|
اتجاهات الريح الأمريكية القادمة
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 1046 - 2004 / 12 / 13 - 09:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لبرهة من الوقت بدت سماء العلاقات السورية – الأمريكية .، السورية – الإيرانية صافية و تنبأ بعضهم بحلول فصل الربيع . لا بل أكد بعضهم أنه رأى سنونوات في الأفق مبشرة بقدوم هذا الربيع الذي طال انتظاره من أطراف كثيرة في الداخل و الخارج . برزت مؤشرات كثيرة على الربيع القادم أهمها انضواء البلدين ، سوريا و إيران ، تحت السقف الأمريكي عبر مشاركة البلدين في مؤتمر شرم الشيخ ، ثم في اجتماع دول الجوار العراقي في طهران و الذي كانت مهمته الوحيدة البحث عن وسيلة ناجعة لضمان أمن قوات الاحتلال الأمريكي في العراق بعد أن سلخ المقاومون جلودها . ثم تكاثر الحديث عن احتمالات إيجاد تسوية في الصراع العربي الصهيوني بعد أن تحركت عجلة المفاوضات على المسار الفلسطيني و بروز مؤشرات على هذا لأمر على المسار السوري . ثم بدأ مبارك جولة لإقناع المترددين و إقناع الذين يحبون ممارسة معصية العلاقة مع الكيان الصهيوني في الخفاء بأن العلن صار أفضل لأن رقصة التسربتيز ليست معيبة في الأخلاق الغربية . لكن العارفون بأحوال الطقس و تبدلات الأنواء كانوا متأكدين أن الجو شتاء و إنه ليس لهذه السماء الصافية ما يبررها لا سيما و أن الإمبراطورية الأمريكية تغوص في وحول مستنقع المقاومة العراقي حتى الرقبة و باتت مهددة بالاختناق مما يجعل أمريكا وحشاً جريحا ، و الوحش الجريح هو الأخطر لأنك لا تستطيع توقع سلوكه الذي ينتفي منه المنطق مما يجعله الأقدر على ارتكاب حماقات لا تدخل بالحسبان كأن يبطش باليد التي تمتد لإنقاذه ( هل نذكركم بيد خاتمي الممدودة لإنقاذهم من المستنقع العراقي ) !! يضاف إلى العوامل التي تجعل السماء الصافية في المنطقة وهماً صرفاً أن الملف النووي الإيراني لم يحسم بعد ، و سلاح حزب الله مازال على حدود الكيان الصهيوني ، و المقاومة الفلسطينية ترد الصاع صاعين للكيان الصهيوني . إذاً لم يكن هناك ما يبرر هذه السماء الصافية في عز الشتاء . وحدث الأمر الذي كان منتظراً فخلال يوم أو يومين تبددت كل أوهام الربيع المنتظر ، فتجمعت سحب قاتمة ثقيلة في سماء العلاقات بين سوريا و إيران من جهة و أمريكا و وكيلها الإقليمي الأكبر ، النظام المصري . تابعوا معنا نوعية هذه الغيوم و بعضها من النوع الذي لم تعهده المنطقة من قبل إلا في أوقات الأزمات الشديدة . مما يدل على نقلة جديدة في الاستهداف الأمريكي لسوريا و إيران . 1- فجر النظام المصري قضية تجسس ضد إيران في وقت لا يخطر على البال ، لا سيما أنه أفرج قبل أيام عن الجاسوس الصهيوني عزام عزام في صفقة أثارت استهجان مجموع المصريين و الفلسطينيين و العرب ، بمن فيهم أهالي الطلاب الذين بودل الجاسوس بهم .و معلوم للجميع الدور الذي يلعبه التأزم الإقليمي عند استهداف الأنظمة ،كما حدث في تجربة العراق السابقة خلال عام 1990 و ما تلاها من سنوات الحصار الذي كان يمر دوماً من دول الإقليم المؤتمرة بأوامر النظام الأمريكي . حتى يمكن استخلاص قانون مفاده أن ضرب أية دولة أو استهداف أي نظام في الإقليم يمر من بوابة النظام المصري . فالنظام بخير طالما علاقاته مع النظام المصري بخير فإن استهدفته أمريكا تبدأ بتأزيم علاقاته مع النظام المصري الجاهز دائماً و أبداً لهذه المهمة باعتباره أهم الوكلاء الإقليميين . بالطبع بعد الكيان الصهيوني ......... 2- حذر ملك الأردن عبد لله الثاني في حديث لصحيفة أميركية من خطر هلال شيعي يمتد من إيران عبر العراق إلى سوريا و لبنان و بالطبع يشمل هذا الهلال الأقليات الشيعية في دول الخليج العربي . وهذا التصريح فيه تجاوز للغة السياسية التي اعتادت الأنظمة العربية التحدث بها . لأن هذه الأنظمة تمارس كل الرذائل سراً و تتكلم عن الفضيلة و الشرف علناً ، تمارس الطائفية و الإقليمية و العشائرية لكنها تتحدث علناً عن القومية و العروبة و الإسلام . أما الآن و مع مشروع الديمقراطية الأمريكية الجديد فقد صار الحديث عن المذاهب و الأديان من الأمور المباحة . بل و المطلوبة فلا مانع لدعاة الديمقراطية على الطريقة الأمريكية أن يصنفوا الدول إلى شيعية و سنية !!! أما كيف سيتطابق هذا مع حقوق المواطنة ، التي يجب أن تشمل الجميع بغض النظر مع مذاهبهم و أديانهم فهذا من عجائب الديمقراطية الأمريكية و من عجائب دعاتها . كما أن هذه اللغة الطائفية الضيقة تذكرنا بأزمنة الحروب حيث كل الأسلحة مباح استخدامها في حروب أمريكا فهل أعلنت أمريكا الحرب ضد إيران ......... !! 3 – عادت لغة الاتهامات ضد سوريا بتمويل و تسهيل و احتضان المقاومة العراقية في الفلوجة و غيرها . و معلوم أن سوريا قدمت تنازلات لا تحصى في هذا الملف باعتراف الأمريكان أنفسهم . لكن الياور من واشنطن ( من واشنطن ) يصر على اتهامها مع إيران بدعم المقاتلين . و يتبعه موفق الربيعي ، الذي اكتشفنا بواسطة تصريحاته أنه مازال حياً فيعلن عن وجود أدلة على الدعم السوري للمقاتلين لكنه لم يقدم أدلته بعد . و بعد أيام أكمل باول اسطوانة تسلل المقاتلين من الحدود السورية ناقضاً تصريحات سابقة له . و لم يراع من ردد هذه الاتهامات أبسط قواعد المنطق فإذا كانت سوريا متهمة بإقامة هلال شيعي فهذا أمر يتناقض مع دعمها مقاومة متهمة بأنها سنية .......!! !!!! و هكذا اكتملت دائرة التصعيد الإقليمية ضد سوريا و إيران . من نظام مبارك الذي فجر الأزمة ، و هو يتوسط لدى الكويت لتقيم علاقات دبلوماسية مع شارون ليظهر بوضوح أن أمريكا تسمح للأنظمة العربية بالتنسيق و التعاون فقط في خدمة المشروع الأمريكي . إلى عبد الله الثاني الذي أعلن أن كل الأسلحة الطائفية و العشائرية يمكن أن تستخدم في حروب الولايات المتحدة وصولاً إلى تصريحات أطراف الحكومة الأمريكية في بغداد . ثم تصريحات باول التي جاءت في نفس اليوم الذي تم به تسريب خبر اجتماع على أعلى المستويات لدوائر ذات صلة بالبنتاغون لمناقشة خطة ضرب إيران ، حيث تمت مناقشة تفصيلات كبيرة و صغيرة من قبيل ضرب معسكرات الحرس الثوري و المنشآت النووية وصولاً إلى الزحف على طهران من خمس جهات و تنصيب حكومة صديقة ((عميلة )) فيها . في جو شتائي لا ينقصه سوى بعض الرعد و البرق حتى تنهال العواصف فتتبخر أوهام الذين لا يقرؤون السياسة في الوطن العربي و إيران ، و الذين حسبوا من الأيام المشمسة التي تلت شرم أن الربيع قادم ......... قلنا في مقالة سابقة إن سياسة تقديم التنازلات للغرب بئر لا قاع لها و أن المجابهة و التحدي و دعم المقاومة هو الذي يقدم طريق الخلاص للأمة . أما التعلق بأوهام من قبيل تسويات مع الأمريكان أو تقاسم مناطق النفوذ معهم ، أو مراعاة مصالحهم فهذه أوهام بالغة الخطورة و قد كانت السبب في إبادة الهنود الحمر
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقديم التنازلات للغرب بئر لا قاع له- روسيا كمثال
-
ناشطون سوريون و عرب يدعون لإنشاء محكمة تفتيش دولية
-
ملاحظات حول الحركة المناهضة للعولمة
-
معركة الدولار من العراق إلى كوبا و تداعي الإمبرطورية
-
المليار الذهبي الذي سيلتهم خمس مليارات من البشر
-
فوزي القاوقجي
-
نحن و الغرب
-
لعبة المرايا و شباك العنكبوت بين المقاومة و الغرب
-
سرقة الكلمات من معانيها : الديمقراطية و التحرير نموذجاً
-
المركب الروسي الغارق
-
الواقعة الغريبة التي حدثت يوم تكريم الدكتور ماجد
-
وجوه تحتضر
-
بين نورما خوري و أحمد الجلبي
-
الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
-
عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
-
أسرى سايكس بيكو
-
القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
-
الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
-
أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل
...
-
أزمة المسرح العربي 2من 3
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|