|
الآن فهمتكم .. يا أهلا بفلول النظام .
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3517 - 2011 / 10 / 15 - 22:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنظر الي وجوه المتقدمين للترشيح في مجلسي البرلمان المصرى فأجد لحى حديثة طالت بمقدار شهور معدودات لا تزيد عن التسعة على سحن صارخة متحفزة متصارعة كما لو كان أصحابها يجاهدون و يتشاجرون للحاق بكرسي في اتوبيس يبدأ رحلته من حي شعبي غالبا مكتظا .. الصراخ و العنف البادي أمام متلقي الطلبات يوحي بأننا في مواجهة برلمان جديد أعضاؤه من حثالة الحثالة القابضة علي اعانات وهابية تخاف أن ينقطع مصدر رزقها و تجاهد من أجل حصانة تسمح لها برفع قيمتها في سوق العمالة و تطبيق شرعها في الدجل و السرقة و النهب و النصب و استغلال النفوذ . الحزب الوطني المباركي لم يكن حزبا لقد كان تجمع لعصابة من رجال الاعمال والمستفيدين الذين هدفهم سرقة مصر والاستفادة بامكانياتها وثرواتها .. أما هؤلاء القادمون فهم أيضا عصابة شديدة الشراهة والتخلف تريد تسليم مصر لبدو الوهابية واستلام المعلوم ، لصوص في الماضي و الحاضر وباذن الله في المستقبل .. أصحاب اللحى والذقون المتاجرين بالدين والمضللين للمصريين أكثر خطورة علي مصر من حكم حسني مبارك و عصابته .. بمعنى اذا كان الخيار بين لصوص رجال أعمال و لصوص اذناب فانني افضل الاوائل. الحياة النيابية في مصر لها السمات الخاصة بالدول غير الديموقراطية .. فالهم الوطني العام ..أو مراقبة السلطة التنفيذية .. أو دراسة التشريعات والقوانين أمور فرعية لا تهم نائب البرلمان المصرى .. الناخب والنائب يرون العلاقة بينهما علي أساس أنها خدمات متبادلة الاول ينتخبة والثاني يقدم له خدمات سواء شخصية أو جماعية للدائرة .. بل يحدد مقدار فشل و نجاح العضو بمدى تحقيق أكبر قدر من هذه الخدمات و بالتالي فمدى اقترابه من السلطة سيسمح له بارضاء ناخبيه. في الريف تتحكم عائلات بعينها ( بحكم التاريخ و السلطة و المال ) في توجيه القدر الاعظم من الاصوات لصالحها حيث يتم اتفاق غير مكتوب بين أعيان البلد ـ يحترمه الجميع ـ علي توزيع المناصب .. أغلب الانتخابات التي تمت في القرن الماضى أشارت الي أن عضو البرلمان أو الشيوخ أو حتي العمدة لم يخرج عن هذه الاتفاقات .. الوفد استوعب الدرس مبكرا و حرص علي أن يضم للهيئة الوفدية قيادات الاسر المتحكمة في الاصوات الريفية و ميزهم علي المستوى السياسي و الاقتصادي فضمن باستمرار اصوات الريف .. عبد الناصر ـ رغم كل ما قيل عن محاربته للاقطاع ـ سار علي نفس الدرب و رغم انه حاول كسر نفوذهم باختراع 50% عمال و فلاحين الا انه اضطر في النهاية لمجاملة نفس الاسر و قد يكون نفس الافراد .. الاتحاد الاشتراكي ضم رموز نفس العائلات الذين انتقلوا مع السادات للحزب الوطني ثم اشتركوا في الزمن المباركي في شبكة العلاقات الامنية المتشعبة ليكونوا المصدر و الاساس المغذى لضباط الجيش والبوليس والقضاء والمخابرات وأمن الدولة . الاسر الحاكمة كانت تصر علي الا يخرج عن نفوذها العضوين الفئات والفلاحين ورغم أن ابن مبارك من واقع غرور القوة حاول تجاهل بعضهم ولم يضعه علي قائمة الحزب الوطني أو وضع أكثر من مرشح علي نفس المكان .. الا أن العائلات لقنته درسا بأن دخل مرشحيها الانتخابات مستقلين و فاز أغلبهم علي مرشحي الحكومة فاضطر الحزب الحاكم أن يذهب اليهم راكعا مطالبا إياهم الانضمام لهيئته الحزبية حتي يحقق الاغلبية. ريف مصر كان دائما عصيا علي الاختراق أو تهميش دور العائلات الكبيرة التي حرصت بشكل دائم أن يكون لها ممثلها لضمان الا تتسرب القوة والنفوذ الي عائلة منافسة أو أفراد خارج السيطرة . في المدينة الامر أكثر صعوبة ـ خاصة في القاهرة و الاسكندرية ـ انه صراع ضاري بين من يحتل الكرسي و يريده حكرا عليه للابد و بين كوادر جديدة طامعة في دور سياسي رغم معرفته بأن كراسي البرلمان الخاصة بالمدن توزع طبقا لرغبة الحكومة التي تتبع جميع الوسائل المشروعة و الغير مشروعة .. التزوير ، تضليل الناخب لمنعة من الوصول للجنته ، البلطجة ، التحرش ، الرشوة الواضحة أو المستترة ، ارهاب أمن الدولة وأجهزة الادارة للمنافسين و أنصارهم .. في المدينة معروف أن دائرة السيدة زينب حكرا علي فتحي سرور ، الزيتون لزكريا عزمي ، والظاهر لعبد الاحد .. ولا يسمح بأى تجاوز لذلك تدنى أعداد الناخبين في هذه الدوائر الي درجة أن البعض كان يحصل علي كرسيه بالف أو الفين صوت يجمعهم له سماسرة الاصوات . الطريق الثالث للوصول الي كرسي البرلمان هو الانفاق الكثيف الغير مفهوم مصدره وغير مبرر حجمه .. يقوم به هؤلاء الذين يبحثون عن الحصانة..تجار المخدرات (نواب الكيف ) رجال الاعمال ( نواب القروض ) الاحزاب الممولة من الخارج ( رجال المحظورة ) أو المستفيدين من التسهيلات المقدمة للنواب كالعلاج علي نفقة الدولة ، الحصول علي تمويل من البنوك دون ضمانات ، امتلاك الاراضي والعقارات والسيارات باسعار زهيدة والاغرب الحصول علي حصة لادخال عدد معين من مرشحيه للكليات العسكرية .. العضو المبجل لا يدفع مخالفات مرور و يسافر بدون نفقات و يحضر المؤتمرات و الزيارات التي توسع من معارفه وقدرات اعماله الخاصة . الانفاق الكثيف يبدأ برشوة القائمين علي وضع جداول ترشيح الحزب الوطني سواء كانت تبرعات للحزب أو لمسؤلي الاختيار في الحزب .. ثم رشوة أجهزة الحكم المحلي والشرطة والقائمين علي العملية الانتخابية .. ثم الانفاق ببذخ علي سماسرة الاصوات بما في ذلك شرائها طبقا لظروف المنافسة . أمثلة الفساد في العملية الانتخابية في الزمن المباركي تسد عين الشمس فساد واضح وصريح ومتداول تقوم به مافيا تمهيد الطريق للنائب السعيد . الانفاق الكثيف أوقف أى صوت عدا صوت المال و لان صوت المال دائما مرتفع و الدعاية ذات الكلفة واضحة للعيان فلقد علق بالاذهان المندهشة أن جميع ممثلي الشعب من الحزب الوطني غارقين في الفساد . علي ضوء ما حدث في الانتخابات السابقة يمكن التنبوء بأن الانتخابات القادمة ستخضع لعاملين اساسين من العوامل التي سبق طرحها، الاول أى في الريف و العصبية القبلية والثالث أى في المدن ، فالاخوان المسلمين المسلحين بأموال الخليج و هطل الوهابية يستعدون منذ تسعة أشهر بعد أن رفع الحظر عنهم لشراء كل ما يمكن شراؤه من أصوات ولأن منافسيهم كانوا دائما تجار الوطني طالبي الحصانة لذلك فهم يبذلون أقصي جهد للتخلص منهم تحت دعوى تصفية الفلول رغم أن أفراد هذة الفلول لن يدفعوا مليما واحدا قبل التعرف علي ملامح و طلبات المافيا البديلة لتلك القابعة في سجن طرة . و هكذا فالضجة المصطنعة في المدينة علي اساس أنها منافسة ديموقراطية تختلف تماما عن ذلك الصراع السائد في الريف بين العائلات و الذى قد يصل الي درجات من العنف و استخدام السلاح والاعوان والانصار لتأمين الا تخرج كراسي البرلمان بعيدا عن أفراد العائلة .. رجال الدين والمهابيل ذوى اللحي السعودية لن يكون لهم تأثيرا يذكر في الريف انهم هناك يسخرون منهم و يعرفون أصولهم المتدنية ولا تخدعهم دروشتهم أو حديثهم المحاط يتوصيات الهية مدّعاة .. الريف لازال يحكمة بشاوات الاقطاع و لازال لاحفادهم نفس نفوذ الاجداد و سطوتهم .. مندوبي الريف في البرلمان بالتاكيد سيكونون من الفلول وهم الذين سيقررون من سيكون حاكمهم الجديد . أما المدينة فهي أرض المعركة الحقيقية و التي سيحاول الجميع أن يربحها ..الاخوان والسلفيين يراهنون علي تخلف العشوائيات و الاحياء الشعبية الفقيرة و قدرتهم علي استخدام أموالهم في شراء سماسرة الاصوات بعد أن اعتزل نواب الوطني و تركوا لهم الساحة والعمالة المدربة علي البلطجة و الترويع و شراء الاصوات فاذا ما خلط هذا بخطاب ديني وهابي مؤثر فان أصوات العشوائيات ستكون لصالحهم ..أموال هائلة ستنفق في الاحياء الفقيرة وسترتفع نغمة مهاجمة الأقباط والمرأة والعلمانيين ، وسيلطخ بتهمة الكفر والمجون كل من كان خارج جماعتهم ..خطاب دينى شديد الرجعية والتخلف ومع ذلك قد يجد صدى إذا ما تم خلطه بهدايا وأموال الخليج . الأحياء التى تضم الطبقات الوسطى الأكثر تعليما ووعيا ، سيواجه الاسلامجية فيها مقاومة تتحدد قوتها بمقدار الجهد الذى ستبذله الأحزاب اليسارية والليبرالية وربما الوفد والتجمع.. الطبقة الوسطى إذا وعت خطورة تسرب الاخوان الى الحياة السياسية فقد تتنازل قليلا عن كسلها وتذهب الى صناديق الاقتراع تدعم التيارات الغير دينية فى تحالف مع الأقباط والعناصر الواعية من الحركة النسائية . وهكذا فالفرصة الأكبر تصبح لصالح الاسلامجية فى المدن والأحياء الشعبية والعشوائية ، إلا إذا قررت فلول النظام مواجهتهم وهم يتقنون هذه اللعبة .. رجال الأمن والبوليس ، إستخدام الوعد والوعيد ، كشف مخازيهم والتنديد بسلوكهم ،فضح مصادر تمويلهم ومقاديرها .. فلول النظام قادرون على وقف احتلال الاسلامجية لمقاعد البرلمان الجديد، بمعنى أنهم الخبراء فى مواجهة السلفيين والاخوان وعلى التيارات الأخرى الاستفادة من خبرتهم. فاذا ما كان الاسلامجية فى الواقع انتهازيون ، لصوص ، رجعيون ، منغلقي المنطق والعقل وفى حالة وصولهم للحكم سيوقفون أى تطور إيجابى وسيكون همهم تطبيق شريعتهم والتضييق على الأقباط والنساء ، وتحويل مصر بملايينها الثمانين الى مصدر للرزق ، يجعلها مثل قطاع غزة أو الصومال أو ايران فى أفضل الأحوال . وإذا ما كان فلول النظام على الجانب الآخر أيضا انتهازيون ، لصوص ، أنانيون الا أن مصالحهم ستواكب نمو الصناعة والزراعة والاعمار والسياحة وفتح المدارس والجامعات الأجنبية ومحطات التليفزيون والكباريهات والبارات وتحويل مصر الى دولة معاصرة يكسبون فيها بسهولة. فاننى أدعم وأؤيد فلول النظام معترفا بخطأى السابق وبأننى الآن فهمت أن الفلول اللصوص أفضل من الاسلامجية قطاع الطرق شيوخ المنسر . النظام الناصرى / الساداتى / المباركى لازال قائما يحكم فى كل المجالات والأماكن تجده أينما وجهت نظرك ، فى المصالح الحكومية ، البنوك ، الداخلية ، الجيش ، القضاء .. رجال ونساء تم تعليمهم وتربيتهم وتدريبهم وتشغيلهم على أسس وأساليب اعتادوا عليها ، فهل يطمع أى منا أن يتحول الموظف المنتدب لإدارة لجنة الاقتراع الى شخص آخر يرفض صينية الغداء والعشاء التى سيأتى بها العمدة ، او الظرف الذى سيدس به شخص ما فى جيبه !! تخيل أن مقرات الاقتراع وأسلوبه ستتغير ، حلم قد نصل اليه فى يوم ما ولكن فى نوفمبر وديسمبر القادمين مستحيل حدوثه ، ان النظام لازال رابضا وفلوله المكشوفة والمستترة لازالت فى السلطة تعمل بنفس الاسلوب والجهد ، الفارق أن قيادة العصابة لم تعد صاحبة القرار ولكنها قد تكون قادرة على التأثير . صياح الاسلامجية وصراخهم لإبعاد الفلول هو محاولة لإحباط جزء من المقاومة التى سيواجهونها ..و مع ذلك فالمستقبل لن يكون تكرارا لليوم وهو سيزيح درجة بدرجة معوقات التقدم وسينتهى فى يوم ما الخطاب الديماجوجي حتى لو اقتضى الأمر معركة ضارية قد يفنى فيها الكثيرون ، أرجو ان تستطيع الفلول منع العتول من ركوب الموجة وتوفير الجهد و الوقت الذى سيضيع بسبب ابتعادهم فكرا و عملا عن المعاصرة
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقل انثوى ناقص و كمون المجتمع
-
كلمات علي شاهد قبرها( 1919 – 2011).
-
عالم بدون كهانة و كهان
-
المسلمات خارج حسابات المعاصرة .
-
أطفال مدللين ..أم نصابين محترفين .
-
بدعه ، ضلالة ، نار و تغييب لعقل الامة
-
الاسلامجية و تدمير آثار مصر
-
عريان بين ذئاب .. صديقي بالعراق
-
مليونية ما بعد زيارة القدس
-
لن أغفر للاخوان ما فعلوة بمصر.
-
ادعاءات الفرزدق و عجز ما بعد الهوجه
-
في انتظار .. قرن من السبات الوهابي.
-
الاخوان المسلمين ..ارهاب باسم الدين.
-
الاسطورة المصاحبه لميلاد الانبياء
-
حقوق الانسان .. ام حقوق الرب.
-
تعاظم موجات الكراهيه علي بر مصر
-
مصر ..في قبضه المبتسرين
-
مصر ..لن تكون جنتهم الموعوده
-
حثالة البروليتاريا ..تطلق لحاها
-
أكفل قرية في الصعيد.. خلط فكرى شديد .
المزيد.....
-
ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا
...
-
السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا
...
-
-صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ
...
-
بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا
...
-
مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع
...
-
إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا
...
-
مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا
...
-
من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
-
غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ
...
-
طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|