طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 00:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يُصَب الشارع العربي بحالة من الفصام منذ زمن بعيد كما أصيب في الآونة الأخيرة حيال ما حدث ويحدث على الأراضي السورية، فمن الدول العربية من يشد على ذراع النظام السوري ليمضي في طريقه بالتخلص من حفنة خارجة على القانون من أبناء الشعب – كما يرون - دون النظر إلى هوية أو دين أو مذهب أو انتماء سياسي لمن تقتنصه رصاصة الرحمة بأيدي الجيش والشرطة بدعوى الحفاظ على الأمن. ومنها من يكافح ويناضل كي يضع حدَّاً لمرحلة سياسية يرون أنها ماتت سريرياً في نظر المجتمع الدولي أجمع – على حدِّ قولهم - بعد أن رفضت القيادة أن تستجيب لمطالب الشعب بتوجيهها البنادق إلى وجوههم وأصنافاً منوَّعة من السيارات المدرعة.
والحقيقة أن الوضع يدعو إلى الحيرة، ويُجبر من يشاهده على الوقوف على أحد طرفين كل واحدٍ منهما نقيض الآخر، ولكلٍّ حججه وأسبابه. فمن يناهض النظام يتلو علينا ما تيسر من هذه الأسباب:
- النظام البعثي السوري نظام دموي، ولا يوجد في قاموسه ما يُعرف بأدب الحوار.
- النظام السوري غير قابل للإصلاح.
- النظام السوري نظام مذهبي.
- النظام السوري متخلف وغير مواكب للعصر.
- النظام السوري جمَّد الصراع العربي الإسرائيلي على الجبهة السورية.
وهو بذلك ينظر إلى ما يحصل في الشارع بأنه امتدادٌ طبيعي لربيع الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن.
أما الطرف الآخر فيقدم لنا حججاً تبدو أكثر تسوعاً للعين المجردة وهي:
- النظام السوري هو الحصن الأخير في الوطن العربي لجبهة الممانعة ضد التطبيع مع إسرائيل.
- النظام السوري مناهض للسياسات الأمريكية في المنطقة، ومستهدف من قبل الإمبريالية الغربية.
- النظام السوري الداعم الرئيسي لحزب الله في لبنان وهو – أي حزب الله - المتسبب في تحرير جنوب لبنان عام 2000 وهزيمة القوات الإسرائيلية في حرب عام 2006.
- النظام السوري نظام قومي عربي.
- النظام السوري داعم رئيسي لعدد من القوى والفصائل الفلسطينية.
وهو بذلك يتبنى نظرية المؤامرة وأن ما يحدث في الداخل محض مكيدة مدبرة لإسقاط السلطة السياسية.
وهنا يتضح أن لكل منا بوصلته الخاصة للوقوف مع أو ضد النظام في بلاد الشام، فمنا من يجعل من إقامة الديمقراطية في دمشق بوصلته، ومنا من يرى بقاء المقاومة العربية ضد إسرائيل بوصلته، وما من حلٍّ لهذه المعضلة سوى أن ننتظر وفقط ننتظر، فلعل الأيام تحمل لنا الأنباء السارة في المستقبل القريب، ويأتينا بالأخبار ما لم نزوِّدِ.
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟