إلى رمة المزاح برنامج جديد: -المدام مسافرة- على القناة الثانية 2M

محمد المستاري

الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 20:02
المحور: الصحافة والاعلام
    

إلى رمة المزاح برنامج جـديـد: "المدام مسافــرة"
على القناة الثانيــة 2M

محمد المستاري*

إلى رمة المزاح، وتلويث القيم، وانمساخ الحياء، يضاف برنامج جديد باسم: "المدام مسافرة" على القناة الثانية 2M، فأي معنى إذن؟ ولأية غاية؟

إن هذا البرنامج، وبرامج أخرى مثله كثيرة، تؤكد بكل وضوح تام استهزاء الإعلام بالمواطن المغربي ليس شيئا آخر. وما يؤكد ذلك وجود الفارق الشاسع بين الإعلام الغربي الذي يخدم الرأي العام ويسانده على خلاف الإعلام العربي ومن ضمنه المغربي الذي يوجه الرأي العام، وبعبارة جارحة يستهزئ بالرأي العام، ويسخر منه، ويشغله عن متابعة القضايا الكبرى، ويجرده من مقوماته وخصوصياته في كل أبعادها. أضف إلى ذلك بأن الإعلام المغربي بات ظاهرا عليه بوضوح سعي إلى نشر قيم العلمانية، ويعاكس كل تلك التداعيات التي تؤكد على المقومات الحضارية الإسلامية للأمة المغربية. كل هذا وأكثر ما يدفع للتساؤل قصد المعرفة لا غير. لماذا التناقض الحاصل بخصوص وجود حارس البوابة الذي كثيرا ما نجده في المادة النظرية الخاصة بالأدبيات الإعلامية، ويغيب وينعدم في الواقع؟

إن في هذا البرنامج الجديد باسم "المدام مسافرة" على القناة الثانية بعدما عملت على إخراجه أسوة ومحاكاة لقنوات غربية أخرى سابقة، من الوجهة المنطقية المغمورة بغيرة على الهوية العربية الخالصة فيه عرض لعدة خروقات تتعارض مع القيم وتمس بالسلوك العام إذا ما تحدثنا عن مقدسات البلاد. والتي نتحدث في بدايتها بأن المغرب بلد إسلامي في مضمونه الحياء والحشمة والوقار... وقبل أن نشرع في توضيح هذه المسألة سنعلن تموقعنا، بنعم للانفتاح وللحرية والحداثة، والديمقراطية ولحقوق المرأة.. ولنطمئن كل من سيعارض بعلم بأننا نحبذ عدة قنوات غربية وإن كانت ليست بعربية عندما تعرض موادا مفيدة ولا تسعى إلى مبيتة مجهولة يكون فيها المشاهد مستهدفا ليس إلا. وهذا يؤكد انفتاحنا بكل توكيد. لكن عندما نسعى إلى تفريغ المرأة المغربية من محتواها الأخلاقي ونوهمها بالمساواة والحقوق باسم الترفيه والانفتاح... كما هو الشأن الذي نجده في برنامج لا يستحيي من نفسه، ذلك أنه يعرض أمام ملأ عظيم باسم المسلمين خروقات تأتي من كبار يمكن أن يصدق عنهم المثال الشعبي الذي يقول: "الفقيه ألي نتمناو براكتو ادخل للجامع ببلغتو" هذا لا يعقل. ذلك أن رجال هم آباء في البرنامج المقصود يعرضون كلمة حبيبتي وأكثر منها أمام مسامع أبناء يجلسون قرب آبائهم.؟؟؟. فأي تنشئة سننتظرها من هذا الإعلام الملوث الذي بات بلا علاقة له بما يمكن أنطلق عنه مؤسسة تنشئوية مدعمة لدور كل من الأسرة والمدرسة؟

إن هذا النوع من المواد المعروضة على المتلقي من غير تمحيص حارس البوابة لها، أي لما يمر من بوابته لهو تأكيد على المنهاج الإعلامي المتبع "تفقير للثقافة وإغناء للتفاهة"، وهذا بالذات، يؤكد على أن الإعلام بدوره يتحمل نصيبا كبيرا لا يستهان به من المسؤولية في التخلف السائد بالمجتمع. واستدلالا على ذلك ما أكده عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة حينما اعتبر بأن: "التخلف قد لا يكون إلا نتيجة العجز عن ابتكار الإعلام المنتج"، الإعلام الذي يرتزق ويجري وراء الأموال الطائلة ويتخلى عن المثقفين ويرضي السياسيين. وذلك ما يرى فيه المهدي المنجرة أيضا في مقال رائع له تحت عنوان: أيـن يتجه الإعـلام؟ مجيبا: "إلى حيث تقوده الإرادة السياسية"، وما يضاف الآن حسب نظرنا إلى حيث تقوده الأجندات الغربية ضمن مشروعها الثوري العلماني ضدا على الهوية العربية عموما.

وهنا فليتساءل المشاهد اللبيب، لماذا لم يعد برنامج روح المقاولة شالنجر يعرض بعدما كان يعرض على القناة الثانية 2M، ألربما لأنه كشف عن طاقات شابة ومواهب مغربية مبتكرة ولم يخدم منهاج الإعلام المعتمد: "تفقير للثقافة وإغناء للتفاهة"؟. ولمـاذا لا يبادر الإعلام المغربي على نقل تجارب في الثقافة والإبداع والابتكار غير إلهاء الشباب بالسهرات الليلية المكلفة علما أن البطالة والفساد والأمية تمخر مجتمعهم؟؟

وعلى عموم ما ذكر وكثيرا لم يذكر فإن خلاصة ما نهدف إليه في هذا المقال دعوة الإعلام إلى احترام نفسه، وذلك من خلال مراجعته للمواد التي ينشر، لأنه في وسط بيوتنا وأمام مرأى عائلاتنا. والكف من السهرات وبرامج التفاهات والأفلام المدبلجة. لأننا لسنا في حاجة إليها.. بقدر ما نحن بحاجة إلى الإبداع الفعلي الثقافي الذي يخلصنا من المراتب المتأخرة عن مصاف الدول المتقدمة.

*باحث في علم الاجتماع

#محمد_المستاري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات