|
نحو تصور فلسفي جديد للكون
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 17:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما أصعب على المرء أن يخوض غياهب معركة معرفية قاسية خاضها فلاسفة ومفكرون عظماء من كل حدب وصوب ، ومن كل زاوية ومنطلق ، ومن كل جهة وتيار ، ومن كل شيعة ومذهب . ما أصعب أن يغوص المرء في غمار مسألة باتت معقدة إلى درجة فاحشة على صعيد عدة مستويات ، منها ، إن الفكر نفسه أستهلك - معظم – الأمكانيات التي يمكن للدماغ / للعقل / للذهن / البشري - وهي عندنا المادة المدركة الواعية – أن تنفذ إليها بالعرض ، أو التحليل ، أوالنقد ، أو الأبداع والتجاوز ، أو حتى تصور فرضية جديدة يمكن أن تؤلف مدخلاُ إلى أطروحات جديدة تحتل المواقع الجامدة الجافة للآراء القديمة التي بزغت على خلفيات وضوء تصورات قد لاتكون صادقة في مجمل الطرح العام .. ومن هنا تحديداُ أنوه منذ البداية إلى جملة أعتبارات لامناص من ذكرها ليس فقط لضرورتها التاريخية كمرحلة معينة محددة في ماهيتها وجوهرها ، إنما للتخلص أيضاُ وبقدر الأمكان من الرواسب العالقة ، أو التفسيرات التي تبدو منطقية ومتماسكة لكنها في جوهرها جزئية لاتلغي عمومية وشمولية المعضلة المفترضة .. الأعتبار الأول : لقد أستخدمت – بضم الهمزة – مفردات ومصطلحات في اللغة العربية واللغة – الدولية – بمفاهيم أحياناً لاتفي بالغرض المطلوب الدقيق جداُ والحساس للغاية بما يتناسب تطور العلوم في هذه المرحلة ، أو أنها قد أستهلكت – بضم الهمزة – في مجالات عديدة ومتنوعة ومابرحت تجنح نحو شيء ما ولاتجنح ، أو أنها أصبحت متشابهة مع مفردات أخرى ، أو أنها تتزاحم مع بعضها في حيز من الفهم دون وجه حق ، أو ، أو . أي أننا ، في الفعل سوف لن نتمكن منذ البدايات أن نستخدم ، على دفعة واحدة ، تلك المفردات والمصطلحات التي قد تتجاوز الألف في الموقع الجوهري الذي ، نحن ، نبتغيه ونصبو إليه وبالمعنى الذي نرومه ، لذلك سوف نخوض هذه التجربة المريرة بشيء من التعسف ، لكن سنحاول كلما سنحت الفرصة والموقع أن نحدد المعنى والفهم الذي نحن نقصده بالتماهي دون أن نخدش المفهوم العام أو الخاص له لدى من أضفى عليه خاصيته ، هو ، كمؤلف ، كباحث . ثم لامناص من التبيين إن فحوى أي مفردة أم مقولة سيتحقق في النهاية ليس على ضوء المعنى الحرفي لتلك المصطلحات ، أو المعنى الذي نود أن نضفي إليها ، إنما إلى النسق والتساوق والمنظوم العام لمجمل ما سيتم طرحه خلال الحلقات القادمة . أي أن جوهر المعنى هو خضوع الخاص للعام ، وسيطرة الثاني على الأول بالمطلق ، فالخاص لايختص إلا بخاصيته الأولية ليترك المجال مباشرة للوغوس العام والكامل .. الأعتبار الثاني : إن مشروعنا هذا ، الذي يأتي بعد الأنتهاء من المشروع الأول الذي دام واحداُ وعشرين عاماُ وأنتج خمس مخطوطات منها نظرية جديدة في قواعد اللغة الكردية ورؤية جديدة في كيفية تصريف أفعال اللغة الكردية وأفعال حديثة ومصطنعة ومصطلحات جديدة ، يتألف من 170 حلقة ، وكل حلقة سوف يختص بموضوع قد لايعتقد القارىء بالأرتباط فيما بينها ، لكنه في النهاية أو في نهاية بعض الحلقات سوف يكتشف الموضوع المتحرك والرابط الذي يجمع فيما بينها ، فنحن لن نعالج أياُ من المواضيع إلا إذا تحقق شرطان . الأول هو علاقته بالغاية المنشودة في نهاية كل الحلقات أو مساهمته الأكيدة في منح دفق لروحها العامة . الثاني هو أمكانية النقد بالقطع ، فالموضوع بالنسبة لنا لن يكون في حيز الطرح أو التفسير أو التعليق ، إنما حصراُ نقده لبلوغ عتبة جديدة من أدراك حيثيات صيرورة العمل العام . أضف إلى ذلك إننا سوف ننتقل من جانب إلى آخر أو من موقع إلى آخر أو من مجال إلى آخر ، دون أن نتقيد بمنطق معين أو خطة مبرمجة أولية ، لأن المسألة هي أبعد من رؤية معينة .. الأعتبار الثالث : إن مشروعنا هذا ليس فلسفياُ بحتاُ ، سوف تعاشقه معطيات في مجال الطبيعة الكونية ، حركة الأجرام السماوية ، روح الكيمياء ، قوة الفيزياء . نفوذ الرياضيات ، أشكالية المنطق ، ومسائل عديدة متنوعة ستتضح أبعادها للقاريء حين اللحظة .. الأعتبار الرابع : كما أنه لن يكون أبداُ إلا فلسفياُ ، يقتات من جميع الميادين ليتوحد حول ذاته ، يهرع إليها يستنجد ، ليس لفقر في طبعه وطبيعته أو كينونته ، إنما ليمتص منها الرحيق ليدرك في النهاية كم هي متفرعة وصعبة إقامة تصور عن الكون أو عن الوجود أو عن التجربة البشرية أو عن المجهول .. الأعتبار الخامس : إن هذا المشروع لايعتمد على – الثوابت – ولا يعترف بخاصيتها إلا في المجال البسيط الأولي ، أما في المجال المشترك العام ، أنه لايقر بوجود ثابت على الأطلاق . لأن هذا المشترك في الأساس قد يكون من المستحيل التعريف به أو التعرف عليه وفقاُ لمنطقنا العام الحالي .. الأعتبار السادس : إن هذا المشروع لن يلغي تطوره الخاص ، ولا تفاعله مع شروطه الموضوعية . فا لغاية التي تبدو لي الآن أنني سوف أخصص لها 170 حلقة ، لن تكون ربما هي الغاية التي سوف نصل إليها معاُ ، وربما تفاجؤنا غاية مضمرة ، مستترة ، كامنة في ثنايا قضية خاصة جداُ . وذلك لأننا إن ألغينا هذه الخاصية ، فأننا نلغي أمكانيات عديدة ومتنوعة في المخ البشري ، في المساهمة العلمية ، في النقد المعرفي .. الأعتبار السابع : إن هذا المشروع لن ينجز قبل تمام السنة التاسعة من الآن ، وهذا الأحتياج الزمني ليس لكتابةهذا المشروع ( هذا أمر بسيط للغاية ) ، إنما هو يدخل كعامل جوهري في أس تطور بنيوية المشروع نفسه ، فهو ليس عاملاُ خارجياُ كما يعتقد البعض ، بل هو يشكل إحدى مكوناته في الماهية ، أي أنه بعداُ من أبعاده الفعلية .. الأعتبار الثامن : إن هذا المشروع أعتمد في قيامه على تفنيد ودحض عناصر أو مقولات عديدة أو بالضبط على قضايا متنوعة ، نذكر منها ، أولاُ : إن القضية الفلسفية الكبرى التي قصمت ظهر الفلسفة ، والتي خلصت نفسها مابين المادية والمثالية ضمن فحوى أيهما سبق الآخر الروح والوعي والفكر من جهة ، أم الطبيعة والمادة ، والتي على ضوئها أنفرزت الفلسفة ما بين المادية والمثالية ، ستكون عديمة القيمة إذا ما أكتشفنا إن هاتين المقولتين ، غير دقيقتان ، وليستا في النهاية إلا مقولة واحدة، أو ذات طبيعة مشتركة . إنما أختلفت الأشكال وأعتقد الأنسان في البداية إنهما من طبيعتين متناقضتين . ثانياُ : إن نظرية آينشتاين التي سنتناولها بالنقد والتحليل ، أعتمدت من جملة ما أعتمدت ، على مفهوم ثبات سرعة الضوء 300 ألف كم /ثا . وقبل شهرين من الآن زعمت تجربة أطلقت النيوترينو ، وهي جسيمات أصغر من الذرة ، من معمل في سويسرا إلى معمل في إيطاليا ، إن سرعة هذه الجسيمات أكبر من سرعة الضوء . إن هذا الأفتراض لو دعم بتجربة أكيدة وتثبت الأمر فأن رؤيتنا ستكون أصلب وأمتن .. الأعتبار التاسع : عندما أعتقد الأنسان إن الأرض مركز الكون ، فهو لم يقلها جزافاُ بل كان ذلك نفسياُ وفلسفياُ ، ولم يدرك حقيقة الأمر إلا جغرافياُ . والآن هل التجربة البشرية هي مركز – الكون – ومركز المنطق الكوني ، وسيدة الأفكار والمبادىء وتفسير التاريخ . أم أننا سنكتشف خطل ذلك بعد بضع مئات من السنين !! وسنكتشف ، على أثرها ، إن ما نسميه تاريخ التجربة البشرية ليس إلا تاريخنا بصورة جزئية ، وأما تاريخ تجربة الكون أو الوجود هو تاريخ آخر ، هو مبادىء ونظريات آخرى تستهزىء من نظريات تاريخنا ، وتباغضها .. الأعتبار العاشر : ماذا لو ، على صعيد التجربة البشرية ، لم يوجد الأنسان أصلاُ . فماذا كان بعد !! ثم ماذا لو ، على الصعيد الفلسفي ، لم يوجد هذا الأنسان !! وهذا بالمطلق صحيح فلسفياُ ، لأن الوجود إما واجب الوجود أو ممكن الوجود ، فإذا كان الأنسان من واجب الوجود كان في منزلة الخالق – عز و جل – وهذا خلف ، فالأنسان إذن هو من الممكن الوجود ، والممكن الوجود معدوم في وجوده في ذاته ، وبالتالي تتعادل أسباب السلب والإيجاب من حيث المنطلق العام ، فماذا كان بعد !! . الأعتبار الحادي عشر : نحن قسمنا الكائنات الحية إلى – الأنسان ، والحيوان والنبات – فماذا لو لبثنا أرقى أنواع الحيوانات ، كما كانوا أجدادنا وأسلافنا القدامى ، أي مكثنا نعيش مثل الفهد والنمر والهر والديك والفيل نعيش في الطبيعة ، ونقتات منها !! وهل هناك ضرورة ألا نكون كذلك ، فإذا ما وجدت هذه الضرورة فما هي !! . من البين أننا نستطيع أن نحصي آلاف من هكذا فرضيات ، لكن نكتفي بهذا القدر ، لأن القصد هو توضيح وتبيين خريطة – فكرنا – الآن . أما وإلى أين سيتجه فهذا ما سنتحقق منه في الحلقات 170 القادمة فإلى اللقاء في الحلقة الثانية ....
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول قيام الدولة الفلسطينية والقضية القومية الكردية وحقوق الأ
...
-
مشعل التمو يطيح ببشار
-
المتغيرات والعقل المستقيل
-
نداء استغاثة إلى سعادة الأمين العام للأمم المتحدة : السيد با
...
-
المجلس الوطني الموسع ... أنتقادات بنيوية
-
ثلاثة مقاربات والجحيم السوري
-
رؤية في حال المنطقة العربية
-
مابين ... أدونيس وأبو شاور
-
أبو شاور .. وبئس البؤس البائس
-
رؤية نقدية في المحنة السورية
-
الثورة ... ونهاية السلطة السورية
-
عارف دليلة ... والإشكالية المعرفية
-
سكان مخيم أشرف ... مابين العراق وأيران
-
الثورة .. وقانون الأحزاب والعفو العام في سوريا
-
مبروك ل( الشيوعيين ) السوريين الخزي والعار
-
النداء الأخير إلى الأحزاب الكردية ( في سوريا )
-
أدونيس ... ومنطق البؤس
-
الثورة ... وإشكالية المثقف
-
رسالة إلى مؤتمرأنطاليا
-
الثورة ... ومفهوم الشباب ( الحالة السورية )
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|