أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بلقيس حميد حسن - -عمو حباب لا تقتلني-














المزيد.....

-عمو حباب لا تقتلني-


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 19:55
المحور: المجتمع المدني
    


اعتذر من المبدع حامد المالكي اذ استعير جملته الشهيرة بعنوان مقالتي هذه, والتي جاءت على لسان الطفل الضحية في مسلسل ابو طبر, قبل لحظة قتله, فما ان انتهيت من كتابة مقالي الموسوم" أبو طبر هلع وأسرار لم تكتشف بعد", حتى صرخ الطفل البريء والمذبوح في احدى جرائم أبو طبر, وصار يدق على ذاكرتي ويعاتبني مذكراً اياي بجملته الشهيرة وهو يواجه الرعب مرتجفا:
"عمو حباب لا تقتلني"
صار يأتيني بصورة كل أطفال العراق المذبوحين على مدى عقود طويلة, يذكرني بالأيتام, والمشردين على قارعة شوارع لا ترحم.
لقد استطاع الكاتب المبدع حامد المالكي وبمشهد واحد, أن يدافع عن كل هؤلاء حيث اختزل كل شيء في جملة "عمو حباب لا تقتلني" وماتبعها من أفكار أبو طبر وهو يبرر قتل الطفل.
نعم انه أثار عذابات كل أطفال العراق, جوعهم وخوفهم, أميتهم, وضياعهم, اضطرارهم للعمل مع من لا يرحم, حرماناتهم المهولة ومايترتب عليها من امراض نفسية واجتماعية, سقوطهم بمحذورات اجتماعية تشوه طفولتهم الناصعة وتنهي كل مايجب ان يكونوه, كجيل مستقبل نتمناه ونأمل به خيرا.
لقد وظف كاتب المسلسل ابداعه لصالح الانسان وحقوق الطفل التي لا يعرفها اطفال العراق في كل التواريخ قديمها وحديثها, فتح كل الأوجاع والقضايا حينما قرع على لسان المبدع كاظم القريشي الأجراس في التنبيه لمعانات الأيتام وما اكثرهم في وطننا المنكوب, العراق بلد ملايين الايتام بلا منازع, والمسلسل ذكرنا بهم جميعا وبأسرع طريقة, حينما قال السفاح للطفل بأنك يجب أن تكون مع ماما وبابا حتى لا تبقى يتيما, ضعيفا, فيستغلك أحد, قال له - وبحسب ما تمليه عليه ساديته- لا بد ان تموت كي لا تبقى وحيدا فتحتاج لأحد ٍ من الناس فتقع في مآس كثيرة, وهذه حالة الملايين من أيتام العراق.
هنا يبارك الابداع حينما يبكي الفنان كاظم القريشي في كل مرة يتذكر فيها "عمو حباب لا تقتلني" فيبكينا معه.
لقد نجح مسلسل ابو طبر حيث جعلنا نتذكره في كل مرة نسمع بقتل او اعتداء, وأجدني اخبيء في داخلي اضافات واضافات لمسلسل عرض حياتنا قبلا وبعدا.
أليس القتل العشوائي, والانفجارات, وكواتم الصوت تشبه ابو طبر حيث تعبث ببغداد وتستبيحها؟ بل في اغلب مدن العراق وليس ببغداد فقط.
اليس الفقر ودوافع السرقة موجودة الان في مجتمع اليوم؟
اليس وضع المرأة في العراق الان لا يختلف عن زمن ابو طبر, زمن تلك السلطة المشبوهة التي لفّ الغموض والأسرار حقبتها التعسة حتى بعد رحيلها؟ أليست المرأة اليوم خائفة من ارتداء ماترغب؟ لا بسبب سلطة تصبغ بالدهان سيقان النساء اللواتي يرتدين القصير, انما قد تقتل الف قتلة وتستهجن من الجميع لو تجرأت على ما كانت تتجرأ عليه زمن ابو طبر. اليس هذا تذكير بما نحن فيه اليوم, فأين حرية النساء في العراق؟ وأين نضال أكثر من نصف قرن من الزمن لمناضلات ضحين بانفسهن ودخلن السجون والمعتقلات على سبيل المثال لا الحصر ,الراحلة د. نزيهة الدليمي, د. سعاد خيري, وبشرى برتو, وزكية خليفة, والشهيدة عايدة ياسين, والشهيدة موناليزا أمين, والمناضلة بثينة الشريف.. وقائمة طويلة ضمت مئات الشهيدات والمعذبات الطامحات بحياة حضارية للمرأة العراقية, وآلاف من المغيبات, والمعذبات في السجون, والمهجرات, والمهاجرات الحاملات معهن الوطن, وقيم الانسانية النبيلة, حيث تبعثرت حيواتهن بين الغربة والحنين والفقد والتهميش..
أحداث كثيرة استشرفها الكاتب حامد المالكي في ابو طبر, فأجدني أعود متذكرة ماجاء في المسلسل الذي أراق أمامنا دماء الأبرياء بسخاء ليعلن عن جريمة طويلة في العراق, ولنعترف بأن حياة العراقيين فيلم رعب لا ينتهي..
ألم يحول البعث العراق الى ملك لعائلة هوجاء وعصابة قتل؟ وهاهم اليوم يعودون بكل صلافة ليدافعوا عن البعث مدعين ان لا يد له في كل مناحاتنا؟
هاهم يمرحون ويسرحون في قلب النظام اليوم, بعد ان صرخ العالم في وجه كل من أتى على ذكر كلمة " اجتثاث البعث" واتهمه باللا انسانية والتعصب والتطرف والعدوانية, وجملة من الاتهامات التي لولاها لانحسر خطر فكر البعث اليوم واصبح من الماضي, لا أن يرفع اعضائه رؤوسهم متبجحين بماض ٍ أسموه أفضل مع الأسف, بعد أن صدمنا الحاضر وأحبطنا. ولان المجرم لابد وان يعاقب على ما ارتكبه, أحببت هنا ان أوضح أهمية العزلة على ضمير المرء, فالعزلة تجعل الانسان يعود الى دواخله, الى جوهر روحه, الى حقيقة الحياة وحاجاتها, فالسجن الانفرادي ليس به مسؤولية للسجين عن أي شيء من متطلبات الحياة, انما هو فقر, وبه وحدة ,ورؤية لحقيقة الانسان, اذ يبقى أمام ذاته وجسده الذي هو ملكه الوحيد وهو ليس اكثر من وعاء لفكره وطموحاته وكل احلامه. لكنه لا يقوى على أي شيء منها حينما يكون سجينا, منعزلا, عندها يبدأ الزهد بالحياة يدب لرأسه شيئا فشيئا وتتبين الروح, اي الفكر, أي الضمير, اي القاضي بالعدل والحق. حينها يبدأ المرء صراعه مع افعاله الماضية, ليجد أن الحياة لا تستحق أن يفعل بها جريمته التي فعلها. فيقع أبو طبر في حالة من تبكيت الضمير, وهذا حسب اعتقادي هو اسقاط الكاتب حامد المالكي شخصيا وتعليله لضرورة العقاب , فمن أمن العقوبة أساء الأدب, وهذه المقولة تنعكس على حياة الناس ولكن المشكلة لدينا هي: من يحدد الجريمة او الخطأ ليفرض العقوبة الصح او العلاج عليها؟ كيف تكون السجون مدرسة تأهيل كما هو غرضها وليس مكانا للانتقام والتعذيب وتعلم الجرائم, كيف نجعل المجرم يختلي بنفسه والزنانزين تعج بالمجرمين ليعيشوا سوية ويكون لديهم مجتمع صغير من اللا أخلاق داخل السجن ليتعلم بعضهم أساليب بعض أكثر فتتحول السجون الى مدارس لتعلم الجريمة وليس الفضيلة وصقل النفس البشرية المخطئة..
هنا تكمن المسؤولية عن أكبر مشاكل المجتمع العراقي اليوم التي لا بد للحكومة العراقية من وضع اليد عليها لننتهي من فلم الموت اليومي, ولنقضي على أبو طبر الذي لا زال طليقا, يعبث بحيواتنا دونما قيود..



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لي طقسي
- لا زلنا في واد ٍ غير ذي زرع
- أبو طبر, هلعٌ وأسرار لم تُكتشف بعد
- في العراق فقط, سلطوي معارض!
- مسلسل الدهانة, وملك الشاشة العراقية
- الدراما العراقية تتحدى الظروف وتنهض
- نصرُ ليبيا, فرح ٌ بحجم ِ سنواتِ القهر
- ألا يحق للمغدور ان يستغيث؟
- الثورات, تخطفُ جمهور الدراما العربية
- الشعب السوري يسمو الى المجد ِ أعزلا ً ووحيدا
- مي سكاف, حقا انها زرقاء اليمامة
- أفضل خيار للعرب, يعرفونه ويحرفون عنه
- الأم, الوطن الأول لكل انسان
- أمة ٌ تسترُ أمراضها ولا تعالجها
- لا صدى لصرخات السودانيين
- هل يستحق القتلة- كالقذافي- خروجا مشرفا؟
- ياسر العظمة.. مبدعٌ زاهدٌ إلا بالحقيقة
- لا للدكتاتوريين, قالتها الشعوب العربية بالدماء
- ثورة اليمن العملاقة
- الازدواجية وحق الكرد في تقرير مصيرهم .. في ذكرى مجزرة الانفا ...


المزيد.....




- كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج ...
- تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي ...
- وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
- مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟ ...
- ماذا بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت؟
- العمال المغاربة الموسميون بأوروبا.. أحلام تقود لمتاهة الاتجا ...
- الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و ...
- فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار ...
- نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ ...
- السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بلقيس حميد حسن - -عمو حباب لا تقتلني-