وثانيهما لأنني اعتبرتهما صفاً جامعياً أطور مسيرتي الإعلامية فيهما لأنها شغفي. وعملاً بمقولة الجندي الذي لا يطمح أن يكون جنرالا هو جندي فاشل، صرتُ أبحث عن التطور المهني وعن زيادة قليلة على المال القليل،أصلاً، فطرقت الأبواب التي اعتقدت أنها العناوين الصحيحة. رفضني الإعلام الرسمي لعدم كفاءتي، فلم يمسسني اليأس. بعدها قررت طرق أبواب المكاتب التي تزود المحطات العربية الفضائية بتقارير إخبارية خصوصاً عندما تستعر الأوضاع في الضفة الغربية ضد الاحتلال، حينها، حتى التلفزيونات السوداني والموريتاني والعماني.... طلبت تقارير من قلب الحدث، فشعرت أنه يمكن أن يشاهدني أهل الخرطوم أو نواكشوط في تقارير لي عبر شاشاتهم الرسمية. فلم يتحقق لي ما شعرت به، أيضا بحجة أنهم يبحثون عن صحافيين ماهرين، أو لعدم وجود شواغر، فأفاجأ بعد أسبوع أن ابنة المسؤول الفلاني الجميلة صارت مراسلة حربية. اندلعت انتفاضة الأقصى في 28 سيبتمبر 2000، وقلت رب ضارة نافعة، فلعلي أجد ضالتي وأنا أطرق الأبواب، فكأن الأبواب أصرت على أن حجمي لا يسمح باختراقها رغم نحافتي، فقررت السفر لإتمام دراستي العليا، وإذ في الشهر الخامس من الأنتفاضة، أي بداية 2001، يأتيني اتصال من دبي يعرض المتصل علي وظيفة مدير أخبار في إذاعة خاصة، اسمها "العربية"، تابعة لدبي القابضة، مكثت فيها سنتين قبل الانتقال إلى "العربية" الفضائية.، فكان الاتصال بالنسبة لي سِفْر الخروج، ودبي سِفْر التكوين. وبلا مبالغة، بمقدوري القول إن دبي كانت مرحلة التشكل بالنسبة لي، كما أنها كانت تحدياً. فمنذ وصولي إليها وتسلمي مهام عملي كمدير للأخبار، ومذيع أيضا، في الإذاعة المذكورة، وقعت على كاهلي مسؤولية تأسيس قسم الأخبار ووضع السياسة الإخبارية التي سنتبعها، وكان النجاح حليفنا حينها. مكثت سنتين، انتقلت بعدها إلى قناة العربية الإخبارية الفضائية حيث انضممت اليها بعد أقل من شهرين من انطلاقتها في مارس 2003. ويجوز القول إن "العربية" كانت، وما انفكت، البوابة العريضة التي نفذت منها إلى العالم العربي. وما زالت تذكرني بالأجوبة التي كنت أتلقاها من مسؤولي وسائل إعلام فلسطينية عندما كنت أطرق أبواب مؤسساتهم بأنني غير كفؤ.
#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-نائم- في البرلمان
-
-يا خوفي- جوبز -ماسوني- !!
-
الثأرُ من الفنّ
-
سوريا.. حتى في الكُفرِ جهلٌ
-
صبرا وشاتيلا.. الذكرى المنسيّة
-
نِصْفُ حُرّية أفْضَلُ مِنْ عَدمِها
-
العرب والغرب .. نقطة جعلَتْنا نكتة
-
الشباب يرسمون مرحلة جديدة
-
محمود درويش غائبٌ في حَضْرتِه
-
فرصتان أمام المسلمين
-
أين استنكار المسلمين لمجزرة النرويج!!
-
سيّارة -إسلامية-
-
شاكيرا في إسرائيل
-
إناث في انتظار -الاغتصاب-
-
دون الحاجة إلى -العربية- أو -الجزيرة-
-
القدس
-
حزب النفاق.. الأكثر صدقاً
-
احذروا العطْس.. فإنه -مؤامرة- غربية
-
المقال.. للعائلات فقط
-
مقطع -يوتيوبي- لمدرّس غير -يوطوبي-
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|