|
اللهم لاشماتة بمقتل الطاغية القذافي
نوري جاسم المياحي
الحوار المتمدن-العدد: 3521 - 2011 / 10 / 20 - 21:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تناقلت وكالات الانباء خبر مقتل العقيد معمر القذافي وهذا امر كنت اتوقعه شخصيا بحكم الامكانيات الهائلة التي تمتلكها الولايات المتحدة وقدراتها المتطورة الاستخبارية والمعلوماتية... بعد حكم دام 43 سنة ... تميزت مواقفه من القضايا العربية والدولية الحساسة بالصبيانية والتهور والغرور والعنجهية الفارغة والعنتريات العربية وفي الكثير من الاحيان بعدم الشعور المسؤولية ... فقد كان الرجل غريب الاطوار الى درجة تثير الضحك والاستهزاء والسخرية من مواقفه وتصريحاته وازياءه الغريبة ... ومع هذا طال حكمه ليتجاوز اربع عقود لم يصل اليها اي حاكم عربي اخر ... قد يسأل البعض كيف بقي هذا الرجل بالرغم من خزعبلاته هذه المدة الطويلة ؟؟؟... وقناعتي الشخصية ... اقتضت المرحلة الثورية التاريخية في الخمسينات والستينات وانتشار الفكر اليساري الاشتراكي انذاك فرضت على الغرب الاستعماري ان ينصبوا قيادات مهزوزة هزيلة يمكن تسييرها وتوجيهها عند الضرورة قبل ان تصعد قيادات شعبية ثورية ولاسيما بعد ان اجتاح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الامة العربية من الخليج الى المحيط بافكاره الثورية التي ايقضت الامة ووحدت جماهيرها من سباتها مناضلا وداعيا لوحدة هذه الامة التي خذلته وذهبت افكاره رحمة الله عليه (فيما بعد مع ادراج الرياح )...فالمرحوم الراحل القذافي اساء لمفهوم الوحدة العربية ولاهدافها جمعاء ... وحتى جعل الجماهير العربية والشباب القومي تكفر بكل ما يسمى عربي .. يوميا كان يعلن مشروع وحدة وثاني يوم ينقلب عليه ويعلن الحرب على من كان صاحبه بالامسالقريب ... وكان هذا الدور يخدم مجانيا اعداء الوحدة ... اما على المستوى الداخلي فالرجل فقد اساء لشعبه اساءات لاتغتفر...فهو دكتاتور وحكم شعبه بالحديد والنار ... وبدلا من ان يرفع مستوى شعبه الاقتصادي والمعاشي ...كان يبذر الاموال هو وابناءه على الدعاية لنفسه حيث كان يعتقد ان كل شيء يشترى بالمال ومن منا ينسى كيف وزع الاموال والقران الكريم على عاهرات ايطاليا ليحولهن الى مسلمات ...فاي جنون اكثر من هذا الجنون ؟؟؟ ... وكلنا نذكر كيف ان الرجل دفع المليارات من الدولارات لضحايا طائرة لوكربي ...وقد عوض كل ضحية بعشرة ملايين دولار من لقمة عيش الشعب الليبي المظلوم لكي يحمي نفسه من الملاحقة القانونية ... ومن المفارقات المخجلة في جبين الادارة الامريكية ... انها تعوض كل شهيد عراقي بريء تقتله قواتها بالخطأ (طبيعي كما تدعي قيادتهم ) فقط الفين دولار لكل ضحية ...هذه ديمقراطية امريكا واحترامها لحقوق الانسان ...الامريكي يعوض بعشرة ملايين والعراقي يعوض بالفين دولار ...اي كل امريكي يساوي 5000 عراقي ( يالعارنا وخيبة املنا بقادتنا الاشاوس ) فالرجل لم يترك شيء فيه اساءة الى شعبه الا وارتكبه ...مما اصاب الولايات المتحدة والغرب الاستعماري بالخوف والرعب من بقاءه بالسلطة بسبب رعونته وتهوره وكل مراكزهم المخابراتية ومؤسساتهم البحثية كانت تشير ان الشعب الليبي لن يصبر اكثر على ظلم القذافي ولاسيما بعد ان اجتاحت ثورات الجماهير العربية الجائعة بلدان شمال افريقيا العربية ...فاتخذوا قرار التدخل لازاحته فحركوا عملاءهم في الداخل والخارج وهم يظنون ان اللعبة ستنطلي على الشعب الليبي ... وانا اقول انهم واهمون ومخطأون وستكشف الايام او الاشهر او السنين القادمة ذلك ... وهم متاكدين ان الشعب الليبي لايمتلك القدرة على ازاحته وينسون ان الشعب اذا اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر... فشاهدنا المسرحية في تدمير القطر الليبي وتمزيق الشعب ... وهنا ارتكب المرحوم القذافي اخر جريمة في حياته اذ اتخذ قرار المواجهة العسكرية وهو يعلم جيدا ان اي قطر عربي او جيش عربي لن يستطيع الصمود بوجه الترسانة العسكرية الانكلو امريكية ولاسيما وان علاقته بشعبه غير سليمة وغير صحية ونسي انه في مثل هذه الحالة الشعب الليبي هو اول من يتمنى الخلاص من نير الدكتاتورية القذافية وهذا ما يراهن عليه الغرب الاستعماري عادة ولايدركه الساسة الاغبياء العرب ... ومن هذه الحقيقة المرة كان القذافي هو السبب في تعريض الشعب الليبي الى هذه المحنة باستعداء الاجانب والعملاء ضد الشعب المسكين وسلم رقبتهم اليهم ... فلو لم يكابرهذا المجنون ويعاند ويتمسك بالكرسي بيديه واسنانه ... لربما منع الناتو والامريكان وضيع الفرصة عليهم من التدخل العسكري كما شاهدنا بحجة حماية المدنين الذين قتلوا وشردوا بسبب القصف الجوي العشوائي ..ولربما اعطى للشعب الليبي فرصة لتجاوز المحنة والنجاة من ما ال اليه الحال كما نرى ولاتغرنكم مشاهد الفرحة على وجوه المخدوعين اعلاميا ... ما حل بالقذافي ليس غريبا عن مصير الطغاة في كل زمان ومكان ولايستحق الشماتة به .. فالرجل ترك الحياة ولن يضر او ينفع ... ولكن ما أخشاه في رايي المتواضع هو ما ينتظر الشعب الليبي من مستقبل ضبابي مجهول وربما قاتم كما حل بشعبنا العراقي المسكين ... اخشى ان يأتي يوم يترحمون على حكم القذافي ...كما يترحم اليوم الشعب العراقي على عهد صدام حسين.. فوضى وقتل وتشريد وفقر وجوع ويحلمون بيوم امن بلا تفجيرات ... فبالرغم من كونه كان دكتاتورا موصوفا بالقمع والاضطهاد والدموية ... فالشعب الليبي شعب غالبيته من العرب وصحراوي ويتميز بولاءه القبلي والعشائري ويؤمن بالثأر... ومن يعرف طبيعة هذه الشعوب وعاداتها وتقاليدها البدوية فلن يتوقع في عودة الحياة الطبيعية قريبا وكما يعلن ويروج الاعلام الغربي ومن يسمون انفسهم بالثوار ... انني اعتقد ان الشعب الليبي وانصار القذافي ... سيستوعبون الصدمة خلال الاشهر القادمة لتتفجر المشاكل ضد من يسمونهم المجلس الوطني وانصاره... واول ما ستبدأ الخلافات والنزاعات والتصفيات الجسدية بين قادة المجلس الحاليين انفسهم ... لتنتقل وتنعكس اثارها فورا على الشارع الليبي ... هذا ما اتوقعه شخصيا وقد اكون مصيبا او مخطأ... ولن تكون هناك مصالحة وطنية كما يتمنى كل محب لشعبنا الليبي ..لان المستعمر الجديد لايريد ذلك بل سيقف في وجهها لابقاء الشعب ممزقا ضعيفا يسهل السيطرة عليه... علما ان قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كلهم سيرفعون عقيرتهم مطالبين بتحقيق المصالحة ... وهو شعار كذب وافتراء وتجربة العراق خير شاهد ودليل على ذلك ....اما الحقل الوحيد الذي سيبقى بعيدا عن الفوضى والاقتتال والخصومة...فهو قطاع النفط الليبي ... حيث سيستمر بالتدفق لامريكا واوروبا باسعار زهيدة وربما مجانا عن طريق السرقة والتهريب ... وايضا هنا تتكرر تجربة نفط العراقي وسترون ذلك... فمن المؤكد ان الشركات الاحتكارية النفطية قد هيأت شخصا كالشهرستاني وعاصم جهاد ليوفر لهم الغطاء القانوني لنهب النفط الليبي وبدون ضجة اعلامية ... وما زيارة رئيس وزراء ليبيا للعراق قبل ايام ... الا للاستفادة من خبرة اصدقاء الغرب العراقيين في ضمان المصالح النفطية للشركات الغربية الاستعمارية ... فبعد اختفاء شخص القذافي ... ثقوا ان الكثير من ابناء الشعب الليبي ومن انصاره والمقربين منه والمستفيدين من نظامه سيعتبرونه شهيدا وبطلا قوميا لانه قتل في ساحة المعركة حاملا السلاح ... واقولها بصراحة ان المسؤولين الاحياء الباقين والفرحين اليوم بمقتل الطاغية القذافي هم بالذات احوج ما يكونون الى الرحمة واكثرمن الاموات بما فيهم القذافي واولاده ... انني لا اعلم الغيب وانما هذه توقعات شخصية ... امل واتمنى ان يخرج شعبنا في ليبيا سالما امنا موحدا وباقل الخسائر الممكنة بعد هذه التجربة المريرة ... اللهم لاتسلط علينا من لايخافك ولايرحمنا اللهم احفظ العراق ةاهله اينما حلوا او ارتحلوا ...
#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدبلوماسية الامريكية تستفز مشاعر العراقيين
-
يا فقراء ( احتلوا وول ستريت في المنطقة الخضراء )
-
الهروب للامام من استحقاقات الشعوب
-
تهانينا والف مبروك ..الاحتلال باقي (شكال بهلول ؟؟)
-
الاعلام الامريكي وتعامله مع مصائب العراقيين
-
الفيتو الصيني الروسي ...ضربة معلم يسارية
-
مصيبتنا الخفية
-
عتب على الامريكان
-
سيضيع شعبنا بين السياسة والجريمة
-
متى ينقلب السحر على الساحر ؟؟؟
-
التعصب الديني ومأساة 11ايلول
-
الدين ومصائب الشعوب
-
اللعبة القذرة ... والله مفضوحة
-
العنف والارهاب والنهب والتخريب سلاح الفوضى الخلاقة
-
متى ينتفض الشعب على تجار السياسة والمنافقين ؟؟؟
-
الجريمة والعقاب صنوان لاينفصلان الا في العراق
-
حصانة الجندي الامريكي استباحة للدم والحق العراقي
-
طغيان الحر والغلاء في رمضان
-
شعبنا يرقص مذبوحا من الفوضى السياسية
-
الطريقة الشائعة في العراق لطمس الحقيقة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|