|
الإسلاميون والغرب والربيع العربي !!
صلاح يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 18 - 15:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا شك أن الأنظمة الحاكمة في الدول العربية هي أنظمة طاغوتية فاسدة، أهدرت المال العام للدولة لدرجة أن أحد الباحثين الاقتصاديين بمصر قال أن الفساد في مؤسسات الدولة يمتص 40 % من الدخل القومي، وهو رقم لو صح، لفهمنا كيف انتشر الفقر، وكيف انحط التعليم فلم تجد الدولة المال الكافي لبناء مدارس جديدة فأصبح لدينا 60 طالباً في الفصل الواحد مقابل 18 في ألمانيا مثلا، أما الخدمات الصحية والاجتماعية فحدث ولا حرج حيث التجاهل والتهميش وترك الناس فريسة للجهل والخرافة وطب المشعوذين ! الأنظمة لا تعترف بحرية الرأي ولا الفكر ولا العقيدة ولا بحقوق الإنسان، مما توجب على الشعوب الثورة لتغييرها والإطاحة بها، ولكن برزت هنا مشكلة كبيرة، وهي مشكلة هيمنة الإسلاميين على الشارع العربي مما يعني أن بديل الأنظمة هم الإسلاميون، وفي هذه الحالة فإن البديل سيكون أسوأ من الأنظمة ذاتها، والقول بأنه لابد من حراك في المياه الراكدة لكي يجرب الناس حكم الإسلاميين أمر مشكوك في صحته ودقته، ولنا أن نستحضر النموذج الإيراني حيث كان حزب تودة الشيوعي من أكثر القوى مشاركة في الثورة ولكن بعد نجاح الثورة في إسقاط الشاه، نجح الإسلاميون في الهيمنة على مقاليد السلطة وقاموا بذبح المخالفين حسب الشريعة الإسلامية وكانت النتيجة 30 ألفاً على المشانق والمقاصل من أعضاء حزب تودة الذي شارك في الثورة بكفاءة وفاعلية !
لقد ظهر جلياً هيمنة حزب النهضة على الشارع في تونس وهيمنة الإخوان المسلمين والسلفيين على الشارع في مصر ( غزوة الصناديق )، وفي سوريا فإن الإخوان المسلمين يجهزون أنفسهم للانقضاض على الثورة لأن دور القوى العلمانية فيها محدود، بينما الناس لا زالت تؤمن لحد اللحظة بأن الإسلام هو الحل ! هكذا دون تأمل النماذج الإسلامية في الجزائر والسودان والصومال وأفغانستان وغيرها. ربما كانت الدول التي دفعت ثمناً باهظاً للإرهاب الإسلامي كالجزائر والعراق والسودان والصومال هي أقرب الدول فهماً لشريعة الإسلام وللدواب والمجرمين القائمين على تطبيقها.
من الجهة الأهم فإن الغرب الذي يؤمن بالديمقراطية أصبح لا يعارض استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة كبديل للأنظمة لعدة أسباب، منها أن الغرب بات مقتنعاً بأن الإخوان يفوزون في أي انتخابات حرة ونزيهة وبأنهم القوة الوحيدة الكفيلة بلجم متطرفي السلفيين والقاعدة وما يمتخض عنهما من إرهاب. هذا التناغم الغربي مع إلإخوان نجد صداه في قيام حلف الناتو بدعم لا محدود للثورة الليبية على الرغم من معرفة الغرب بأن الثورة الليبية هي في معظمها إخوان مسلمين ولا بأس من بعض عناصر القاعدة، ثم بدا جليا إصرار الغرب على دعم الثورات الإسلامية ضد الأنظمة بمنح توكل كرمان العضوة في الإخوان المسلمين جائزة نوبل، ثم لنا أن نتساءل. أليست لندن هي مأوى الإرهابيين الإسلاميين بما في ذلك الإرهابي هاني السباعي الذي يعقد لقاءات على قناة الجزيرة لإعلان تأييده لتنظيم القاعدة ولإباحة دم العلمانيين ؟؟!
إن التحالف بين الإسلاميين والغرب ليس جديداً، بل هو امتداد للتحالف أثناء الحرب الباردة حيث دعم الغرب والمملكة الوهابية الحركات الإسلاميين بمليارات الدولارات ومراكز الأبحاث والأموال اللازمة لبناء المساجد حتى أصبح في الشارع الواحد أكثر من ثلاثة مساجد !!
الحركة العلمانية والتقدمية اليسارية محدودة الأثر في الشارع العربي، ضعيفة المؤسسات، ملاحقة بالإرهاب الرجعي للأنظمة والإسلاميين معاً في آن، حيث ما زالت الناس البسيطة تؤمن بأن الإسلام هو الحل لفساد الأنظمة، فالإسلام والدعاية الإسلامية مسلحة بآلة إعلامية ضخمة تمولها دول النفط لكي تحافظ على حكمها الثيوقراطي حيث يحرم الإسلام الخروج على الحاكم.
وإن كان الأمر كذلك، فما بال بعض العلمانيين تغلبه الحماسة والعاطفة لمساندة الثورات الإسلامية أو الشعبية التي سوف ينقض على منجزاتها الإسلاميون بلا جدال ؟؟! ما الحل الحقيقي والجذري لهذه المعضلة المستعصية والخطيرة ؟؟!
ليس ثمة حلول سحرية في الأفق، فقناة الجزيرة التابعة للإخوان المسلمين مدعومة بأموال طائلة من إمارة قطر ولديها سيطرة إعلامية لا تنافس، والأنظمة تتصارع مع الإسلاميين على السلطة ولكنها تتحد مع الإسلاميين ضد البديل الديمقراطي الحقيقي الذي يؤمن بلا تحفظ بمباديء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ينبغي في موقع الحوار المتمدن باعتباره المنبر الوحيد القوي للقوى العلمانية أن تتحد القوى العلمانية واليسارية والليبرالية في مواجهة قوى الظلام الرجعية الفاشية، ويجب عدم الانجرار وراء العاطفة لدعم ثورات الإسلاميين في ليبيا وسوريا واليمن، ذلك وأنه بحسب النموذج الإيراني، ستكون رؤوس القوى العمانية والتقدمية اليسارية هي أول ضحايا سقوط الأنظمة. يجب التركيز في الوقت الحالي على خوض معركة التنوير التي يخوضها مفكرو التنوير بقوة ضد قوى الظلام.
إن ما يمنحنا بعض الأمل في المعركة هو فضاء الإنترنت من حوار متمدن وفيسبوك ويوتيوب حيث أصبح للادينين والملحدين صوتاً مؤثراً، وباعتراف أحد خطباء المساجد الجدد فإن الإلحاد ينتشر بقوة بين الشباب بسبب تهافت الخطاب الإسلامي، وعلينا المراهنة على الزمن، وليس على الانتحار بسيوف الإسلاميين في حال سقوط الأنظمة كما حدث في إيران ومرشح ليحدث في جميع دول ما يسمى بالربيع العربي !
دمتم بخير
#صلاح_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام والحريات الشخصية
-
جائزة نوبل لدعم الإرهاب !
-
أنا والله والملائكة !
-
لماذا الإسلام تحديداً ؟!
-
هل كان محمد على خلق عظيم حقاً ؟!
-
هل انتهت الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك ؟!
-
عن مصادر الشريعة الإسلامية
-
ضلع الإسلام في مجزرة النرويج
-
عودتي إلى الحوار المتمدن
-
هل ثمة تحقير للإسلام في الحوار المتمدن ؟؟!
-
متى يتوقف صلاح يوسف عن نقد الإسلام ؟!
-
ملاحظتان حول الزعرنة والزعران
-
تأملات في العقل الإسلامي
-
الخوف أهم عوامل الإيمان
-
اعبدوا الإنسان !
-
جولة في تشريعات الإسلام الغريبة
-
المدافعون عن الإجرام
-
رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة والضمير الإنساني: أنقذونا من
...
-
لماذا تركت الإسلام ؟؟!
-
كرم الرمّان
المزيد.....
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|