أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضا عبد الرحمن على - كلنا اخوة في الإنسانية .... هذا ما يؤكده القرآن الكريم















المزيد.....


كلنا اخوة في الإنسانية .... هذا ما يؤكده القرآن الكريم


رضا عبد الرحمن على

الحوار المتمدن-العدد: 3521 - 2011 / 10 / 20 - 19:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه رسالة لكل البشر ، من كل الأديان والألوان واللغات والبلدان ، على الرغم أن هذا البحث يعتمد القرآن الكريم كمرجعية ، إلا أنه يهم كل إنسان لأنني سأحاول فيه إثبات حقيقة قرآنية هامة وهي أن البشر جميعا اخوة في الإنسانية ، وليس لمخلوق بشري أي فضل أو أفضلية على مخلوق آخر ، تجعله يتعالى أو يتكبر أو يدعي أنه أفضل من الآخرين ، بل يجب عليه أن يتعامل معهم كأخوة في الإنسانية يحترم حقوقهم ويحافظ عليها طالما لم يعتدوا عليه ، وطالما عاشوا وتعاملوا معه في سلم وسلام وأمن وأمان ، إذن لابد أن نعلم جميعا أن البشر أو الناس جميعا أخوة في الإنسانية بالإجبار وليس بالاختيار ، وأصلهم واحد من نفس واحدة مهما اختلفت ألوانهم و معتقداتهم و أجناسهم و أوطانهم فهم أخوة من أصل واحد ، وهذا الأمر لا خيار فيه للإنسان ، وأكرر ليس من حقي أو من حقك أن تعطي لنفسك أفضلية على أي مخلوق آخر لأننا اخوة في الإنسانية ، وأصلنا ومكوناتنا النفسية واحدة بمعنى أن البشر جميعا خلقوا من نفس واحدة ، يقول ربنا جل وعلا يؤكد أن الناس جميعا قد خُلِـقـُـوا من نفس واحدة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)النساء:1 ، ولأن الإنسان مخلوق مكون من نفس وجسد فإن جميع البشر أصلهم الجسدي واحد أيضا لأننا جميعا أبناء آدم وقد خُـلِقَ آدم من تراب يقول تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )آل عمران:59 ، ويقول تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ)الحج:5 ، وبما أن جميع البشر من نسل آدم عليه السلام ، فهم سواسية ومكوناتهم البنائية واحدة ، مهما كان التباين في شكل وأوصاف الجسد بين طويل وقصير وأسود وأبيض أو أصفر ، وبين بدين أو نحيف أو مفتول العضلات ، فكلها صفات لا دخل لنا فيها ، وهنا وجه الشبه قريب جدا بين جميع النباتات التي تخرج من الأرض مختلفة الألوان والأشكال والطعم واللون والرائحة ، وفي الأساس أصلها واحد وخلقت من تراب يقول تعالى(أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)فاطر:27، وهناك آية محكمة جامعة تثبت أن جميع المخلوقات أصلها واحد وهي قوله تعالى(وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)الأنبياء:30 ، ويزداد الأمر تشابها بين الإنسان والنبات في تشبيه قرآني رائع يبين خروج النبات واختراقه قشرة الأرض وبين إحياء الموتى وخروجهم من قبورهم يوم القيامة يقول تعالى(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)الأعراف:57، والأدلة كثيرة تثبت وتؤكد أن المولى عز وجل خلقنا جميعا من تراب(الروم:20 ، فاطر:11 ، غافر:67) وسبحان الله فالإنسان يوم القيامة الذي ضلّ سعيه في الدنيا ومات كافرا يتمنى يوم القيامة أن يعود لأصله يقول تعالى(إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)النبأ:40

هذه كانت مجرد مقدمة للدخول على بحث مفصل وتدبر لمعنى كلمة (أخ) واستخداماتها المختلفة في القرآن الكريم ، وبقراءة وتدبر جميع مشتقاتها وجدت الآتي:

ـــ لقد تكرر في القرآن الكريم استخدام هذه الكلمة (أخ) للتعبير عن علاقة الأخوة الحقيقية بين الأشقاء وغير الأشقاء كما جاء في قصة ابني آدم يقول تعالى(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ ـ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ)المائدة:30 ، 31 ، وبنفس المعنى استخدمت لوصف العلاقة في قصة يوسف عليه السلام مع الأخ الشقيق في قوله تعالى((وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)يوسف:69 ، 70 ، إذن البشر جميعا اخوة في الإنسانية سواء اتفقوا في العقيدة أو اختلفوا ، سواء كانوا أخوة أشقاء كما جاء في التعبير عن علاقة يوسف وشقيقه أو غير أشقاء كما جاء في التعبير عن علاقة يوسف بإخوته غير الأشقاء قبل إيمانهم به كنبي ، وخوف يعقوب عليه السلام من كيدهم ليوسف حين طلب منه ألا يقصص رؤياه عليهم يقول تعالى (قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ)يوسف:5 ، وفي هذا التوقيت كان اخوة يوسف غير الأشقاء غير مؤمنين بالله ، ولكن القرآن وصفهم بأنهم اخوة ليوسف النبي ، واستمر القرآن الكريم في وصفهم بأنهم اخوة يوسف في جميع أحداث القصة منذ تآمرهم عليه حين ألقوه في الجب ، وعودتهم لأبيهم بدونه ، ثم ذهابهم إلى مصر للحصول على الحنطة (القمح) وحين عرفهم يوسف ، ولم يتغير الوصف بعدما آمنوا بيوسف في آخر القصة فهم اخوته أيضا يقول تعالى(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)يوسف:100 ، والآيات في سورة يوسف كثيرة تبين استخدامات مختلفة بنفس المعنى (يوسف : 7 ، 8 ، 64 ،76 ،87 ، 89 ،90 ).

ـــ وقد تكرر في القرآن الكريم أيضا استعمال هذه المفردة (أخ)ومشتقاتها للتعبير عن علاقة الأخوة بين الأنبياء كما جاء في قصة موسى وهارون يقول تعالى(وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)القصص:34 ، 35 ، وتكرر هذا في مواضع كثيرة في القرآن الكريم لوصف علاقة الأخوة بين الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام ، وجاءت في معرض الحديث والقصص القرآني في جميع أحداث قصة موسى وهارون عليهما السلام في ( المائدة :25 ، الأعراف :111 ، 142 ،150 ، 151 ، طــه:30 ، يونس:87 ، القصص : 34 ، 35 ، مريم :53 ، المؤمنون : 45 ، الفرقان:35 ، الشعراء:36).
وكما جاءت هذه الكلمة التي تعبر عن علاقة إنسانية رائعة هي الأخوة بين الأشقاء وغير الأشقاء ، كأنها فرضا إلاهيا يجب تقديسه بين البشر ، فقد تكرر استخدام نفس الكلمة بنفس المعنى أيضا لتعبر عن العلاقة بين الأنبياء وأقوامهم من الكفار ، كما تكررت في القصص القرآني عن بعض الأنبياء ودعوة كل نبي لقومه أن يؤمنوا بالله ، فكان وصف القرآن للنبي بأنه (أخوهم) حتى لو كانوا كفارا وماتوا بكفرهم ودخلوا جهنم ، مثلا في قصة نوح عليه السلام يقول تعالى(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ ) الشعراء:105 ، 106، في نهاية الآيات يتبين إصرار قوم نوح على الكفر ورفضهم دعوة نبي الله ، ولكن هذا لا يمنع أنهم أخوة في الإنسانية ، وقد تكرر هذا بوضوح أكثر في قصة نبي الله هود يقول تعالى (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ)الشعراء :124 ، وفي نهاية الحوار بينه وبين قومه يقول تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)الشعراء:139، رغم أنهم كذبوه وكان أكثرهم من الكفار إلا أن رب العزة جل وعلا جعل هود عليه السلام أخوهم ، وتكرر هذا في القرآن في قصص الأنبياء مثل صالح ، شعيب ، ولوط في القرآن الكريم (الشعراء:142، هود:61، العنكبوت:36 ، هود:84 ، الشعراء:161.

وأكثر من هذا فقد جاءت في موضع هام جدا يسرد عددا من الأقوام الذين كذبوا رسل الله واستحقوا الوعيد يوم القيامة ، وكان من ضمنهم اخوان لوط يقول تعالى(وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)ق:13 ، 14.

هذا في علاقة كل نبي بقومه دون النظر لعقيدتهم ، كما جاء في القرآن الكريم استعمال نفس اللفظ لوصف علاقات إنسانية بين البشر دون التدخل في مسألة العقيدة ، فتارة تأتي في الحديث بين المنافقين والكفار وتصفهم أيضا بأنهم أخوة يقول تعالى (أَلَمْ تَرى إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)الحشر:11.

ودائما يكون التركيز على احترام الحقوق في التعامل بين الناس ، كما تكرر استعمال هذه الكلمة ومشتقاتها في القرآن الكريم للتعبير عن علاقات إنسانية مختلفة بين البشر أو لتبين تشريعات وأوامر إلهية وهذا يكون في الدنيا ، وكذلك منها ما يبين هذه العلاقة بين البشر في الآخرة وقت الحشر:
ـــ جاءت في معرض الحديث والأمر بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة للغرباء (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)النور:31

ـــ جاءت في آيات تبين المحرمات في الزواج(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)النساء:23
ـــ جاءت تبين البيوت التي لا حرج على الإنسان في الآكل منها ومن ضمنها بيوت الاخوة(لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)النور:61

ـــ جاءت في حديث القرآن عن إظهار غريزة الطمع بين الناس حتى لو كانوا أخوة (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)ص:23 ، وللتحذير من اتباع الظن والنهي عن التجسس والغيبة والنميمة وجعلها مثل أكل لحم الأخ ميتا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)الحجرات:12 ، كما جاءت في تحذير قرآني واضح للبشر وجعل المبذرين اخوانا للشياطين يقول تعالى(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)الإسراء:27
ـــ جاءت في معرض فضح المعوقين والمتكاسلين الذين لم يصدقوا في إيمانهم برسالة خاتم النبيين ، وكانوا يعطلون اخوانهم من المؤمنين لكي يمنعوهم من الخروج مع رسول الله في معارك المسلمين ، ووصفهم القرآن بأنهم أشحة على الخير وأنهم لم يؤمنوا ولكن القرآن وصفهم بأنهم أخوة للمؤمنين يقول تعالى(قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً)الأحزاب:18.

ـــ جاءت تبين تشريع القصاص في القرآن وفي معرض هذا التشريع نجد وصف العلاقة بين طرفي القصاص بأنهم أخوة رغم وجود قضية دم بينهما توجب القصاص يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ)البقرة:178.
ـــ جاءت في دعوة إنسانية للبر مع اليتامى ومخالطتهم وجعلهم أخوة (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)البقرة:220
ــــ ورغم كل هذا فإن الوضع يختلف تماما يوم القيامة حين يبحث كل إنسان عن نفسه وعن قضيته ويهرب من الجميع حتى لو كانوا أقرب الناس إليه مثل أبويه واخوته يقول تعالى (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)عـبـس:34 ، (وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ)المعارج :12.

وبعد هذا العرض من الممكن أن يقول قائل إن الله جل وعلا قد فضل بعض الناس على بعض أقول له أن الله جل وعلا فضّل بعضنا على بعض في الرزق (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)النحل:71 ، وقد فضّل الله جل وعلا بعض الناس درجات ، ولكن هذه الأفضلية هي منحة لا يعلمها ولا يحكم فيها إلا الله وهي محل اختبار وابتلاء يقول تعالى(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)الأنعام:165، وفي آية عظيمة جدا يبين ربنا جل وعلا أنه سبحانه وتعالى قد اصطفى فئة من خلقه على العالمين يقول تعالى(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)آل عمران:33 ، 34 ، فلو كانت هناك أفضلية يجب الاعتراف بها فالأولى أن تكون لآدم ونوحا و وآل إبراهيم وآل عمران كما قال ربنا جل وعلا.

الخلاصة:

العلاقات التي يمارسها الإنسان في حياته نوعان:

النوع الأول: علاقة الإنسان بخالقه جل وعلا وهذه علاقة خاصة جدا وليس من حق أي مخلوق أن يتدخل فيها وهي حرية مطلقة بين كل إنسان وخالقه وحسابنا جميعا عند الله ، وطالما لا يضر الإنسان من حوله ولا يعتدي عليهم ولا يتدخل في شئونهم الخاصة فهم اخوة في الإنسانية وهذا كان حال الأنبياء عليهم السلام مع الناس من المؤمنين والكافرين والمشركين ، ودليل هذا أن ربنا جل وعلا أمر خاتم النبيين عليهم جميعا السلام بأن يُـجـيـر ويساعـد أي مشرك لو طلب منه المساعدة والأهم من هذا أن يشعـره بالأمان يقول تعالى(وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)التوبة:6.

النوع الثاني: علاقة الإنسان بالإنسان ويكفى ما ذكرناه أعلاه في علاقة الأنبياء والمرسلين بأقوامهم حتى لو كانوا كفارا ، فقد وصفهم القرآن بأنهم اخوة ، لكن بكل أسف وأسى في هذه الأيام كل سلفي أو اخواني يطلق لحيته على الناس ويصنفهم ويعطيهم درجات ومراتب إيمانية وإنسانية ويفرق بين الناس ويقسمهم حسب هواه لدرجة أن بعضهم تطرف وفضّـل بنات ونساء الاخوان على بنات ونساء المسلمين ، وتناسوا جميعا أن أنبياء الله لم يفعلوا هذا لأنه لم يكن لهم أي سلطان على عباد الله.

أخيرا:

يأيها الإنسان المخلوق مثلنا من تراب ومن طين ما هي الميزة التي تراها في نفسك كي تفضل نفسك على غيرك.؟ ، إن الفطرة الإنسانية النقية في أبسط صورها تخلق جوا من المساواة والتسامح والمحبة والوئام وتبادل المنافع والخبرات بين الأفراد داخل المجتمع الواحد وكذلك بين المجتمعات المختلفة ، وهذا من وجهة نظري هو التطبيق العلمي لقوله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات: 13 ، وهذه دعوة صريحة وواضحة لتطبيق أبسط العلاقات الاجتماعية وهي الأخوة في الإنسانية.









#رضا_عبد_الرحمن_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلول الغدر التليفزيون المصري وأحداث ماسبيرو ..!!
- رسالة من زميلي في المعتقل ..
- التدين في سن الأربعين .... وفقدان الهوية..!!
- المسجد محتاج ثلاث تكييفات ..!!!
- مشايخ الأزهر بين التكفير ... وسرقة اجتهادات الغير
- في الدولة المستبدة .... يجوز دفع الضرائب للفقراء..؟؟
- هل ثورة مصر انتهت وبدأت تصفية الحسابات..؟؟!!
- لن أكون عسكري سيكا بعد اليوم ..!!
- قبل أن يرح يموت ل مبارك ..!!
- سياسة الكيل بمكيالين بعد الثورة المصرية..!!
- مُنْعَطف خطير في التعامل مع الثورة المصرية
- الهوية المصرية في خطر
- نجاح الثورة في تحقيق مطلبين ..!!
- إخوان سلفية .... أمن دولة بلطجية ..!!
- أهمية البُعد الزمني في الثورة المصرية..!!
- اتقوا الله في مصر .. رفقا بالثوار .. فهم ليسوا ملائكة ..!!
- هل الشيطان هو الذي اختار مكان المسجد النبوي.؟
- التطور الطبيعي للثورة المضادة
- الدعوة السلفية تأصيل لعقيدة - هذا ما وجدنا عليه آباءنا -
- الاستراتيجية السياسية للإخوان...1


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضا عبد الرحمن على - كلنا اخوة في الإنسانية .... هذا ما يؤكده القرآن الكريم