حزب اليسار الأوربي: نحو جبهة أوربية للمقاومة و لطرح المزيد من البدائل

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3521 - 2011 / 10 / 20 - 01:12
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

ضيف الحزب الشيوعي الفرنسي في مقره المركزي بباريس في الفترة من 7 -9 تشرين الأول الحالي، الاجتماع ألتشاوري لزعماء الأحزاب الناشطة في حزب اليسار الأوربي، بالإضافة الى الاجتماع الدوري للهيئة القيادية لحزب اليسار الأوربي. واحتلت أزمة اليورو وسبل النضال من اجل طرح البدائل الممكنة مركز اهتمام المتحاورين، و نالت التقارير المقدمة للاجتماع، عن التطورات الجارية في اليونان و قبرص، اهتماما خاصا من المجتمعين. وقدم نشطاء من حركة الغاضبين في اسبانيا واليونان عرضا لفعالياتهم و الخبرات المستخلصة منها. و بناء على دعوة خاصة شارك في اجتماع قيادة الحزب خوليو غارمنديا بينيا رئيس قسم أوربا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي للتعريف بنتائج مؤتمر حزبه الأخير، و لتعميق العمل المشترك بين الحزبين.

توقف الاجتماعان طويلا وبشكل مكثف أمام التطور الدراماتيكي للأزمة التي تتسع في منطقة اليورو و بلدان الاتحاد الأوربي، حيث تحول الاتحاد الأوربي إلى بؤرة لأزمة مالية، من المرجح جدا أن تعم قريبا الاقتصاد العالمي. ويجري التعامل مع التطورات في ايطاليا و الانهيار الوشيك لعدد من البنوك الفرنسية و البلجيكية، من قبل الليبراليين الجدد في حكومات الاتحاد الأوربي، من خلال التوسيع اللامحدود لصندوق "إنقاذ اليورو"، والذي يعني الاستمرار في ضخ المزيد من أموال دافعي الضرائب في دوامة المضاربات التي تمارسها البنوك الخاصة. و قد جاء في التصريح الصحفي الصادر عن الاجتماع ان " قادة الليبرالية الجديدة يتصرفون كالمتعصبين الدينيين، فهم يرفضون الاعتراف بان سياستهم "للإنقاذ" ستؤدي إلى تدمير منطقة اليورو و الاتحاد الأوربي، وفي نفس الوقت يعززون من الاستبداد و القمع لدعم سياسة التقشف المتطرف التي لا مثيل لها، والتي ستحول أوربا من قارة للقوى العاملة الفقيرة إلى "بلاد ميتة" تضم الملايين من العاطلين و الفقراء و المشردين ".

لا مستقبل لأوربا إلا بالتضامن و الديمقراطية

وأكدت المناقشات إن الليبرالية الجديدة قادت أوربا إلى أزمة عميقة. ويطالب الديمقراطيون الاجتماعيون (أحزاب الاشتراكية الدولية) و أكثرية من أحزاب الخضر و جزء من المحافظين، يطالبون ألآن "بالحكومة الأوربية الاقتصادية"، و هذا يعني، كما أشار العديد من المتحدثين، المزيد من الليبرالية الجديدة المتطرفة و الانتقال إلى "رأسمالية مستبدة"، وحذر العديد من المتحدثين إلى إن الكثير من الأحزاب المحافظة تميل إلى حلول في إطار الدولة الوطنية مغذية المشاعر المضادة للاتحاد الأوربي، وتخلق بذلك أيضا أرضية ملائمة لنمو تأثير الأحزاب اليمينية الشعبوية المتطرفة. وسوف لا يؤدي ذلك إلى انفراط عقد منطقة اليورو و الاتحاد الأوربي فقط، ولكن ستتصاعد النزعة القومية و ألأنانية و الكراهية للأجانب انقاضها.

وركزت المناقشات على كون القضية ليست مجرد أزمة مالية اقتصادية ، وإنما هي أزمة هيكلية للرأسمالية تشمل أزمة في السياسة والثقافة والبيئة و التغذية، ولهذا فان تحليل طابعها مهم جدا للتعامل معها، وعليه يجب تحليل الأزمة و نقدها بدرجة اكبر على أساس السياسة والمواقف الطبقية، وبعكس ذلك فان الساحة ستفتح للاديولوجيات القومية التي تثير حروب الفقراء ضد الفقراء.

اليونان: من اجل ائتلاف تقدمي حاكم

رئيس تحالف اليسار اليوناني (احد الأحزاب اليسارية اليونانية) ألكسس تسبرس قدم عرضا للأوضاع في بلده مشيرا إلى استمرار الضغط الذي يمارسه النقابيون اليساريون في القطاعين العام و الخاص ضمن برنامج تعبوي متنوع سيتوج بإضراب عام في التاسع عشر من الشهر الحالي (يوم امس الاربعاء)، ولمواجهة برنامج الترويكا ( الاتحاد الأوربي و صندوق النقد الدولي و البنك المركزي الأوربي) و الحكومة اليونانية، يطالب تحالف اليسار بإلغاء الديون غير الشرعية، و تقليص النفقات العسكرية، و فرض الضرائب على الأثرياء، و قد دشن الحزب، سوية مع ائتلافه الانتخابي (يضم إلى جانب الحزب مجموعة من المنظمات اليسارية و الماركسية الصغيرة)، حملة جديدة تقوم على أربعة شعارات: " على الحكومة و الترويكا الرحيل قبل أن يقودا البلد للإفلاس" و " لا للضرائب و الأعباء الجديدة على المواطنين" و " على الأثرياء أن يدفعوا" و "اليسار هو الحل الوحيد".

إن تجاوز النموذج الاقتصادي الحالي بتطلب تشكيل تحالف حاكم جديد يتكون من جميع القوى السياسية و الاجتماعية التي تناضل ضد سياسات التقشف، و خصوصا الحزب الشيوعي اليوناني و اليسار الديمقراطي و الخضر و المناهضين للرأسمالية و المجاميع اليسارية التي انشقت من حزب الباسوك الحاكم اضافة الى مكونات تحالفنا الانتخابي.

الدنمارك: تغيير حكومي بعد عشر سنوات من حكم اليمين

بعد عشر سنوات من حكم اليمين شهد الدنمارك ولادة حكومة جديدة تشارك فيها ثلاثة أحزاب هي: الديمقراطي الاجتماعي ( من أحزاب الاشتراكية الدولية) و الليبرالي الديمقراطي و حزب الشعب الاشتراكي. وتتمتع الحكومة بدعم محدود من حزب تحالف الحمر- الخضر (عضو حزب اليسار الأوربي) ، دون مشاركته فيها، وهو يعد الحزب الفائز الأكبر في الانتخابات إذ استطاع الحصول على 12 مقعدا في البرلمان في مقابل 4 مقاعد كان يشغلها في البرلمان السابق. ويعتمد الحزب مواقف يسارية جذرية و يدافع بوضوح عن الحقوق الاجتماعية، و يقف بالضد من تقليص المساعدات الاجتماعية، ويعارض الإجراءات القمعية ضد العاطلين عن العمل، ويرفض تخفيض المعاشات التقاعدية ورفع سن التقاعد، ويدعو الى إعادة القوانين الإنسانية الخاصة باللجوء و الأجانب.

من اجل جبهة أوربية للمقاومة و لطرح المزيد من البدائل

في ضوء النقاشات و المعلومات المتبادلة توصل المجتمعون إلى إن من واجب حزب اليسار الاوربي أن يعزز جهوده الرامية لتشكيل جبهة اجتماعية سياسية أوربية للمقاومة و لطرح المزيد من البدائل. وقد استفاد الاجتماع من تبادل وجهات النظر مع ممثلين لحركة (غاضبون) من اسبانيا و اليونان، ودعا الاجتماع في نداء خاص أعضاء الحزب ومؤيديه للمشاركة الواسعة في حركة الاحتجاج التي عمت أوربا و العالم في الخامس عشر من الشهر الحالي.

من اجل إنشاء صندوق اوربي للتنمية الاجتماعية و التضامن، و من اجل نزع سلاح الأسواق المالية

تعتبر الحملة من اجل صندوق أوربي للتضامن و التنمية الاجتماعية احد العناصر في نضال حزب اليسار الأوربي من اجل بديل لسلطة الأسواق المالية. وستشهد بداية عام 2012 انطلاق حملة لجمع التواقيع على اطلاق مبادرة مواطني أوربا. ويجري الحزب في الوقت الحاضر حوارات مع أعداد كبيرة من المنظمات على الصعيد الوطني و مجاميع محلية، لتحقيق انطلاق المبادرة الأوربية. وسيستثمر الحزب هذه الحملة لإجراء أوسع حوار ممكن مع سكان القارة، ويقترح عليهم إنشاء صندوق أوربي للتضامن و التنمية الاجتماعية، و على النقيض من "برنامج "إنقاذ اليورو" يتم تمويل صندوق التضامن من البنك المركزي الأوربي و كجزء من ميزانية الاتحاد الأوربي ومن الضرائب المفروضة على التعاملات المالية، وتوظف واردات الصندوق المذكور في الاستثمارات العامة بعيدا عن الأسواق المالية ولنزع سلاح المضاربات.

عرض خوليو غارمنديا بينيا رئيس قسم أوربا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي خلال الاجتماع نتائج مؤتمر حزبه الأخير، وركز على تأثيرات الأزمة العالمية على كوبا، وعلى سياسة حكومة أوباما تجاه بلده، وأشار إلى قرارات المؤتمر، الذي انعقد في نيسان الماضي ، القاضية بـ إدخال تعديلات على السياسة الاقتصادية، غداة حوارات عامة واسعة أجراها الحزب مع المواطنين. وكذلك ناقش الحضور مع الضيف الكوبي كيفية كسر احتكار وسائل الإعلام الرأسمالية للمعلومات، و العمل المشترك بين كوبا و الاتحاد الأوربي، و التضامن السياسي مع كوبا.

هذا وصدر عن الاجتماع تصريح احتجاجي ضد على مشاركة اسبانيا في مظلة الناتو المضادة للصواريخ:، وآخر تضامني مع الحكومة و القوى التقدمية في قبرص.

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات