حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا
الحوار المتمدن-العدد: 1046 - 2004 / 12 / 13 - 09:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة منهجية
منذ القرن التاسع عشر بدأت بواعث نهضة عربية على يد محمد علي باشا لبناء دولة عصرية . فانتشر تأثير النهضة العربية إلى جميع مقاطعات بلاد الشام إبان الحكم العثماني،قبل أن تجهض بتأثير عوامل داخلية وخارجية في آن معا . إلا أن فكر النهضة وما أنتجه من مقولات في التحديث وآراء في الحرية لم يرقى الى مستوى النظريات الفكرية ولكنه قد انتشر بأشكال متنوعة في مختلف المجالات والصعد , وكان تبني النهضويين الدعوة إلى الحفاظ على التراث العربي واقتباس العلوم المختلفة من مصادرها الأساسية أمر له الأثر الواضح والسريع في انتشار فكر النهضة .
ولكن بقاء النهضة العربية آنذاك في بواكيرها الأولى من دون منهج فكري – علمي تستند إليه في سياق تحولها الى نظرية متكاملة علاوة على دورانها في فلك الدعوة الى الإنعتاق عن الدول العثمانية دون الخوض في مسألة كيفية بناء الدولة العربية الحديثة واهتمام دعاة النهضة الأولى بالثقافة والعلوم الإنسانية فقط , أمر كان له التأثير الكبير على إحباطها وبسرعة كبيرة دون الوصول الى تحقيق الأمل القومي .
وبعد مرور قرنين على تلك النهضة نبقى أمام سؤال واحد يطرح نفسه تباعاً . ماذا حققنا من أمانينا القومية في بناء دولة الوحدة وهل استطعنا أن نتحرر من التبعية للغرب , وهل نجحنا في قيام تنمية شاملة , وهل ربحنا معركتنا المصيرية مع التحديات الداخلية والخارجية ... ؟ ...
إننا مدعوون اليوم لقراءة التاريخ , والاستفادة من دروس النهضة الأولى،ورصد أسباب إخفاقها،الداخلية والخارجية، والبحث عن نظرية جديدة للنهضة ,و ليس فقط عن مقولات نظرية وفكرية تتلاءم مع طبيعة التحولات العالمية التي تتماهى مع طبيعة النظام العالمي الجديد الذي يحضر لمشاريع بالغة الخطورة تطول مستقبل المنطقة بأسرها , فاعلين فيه من زاوية التأثير الحضاري والإنساني , متفاعلين معه بثقافاتنا الغنية دون أن نمحي حضارتنا الإنسانية , أو نلغي شخصيتنا الحضارية , أو نطمس هويتنا الثقافية التي تشكلت عبر قرون طويلة من التراكمات الإنسانية والفكرية العملاقة .
في هذا الصدد ،لا بد من إعادة النظر جذريا بالمقولات التاريخية غير العلمية التي أسست منهجاً فكرياً متبايناً شكل طارئاً ثقافياً عبر حقب وعقود طويلة من الزمن , ولد نتيجة خلل في الظروف الطبيعة التي ساهمت في تكوين مجتمعاتنا الراهنة و لعب دروا هداماً في مسخ الذاكرة المجتمعية ( الوطنية ) لمصلحة الفكر القومي الحديث والذي جاء نتيجة موضوعية لانتقال الفكر النظري الغربي الذي تناول الفكر القومي الانفعالي ( الثائر) دون مراعاة تأثيراته على البنية الاجتماعية الوطنية , والتي تحنطت خلالها على مدى عقود عدة وصل حالها الى ما وصل إليه اليوم , نظراً لغياب مناهج التفكير المجتمعي ( الوطني ) وإرساء الأسس الطبيعية التي يمكن للمجتمع التعاقد عليها انطلاقاً من التفاعل الإنساني بين أبناء المجتمع الواحد ذات الثقافات المختلفة .
المقولة الأولى التي كانت تنادي بضرورة إحياء العامل القومي بطابعه الثوري للتخلص من ديدن الاستعمار .
المقولة الثانية كانت تقول بأهمية العمل على توازن المصالح الاجتماعية المحلية في مرحلة ما بعد جلاء المستعمر ثم تبني مقولة الوحدة القومية , حالما تنتهي المجتمعات الخارجة للتو من عهد الاستعمار من تركة ثقيلة ومنهكة من النزف الاستعماري لمقدراتها .
المقولة الثالثة كانت ترى بأن محو آثار الاستعمار لا يمكن التخلص منه إلا من خلال محو جيوبه الاجتماعية من مخلفات تركها وما زالت مرتبطة بمشاريعه , وإعادة بناء النظام الاجتماعي والاقتصادي بشكل جديد .
ومن هنا بدت مؤشرات الإخفاق السياسي ترتسم على وجه المجتمعات العربية حين بعد حين , ومرد ذلك في عدم التوصل الى فهم مشترك حول طبيعة المرحلة الجديدة التي كان يعتقد البعض بأن القوى الوطنية عاجزة عن تحقيق ذاتها في إدارة شؤون البلاد عقب جلاء الاستعمار الغربي , مما خلف إشكالية جديدة أسمها إشكالية الاستقلال الوطني في كيفية تبني الحلول الجادة لمعالجة الأوضاع بشكل عام في المجتمعات العربية .
ومن هنا كان أنبراء الكثيرين من أهل الفكر سعياً وراء محاولات جادة في صياغة نظريات جديدة تعبر عن الواقع العربي في إيجاد معادلات نضج موضوعي في طريقة تقصي مناهج علمية جديدة في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لإنتاج مرحلة جديدة تساعد في دعم مسيرة البناء الوطني ما بعد الاستقلال .
إن تأثر الفكر العربي بظاهرة الاستشراق أسهم في رسم خارطة ثقافية جديدة تختلف في شكلها ومضمونها عن نتاج الفكر الحضاري الغربي , نتيجة التأثر بإفرازات العناصر الفكرية المختلفة والتي تأتي من هنا وهناك , إما بقصد الإساءة والتشويه , أو لجهل المستشرقين الغربيين بما كانوا ينقلونه دون منهج علمي في محاكماتهم النقدية , مما أدى الى خروج الفكر العربي عبر نفقين في التقييم والتشخيص :
الأول: أنه فكر ماضوي عاجز عن التفاعل الإبداعي مع التراث العالمي،ولديه حنين طوباوي دائم إلى التراث العربي في عصوره الذهبية.
الثاني: أنه فكر يخشى التفاعل مع العلوم العصرية لأنه عاجز عن التفاعل مع العلوم العصرية الغربية،فيكتفي منها بالنقل أو الاقتباس . علاوة على ظاهرة الطرد العلمي للباحثين والعلماء العرب الذين ينتشرون بالآلاف في أرقى الجامعات،والمعاهد،ومراكز البحث العلمي والتكنولوجي في العالم كله مما أدى الى تأخر عملية التنمية في مختلف المجالات .
ولهذا الشيء دلالته الواضحة في المأزق البنيوي الذي تعيشه المجتمعات العربية , مما يعطي بعض المقولات الإستشراقية شيئاً من المصداقية .
ومع هذا فنحن نحاول أن نرصد قراءة نقدية موضوعية من خلال منهج علمي في البحث والاستدلال حول واقع تلك المجتمعات ومدى تأثرها بالظواهر التاريخية على الصعيدين الداخلي والخارجي وهل من الممكن لها مواجهة تحديات عصر العولمة في ظل إمكانيات غائبة تقود الى التنمية والاستنهاض وهل يمكن لعملية النهوض هذه أن تقدم الأرضية الصلبة , والتربة الصالحة لقيام نهضة حقيقي؟ ام أن منهج التفكير العلمي
الذي أثبت تفوقه من خلال التجربة الأوربية يقول ببناء نهضات وطنية تؤسس لنهضة قومية كبرى .
حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا
www.alnahdaparty.com
#حزب_النهضة_الوطني_الديمقراطي_في_سوريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟